شهدت حلقة نقاشية سجالاً سياسياً ساخناً حول المشاركة الانتخابية، راهن فيها الأمين العام المساعد للحزب الحاكم سلطان البركاني على برلمان نوعي، ومتعدد الفئات والشرائخ، رافضاً برلمان المشائخ والقادة العسكريين والفقهاء والخطاب؛ فيما سخر الناطق بلسان أحزاب اللقاء المشترك المعارض من "الاحتشاد" الذي يمارسه الحزب الحاكم ، معتبراً ذلك ضرب من "الغوغاء"، ودعا إلى التروي والتزام العقل.. فيما حمل المشاركون سياسة الاسترضاء والتوافق والتقاسم مسئولية ما هي عليه أوضاع اليمن اليوم. جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية التي نظمتها أمس الاثنين منظمة وفاق للتأهيل الديمقراطي(وتد)، وشارك فيها عدد كبير من ممثلي منظمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية والفكرية، ودشن افتتاحها ممثلو البعثة الأوروبية لاستقصاء الرأي حول الانتخابات اليمنية. وخلال الحلقة النقاشية قال الشيخ سلطان البركاني: "اعتقد أننا بدأنا نضع أقدامنا على بداية الطريق بالنقاش الموضوعي في قضية الانتخابات فان ما يرفع اليوم من قائمة نسبية أو مرأة لم يرد في اتفاقات الأحزاب ولا في قانون الانتخابات وتعديلاته التي توافق عليها المشترك والمؤتمر لان المشترك كانت له أجندة والمؤتمر كانت له أجندة وذلك هارب من القائمة النسبية وذلك هارب من المرأة فاتفقوا على إلغاء هذه القضايا نهائيا، ولا اعتقد أن الذين يتحدثون بان المشترك يطالب بالقائمة النسبية صادقون البتة فالتعديلات لم تتضمن القائمة النسبية على الإطلاق.. فالإخوة في الإصلاح كانوا يرون ان موضوع المرأة أن بإمكانهم أن يصلون إلى آخر العالم إلا موضوع المرأة!" وأضاف: كنا في البداية نطرح نظام القائمة والقائمة الفردية، فلا يحاول البعض المزايدة.. أنا أتحدث عن الاتفاقات ولا أتحدث عن المشاريع التي تعلن للصحف فهي شيء والاتفاقات في الغرف المغلقة شيء آخر.." وانتقد البركاني تقييد المنظمات، وقال: أن ه لحظات ما بعد الوحدة كان هناك ظروف معينة استدعت التوافق بين حزبين ثم ثلاثة لكن منظمات المجتمع المدني هي جزء من التكوين السياسي واعتقد أنها في انتخابات 2009 يجب ان تكون حاضرة في البرلمان، ويجب أن تكون المرأة حاضرة والمؤتمر يصر على موقفه سواء شارك المشترك أو لم يأت فالمرأى ستكون موجودة داخل مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني ستكون موجودة، هذا تمثيل نوعي وكذلك بقية أحزاب المعارضة ولو على حساب المؤتمر لأننا يجب ان نتقاسم الحياة السياسية مع شركاء وسنبحث خلال الأسابيع القادمة هذه المواضيع.." وأكد: "لا نريد مجلس النواب جزء من القادة العسكريين وجزء من الفقهاء وخطباء الجوامع وجزء من المشايخ نريد أن ننتقل انتقال حقيقي ونوعي في البرلمان تمثل كل الفئات السياسية وأنا أتحدث باسم المؤتمر". محمد الصبري- الناطق بلسان المشترك- استهل حديثه بحمد الله أن الأوروبيين غادروا المنصة ليصبح الحديث بين اليمنيين ويأخذ الطابع الاريحي، ولكي لا يتحول كما لو أنهم يشكون للخارج . وقال الصبري: "أحزاب المشترك ليس لديها ضيق بشأن ما يقوله الآخر ولكن هي أحزاب بموجب الدستور والقانون تشتغل بالشأن العام ومن يشتغل بالشأن العام عليه ان يتلقى كل النقد والتصويبات ويقبل بصدر رحب". وتابع قائلاً: عندما نتحدث عن الانتخابات نتحدث عن مجموعة معايير ومقومات وقرارات وإجراءات علينا ان نحترمها وهي كلها موجودة في الدستور والقانون ومتى ما اختلفت المنظومة السياسية أو تعثرت في تطبيق هذه المعايير لا نكون أمام محاسبة طرف من الأطراف إزاء الانتخابات من غيره بل نكون كلنا كيمنيين مسئولين عن حماية القواعد الدستورية والقانونية المنظمة للانتخابات. وقال : أنا لا أجد مبررات موضوعية ومنطقية إننا نحتشد بهذه الطريقة إزاء قضية نحن نسلم من البداية أنها قضية خطيرة ومهمة بمعنى ان الاحتشاد هو اقرب إلى العمل الغوغائي فالانتخابات موضوع في غاية الأهمية والخطورة، فهي ليست سهلة والانتخابات تشكل مستقبل البلد، لذلك طالما نحن نتحدث عن مستقبل بلد فالمفترض ان نتروى بالحديث ونتأنى ونلتزم العقل أما الاحتشاد سيخرجنا إلى احتشاد.. هل هناك مساحة لنتحدث في قضية تهمنا جميعا وكنت أتمنى ان يكون بدالي أشخاص أكاديميين أو إعلاميين يتابعوا ويسمعوا كل الأطراف ثم يحكموا.. ويقولوا كلمة تنور الناس.. علينا ان نراجع بعض ما نقول ونحترم ما نقول.. عبد الحفيظ النهاري، استهل حديثه بإبداء استغرابه من أنه جرت العادة لدى الدول أن الحاكم هو الذي يطلب تأجيل الانتخابات، لكن في اليمن الحاكم هو الذي يصر والمعارضة تتهرب! وقال أن أحزاب اللقاء المشترك كانت مشاركة وفاعلة في بناء المنظومة التشريعية فلماذا تنقلب الآن عما توافقت عليه بالأمس؟ وهل تتحمل هذه المنظومة رغبات المشترك المستمرة في تغيير تشريعاتها؟ وهل يجري في أي بلد انتخابي هذه السرعة في التغيير؟ولماذا تصادر حق الشعب في الانتخابات؟ وأشار إلى أن المقاطعة حق مكفول دستورياً لكن ممارسة هذا الحق لا يوقف العملية الديمقراطية،أما في حالة تعرض هذه الأحزاب للإقصاء فمن حقها أن تعترض. أحمد عبد الله الصوفي- قال انه يستغرب أنه منذ 1991م والحوار يدور على نفس الموضوع، وقال: هناك منطق قوي ولكن محير ، وهو أن أحزاب المشترك تطلب جرد الأزمات منذ القدم، فهل هي ضمير الشعب الأوحد؟وماذا تريد أحزاب المشترك؟ وماذا تستطيع انجازه بمقالاتها والتحريضات والنزول إلى الشارع؟ وقال أيضاً: أن عدم إجراء الانتخابات هو الأكثر خطورة، لأنها ستتسبب بفراغ دستوري، ونحن إذا فشلنا في التوافق على قانون انتخابات فكيف سندير مؤسسات بلد، مؤكداً: "إذا لم تجر الانتخابات فلن تجرى أبداً. وأشار الصوفي إلى أنه إذا ما أقدم المشترك على المقاطعة فإن المؤتمر الشعبي سيتحمل مسئولية إيجاد برلمان غير الحالي بحيث يتيح التنافس على أساس البعد الاجتماعي ، وأن تدخل أحزاب أخرى، ويحدث تعدد اجتماعي. علي صالح عبد الله، أكد أن الانتخابات للناس ، وأنها انجاز واستحقاق قانوني ودستوري لمصلحة المواطن والوطن، فلا ينبغي الاختلاف عليه، وأي حوار ينبغي أن يقوم على قاعدة تقبل البعض للبعض الآخر، وأن يقوم على ما هو ممكن تحقيقه. وانتقد الغياب الكبير لمنظمات المجتمع المدني، التي تبلغ نسبة الفاعل منها ما بين (25 – 30) بالمائة من الإجمالي البالغ نحو (6000) منظمة تمثل فئات وشرائح اجتماعية واسعة.. فلماذا هي غائبة عن الحوارات والنقاشات!؟ ودعا الأحزاب إلى المساعدة في توفير مناخات سليمة لإشراك هذه المنظمات، كما دعا الأحزاب للمشاركة في الانتخابات حفاظاً على هذا الاستحقاق، الذي سيقود إلى رؤى تحقق الأمن والاستقرار . كما تحدث عبد القادر الدبعي- رئيس تحرير صحيفة العروبة- مبيناً أن الإشكاليات في الأحزاب هو التقاسم، وإقصاء باقي الأحزاب السياسية، منوهاً إلى أن التعديلات الدستورية المقترحة هي بمثابة تكريس لابعاد القوى السياسية الفاعلة. كما اعتبر سياسية الاستقواء بالخارج بأنها لن تؤدي إلى حلول، من خلال اللجوء إلى الشعب والاحتماء به، مبيناً أن اليمن موضوعة ضمن الأجندة الأمريكية، فيما هناك أناس يعيشون كما الطفيليات، الأمر الذي يستدعي التفاف كل منظمات المجتمع المدني. ودعا إلى إنهاء سياسة فتح الخزائن، وإعادة النظر فيما هو متبع من عملية استرضاء لأنها لن تجدي نفعاً، لأن الجماعة لهم أجندة ينفذونها سواء عبر قوى إقليمية أو دولية... محمد الجدري- رئيسي اتحاد عمال اليمن- قال ان الانتخابات يمنية وليس لأي طرف خارجي أي مصلحة، ولكن المصلحة هي أنها تريد أن تعيد نفسها من خلال عناصر سبقتها. واعتبر الإستقواء بالخارج بمثابة شك بالمجتمع بشكل عام لأنه يجرد المجتمع من الثقة، ويدفعه للوثوق بجهات خارجية في الوقت الذي من مصلحتنا أن نناقش قضايانا في هذه القاعة، ولا بأس بالخلافات والتباينات لأنها شيء ايجابي يعزز الديمقراطية ويحافظ على الوطن، وليس يجره إلى منزلق العراق.. نايف القانص- اختزل النقاش ببضع أسئلة وجهها للقاعة قائلاً:هل الانتخابات روتينية ام للبناء؟لماذا طرح المشترك القائمة النسبية هل هي عبثاً أم مخرج؟ لماذا التنصل عن الالتزامات والاتفاقيات طالما نحن وقعنا برضانا وليس مجبرين من قبل الاتحاد الأوروبي أو أمريكا!؟ واعتبر الوضع الراهن من عدم مشاركة اللقاء المشترك بالانتخابات فرصة لإيجاد المرأة بقوة، وتحقيق الشفافية في الانتخابات، وفرصة لجميع الأحزاب التاريخية وغير التاريخية المقصية للمشاركة، وكذلك فرصة لترشيد الإمكانيات المادية، وتسمح لعدد كبير من الأحزاب بدخول البرلمان. عبد الرحمن الحمادي- أمين عام نقابة الأطباء- أبدى سعادته من خروج فريق الاتحاد الأوروبي من القاعة نظراً لمشاركته في العدوان. وقال: نحن نعيش مناخ ديمقراطي وليس ديمقراطية، حيث أن الاول يعني حرية الكلمة والقول بينما الثاني يعني وجود مؤسسات ديمقراطية وتحتاج إلى تشريعات وأنظمة وقوانين ولكن للأسف الديمقراطية تمت على أساس مستوى معين من التوافق، وذلك لا يبني نظاماً وإنما يحقق رغبات الأطراف المتوافقة. وأبدى استغرابه من التشريعات التي تسمح لشخص لا يعرف غير القراءة والكتابة بدخول البرلمان والتشريع للناس!! فكيف نستطيع ان نبتي دولة ومؤسسات في ظل التوافقات القائمة!. محمد شجاع- قال أن الحوار القائم حالياً هو في معظمه استهجان للمجموع من الشعب لأن كلا المؤتمر والمشترك لا يمثلان الشعب إلا بنسب بسيطة. وأشار إلى أنه عندما يتم الحديث عن حوار وهناك نسبة ومصالح فلتقف الأخرى على ممثليها للجنة العليا للانتخابات ويوفروا النفقات. وأبدى دهشته من أن المعارضة حلت محل الحزب الحاكم، وأصبحت هي من يعيق الديمقراطية.. فالحاكم يقول تعالوا نعطيكم ديمقراطية، وهم يقولون لا.. لا..!! وأضاف: من حقي أن أقاطع الانتخابات، واطرح وجهة نظري،وليس ألقي قنبلة على مركز انتخابي!. صالح عبد الله صهيل- أمين عام جبهة التحرير – قال أن الشعب اليمني كله بحاجة الى الأمن والاستقرار، حيث هناك صفقات سرية ومهازل يقوم بها المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك، وكلما قلنا اتفقوا اكتشفنا أنهم صاروا أبعدن لانهم يجرون وراء الدولار. وأشار بعصبية إلى أن حزب جبهة التحرير هو الحزب الوحيد الموثق لدى الأممالمتحدة، ولم يسحل الآخرين، بينما اليوم هناك من هم أيديهم ملوثة بالدماء ورغم ذلك فهم في السلطة. وقال أننا مع الانتخابات لكن إذا رأينا أن المؤتمر يخضع لأي ابتزاز سننسحب من هذا التحالف ونقيم تحالف وطني. صالح البيضاني – قال أنه لا خيار أمام الجميع سوى أما إلى أحضان الوطن والنذالة والعمالة.. وأما إلى الديمقراطية أو الهاوية، مؤكداً أن الديمقراطية اليمنية وإن كانت ديمقراطية ناشئة لكنها جديرة بالاهتمام. ودعا إلى المناقشة باحترام، وأن نؤمن بأن الديمقراطية رهان المستقبل والتطور، والابتعاد عن المزايدات، والكف عن تشويه الوطن، فالذين يشوهون الوطن إنما هم يشوهون أنفسهم، فأتمنى من الأحزاب أن تلمع الوطن مثلما تلمع نفسها.. وأتمنى من أي حزب معارض أن ينافس الآخر بحملة نظافة، أو أي نشاط آخر، وضرورة الابتعاد عن شيء اسمه كعكة أو ذبيحة، فالوطن ملكنا. هذا وشهدت حلقة النقاش الكثير من المداخلات التي تكاد تلتقي على أهمية المشاركة في الانتخابات، ونبذ التقاسم، والتوافق السلبي، وضرورة الدخول في حوارات آمنة. وفي ختام الحلقة النقاشية، أصدر المشاركون بياناً أكدوا فيه على أهمية السير باتجاه انتخابات تنافسية حرة نزيهة تتيح مشاركة جميع أطراف العمل السياسي واعتبار الاستحقاق الانتخابي النيابي القادم استحقاق وطني شعبي يجب على كل القوى السياسية من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني وقوى اجتماعية مستقلة المشاركة فيه وإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري والقانوني. كما أكد المشاركون على أهمية توسيع المشاركة الوطنية في الانتخابات ومشاركة كافة أطياف العمل السياسي دون احتكار الساحة الانتخابية من أحد سواء أكان في السلطة أو في المعارضة. مطالبين بضرورة تعزيز الشفافية في كافة الإجراءات والحوارات التي تتم في الشأن الانتخابي والوطني عموماً وتعزيز دور الرقابة الشعبية وأهمية تفعيل مشاركة القوى الاجتماعية والمستقلين ودعا المشاركون إلى التزام كل أطراف العمل السياسي بقواعد الممارسة الديمقراطية من أجل تعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة وعدم إخضاعها للأهواء والمصالح الحزبية الضيقة التي تمس قواعد المشاركة السياسية المتكافئة والاحتكام إلى الدستور والقانون وأعتبر المشاركون الديمقراطية خياراً شعبياً ووطنياً وشرطاً للنهوض بالوطن وتنميته مؤكدين رفضهم أي محاولات لتأجيل الانتخابات باعتبار أن ذلك يمس بجوهر الديمقراطية وسيكون بمثابة تراجع عن الخيار الوطني ومحاولة لوأدها ومصادرة حق التأجيل المكفولة دستورياً. داعين الجهات المعنية والأحزاب السياسية إلى استيعاب المرأة ومنظمات المجتمع المدني في العملية الانتخابية بدلاً عن السباق الذي لا يؤدي إلى خلق برلمان قوي ويضعف العملية السياسية والتوفر النوعي للهيئات والمنظمات في العمل البرلماني. وحث المشاركون (اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء) النهوض بمهمتها الوطنية وفقا للدستور والقانون بحيادية واستقلالية وعدم الالتفات إلى أي دعوات أو رغبات تمس بحياديتها واستقلالها كما دعا المشاركون إلى تنمية القواسم الوطنية المشتركة بين القوى السياسي القائمة على تغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة, والتخلي عن منطق التعالي وإلغاء الآخر والتحلي بقيم الحوار البناء والهادف إلى إرساء ثقافة الوفاق والاتفاق والقبول بالرأي والرأي الآخر وإلى تطوير المنظومة التشريعية وفق أبعاد وأسس وطنية لا تقبل الاجتزاء أو التقاسم أو إخضاعها للأهواء والرغبات الحزبية الضيقة وأن يتم اعتماد قاعدة التدرج في التطوير التشريعي والقانوني.