أربعة شهداء، وثلاثة جرحى في عشرين يوماً فقط في الضالع... فالضالع تدفع اليوم أبنائها وفلذات أكبادها ثمناً للإرهاب والتطرف، والتشطير، والتخلف، والجهل.. ولا أحد يدري بأي ذنب يُقتل الصغار قبل الكبار، والنساء قبل الرجال، وتتكرر المآسي في وضح النهار: تارة في شارع عام، وأخرى في حدائق الأطفال، وثالثة في بيوت الله رغم أنها ملاذ آمن للمسلمين وللناس جميعاً.. • ضحايا الإرهاب في يوم الأربعاء الموافق 17/ 9 /2008م، وفي شهر رمضان الكريم نفذ الإرهابيون هجوماً إنتحارياً استهدفوا به السفارة الأمريكية بصنعاء، رغم أن الأمريكان مقيمون في اليمن بإذن حاكم البلاد، ورضا أبناء الشعب، ولم يدخلوها غاصبون- إن كنا نؤمن بالوطن وطاعة ولي الأمر.. غير أن الإرهابيين وهبوا أنفسهم لطاعة أمرائهم "كالأنعام"، مقابل معصية الله عز وجل، وإدمان قتل النفس التي حرم الله، والتجرد من كل قيم الإنسانية! في ذلك اليوم قتل وجرح العشرات من الجنود والمدنيين الأبرياء، وكان بينهم اثنان من أبناء مديرية جبن محافظة الضالع، وهما الشهيد عبد الجليل الجبري وزوجته الشهيدة سوسن البناء، وشهداء وجرحى آخرين.. فيا ترى هل يعلم هؤلاء الإرهابيون أي عقيدة يعتنقون، وبأي دين يؤمنون، وأي كتاب سماوي يقرؤون، فليس في الإسلام شيئاً مما يدعون أو يفعلون!؟ • ضحايا التشطير بعدها بعشرة أيام لا أكثر، في يوم السبت 27/9/2008م، فقدت مديرية جبن شهيداً جديداً هو طفل يدعى حسين علي حميدان، فيما جرح طفل آخر يدعى علي صالح الجبني، بسبب انفجار قذيفة من نوع كاتيوشا عيار 80 ملم. فقد كانت القذيفة مغروسة في مكان قريب من الحارة السكنية، وكان الأطفال يقومون بإحراق أشياء من القمامة دون علم منهم بأن قذيفة مغروسة في نفس مكان الحريق منذ أكثر من ثلاثين عاماً- أي من بقايا صراع التشطير والحروب الشطرية- التي ما زال أبناء الضالع إلى يومنا هذا يدفعون أبنائهم ثمناً للتشطير والانفصال.. فهل يعقل دعاة الانفصال الجدد، وينظرون إلى وطنهم الكبير، وأمن وسلامة أخوانهم اليمنيين في كل أرجاء الوطن، ويكفوا عن مغامرات عهد التشطير البائس، التي من شأن العودة إليها فتح أبواب جهنم بملفات عشرات آلاف القتلى، ممن ما زال قاتلوهم على قيد الحياة يتقمصون وجوه الحملان الوديعة، فيما شبّ أطفال الضحايا وأصبحوا رجالاً، ولن يتيهوا عن وجوه الجناة!؟ • ضحايا التخلف أمس الأول، وبعد أسبوع واحد من ضحايا التشطير، وأسبوعين من ضحايا الإرهاب، ودعت مديرية جبن ضحية جديدة هو الشهيد يوسف أحمد، وجريحين هما الشيخ إسماعيل فضل وعلي الحبيل، وجميعهم من أبناء مديرية جبن عزلة نعوه، عندما داهم مسلح من أبناء العزلة نفسها في يوم الأحد 5/10/2008م المصليين في أحد مساجد نعوه بعد صلاة المغرب وأطلق وابلاً من الرصاص على المصلين في المسجد، ثم لاذ بالفرار إلى جهة مجهولة.. فهل آن الأوان لنا أن نقف مع أنفسنا لمراجعة مثل هذه القضايا، وندعو الجميع- دولة وشعب- لتصفح ملفات العنف، والوقوف على ما لحق بالعباد والبلاد من أضرار جراؤها، وكم غيبت من أرواح..!؟ فلم يعد العنف شأن أجهزة الدولة وحدها طالما وقد صار يداهمنا إلى محراب الصلاة.. فهل سيستشعر الجميع بالمسئولية لدحر عصابات الإرهاب، ودعاة التشطير، وبقايا التخلف والجهل، أم أن هناك من يفضل انتظار الإرهاب حتى يدخل بيته، ويغتال فلذات كبده بين يديه..!؟ ربما على الجميع أن يعلم بأن الذين يسفكون الدماء داخل بيوت الله لن يترددوا لحظة واحدة في اقتحام غرف النوم..!!