يُعد تحالف اللقاء المشترك الذي جمع بين مكوناته تيارات سياسية متنافرة – تجربة متميزة في تأريخ السياسة اليمنية، و يقال أن الرئيس علي عبدالله صالح هو أول من نصح الأحزاب المعارضة بتشكيله لإشفاقه على الوضع الذي وصلت إليه في اواخر التسعينات. هذا التجمع المعارض الذي منذ تشكله حتى الآن لا يمكن القول أنه قد حقق إنجازات ملموسة وحقيقية كما لايمكن الإنكار أنه قد خرق قاعدة العداء التقليدي والصراع المزمن الذي حكم علاقات تيارات سياسية متنافرة ومتوزعة بين التأسلم والوطنية والقومية والأممية ظهرت ولازالت على الساحة العربية واليمنية.. لقد حصلت إنتخابات نيابية ودورتي إنتخابات محلية ورئاسية في ظل وجود كيان اللقاء المشترك ومع ذلك لم يحصل أي تنسيق حقيقي على مستوى القواعد والقيادات الدنيا والوسطى في احزاب المشترك لدعم مرشح معين أو قائمة معينة من المرشحين ، وضلت الخلافات القديمة هي الحاكمة في كثير من الأحيان ،و نستطيع أن نستشف حقيقة العلاقة الهشة بين أحزاب المشترك فيما بينها البين و فيما بين الإشتراكي والإصلاح على وجه الخصوص من خلال ما نسمعه من منتسبين إلى الإصلاح حين يتحدثون عن مبررات التحالف مع من كانوا يكفرونهم من الشيوعيين– كما يسموهم ؟حيث نسمعهم يبررون بالقول أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد تحالف مع اليهود؟ في ذات الوقت سنجد أصوات الكثير من الإشتراكيين خاصة اليساريين التقليدية وهم يهاجمون التحالف مع الإسلاميين ويهاجمون الكثير من الأعمال والسياسات الصادرة عنهم. وحتى الآن لا يوجد مجرد موقع رسمي على الإنترنت يتحدث بإسم اللقاء المشترك، أو صحيفة أونشرة ناطقة بإسمه كتكل معارض له سياسات وخطط موحدة في سعيه للسلطة و التنافس عليها مع الحزب الحاكم- المؤتمر الشعبي العام. لكن فيما يبدو أنه قد أوجد التحالف والتلاقي الدوري بين قيادات الأحزاب المنضوية في اللقاء المشترك نوعاً من التلاقح الفكري – إن صحت العبارة - فإذا بنا أمام خطاب إصلاحي أقرب إلى العلمانية في عدة قضايا وخطاب إشتراكي _ ناصري يمكن وصفه بالتقليدي والرجعي. ما دفعني اكثر للإقتراب من هذه القضية والحديث عنها ما قرأته في العددين الأخيرين من صحيفتي (الصحوة / الثوري) الصادرتين يوم الخميس 4/ رمضان. ففي الصفحة ال 11 من "الصحوة" وال13 من "الثوري" في كلا الصحيفتين عنوان ثابت هو ( رمضانيات ) وفيه مجموعة من المواضيع المتعلقة برمضان والصوم وشهر الصيام ، فالاولى الناطقة بإسم تجمع الإصلاح إشتملت رمضانياتها على مجموعة من النصائح الطبية والإرشادات النفسية والتربوية تمثلت في تصريحات منقولة عن أسماء نسائية في الوسط التربوي والطبي والإجتماعي ( أ/ أسماء القرشي : أستاذة في جامعة العلوم والتكنولوجيا - جميلة اليعقوبي / طبيبة في جامعة العلوم والتكنولوجيا - نبيهة الرباصي أخصائية نفسانية وإجتماعية – عائشة الصبري - ميادة / جامعية - أميرة الوصابي – ندى التعزي - الدكتورة صباح الخيشني - الإستاذة فاطمة القباطي )، وجاءت صفحة الصحوة شبه خالية من أي آيات قرآنية أو أحاديث نبوية تتحدث عن رمضان والصيام. وهذا الإهتمام بالمرأة كان قد ظهر أيضاً في إحتفاء حزب الإصلاح بمبالغة مؤخراً بأحد التقارير التي تقول أنه أكثر الأحزاب تمكيناً للمرأة. أما رمضانيات صحيفة "الثوري" الناطقة بإسم الحزب التقدمي العلماني ( الحزب الإشتراكي اليمني ) فقد إشتملت على العديد من المواضيع الروحانية والمعلومات التأريخية حول رمضان والصيام من آيات قرآنية عدة واكثر من عشرة أحاديث مع توضيح وكلام حول معانيها ، والحديث عن زكاة الفطر وعن صلاة التراويح والاحاديث حولها وعمل الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه إزائها ، والحديث عن زكاة الفطر وحتى عن صيام الست من شوال؛ واحداث اسلامية وقعت في رمضان خلال التأريخ الإسلامي وغير ذلك. هذا التناقض البارز قد يبدوا في حالة من حالاته نوعاً من التأثر المتبادل أو كما سميناها آنفاً- التلاقح الفكري / الأيديولوجي _ بين العلمانيين والإسلاميين. ليس عيباً ان تغير بعض التيارات قناعات لها أو أن تطور من أسلوب خطابها الفكري والسياسي لكنه من المضحك أن يصبحَ الإخوان المسلمون علمانيون وأن يصيرَ الإشتراكيون إسلاميون!! وكل رمضان وانتم بخير... سلاااااام [email protected]