اليمن وعبر التاريخ المغرق في القدم والأصالة كان دوماً وطن الأحلام المتجددة وهو بفعل عطاءاته القديمة وطموحاته الصادقة المخلصة أول الأمم التي شعّت حضاراتها على الآخرين سواء قبل الإسلام أو بعده تميّز بقدرته على صنع أقداره واختيار مكانه تحت الشمس وهو ما يميز الشعوب الشجاعة عن غيرها، ودليل ذلك هو قدرة هذا الشعب على امتلاك فكرته الملهمة دون أن تقيده المخاوف ولا موازين القوى الآنية ولا الأرقام السطحية والحسابات المشلولة التي تجسدت عبر مخاضات طويلة وعسيره كانت تراود وتخالج نفس كل مواطن يمني حتى كان انبلاج فجر الوحدة اليمنية في ظل قيادة حكيمة على رأسها الأخ الرئيس على عبد الله صالح والذي استطاع أن ينهض باليمن الواحد الموحد ليكون علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية التي عانت طويلاً من التجزئة والانقسامات. ودافع اليمنيون عن هذا الإنجاز التاريخي في وجه أولئك الذين أرادوا لليمن أن يصبح أشلاءاً غارقة في الوهم والانقسام الجرثومي بدون طموح ينشرون فيه ثقافة التجهيل والأوهام الإثنية . ولقد أصبح اليمن بفعل طموحاته المتجددة ووعي أبنائه الذين أكسبتهم وحدتهم المزيد من الثقة بالنفس قادراً على لعب دور محوري في الجزيرة العربية وعلى شاطئ البحر الأحمر وفي أمته العربية والإسلامية بوجه عام وذلك من خلال قراءته الواعية للواقع ومتغيراته بما لا يسمح بتجارة الأوهام أو إغرائه بالردة إلى الخلف، وامتلك من المواقف المرتكزة إلى الوضوح والعمق ما أعاد انبعاثه على الصعيد القومي ليلعب دوراً متقدماً في قضايا أمته العربية بوجه عام والقضية المركزية للأمة العربية وهي "قضية فلسطين ". فكان صاحب مبادرات عدة منها مبادرة تفعيل العمل العربي المشترك ومبادرة دورية انعقاد القمة العربية بل انه صاحب مبادرة شجاعة قدمها الرئيس علي عبد الله صالح لرأب الصدع الفلسطيني انطلاقاً من الحرص الصادق على القضية الفلسطينية بعيداً عن حسابات ذاتية يأخذها الآخرون في حسبانهم عند تعاملهم مع هذه القضية والتي تصب من مساقات طويلة من العلاقات التاريخية اليمنيةالفلسطينية والتي جعلت من اليمن العمق الاستراتيجي للقضية الفلسطينية في مواجهة كل ما يحاك ضدها . هذه المواقف المبدئية الشجاعة والمتسمة بالمصداقية والحرص على الأمة العربية والتي جعلت من اليمن القوي الموحد لاعباً محورياً في الجزيرة العربية والبحر الأحمر الطريق الدولي للنفط وركيزة أساسية هامة للأمن والاستقرار في العالم لم ترق لبعض القوى الإقليمية الساعية لتوظيف عدم الاستقرار في هذه المنطقة من العالم لرهاناتها العابثة فأوجدت هذا الجيب الإثني وعززته ليكون خنجراً مسموماً في خاصرة اليمن يستنزف طاقاتها ويستهدف مستقبل أبنائها، والمضي بهم نحو المجهول وضبابية الرؤية، وإرادته استنساخاً لحالات مشابهة في المنطقة العربية أبرزها ذلك الجيب في خاصرة القضية الفلسطينية والذي بات ورقة سوداء في يد إسرائيل لابتزاز الشعب الفلسطيني وقيادته فتارة تأخذه عنواناً لضرب هذا الشعب بأبشع أدوات الحرب وتارة أخرى تعلنه لاعباً مركزياً تريد التفاوض معه وإضفاء الشرعية عليه.. من هنا انطلاقا من الرؤيا الفاحصة لحقيقة ما يجري في اليمن الذي يملك من القدرات والموقع الجغرافي الهام في جنوب الجزيرة العربية ودوره الريادي في دعم قضايا الأمة ما يؤهله لأن يكون ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة والجزيرة العربية فإن الجميع مطالب بدعم اليمن والوقوف إلى جانبه إن كان سياسياً أو معنوياً أو اقتصادياً في مواجهة هذا العبث الاثني الذي يستهدف ليس اليمن فحسب وإنما أطراف عديدة في المنطقة .. ولقد كان موقف الأخ الرئيس محمود عباس " أبو مازن " الذي أعلنه وأكد فيه على الوقوف إلى جانب اليمن ووحدة أراضيه وإدانته الواضحة للحوثيين ومن يقف وراءهم نابع من فهم عميق لما يجري في المنطقة من إستهداف لمقدراتها وأمنها واستقرارها .