اعتبر عدد من الخبراء السياسيين والعسكريين إعلان عبد الملك الحوثي عن انسحاب أتباعه من المواقع- السعودية- بمثابة مناورة إعلامية جديدة يحاول من خلالها التغطية على الضربات الموجعة التي تلقاها المتمردون الحوثيون في الفترة الأخيرة في مختلف الجبهات بعد نجاح الجيش اليمني في تطهير الكثير من المواقع التي كان الحوثيون يتواجدون فيها بالاضافة الى تمكن الجيش السعودي من طرد الحوثيين من المواقع التي كانوا قد تواجدوا فيها سواء في جبلي الدخان والرميح او موقع الجابري وهو ماكان الامير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع السعودي قد اعلنه قبل يومين. واشار المراقبون إلى أن ما تضمنه إعلان عبد الملك الحوثي عن الانسحاب من الأراضي السعودية التي لم يعد لاتباعه وجود فيها أصلاً بعد أن تمكنت القوات السعودية من طردهم منها ‘وحيث جاء خبر الانسحاب من المواقع السعودية بمثابة اعتراف ضمني بالهزيمة الفعلية للمتمردين الحوثيين والتي بدأت مؤشراتها القوية تلوح في الأفق على ضوء تلك الانتصارات التي حققتها القوات الحكومية ونجاحها في تحقيق تقدم كبير في مختلف المحاور وخاصة محور الملاحيظ وطرد ما تبقى من عناصر التمرد من عدة مواقع إستراتيجية. ومن ثم فإن ما أعلنه زعيم المتمردين الحوثيين، وبحسب المراقبين، لم يكن في حد ذاته أمراً مستبعداً بعد سلسلة الهزائم التي تجرعوها على مدى الأسابيع الماضية أمام الجيشين اليمني والسعودي وما تكبده المتمردون الحوثيون من خسائر مادية وبشرية كبيرة بما في ذلك تدمير معظم مخازن أسلحتهم وضرب مصادر امداداتهم الرئيسية والتي كانوا يعولون عليها في خوض حرب طويلة فضلا عن حالة التذمر التي أصبحت تتسع يوما بعد يوم في أوساط عناصر الحوثي. وقال المراقبون والخبراء العسكريون ان إعلان الحوثي عن انسحابه من الأراضي السعودية لا يشير إلى أي جديد بالنسبة للمعطيات العسكرية الميدانية كون الحوثيين لم يعد لهم أي وجود في الأراضي السعودية بعد العمليات الناجحة التي نفذها الجيشين اليمني والسعودي ضد المجاميع الحوثية التي كانت تتسلل إلى الأراضي السعودية او تنفذ عملياتها انطلاقا من الاراضي اليمنية .. معتبرين أن إعلان الحوثي الجديد والذي أسماه ( مبادرة) لا يخرج أبدا من خانة التغطية على الهزيمة النكراء بعد ان خارت قواه القتالية اثر الضربات العنيفة التي تلقاها اتباعه مقاتلوه على امتداد جبهات القتال (صعدة - سفيان - الملاحيظ). مشيرين إلى إن الحوثي ومن خلال إعلانه الذي اسماه مبادرة إنما أراد ان يخفف الضغط الكبير على ما تبقى من مقاتليه على في جبهات المواجهة مع القوات الحكومية خصوصا بعد التقدم الكبير الذي حققه الجيش اليمني خلال الأيام الأخيرة في محور الملاحيظ ووصوله إلى ما بعد مدينة الملاحيظ ومحاصرته لبقايا عناصر التمرد وقطع الطرق على الحوثيين التي كانوا يسلكونها للتوغل داخل الأراضي السعودية. ويرى المراقبون بان الحوثي يريد ان يخرج بماء الوجه بعد مكابرته طوال الفترة الماضية وإصراره على خوض حرب تسير نحو نهاية حتمية لتمرده بل وكاد أكثر من مرة ان يدفع حياته ثمن لتلك المكابرة وحيث اراد من اعتدائه على الاراضي السعودية اقلمة الحرب التي شنها لتنفيذ مشروعه الامامي والمرتبط بتلك الاجندة الخارجية التي ظلت تشجعه على ارتكاب مثل هذا العدوان ضد المملكة ولكن مخططه فشل‘ وقد تلقت العناصر المتمردة ضربات موجعة وبخاصة من الطيران الحربي الذي لاحقه وطارده من مطرة إلى نقعة إلى ساقين وحيدان وأصبح يتوارى عن الأنظار ويسكن الكهوف الجبلية لحمايته من الغارات الجوية‘ التي نجحت احداها في اصابته رغم محاولته انكار ذلك وظهره في مقطع فيديوا نافياً اصابته التي كانت بادية على ملامحه المتعبة كما انه لم يتمكن من تحريك يده اليسرى , وأنه أعطي مادة مخدره عند تصوير مقطع الفيديو لتهدئة الم الإصابة مؤقتاً. ويشير المراقبون الى ان تذرع الحوثي بان مبادرته تنطلق من الحرص على المدنيين‘ لم يكن مقنعاً ‘ خصوصا وانه هو من يٌتهم بقتل المدنيين واجبارهم تحت التهديد على القتال في صفوفه كما ان الآلاف تم تشريدهم علي أيدي الحوثيين من قراهم ومناطقهم سواء للتمترس فيها واتخاذها قواعدا لهجماتهم أو طردهم بحجة تعاونهم مع القوات الحكومية , وان الحوثي ظهر في موقف ضعيف وان عباراته ونبرته لم تفلحان أبدا في مداراة الانهزام الذي بات يعيشه يوما بعد يوم . في حين ذهب بعض المحللين السياسيين إلى القول بان مبادرة الحوثي أعلنت عن فشل خطة أقلمة الحرب في صعدة وإجبار الحكومتين اليمنية والسعودية على التفاوض معه كقوة عسكرية يجب الجلوس معها على طاولة الحوار وفرض سياسة الأمر الواقع عليهما من خلال تقديم التنازلات المتبادلة في إطار التجاذبات الإقليمية التي تعيشها المنطقة حاليا. ونوه مراقبون سياسيون الى انه ومن خلال قراءة البيانات التي اطقلها عبدالملك الحوثي طوال الحرب السادسة التي بدأت في أغسطس الماضي فانه يلاحظ ان تلك البيانات تدرجت هبوطا للمطالب واللهجة الحماسية للحوثيين, بعد ان كانوا يهددون بالمفاجآت ويطلقون التهديد والوعيد وأصبحت تلك الألفاظ تتلاشى من بياناتهم يوما بعد يوم علهم يجدون مخرجا لإيقاف الحرب وحفظ ما تبقى من قواتهم, ثم إخراج سيناريو الانتصار الرباني والتغرير بإتباعهم من جديد وإعدادهم لخوض مواجهات أخرى. وقد سبق وان أعلن الحوثي مبادرات علها تلقى قبولا لدى الحكومة اليمنية , التي كان يعتقد إنها سترضخ له في نهاية المطاف ولن تقوى على الاستمرار في المواجهة, حيث كان يعول على حليفيه ( القاعدة والحراك ) في زعزعة الأوضاع في المحافظات الجنوبية والشمالية من خلال تنفيذ أعمال تخريبية تربك الحكومة اليمنية ويفقدها القدرة على المواجهة, لكن تلك الفرضية انقلبت عليه وكشفت المستور لجماعته أصابها الضعف والانهيار. كما كان الحوثي قد سارع مؤخرا إلى الترحيب بالمبادرة التي أطلقها الرئيس علي عبدالله صالح لهم لإلقاء السلاح والانخراط بالعمل السياسي, لكن الحكومة اليمنية كانت تصر على إن يقترن الترحيب الحوثي بتنفيذ الشروط الستة والتي تشمل نزولهم من الجبال وتسليم المنهوبات وإطلاق المخطوفين وعدم التدخل في شئون السلطة المحلية بالإضافة إلى عدم الاعتداء على الأراضي السعودية, مقابل منحهم الأمان وإعطائهم الحق في ممارسة أي نشاط تحت المظلة السياسية. وتبقى المبادرة الحوثية الاخيرة اقرب الى اعلان الاستسلام اكثر من الجنوح للسلم , وقد جاء الرد السعودي سريعا على هذه الفرقعة الاعلامية, وكما قال صاحب السمو الملكي الامير خالد بن سلطان " بان الحدود منتهية ومتفق عليها من كلا الحكومتين, والحكومة اليمنية مشكورة هي تحميها مثلما نحن نحميها واللي صاير هو ان زمرة من المتسللين الحوثيين ارادوا بطريقة او اخرى الاعتداء والتسلل والقنص في امتداد المملكة وهناك بعض القناصة قد تمت السيطرة عليهم بحول الله وقوته, واي معتدي على اراضي المملكة سيفكر كثيرا قبل الاعتداء عليها, فيما قال تركي السديري رئيس تحرير صحيفة الرياض بانها ليست مبادرة ولكنها تعبير عن حالة ضعف يعر بها المتسللون الحوثيون.