لقد كانت تجربة مريرة على رجل مازال مستجد بالسياسة حينما ظهر الشيخ الأحمر على قناة الجزيرة، ولم يتوقع بأنه يقف أمام كادر متمكن يمسك بسلك كهربائي 220 فولت يصعق به الزائر كل ثواني بصدمة كهربائية مفاجئة تسبب الإرباك والدوران مائة مرة حول كلمتين تكرر مئة مرة في الحوار هرباً من الجواب عن أسئلة تعري حقيقة المنادين بالحرية والمساواة والحقوق، والمتباكين على المستظعفين والفقراء.. ومن هنا أقدم شكري وإعجابي بالمذيعة المتألقة وكفاءتها التي أثبتتها تناقض ومحاولة هروب الشيخ في كثير من المواضيع المطروحة. إن المتابع جيداً لحوارات الشيخ حميد الأحمر وخاصة الحوار الأخير على الجزيرة لن يكتشف سوى نزعة قبلية لمن يدعون الإنفتاح والرأي والرأي الاخر والحرية للشعب.. سأترككم مع نقاط مهمة تظهر مدى التناقض والهستريا الذي يعيشه الفاشلون والمأزومين في وطننا الحبيب، الذين عجزوا عن إقناع الشعب بأنهم يمتلكون عصا موسى، وبعد أن سقطت كل الأوراق التي يمتلكونها وأحرقتها إرادة الشعب اليمني: النقطة الأولى: حين سألته المذيعة عن إتصاله بالرئيس، رد حميد بأن الرئيس لم يعد يستمع او يصغي للنصح، وهذا يشير بأن الاخ الشيخ كان يريد أن يرث والده حتى بإذن الرئيس الصاغية لوالده رحمه الله، ولا يعلم بأن والده سبق الرئيس حنكةُ وسياسةُ ودراية وخبرة مما جعل الرئيس يصغي له، ويتلقى المشورة منه، ويميل بأذنه اليه، لإدراكة جيداُ بأهمية رأي رجل بحجم الشيخ عبد الله الأحمر- رحمه الله. والشيخ حميد لا يعلم بأنه لم يدخل اللعبة سوى قريباً، بينما والده- رحمه الله- تشبع منها منذ الصغر، وحمل هم الوطن في زمن عصيب مرت به اليمن، وهو عهد الثورة الباركهة.. فإذا كان والده يمرر آرائه للرئيس فليس من الضروري أن يأتي هو ليفعل ما يفعله إنسان عظيم مثل والده رحمه الله الذي ملأ حبه قلوب اليمنيين، وليس من الضروري أن يظل الرئيس منغلقا على قبيلته ليأخذ منها المشورة في كل شي.. فقد قالت المذيعة له بأن الرئيس (( لم يعد بحاجة الى القبيلة))، وهذا يدل على أن الرئيس علي عبد الله يعلم جيداً بأن القبيلة لم تعد تجدي في زمن الإنفتاح على العالم والتقدم والحرية والديمقراطية والعلم والمعرفة، وهذا ما أثار إمتعاضه لأنه بدأ يرى بأن القبيلة قد بدأت تأخذ مساراُ، والسلطة بدأت تمضي عكس الإتجاه، وهذا لم يحدث سوى في السنوات القريبه جداً.. فمن يتحدث اليوم عن شخصنة السلطة هو نفسه الذي بدا غاضباُ لأنها لم تضمة ضمن قائمة الشخصنة التي عددها تكرارا ومرارا في حواره، عندما كرر ذكر أبناء الرئيس، وأبناء إخوانه، وأقاربه أكثر من مرة..
الرئيس إنفتح يا شيخنا وأصبح يصغي لكل رجالات اليمن ممن يرى فيهم الرأي السديد والحنكة السياسية واصحاب الشهادات العليا، سواء كانوا من قبيلته أو من خارجها، سواء كانوا رجالا او نساء، من الجنوب او من الشمال، لأنه يدرك بأن العالم لم يعد محصوراً بالقبيلة بل أصبح شبكة الكترونية يتعامل معها المختصون من ذوي الكفاءات والخبرات وليس المرافقين الذين أضاعوا تعليمهم ومستقبلهم وهم يحرسون بالكلاشنكوف بوابات فلل المشائخ وسياراتهم الفارهة والاراضي والسجون التي يمتلكونها في الجبال..!
الوضع تغير في العالم، وتغير معه علي عبد الله صالح فأتجه نحو المهندس والدكتور وليس القبيلة والحشود المسلحة خارج الدستور والقانون..! فزمن القبيلة التي مازلت تتباهى بها على القنوات والظهر والسند والمدد إنتهى.. نعم للقبيلة التي تحترم الدستور والقانون، ولا تتباهى بقوتها وسلطانها لتخيف من حولها من القبائل الأخرى او المواطنين.. فهل تستطيع أن تنزع السلاح من القبيلة في اليمن ليتمكن الرئيس من بسط يد القانون والعدالة عليها..!؟ فلم تعرقل العدالة سوى القبيلة، ولم تقفز فوق القانون سوى القبيلة، ولم تقتل وتسحل وتخفي وتحمي القتلة سوى القبيلة...! وقلتها بنفسك في آخر المقابلهة، وبلا إدراك بخطورة ما قلت، لقد قلت: (((وهل يخاف من يستند الى قبيلة مثل حاشد، والى شيخ مثل صادق الأحمر)))!!! هل لك أن توضح لنا معنى ما سمعناه منك، بأنك تستند الى قبيلة وفي نفس الوقت تريد قانون حقيقي ينصاع له كل أبناء اليمن بمن فيهم القبائل..!؟ ماقلته يا شيخنا العزيز يدل بأن القبيلة فوق القانون وانت فوقه بنفسك فأنت تستطيع أن تواجه الدولة بالقبيلة، فإذا كانت ستحميك اليوم كسياسي، فغداً ستحمي القاتل وقاطع الطريق لأنه من أبنائها..
النقطة الثانية: عندما سألته المذيعة عن المظاهرات بأن بعض المتضاهرين يعتدون على أملاك الدولة والمصالح العامة للناس، وهذا جميعه نعلمه في اليمن، رد عليها بإستنكاره للسلطة بعدم تقديمهم للمحاكمات، وهو في نفس الوقت من يطالب بإطلاق المعتقلين على ذمة التخريب والعنصرية..! وهذا تناقض واضح نراه في "المشترك"، وليس في الشيخ حميد فقط!!
النقطة الثالثة: عندما سألته عن أن الرئيس إتصل بالعطاس، وأن العطاس إعترف بإتصال الرئيس له للحوار- وهذا يدل على أن الرئيس فعلا يبحث عن الحوار- رد الأحمر بأنه لا يعلم عن ذلك، وتوقف ولم يكن منصفاً، ولو كان منصفاً لكان ثمن إتصال الرئيس بإنفصالي يهدد وحدة الوطن.. ومن هنا قفز الأخ الأحمر الى موضوع آخر هرباً من الصدمه الجديدة التي وجهتها له المذيعة..! تحدث بأن قبيلة حاشد هي الاولى في الدفاع عن المظلومين، سأوافقه هنا على ما قال، وأقول له معك معك، لكن هل قدم أحد الظالمين من القبيلة للمحاكمة بأي تهمة إعتداء على المواطنين من القبائل الأخرى، او من القبائل الضعيفة، أو على مواطن لا يعترف بعرف القبيلة، ولا هيمنتها، ولا يعرف سوى القانون..!؟ ما أعلمه، وكلنا في اليمن يعلمه، بأن القانون يقف عاجزاً امام القبض على قاتل أو متنفذ ينتمي لقبيلة يمنية قوية ولها نفوذها.. وهنا لا أقصد قبيلة حاشد ولكن أقصد أغلب قبائل اليمن- فأكثر من مرة تدخل أجهزة الدولة في صراع مع القبائل ينتهي بعرف قبلي حقنا للدماء من الطرفين، وهذا خطأ أحمله الدولة في بسط نفوذها وهيبتها وقوة القانون، سواء على قبيلة او غيرها.
النقطة الرابعة: عندما سألته المذيعة عن هل له علاقة بالولايات المتحدة او بالغرب، قال: ليس للإسلاميين علاقه بالغرب..! من هنا نستطيع جيدا أن ندرك مدى التهميش العالمي الذي سيعيشه وطننا فيما لو حكمنا الشموليون او الإسلاميون- بمعنى أصح! ولكني لن أركز على هذه النقطة فما أثار إنتباهي هو التناقض عندما تحدث في وقت لاحق في المقابلة بأن الإصلاح أصبح يدرك جيداً بأنه في زمن يجب عليه الإنصهار في العالم من حوله (بمعنى حديثه)، وفي الجانب الآخر يقول لا علاقه للإسلاميين بالغرب..! والسؤال المحرج عندما سألته عن تهديده للشاطر حول رأي قاله الشاطر في صحيفة 26 سبتمبر، وقالت له ألم يكن هذا حرية رأي، فبدا جلياً حرية الرأي عنده عندما قال: (نعم إتصلت له)! لنتمعن جيدا في الحوار أدناه: المذيعة: قيل بأنك هددت العميد على الشاطر عندما نشرت قصيدة ضدك في صحيفة 26 سبتمبر، وهي تحت مسمى إن شئت الرأي والرأي الآخر. الشيخ: ( بالعاُ ريقه ) وقائلا الموضوع لا يستحق الذكر وقد إنتهى في وقته. المذيعة: هل هددت العميد أم لا..!؟ الشيخ: يعني ليس قضية تهديد وووو القضية قضية ( بسيطة).. وأردف قائلاُ: وهذه من المساوئ عندما يستخدم المال العام الذي يمول بعض وسائل الإعلام العامة في القذف لبعض الأشخاص لبعض مواقفهم السياسية، والأمر لا ينسجم أبدا مع واجبات الدولة واجبات الدولة أن لا تسعى في الضغينة بين الناس، والقضية لم تكن تهديد، لست بحاجة الى التهديد. المذيعة: هل قلت له أن رئيس الجمهورية لن ينفعه، وبأنك لا تعرف الا قانون (الرصاص) الشيخ: لم اقول له اني لا أعرف الا قانون الرصاص ولا يليق بي هذا الامر. المذيعة: لكن قلت له بأن الرئيس لن ينفعه؟ الشيخ: إذا كانت القضية قضية أعراض فالأعراض لا ينفع معها التستر (وفي البدايه قال القضيه بسيطة)! المذيعة: ((إذا عن أي ديمقراطية تتحدث حتى وإن كان يقذف بك وأنت عضو في مجلس النواب كان عليك اللجوء الى القانون؟)) الشيخ: هنا يعود بالحديث عن القانون قائلا: (( وهل ينفعه الرئيس عندما ألجأ الى القانون؟)) المذيعة مقاطعة له: ولكنك لم تقل له بأنك ستلجأ الى القانون. الشيخ: مع إبتسامة هروب (( ولم أقل له أنني سألجأ الى القانون)) إذا هنا نسأل القراء: ماذا يا ترى قال له الشيخ حميد الأحمر الذي يقول بأنه يريد عدالة حقيقية في اليمن، وأن يكون القانون سيد كل شي.. وهنا يظهر لنا بأن القبيله والنفوذ هي سيد كل شي..
ومن المؤسف جدا أنه تكلم عن الرئيس والشخصنة وأقارب الرئيس أكثر من مرة ليثبت بما لا يدعو للشك بأن المسألة مسألة حزازة في النفس حول أولاد العم المتقلدون المناصب العليا أو القيادات في الجيش.. ولتكرار ذلك أكثر من مرة دلائل كثيرة سأترك للقراء تحليلها لأنها واضحة وضوح الشمس في حر الظهيرة.
ولن ننسى بأنه يتكلم عن الرأي والرأي الاخر، ويتكلم عن التبادل السلمي للسلطة، وعن إحترام رأي الشارع، وفي نفس الوقت لن يحترم حق الشعب اليمني ولا حق الأغلبية في إختيار رئيس الجمهورية، عندما يدعو الرئيس الى التنحي عن السلطة، فمن يكون من يدعو رئيس إختاره الشعب بالتنحي، ومن يكون الذي يمرر رأيه ويرمي رأي الشعب عرض الحائط ..!؟ متى سيحترم المعترك وزعامته الفاشلة رأينا، ويحترمون حرية إختيار الشعب لرئيسه علي عبد الله صالح، التي تكللت بأغلبية ساحقة، وفشل ذريع لشموليين في الوصول الى قلوب الملايين من أبناء الشعب وإقناعهم بأهمية التغيير، وأنهم الأجدر بخلق عدالة وتنمية وفرص عمل، ولمبه لا تنطفي، وشمس إصلاح لا تختفي..!!!!!