فجرت تصريحات السيد حيدر أبو بكر العطاس- رئيس وزراء اليمن الأسبق- لقناة "الجزيرة"، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية اليمنية، إثر الهجوم الذي شنه على قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، وخاصة اتهامه لأمينه العام السابق الأستاذ علي سالم البيض بسرقة أموال الحزب، واصفة تصريحاته بأنها تعبر عن "أحقاد دفينة". فقد ذهب العطاس في رده على بعض الأسئلة إلى القول بأنه لم يكن في يوم من الأيام اشتراكياً، وأن تكوينه قومي عربي، "ودخل علينا الفكر اليساري قسراً ولم نستسيغه أو نستوعبه ونتبناه"، متهماً علي سالم البيض وخمسة أشخاص آخرين- لم يسمهم- بأنهم من استولوا على جزء من أموال الحزب الاشتراكي، كونهم كانوا المخولين بالتعامل والتوقيع على أموال الحزب. وقال العطاس: "أنا لست من المخولين للتعامل مع أموال الحزب وهناك أربعة إلى خمسة أشخاص وعلى رأسهم أمين الحزب- أي علي سالم البيض- هم المخولين بالتوقيع والتصرف بأموال الحزب، وليس لي علاقة لا بالحزب ولا بأجهزة ولا أمواله بأي شكل من الأشكال". وأفاد مراقبون بأن ما ذهب إليه العطاس في حديثه عن الحزب الاشتراكي هو محاولة لتقزيم وتهميش دور الحزب في صناعة دولة الوحدة والحفاظ عليها، وذلك بقوله: "الحزب الاشتراكي لا يمثل أكثر من 20-30 ألف، والجنوب 2 مليون". واعتبروا ذلك بمثابة "تأكيد واضح بأن المهندس العطاس هو أحد القيادات البارزة التي تدير مخطط تصفية الحزب الاشتراكي وتدميره وشق صفه، وأن ما يعتمل اليوم داخل الساحة اليمنية، وفي أوساط ما يسمى بالحراك في المحافظات الجنوبية ضد الحزب الاشتراكي هو مخطط تآمري تم ترتيب أوراقه منذ فترة ليست بالقريبة لضرب الحزب الاشتراكي، كمقدمة لفرض مسألة الانفصال بعد أن يتم تدمير الحزب ومؤسساته كونه الشريك الأساسي في إعلان دولة الوحدة اليمنية". واستغربوا في الوقت ذاته من تنصل العطاس من اشتراكيته "رغم إدراكه بأن الانتماء لهذا الحزب العريق وما له من تاريخ وسجل نضالي ناصع مفخرة ليس لكوادر وعناصر الاشتراكي فحسب وإنما لأي شخص ينشد دولة المؤسسات الحديثة". ونوه المراقبون إلى أن تنصل حيدر أبو بكر العطاس من الحزب الاشتراكي يكشف أيضاً "أن الأزمات والخلافات التي مر بها الحزب الاشتراكي والمؤامرات التي يتعرض لها اليوم هي من صنيعة المهندس العطاس". ولفت المراقبون- في تصريحات نقلتها "أخبار اليوم": أن المهم في المقابلة التي عرضتها قناة "الجزيرة" يوم السبت مع العطاس ليس ما جاء في كلامه وإنما اختبار التوقيت من قبل قطر في بث هذه المقابلة، خاصة وأنها أجريت في الربع الأول من العام الماضي 2008م، ولجأت قطر إلى إخراجها من أرشيف "الجزيرة" يوم الجمعة كرد فعل مباشر على انسحاب رئيس الجمهورية من قمة الدوحة الأخيرة، واتهامه للوساطة القطرية بأنها قوت من شوكة مجموعة التمرد في صعدة. إلى ذلك اعتبرت شخصيات قيادية في الحزب الاشتراكي حديث العطاس عن الحزب الاشتراكي وعلي سالم البيض بأنه يكشف عن عمق الخلاف بين حيدر أبو بكر العطاس وعلي سالم البيض من جهة، وفشل العطاس ومن يقف معه في المخطط ذاته في جر الحزب الاشتراكي والأمين العام الأسبق للحزب علي سالم البيض إلى مربع التآمر على اليمن ووحدته الوطنية.