بموكب مهيب، وجماهير غفيرة، وخطبة رائعة للداعية أبو بكر المشهور عن (معركة الحب الأزلي)، اختتمت يوم أمس الجمعة بعدن فعاليات الأسبوع الثقافي الحادي عشر في ذكرى دخول الإمام أبي بكر بن عبد الله العيدروس إلى عدن. فقد خرجت قبيل ظهر أمس الجمعة جموع غفيرة من بيت منصب عدن بموكب مهيب توجه إلى مسجد الإمام العيدروس محفوفاً بشدو القصائد والموشحات الدينية، ويتقدم صفوفه منصب عدن السيد مصطفى بن زين العيدروس، والحبيب العلامة صادق بن محمد العيدروس، والمفكر والداعية الإسلامي أبي بكر العدني بن علي المشهور، وعدد من الشيوخ ووجهاء وطلبة العلم الشريف. وفي مسجد العيدروس ألقيت بعض القصائد بمناسبة هذه الذكرى، وتحدثت بعض الشخصيات عن سيرة هذا الإمام ودوره في دعم ومساعدة وتوجيه الكثير من أهالي عدن، وقيامه بالمبادرة في عمل الخير وإصلاح النفوس وتصفية الشوائب وتوحيد الكلمة وجمع الشتات، مما جعل لهذه الذكرى الأثر الدائم إلى يومنا هذا. وألقى فضيلة الداعية والمفكر الإسلامي أبو بكر العدني بن علي المشهور خطبتي الجمعة في مسجد العيدورس الذي اكتظ بالمصلين، فحمد الله فيها وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن هذه الحوليات من مظاهر الحب الأبدي والارتباط السرمدي، والمدد النبوي، فالله عز وجل هو زارع محبة أوليائه في قلوب عباده لاقتدائهم بالهدي والسنة والكتاب، وسيرهم على طريق الحق والصواب والمنهج الوسطي السليم المستطاب. وأشار إلى: أن معركة الحب أزلية، وهي معركة علاقات وارتباطات، وهي تنقسم إلى قسمين: محبة عالية راقية كحب الله ورسوله وآل بيته وأوليائه والصالحين، ومحبة الدنيا ومظاهرها الفانية وحب الرذيلة ودناستها. فالله عز وجل وضع في عباده قواعد الترقي والارتباط والمحبة، فمن تقرب إليه من عباده بالنوافل بعد الواجبات تحققت له محبة الله ورسوله ومن عاد ولياً من أولياء الله فقد آذنه الله بالحرب، فلكل دولة رجال وأعمال وآمال واسأل الله أن نكون منهم ممن أحبوا النبي وظهرت معاني المحبة في سلوكهم وفي حياتهم . وقال: إن هذه الحوليات ومثيلاتها هي مظهر من مظاهر اتصال العالم السفلي بالعالم العلوي فمن يملأ الأرض بالخير والمحبة والسلام يحبهم الرحمن وينشر محبتهم في السماء ويبسط لهم المحبة بين خلقه وعلى أرضه، ولكن قد يخطئ البعض في طريقة التعبير عن هذه المحبة، ومعرفة حدودها على الوجه الشرعي، فيجب الحرص كل الحرص بعدم التقلد بالمحبة الشيطانية النارية الموقعة في الخطأ والزلل. فالإنسان هو الإنسان في كل مكان وزمان، ولكن الاختلاف في التوجيه والاتجاه وطريقة تربية المربين للمريدين وتسليكهم في المنهج القويم، فعندما نتحدث عن رجولة الرجال فنحن نتحدث عن مدى تربيتهم للجيل والنشء والجنسين لا يختلفون في ذلك. فعندما نتحدث عن الأولياء فنحن نتحدث عن الكتاب والسنة ولكن تختلف درجة الوعي والإدراك لهذه الأمور بين الناس ومدى استيعابهم لها، ومن هؤلاء الأولياء من نحن في مسجده اليوم والذي لا ينظر إليه كفرد ولكن كمدرسة يشهد له التاريخ والناس بخدمته وحسن سيرته وما عاناه ولاقاه في ذلك. واستشهد أنه منذ برز ولي الأولياء وإمام الأصفياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تحرك الشيطان بخيله ورجله إلى أهل قريش لكي يطفئ نور هذا نور هذا المصطفى فعانى ما عانى وكابد ما كابد فقد وصفوه بأوصاف تبين انحدار مستوى تفكيرهم خوفاً على مصالحهم ومكانتهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم تحمل وصبر وبذل جهده لمدة 13 عام قبل اكتمال نزول الشريعة وذلك ليهيئ الرجال والأولياء ويعدهم كأوعية صافية يصب فيها المعين الشرعي الخالص والشريعة السمحة. فهل تعتقدون وهل يعقل أن بعد كل ما عانوه أن ننساهم وننسى ذكرهم ولا نرتبط بهم فبهذا ستحصل الفوضى وينقطع المدد الرباني وتنفصل عرى الدين وجيل بعد جيل، فنحن نتطور بأنفاس الصالحين والأولياء العارفين، فيجب أن تحيا نماذجهم وسيرهم وسلوكهم وآثارهم كي تحيى فينا محبتهم لنوجد ونبني جيل جديد مرتبط بهم ومتخلق بأخلاقهم ومتبعاً لمنهجهم، فالولاية لا تتحقق إلا بالعمل الشرعي والذي لا يتحقق ولا يسهل إلا بالمحبة الخالصة. إن طريق الحق والصواب هي الطريق التي لم ولن تضمحل فقد قال الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، وحفظ الذكر يستلزم حفظ حملته وحفاظه وهم أصفياء الله وأوليائه. ففي عالمنا المعاصر معارك بين فئات عدة وأفكار ومذاهب مختلفة ونحن في هذه الحوليات نحاول تبين هذه الاختلافات بين الإفراط والتفريط ونحاول تحقيق التوازن الذي ربانا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو منهج النمط الأوسط الذي قال عنهم الإمام علي رضي الله عنه (يلحقهم التالي ويرجع إليهم الغالي) وهم قلة حفظوا الخلافة وحفظوا الديانة. فمنهج النمط الأوسط لا يستخدم الحرب أو السيف إلا في وقته وهو يستخدم ما هو أقوى منه وهو الألسنة الناطقة بالحق ويدعو إلى التوحد والمحبة ونشر الخير والنور. ودعا الله "أن ينزع المحبة الكاذبة التي تدعو إلى الفرقة والفتنة وهي المحبة الشيطانية، ويغرس المحبة النورانية التي تدعو إلى الخير والصلاح.