إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور السوداني، وبهذه الجرأة والسابقة الدولية الخطيرة لا يعني سوى إن العالم الجديد وتحديدا قوى الاستعمار القديم سائرون بخطى ثابتة لتنفيذ إستراتيجية استعمارية جديدة تطبق على أرض الواقع العربي والإسلامي وفق أجندة مرسومة أعدت سلفا لتحقيق أعلى قدر من النفوذ والهيمنة والاستكبار من أجل السيطرة على مقدرات وثروات دولنا وشعوبنا المستضعفة. "الإرهاب" العالمي الجديد الذي تشهده الساحة الدولية على كافة المستويات وتحت ذرائع ومبررات غالبا ما تتم للتمويه باسم بعض المنظمات الدولية "المسيسه" والمسيطر عليها من قبل قوى الهيمنة والاستكبار العالمي كمجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية أصبح مكشوفا لكل شعوب العالم خاصة الشعوب المستضعفة والمتضررة من هذا الإرهاب ومن تبعاته الخطيرة، أخر صور هذا الإرهاب العالمي يتجلى اليوم في هذا القرار المعيب الذي أصدرته ما تسمى بمحكمة الجنايات الدولية ليس فقط بحق البشير بل بحق السيادة والكرامة السودانية والعربية التي مست في الصميم . هذا الإرهاب "الرسمي" غير المعلن اعتقد انه يتطور يوما بعد يوم والطامة الكبرى أن هذا "الإرهاب العالمي الجديد" الذي حرف زورا وخداعا باسم "النظام العالمي الجديد" يستهدف في الغالب عالمنا العربي والإسلامي وكأن شعار محاربة الإرهاب الذي رفع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر شعارا مكرسا فقط لإعلان الحرب الساخنة أو الباردة على الإسلام والمسلمين في طول وعرض المعمورة فقد تجاوزت هذه الحرب حدود ما عرف بتنظيم القاعدة لتنتقل إلى حدود إسلامية أوسع فتتجرع من ويلاتها وتبعاتها المدمرة شعوب العالم الإسلامي ومنظماته الرسمية والمدنية ودوله المختلفة خاصة دولنا العربية. فقد وصلت العصا الغربية الغليظة لتطال حتى حصانة المسئولين ورؤساء الدول، فبعد الإطاحة بنظام صدام حسين واحتلال العراق تحت يافطة محاربة الإرهاب والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل الذي ثبت زيفها وبطلان الادعاء بامتلاك العراق لها وعلى لسان قائد الحملة الدولية لمحاربة الإسلام والمسلمين الرئيس الأمريكي السابق سئ الذكر جورج دبليو بوش الذي اعترف قبل رحيله أن مخابراته- التي أشرف عليها بنفسه- نقلت إلية معلومات خاطئة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية وأماكن وجودها من عدمه وهو المبرر الأكبر الذي اتخذه مجرم الحرب الحقيقي جورج بوش وسوقته الإدارة الأمريكية للعالم لتقدم على جريمة كبرى باحتلالها العراق وبتأييد ودعم العديد من الأنظمة الغربية بل وبعض الأنظمة العربية المتواطئة والساذجة في آن واحد ليأتي الدور اليوم على الرئيس البشير ونظام الدولة في السودان تحت يافطة مشابهة لما سبق فالرئيس السوداني متهم بارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور السوداني. أي أنة أصبح في نظر الغرب إرهابيا، بل ومجرم حرب وفي نفس الوقت يعتبر بيريز وباراك واولمرت ونتنياهو وليفني وجورج بوش وشيني ورايس وغيرهم من الصهاينة حمائم سلام في نظر هذا الغرب المنافق والمخادع الذي تمادى كثيرا في ازدواجيته بل وتوجهه العدواني لكل ما هو عربي أو إسلامي خاصة سياسته العدوانية تجاه أي دولة لها طموح سياسي تحاول من خلاله الاستقلال ولو بشكل بسيط عن القرار والنفوذ السياسي والاقتصادي الغربي لان هذا الطموح عندما يتم أو يخطط له من قبل أي نظام عربي سيعتبر من وجهه النظر الغربية تعدٍ للخطوط الحمراء التي لا ينبغي على أي نظام عربي أو إسلامي تجاوزها، وهي السياسة التي أتبعت من قبل الدول الكبرى على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد انتهاء عصر الاستعمار القديم مرورا بتحول العالم إلى نظام القطب الواحد وانهيار المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي، ودخولنا عصر استعماري جديد بأشكال وأساليب مختلفة. وبالتالي العرب اليوم أمام مفترق طرق إما الرضوخ التام لهذه السياسة أو استخدام أوراق القوة التي يمتلكونها وهي كثيرة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي والمسألة لا تتعدى سوى توحيد الكلمة وصدق التوجه والإرادة والاستشعار بالمخاطر المحيطة والشعور بالمسؤولية وصدق التوجه ورص الصف العربي وكسر القيود المكبلة مهما كان حجمها ودرجة قوتها، والاهم من كل ذلك اندماج الأنظمة العربية مع شعوبها وكسب الشارع العربي عندها لن تستطيع أي قوة في الأرض المس بسيادتنا، أو بقرارنا، أو بمقدراتنا وثرواتنا وحضارتنا التي تواجه اليوم حرب شعواء شبيهة بالحروب الصليبية السابقة.