بعد أقل من يوم واحد من التهدئة، دخلت ساحة قطبي الحراك الانفصالي مجدداً حالة التوتر القصوى على خلفية اختطاف المحامي محمد مسعد العقلة- رئيس "المجلس الوطني الجنوبي بالضالع"- وتوجيه أصابع الاتهام ل"مافيا البيض" في "مجلس قيادة الثورة"، في إطار جولة تصفية حسابات، كان قادة المجلس قد هددوا بتنفيذها حال الانتهاء من احياء ذكرى الرابع عشر من أكتوبر. وأكد مصدر قيادي في المجلس الوطني، الذي يرأس قيادته العليا حسن باعوم، ل"نبأ نيوز": أن اختطاف "العقلة" واثنين من مرافقيه جاء على خلفية تصريحاته الصحفية التي اتهم فيها "المجلس الأعلى لقيادة الثورة" الذي يتزعمه علي سالم البيض بالانقلاب على الحراك الجنوبي، وإقصاء بقية أطراف النضال السلمي، والانحراف بمسار القضية الجنوبية. واشار إلى أن حادث اختطاف العقلة جاء أيضاً بعد وقت قصير من لقاء عقدته قيادات "المجلس الوطني" بالضالع، أدانت خلاله حملة التعبئة المضادة التي شنتها قيادات مجلس قيادة الثورة (علي البيض، وناصر الفضلي، وصلاح الشنفره، وناصر الخبجي)، وأقرت خلاله التصدي للمخططات التآمرية ل"مجلس قيادة الثورة"، ووضع حد للتضليل الذي يجر به الجنوب إلى أهداف مجهولة ما زال المجلس يرفض إعلانها للشعب الجنوبي. واتهم المصدر من وصفهم ب"مافيا البيض" بالوقوف وراء الحادث، لافتاً إلى أن مجلس قيادة الثورة أطلق قبل ثلاثة أيام تهديدات صريحة توعد فيها بقية أقطاب الحراك بتصفية الحساب معها بعد الانتهاء من مهرجان الرابع عشر من أكتوبر في الحبيلين. وكانت "نبأ نيوز" نشرت تلك التهديدات في تقرير سابق، خلال احتدام الخلافات بين تيارات الحراك، وانشقاقها عشية يوم الاثنين 12/ أكتوبر الى جبهتين، تلتئم الجبهة الأولى تحت مظلة (المجلس الأعلى لقيادة الثورة) برئاسة "البيض"، وأبرز زعمائها هم: "ناصر الفضلي، وصلاح الشنفرة، وناصر الخبجي".. أما الجبهة الثانية فتضم كلاً من: (المجلس الوطني برئاسة حسن باعوم- و"الهيئة الوطنية للاستقلال" برئاسة ناصر النوبة؛ و"اتحاد شباب الجنوب").. وقد اتفقت هاتين الجبهتين بعد فشل كل الوساطات في الاصلاح بينهما، على أن تقيم جبهة باعوم ورفاقه مهرجاناً يوم الثلاثاء، وتقيم جبهة البيض ورفاقه مسيرة يوم الاربعاء بمشاركة جميع مكونات الحراك. لكن المصادر في مجلسي باعوم والنوبة تقول أنها فوجئت صبيحة الثلاثاء 13/ أكتوبر بأن تكتشف بأن جبهة البيض قامت في مساء اليوم السابق بالتعبئة ضد مهرجانها، والتحريض على عدم المشاركة فيه، واتهامه بالشذوذ عن مسار الحراك، وسخرت كل لامكانيات المادية للحشد لمهرجان يوم الأربعاء 14/ أكتوبر.. الأمر الذي وصفته ب"عمل غادر دنيء". وتعتقد المصادر ذاتها أن اختطاف المحامي محمد مسعد العقلة (وهو أيضاً أحد قيادات حزب الاصلاح) جاء ك"حركة يستبق بها مجلس قيادة الثورة التطورات التي ستترتب على ردود فعل المجلس الوطني وحلفائه على تصرفاته ونكث قياداته بالاتفاق..". وحول أسباب رفض تياراتها الثلاثة الاعتراف ب"مجلس قيادة الثورة"، أكدت المصادر: أن "المجلس لا يمثل الجنوب إطلاقاً، وإنما هو أداة بيد أحزاب المشترك تحركه لأغراضها السياسية مع النظام"، وإن عودة علي سالم البيض "جاءت باتفاق المشترك والنظام لاحتواء الحراك، وسحب البساط من تحت أقدام المطالبين باستقلال الجنوب.. منوهة إلى أن كل الشعارات التي يرددونها كاذبة، وكل ما يريدونه هو الوصول الى تسويات مع النظام، لذلك حتى هذه اللحظة لم يعلنوا عن أي أهداف للمجلس، كي لايلزمهم الشعب الجنوبي بها". وقد علمت "نبأ نيوز" أن عناصراً من أتباع صلاح الشنفرة قاموا مساء الأربعاء بالانتشار على خط الضالع- عدن، وقطعوا الطريق من مكانين عند مفرق "خوبر وسناح"، الأمر الذي اضطر السلطات الحكومية الى تأمين خط بديل عبر (إب- تعز– مفرق العند)؛ كما سارع "مجلس الثورة" إلى توجيه الاتهام للسلطة، وتجنيد مواقعه الالكترونية ومنتدياته للترويج لاتهاماته للسلطة، وهي المرة الأولى الذي تتداول فيها هذه المواقع أخبار مجلس باعوم، الذي اعتادت أن تشن عليه أشرس الهجمات. وقد بدى الأمر لكثير من المراقبين أنه محاولة لذر الرماد في عيون المجلس الوطني، والتظاهر بالبراءة من تهمة اختطاف محمد العقلة ومرافقيه، خاصة في ظل الغضب العارم لدى المجلس، الذي اتصلت قياداته بالشنفره والخبجي وهددت بمواجهة مسلحة مفتوحة مع جميع فصائل "مجلس قيادة الثورة" إن لم يفرجوا عن المختطفين.. وهو ما دفع الأخيرين إلى نشر مسلحين حول منازلهم تحسباً لأي ردود فعل انتقامية. قيادي عسكري "جنوبي متقاعد" في الضالع أرجع- في اتصال أجرته معه "نبأ نيوز"- اختطاف المحامي العقلة ومرافقيه إلى سبب مختلف عما ذهب اليه المجلس الوطني، وقال: أن الجبهة التي يقودها "البيض" كانت تتوقع حدوث صدامات مع قوات الأمن، وقد نشرت فرقاً مسلحة في أماكن مختلفة لتتولى الاشتباك مع الأمن، وكانت تعول على سقوط ضحايا خلال الاشتباكات في مواصلة إشعال الشارع الجنوبي للأيام التالية، غير أن الذي حدث هو أن السلطة تفادت الاحتكاك مع المتظاهرين لنفس السبب.. وأضاف: عندما وجدت قيادات الحراك أن السلطة فوتت عليهم الفرصة لجأوا الى اختطاف العقلة ومرافقيه ليضربوا عصفورين بحجر واحد: فهم من جهة سيخلقوا عذر ليدفعوا بالناس الى الشارع ويصعدوا الأحداث، ومن جهة أخرى يتخلصوا من "العقلة" الذي أدلى بتصريحات للصحف خطيرة جداً واقلقت مجلس قيادة الثورة، لكن باختطافه سينشغل الجميع بالبحث عنه ويؤجلوا تصفية الحسابات. كما توقع المصدر أن ينضم اللقاء المشترك إلى الاحتجاجات على حادث الاختطاف باعتبار أن "العقلة" أحد أبرز قيادات حزب الاصلاح، وباعتبار أن "الشنفره" و"مجلس قيادة الثورة" هم "كلهم من صناعة المشترك"- على حد تعبيره- مشيراً إلى أن المشترك أوجد هذا التحالف من أجل إدخاله في مؤتمر الحوار الوطني الذي يرأسه الشيخ حميد الأحمر كممثل عن الجنوب، "لأن الحوار سيفشل لو اشتركت فيه فصائل الجنوب قبل أن توحد موقفها ورؤيتها". وفي ظل هذه التطورات، فإن من المتوقع أن تشهد الضالع خلال اليومين القادمين أحداثاً صاخبة تحت عنوان (اختطاف العقلة).. فالحراك أكمل تشييع كل قتلاه الذين تظاهر تحت أسمائهم.. وأنهى كل المناسبات التي يمكن أن يتظاهر تحت عناوينها.. ولا بد له من "جنازة" جديدة يلطم عليها الهمج في شوارع التخريب..!! إقرأ أحداث اليومين السابقين لحادثة الاغتيال: انشقاق الحراك إلى جبهتين وزعمائه يختلفون حول البيض انفجار خلافات حادة بين مكونات الحراك تنذر بتصفيات دامية