بالرغم من الدعوات والخطب والشعارات بالحد من المركزية الشديدة ومنح المحافظات والمديريات صلاحيات واسعة، بدا جلياً أن المركزية المفرطة ما تزال هي سيدة الموقف في اليمن حتى إشعار آخر.. فقد انتفض عدد من المستثمرين والعمال في مدينة المخاء قبل نحو أسبوع على خلفية ما أسموه "إجراءات روتينية معقدة" تضرب بالشعار الذي رفعته الدولة مؤخرا (استثمار من نافذة واحدة) عرض الحائط، وتقدم شواهداً كثيرة بأن اليمن ماضية نحو تكريس مزيداً من المركزية الشديدة. ففي شكواه المرفوعة لمحافظ تعز حمود الصوفي، حمل المستثمر عبد القوي صالح الحميقاني– مدير عام شركة البحر الأحمر للاسمنت- إدارة جمارك المخاء المسئولية الكاملة في وضع العراقيل أمام المستثمرين وخاصة شركته. وقال الحميقاني: "ما ذنبي أنا كمستثمر عندما تأتي الباخرة محملة بشحنة الاسمنت تمكث في الرصيف ثمان ساعات محملة، وعندما يأتي الإنتاج أتوقف أسبوعا كاملا لكي أحصل من المواصفات والمقاييس على إفراج من صنعاء، فالمفروض عندما تصل الباخرة يتم تفريغ حمولتها خلال ساعة ونصف، ولكن ما يحصل الآن أن الباخرة تصل إلى الميناء ثم تخضع للفحص من قبل الجمارك وجهات الأمن ثم تمكث عشر ساعات حتى تحصل على إذن بالتفريغ، ونحن نتحمل هذا التأخير على حسابنا، لان الباخرة وقتها محسوب بالساعة، والساعة قيمتها أحيانا 500 دولار. أما المرحلة الثانية فهي عند الإنتاج حيث يطلب منك إفراج جديد بحجة المقاييس، وبالتالي نظل أسبوعا بانتظار نتائج الفحص الأول من المختبر المركزي بصنعاء" . وطالب مدير شركة اسمنت المخاء مساواتهم بشركتي عدن والمكلا، التي قال: "أن سفنها عندما تصل إلى الميناء تقدم صورة الفاتورة وتفرغ فورا في حين يتم في الصباح استكمال الإجراءات". من جانبه نفي على عبد الله الكحلاني- مدير عام جمارك المخاء- أن تكون إدارته هي المتسبب في وضع عراقيل أمام الاستثمار والمستثمرين حتى لو ظلت الباخرة في الرصيف شهرا كاملا- على حد تعبيره- طالما كان يتلقى أوامره من صنعاء، وليس له دخل إذا ما أدى ذلك إلى تضرر مصالح المستثمرين والعاملين.. يقول الكحلاني: "نحن نتلقى توجيهاتنا من صنعاء فعندما تصل شهادة الإفراج نقوم بتنفيذ التعليمات الواردة، فهل هذا مقبول، نحن نريد مصلحة المستهلك قبل كل شيء، ونحن في الجمارك نطبق القانون الذي يمنعني من الإفراج عن أي كمية بلا فحص من قبل الهيئة الخاصة بالموصفات والمقاييس، فقانون الجمارك يلزمني بذلك". وأكد: "أن تلك الإجراءات المتبعة في الميناء هي نفسها في بقية الموانئ مثل عدن والمكلا. وقال: "أن من يتضرر من تلك الإجراءات عليه أن يحاسب الهيئة وليس إدارة الجمارك في الميناء، فالهيئة عادة تأخذ العينة من الكمية لترسلها إلى صنعاء لفحصها وهي المسئولية عن عملية تأخير التوزيع للسوق وإفراغ البواخر". وتساءل: "كيف يريدون الإفراج عن هذه الشاحنات المحملة بالاسمنت بدون شهادة الهيئة، فإذا فعلت ذلك اعتبر نفسي ارتكبت جريمة ومخالفة قانونية بحق البلد وبحق المستهلك أيضا..! ماذا لو أفرجنا عن شحنة الاسمنت بدون شهادة الإفراج تلك، وطلعت الشحنة خارج المواصفات ماذا تتوقع حينها؟ أكيد سنرى في المستقبل عمارات تسقط فوق ساكنيها بسبب رداءة الأسمنت"!