في ليلة ممطرة وفي صمت الليل الحالك الظلام، وزقزقة العصافير وكشكة الأشجار وهي تخرج ثاني أكسيد الكربون من جوفها وعلى أصوات نباح الكلاب، ونهيق الحمير في ريف وقرى اليمن السعيد يجلس الناس يستمتعون بمناظرها الجميلة، يسبحون بحمد ربهم، شاكرين له على ما انعم به عليهم.. وفي مدنها الكبيرة حيث توجد النوادي الشهيرة تجد الناس في مسرح الشطار صموتاً تسمع الأشعار والحمار يتخفى بستار يجلس وحده لا صديق، ولا زوج، ولا عش، ولا دار يفكر في صمت ووقار، وفجأة صحا وصحصح ثم صاح الحمار: "أنا شيءٌ.. أنا صاحب مال وعقار.. ألا تعرفون ألا تفهمون؟" الحمار يرفع الأثقال، ويُصلح الأعطال، ويَحمل الشطار، ويهتف له الواقف والجالس والقاعد والمار، سأكون شيئا غدا يا شطار.. ترى من أين جاءته تلكم الأفكار؟؟؟ لا عتب على الحمار فالذي هتف له أصلاً صديقه الحكمدار السلطان الغدار تظنه جملاً وإذ به فار. صاح الحمار في فخر وافتخار سأشطب الأشرار، وأخرب الديار، ولي في يُهر أنساب وأصهار ألا تعرفون؟ ألا تفهمون؟ أنا البرد.. أنا الشمس.. أنا النار.. أنا أرتب الأقمار، وأحافظ على الأسرار، ولا أسرق، ولا أشرب الخمر، ولا أزوج بناتي من فنان سوبر ستار.. ولا أقرب السحر، ولا ألعب القمار، وقد صار لي في قطر دار، فكيف تهمني الريح والإعصار؟ إذن أنا شيء، وكفاكم استهتار.. أريد أن أكون فارساً مغوار، ومحرراً للأمصار، وزعيماً لحمل الأثقال من عمان إلى لبنان إلى قطر موطن الأصهار.. وفي عجمان لي مالٌ وعقار، ألا ترون جحافل الجرذان إذا سمعت نهيقي خرجت من جحورها تحرق الأشجار وتقتل الإنسان؟ ذكّروه بأنه حمار، وقالوا له: يا حمار المشوار قد طال، وتباعدت الأسفار، وتغير الحال، وأثمرت الأشجار، والوطن في تطور، وازدهار! قال: في كبر وابتهار: لا عليكم أستطيع الانتظار.. وبالأخير، نقول: إنها طموحات حمار، والحمار بالتأكيد لن يتحول إلى حصان..!