فجر حمود الصوفي- محافظ تعز- ثورة تصحيحية فريدة، دعا فيها جميع مسئولي إدارات المحافظة إلى إخراج المواطن من حالة اليأس والإحباط، والكف عن التغني بانجازات النظام، وترك الدور للمواطن هو الذي يتحدث ويقيم أداء أجهزة الدولة، وإلى احترامه والكف عن جلد النظام السياسي في كل قسم شرطة وإدارة مديرية ومحكمة ونيابة. وأعلن عن تخصيص يوم مفتوح من كل أسبوع يلتقي فيه أبناء المحافظة مع جميع المسئولين وجهاً لوجه للمكاشفة، والاستماع لشكاوى المواطنين، مؤكداً تزايد شكاوى المواطنين بمسئولي الأمن والمرافق الحكومية الأخرى بالمحافظة، ومحذراً من أنه ورئيس الجمهورية سيضطرون لإعادة النظر بالسياسات والمسئولين إن بقي الوضع المتردي، فيما كشف النقاب عن تغيير جميع مدراء أمن مديريات محافظة تعز. جاء ذلك خلال اجتماع موسع، قلب فيه الصوفي طاولة الرأي العام في تعز، بعد أن أجج في النفوس روح المسئولية والعمل الوطني المشترك، وتحولت الشفافية التي تكاشف بها الصوفي ومسئولي المحافظة حول الاختلالات السائدة، إلى حديث الشارع التعزي، الذي انتعشت آماله مجدداً بثورة تصحيحية لحال المحافظة المتردي. ففي اللقاء الموسع الذي عقد أمس الثلاثاء، وجمع السلطة المحلية ومدراء عموم المديريات والمكاتب الحكومية ورؤساء النيابة وأقسام الشرطة والوحدات العسكرية والأمنية- دعا محافظ محافظة تعز إلى "ترك الفرصة للمواطن لتقييم الدولة وموظفيها، وحكومة الأغلبية، وحزب الأغلبية، من خلال طريقة تعامل الموظف معه وليس من خلال المشاريع الخدمية التي يعتبرها واجباً على الدولة تنفق عليها من الخزينة العامة". وأضاف الصوفي: أنه "عندما يحظى المواطن باحترام وتطبيق القوانين، ويسود شرع الله في التعامل معه، سيشعر بالرضا، وبالتالي يستطيع أن يثق بالنظام السياسي القائم في البلاد. لكن إذا ما تم اختراق القوانين وجلد النظام السياسي في كل قسم شرطة وإدارة مديرية ومحكمة ونيابة فهذا سيجعل المواطن يكوّن فكرة سلبية عن طبيعة النظام السياسي". ونوه محافظ تعز إلى طبيعة المرحلة الحالية التي وصفها بالهامة جداً والتي تستلزم مزيداً من الصراحة والمكاشفة، وقال: "الكمال لله وحده والجميع مقصرون" وأن "سبب هذا التقصير قد يكون نقص في الإمكانات أو فساد ضمير عند البعض". وطلب من الحاضرين "العمل لما من شأنه إخراج المواطن من حالة اليأس والإحباط التي يشعر بها عندما يصل إلى مرفق معين أو إلى قسم شرطة، فهو ما يزال يخاف من دخول مرافق الدولة لتصوره إن هذه المرافق مليئة بالسماسرة، وبالتالي فهو غير قادر على مواجهة تكاليف وجوده فيها". وقال: "ا نعتقد أن واجبنا هو أن نستمر بوصف النظام السياسي وبالتغني بإنجازاته، بل يجب علينا أن نصمت وندع المواطن يقيّم أعمالنا فهذا الانطباع من حق المواطن المعني بتقييم الدولة وموظفيها". وفيما يخص حمل السلاح بالمحافظة، طالب بتطبيق صارم لقانون منع حمل السلاح ومحاسبة كل من يخالف لائحته التي حددها قرار مجلس الوزراء، مشيدا بالإجراءات الصارمة بهذا الشأن في كل من محافظتي صنعاء وعدن حيث الجميع يتقيد بالقانون دون تمييز بين هذا وذاك. وقال: أن محافظة تعز أولى بتطبيق لائحة حمل السلاح كونها المحافظة الأكثر ثقافة ووعي وتمدن، مشيراً إلى أن بقاء الوضع على ما هو عليه يجبرنا ورئيس الدولة على إعادة النظر في كثير من السياسات، وكثير من الإجراءات، وكثير من مستوى الثقة بالموظفين والمعنيين بهذا الأمر، لافتا إلى شكاوى المواطنين الكثيرة بمسئولي الأمن والمرافق الحكومية الأخرى بالمحافظة. وقال أيضاً: "حان الوقت لتخصيص يوم في الأسبوع يتم فيه الاستماع لشكاوى المواطنين ومواجهتهم بمدراء المكاتب الحكومية في هذه القاعة التي سيعقد فيها هذا الاجتماع الأسبوعي"، مطالبا مدراء المكاتب التنفيذية ب"عدم التفاجؤ إذا ما تم استدعائهم لمواجهة المواطنين للرد على شكاواهم". وخاطب محافظ تعز الحاضرين قائلا: "انتم المعنيون بإدارة الدولة في واحدة من أهم المحافظات وهي محافظة تعز، وبالتالي فان أول عمل نفكر فيه ينبغي أن يسبقه اعتراف بان هناك قضية جادة ينبغي التعامل معها وان هناك اختلالات قائمة ومشاكل موجودة بعد ذلك نتفق جميعا على نوعية الإجراءات والحلول التي تهدف إلى القضاء على هذه المشاكل". وشدد محافظة تعز على "ضرورة الحرص على تقديم خدمة للموطن من حيث نوعيتها وزمنها وكلفتها وطريقة تقديمها". وكان محافظ تعز قد استهل كلمته بالمناداة بأسماء مدراء عموم المديريات الحاضرين والمتغيبين منهم، معتبرا أن هذا اللقاء يعد من أهم اللقاءات التي عقدت في المحافظة حتى الآن سواء من حيث نوعية المشاركين فيه أو من حيث المواضيع التي سيتم مناقشتها. كما تحدث الأستاذ منصور العلوي- رئيس نيابة استئناف محافظة تعز- بكلمة أشار فيها إلى أن الجميع معني بتطبيق القانون سواء كانوا رجال النيابة أو شرطة. فقط العتب على المسافة وليس لشيء آخر، شاكر الجهود المبذولة من قبل الشرطة، متمنيا أن تعمل على تحقيق الغاية المنشودة وهي منع الجريمة قبل وقوعها وضبط مرتكبيها بعد وقوعها. وأشاد بدور الشرطة في ضبط السلاح الغير قانوني، مشددا على ضرورة ضبط السلاح ومصادرته دون الحاجة لحكم قضائي حيث نجد عادة إرجاع هذه الأسلحة التي يتم ضبطها. وقال: إن الجميع بحاجة إلى توعية قانونية لا سيما أقسام الشرطة التي تتعامل أولا مع المواطن قبل تحويله إلى النيابة، مشيراً إلى بعض الملاحظات القانونية حول اللائحة الخاصة بالسلاح، ومشددا على ضرورة قيام ضابط الشرطة بجمع الاستدلالات والتحري قبل القبض على الشخص المتهم ثم أحالته بعد ذلك إلى النيابة خلال 24 ساعة وليس التحري وجمع الاستدلالات بعد القبض عليه وهو في سجن القسم. وأكد: إن بقاء المتهم أكثر من 24 ساعة في قسم الشرطة مخالفة قانونية وهو من الناحية القانونية أكراه معنوي، متابعاً: إن ما يتردد حول ان النيابة ضد الشرطة كلام غير مسئول فالجميع مع القانون،مشيرا إلى بعض التجاوزات في بعض أقسام الشرطة بسبب غياب الوعي القانوني لدي بعض ضباط الشرطة، علاوة إلى بعض القصور في جمع الاستدلالات التي بعضها فنية وبعضها الأخر إدارية. من جانبه أشار العميد الركن يحيى الهيصمي- مدير أمن محافظة تعز- إلى أهمية هذا اللقاء الذي يعد الأول من نوعه الذي يجمع قيادة المحافظة التنفيذية والقضائية، منوها إلى حاجة المحافظة إلى اجتماع من هذا النوع كي يتم طرح بعض القضايا والمشاكل التي تواجه المكاتب التنفيذية بالمحافظة والتي تؤدي دائما إلى حدوث إشكالات قانونية وإرباك في العمل وتكون أحد الأسباب في تدني مستوى الأداء مما يؤدي إلى تأخر وإعاقة في للعملية التنموية بالمحافظة والتي تتأثر بالوضع العام القائم في جميع نواحيه القضائي والإداري والأمني إيجابا وسلبا. وطرح العميد الهيصمي أيضاً بعض الملاحظات الخاصة بالجانب الأمني التي ترتبط بعمل القضاء وعمل المكاتب التنفيذية الأخرى. وأشار مدير أمن تعز- في سياق كلمته- إلى تصحيح الوضع الإداري على طريق تطور الأداء الأمني بالمحافظة بعد دراسة أجريت بهذا الخصوص عام 2007م, لافتا إلى استحداث ستة أقسام جديدة في أماكن الفراغ الأمني التي كانت تشهد عدد من الاختلالات الأمنية. كما أشار إلى تغييرات شبه كاملة لمدراء أمن المديريات ومدراء الشرطة في المدينة وفق معايير معينة من الضباط الشباب الخريجين العاملين ذووا المؤهلات العلمية وممن يتمتعون بالسمعة الطيبة والذي لاقى ارتياحا واسعا من قبل الجميع. واستعرض الهيصمي بالأرقام عدد الجرائم والحوادث الجنائية والمهام الأمنية والخدمة المنفذة عام 2008م، وكما يلي: - عدد الجرائم 4225 المضبوط منها 4116 نسبة الضبط 97.4% - عدد القضايا الجنائية المرحلة إلى النيابة 3469 بنسبة 82.11% - عدد المتهمين المحالين إلى النيابة 4783 - عدد الحوادث المرورية 1911 المضبوط منها 1906 نسبة الضبط 99.7%. وأشار مدير أمن تعز إلى قرار مجلس الوزراء رقم 8 لسنة 2007م بشان لائحة تنظيم حماية كبار موظفي الدولة كذا القرار الصادر بمنع حمل السلاح في أمانة العاصمة وعواصم المحافظات لافتا إلى نجاح حققه هذا القرار منذ بدء سريانه حيث تكلل بضبط عدد 4919 قطعة سلاح متنوعة في عاصمة المحافظة. وكشف مدير أمن تعز عن خطة جديدة يتم تنفيذها منذ بداية هذا الأسبوع لتفعيل قرار منع حمل السلاح، مبديا أسفه من عدم تنفيذ بعض الشخصيات الرسمية سواء المدنية والعسكرية ودخولهم المدينة عبر منافذ الحزام الأمني بعدد من المرافقين المسلحين بما يعطي صورة سلبية لدى المواطن. ولفت مدير امن محافظة تعز إلى قضية هامة أخرى تتعلق بالاختلالات الأمنية الناتجة عن قضايا الخلافات والنزاعات على الأراضي في مدينة تعز حيث لوحظ إن هذه القضايا هي السبب الرئيس لارتكاب الجرائم الجسيمة التي يستخدم فيها السلاح الناري سواء القتل أو الشروع بالقتل أو إطلاق النار وإقلاق الأمن والسكينة العامة. وذكر مدير أمن تعز أسباباً عديدة قال أنها تؤدي إلى تأزم قضايا الخلافات على الأرض وتطورها إلى ارتكاب الحوادث فهي متداخلة بين عدة جهات مافيا الأراضي- أوقاف– أملاك الدولة- الأشغال– الأمن– النيابة- القضاء ويلزم على الجميع التعاون والتنسيق لوضع حلول ومعالجات لهذه المشكلة بما يكفل الحد من الجرائم المرتكبة بسببها. وكشف مدير امن تعز عن وجود إشكالات تحدث أحيانا مع رجال النيابة بسبب قيام مدراء أمن المديريات ومدراء أقسام الشرطة بتطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 250 لسنة 2004م بشان لائحة تنظيم إجراءات التكليف بالحضور والضبط وتطبيق الغرامات القانونية على المتخلفين عن الحضور، مشيرا إلى حرص امن تعز على تطبيق اللائحة خلال العام الماضي الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الرصيد في العام 2008م تزيد عن 500% مقارنة بالعام الماضي. هذا وقد شهد الاجتماع العديد من المناقشات والمداخلات من قبل الحاضرين.