على مدى عشرون عاماً في العمل الصحفي صادفت الكثير من المتاعب المهنية، رافقها العديد من المحاولات التي لم تفلح في زعزعة إيمانها بمهنتها أو إثنائها عن واجبها تجاه القضايا المختلفة شاركت في تغطية الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 2006 ونقلت الصورة الوحشية للاعتداءات على المدنيين العزل في الضاحية الجنوبية وصبرا وشاتيلا .. الصحفية الأردنية سهير جرادات في حديتها ل"وداد البدوي" تطرقت للعديد من القضايا بما فيها تجربتها في نقابة الصحفيين الأردنيين.. حاورتها: وداد البدوي كيف يمكن أن نعرف الأستاذة سهير جرادات للقارئ اليمن؟؟ سهير جرادات صحافية متخصصة في كتابة التحقيقات الصحفية الاستقصائية والقصص الإخبارية، اعمل في وكالة الأنباء الأردنية ( بترا) ،حاصلة على جائزة الحسين للإبداع الصحفي حول الإرهاب الذي تعرضت له فنادق العاصمة الأردنيةعمان عام 2005م، ومدربة في مجال الفنون الصحفية في العديد من المؤسسات الإعلامية في الاردن ودولة الكويت، إضافة الى عضويتي في مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين المنتخب للأعوام 2008-2011م. أبرز القضايا التي تتناولينها في موادك الصحفية ؟؟ الكشف عن قضايا مهمة ومفصلة في بلدي الاردن, تمثلت في طرح مواضيع حساسة حول شيوع فحص العذرية في الاردن رغم حرمته الشرعية ، مما يعرض النساء للشك بأخلاقهم لمجرد عدم ظهور علامة العذرية عليهن في ليلة الدخلة، إضافة الى الكشف عن قصور التشريعات في انتشار سفاح المحارم في الاردن، وتلك القوانين والأنظمة ذات العلاقة بانتشار المخدرات، وظاهرة اللقطاء التي أخذت بالتزايد في المجتمع الأردني المحافظ وطرق التخلص من هؤلاء اللقطاء بإلقائهم بالحاويات, وأتطرق بمواضيعي الى حقوق المواطنين العزل الذين يفقدونها في حال تعرضهم لقضايا حوادث السير أو الإرهاب، بسبب غياب قانون يحمي حقوق ضحايا الجرائم الإرهابية ، أو لسيطرة المتنفذين على شركات التأمين. ورافق مسيرتي الصحافية تعرضي لتهديدات من قبل المتعايشين مع مرض الايدز الذي أزعجهم تحقيق عن حق المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة – الأيدز أو ما يعرف بالسيدا – ولم يكتفوا بالاعتراض على التحقيق فقط ، بل أرسلوا رسالة تهديديه . ماذا عن قصة كشف قضية مركز فتيات الخنساء؟؟ أما تجربتي في البحث عن الحقيقة والكشف عن التعذيب الذي تعرضت له نزيلات مركز الخنساء للفتيات ممن هم دون الثامنة عشر من عمرهم ، وكشفت بالصوت والصورة تعذيب هؤلاء الفتيات اللواتي تعرضن لفنون التعذيب وسوء المعاملة من قبل المشرفات على المركز ، وتمكنت من متابعة الحقيقة وتسجيل اعتراف الجهات الأمنية التي تدخلت في فض التمرد الذي قادته الفتيات اعتراضاً على تعذيبهن، ورغم تأكيد المعلومة من قبل المسؤولين المعنيين ونشر التحقيق ضمن المؤسسة الوطنية الصحفية، تعرض تحقيقي بعد خمس ساعات من نشره للقمع الحكومي وتدخل رئيس الوزراء في ذلك الوقت لوقفة وسحبه من النشرة، ووجهت بهجمة إعلامية وإعداد حلقة تلفزيونية لمدة 60 دقيقة لتكذيب تحقيقي والتعرض لي، لكني لم أستسلم وحصلت على تأكيد المسئولين بصحة معلومات تحقيقي، ونشرته مرة أخرى، واستمريت بمتابعة الموضوع وعدت وعرضت الموضوع بعد عام عندما تجدد المواجهات بين السجينات مع المشرفات لذات السبب التعذيب .هذا يقودنا للحديث عن المصاعب التي تواجه العمل الصحفي، وما على الصحفي إلا أن يتحلى بالصبر وعدم الاستسلام وللهزيمة، وعدم إدراج الخوف والاستسلام ضمن قانونه. باعتبارك العضو الوحيد النسائي في مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين .. هل تجدين الدعم من الزملاء الذكور؟ بصفتي العضو النسائي الوحيد في مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين، رغم أن عدد النساء الصحفيات ربع أعضاء الهيئة الإدارية البالغ عددها 780 صحفياً وصحافية، وبالرغم من أنني لست أول صحافية تصل الى عضوية المجلس إذ أنني احمل رقم 6 بين النساء اللواتي اجتزن الانتخابات النقابية، إلا انه وللأسف يرفض الزملاء الصحفيون وصول أكثر من زميلة واحدة فقط، ليترجموا بذلك عكس ما يكتبون عن حقوق المرأة، ويمتنعون عن اختيارها بذات القلم الذي يختارون به الزملاء الرجال بمنأى عن النساء. لماذا فكرتي بالترشيح لمجلس النقابة .. ؟. يستكثر الزميل الصحفي في الأردن على زميلته التي توازيه في المهنية إلا بمقعد واحد فقط، رافضين انتخاب أكثر من زميلة، رغم أن ثلاث زميلات صحفيات ترشحن للانتخابات النقابية التي جرت مؤخرا من أصل 27 مرشح الأمر الذي يزيد العبء على الصحفية الأردنية لان تثبت نفسها في المجلس بعد الصراع في الوصول إليه، حيث إنه لم تخصص "كوتا نسائية " للانتخابات . برأيك لماذا هذه الهيمنة الذكورية؟ اعتقد أنها تعود للفكر المجتمعي الذي تساهم المرأة به من خلال تنشئتها لأبنائها على هيمنة الفكر الذكوري، ولا أنكر أن هناك زميلات وقفن الى جانبي كما كان حال الكثير من الزملاء الرجال الذين تحمسوا لي ولحملتي وساعدوني في الوصول للمجلس، ولا أنكر أن للرجل دور في إيصالي، كما كان له دور في إيصال غيري من النساء الى مواقع قيادية. ما هي أبرز المهام التي قمتي بها بعد تصعيدك للمجلس ؟؟ بعد وصولي لعضوية المجلس، أدرجت لأول مرة بتاريخ النقابة لجنة المرأة الصحفية، إلا أنني وللأسف – صدمت – من عزوف الزميلة المرأة الصحفية عن المشاركة فيها، رغم أنها كلجنة تعنى بطرح القضايا التي تخصهم وتعيق عملهم سعيا الى إيجاد وسيلة لحلها، والأمر وصل الى أكثر من ذلك عندما رفضت الزميلات العمل مع بعضهن البعض لخلافات غير قائمة على المهنة، ولاعتبارات شخصية حول التشكيلة للجنة. وهل من الممكن أن تنافس الصحفيات في الأردن لمنصب النقيب؟؟ إن قانون نقابة الصحفيين الأردنيين لا يتضمن أي تميز ضد المرأة، أو أي نص قانوني يمنع ترشيحها أو نجاحها أو وصولها الى مقعد نقيب الصحفيين، إنما الأمر يحتاج الى تعديل الفكر الذكوري والمجتمعي حول وصول المرأة الى منصب نقيب، والأمر لا يتعلق بنقابة الصحفيين فقط، إنما بجميع النقابات المهنية في الاردن ما عدا نقابة الممرضين التي وصلت الى مقعد النقيب امرأة حيث أن غالبية المنتسبين الى الهيئة الإدارية من النساء اللواتي يمتهنن هذه المهنة الإنسانية. هل تمكنت الصحفيات في الأردن من الوصول إلى مراكز صنع القرار الإعلامي في مؤسساتها الإعلامية ؟؟ وصلت الصحفية الأردنية الى مركز رئيس تحرير ومواقع قيادية إعلامية، إلا انه للأسف لا تصل نسبة مشاركتها أكثر من 2 % من المناصب الإعلامية القيادية، الأمر الذي يثبت أنها أثبتت نفسها من خلال عملها ن إلا أنها تحتاج الى دعم أصحاب القرار والرأي الأردني لتسهيل وصولها الى المناصب العليا، علما بأن الإرادة العليا للأردن ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وراء دعم وفتح الأبواب للمرأة في مختلف المجالات . ما أبرز المشاكل التي تتحدى الصحفيات الأردنيات ؟؟ من أبرز المشكلات والعضلات التي تواجه الصحفية الأردنية قد لا يكون التمييز بالأجور كما هو الحال في العديد من دول العالم، إلا أن من أبرز ما تتعرض له الصحفية الأم من تميز يتمثل بعدم تسهيل حصولها على إجازة أمومة طويلة مدفوعة، أو منحها دوام جزئي مرن وتوفير دور حضانة في المؤسسات الإعلامية ليسهل مهمتها كأم . ولا ننكر إن من أهم الصعاب التي تواجه المرأة الصحفية في الاردن عدم أدراجها وطرحها ومحاربتها في الوصول الى مواقع صنع القرار الاعلامي ، ومزاحمة الزميل الرجل لها بذلك، بل يصل إعلان الحرب عليها، وتنظيم حملة ضدها تمثل الصراع الذكوري وهيمنته على المواقع العليا الإعلامية ، علما بان بالأردن وصلت امرأة صحفية الى مقعد برلماني عن طريق التنافس وليس عن طريق الكوتا النسائية ، وعينت إعلامية بمنصب وزير الإعلام في الاردن. وعلينا أن نؤكد أن مهنة الصحافة هي مهنة المتاعب ، وما يواجه الصحفي من صعوبات في المهنة لا يختلف من رجل إلى امرأة. أبرز الخدمات التي قدمتها النقابة للصحفيين الأردنيين ؟؟ تعنى نقابة الصحفيين الاردنيين بتقديم المظلة والحماية لمنتسبيها من أي هجمة يتعرض لها، حيث يمكن لمن يتعرض لظلم من مؤسسته، أو التعرض له بالتهديد أو الإساءة له للجوء لنقابته لتنصفه وتدافع عنه وتجلب له حقه من خلال الوحدة القانونية التي توفرها لمنتسبيها ، وهذا لا يلغي دورها في النظر بالقضايا التي ترفع على منتسبيها وتحويل من يثبت إدانته الى المجالس التأديبية حتى لا يتغول على المهنة ويسيء استخدام هذه السلطة على الغير. هذا لا يلغي الدور الإنساني للنقابة التي ترعى منتسبيها من خلال تقديم الرعاية الصحية، والتكافل الاجتماعي لهم في الحياة ولعائلاتهم بعد الوفاة، وتوفير الاسكان لهم التي تمكنهم من العيش الكريم، إضافة إلى المشاركة في الضغط على الحكومة بشتى الوسائل تصل الى حد الأعتصامات سعياً لرفع العلاوات المهنية للصحفيين من منتسبيها، والعمل كفريق مفاوض جماعي أمام المؤسسات والصحف العربية لرفع علاوة المهنة للعاملين لديها. هل تواجه النقابة تحدياً في تنفيذ بعض مهامها .؟؟ يعتبر قانون نقابة الصحفيين، وقانون المطبوعات والنشر الذي ما زال يسمح بوقف وحبس الصحفيين من أكبر التحديات التي تواجه النقابة في مهمتها تعديل قانونها أو المطالبة بتعديل القوانين التي تحد من تقدم مهنة الصحافة، علماً بأن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين اضطر مؤخراً في ظل تأخر تعديل القوانين الناظمة للصحافة الى التدخل الشخصي لمنع توقيف الصحفيين الأردنيين ، عندما تم توقيف زميل صحفي على قضية رأي . ماذا يميز الصحفيات الأردنيات عن زميلاتهن في العالم العربي ؟؟ فنحن نقر جميعاً بأن مصاعب المهنة لا تختلف من بلد لأخر، والطبيعة المجتمعية، والفكر المجتمعي الذي يحكمه، ويبقى ما يميز صحفية من بلد لأخر هو جهدها الشخصي ودأبها على العمل، وعدم التنازل عن إيمانها بمهنتها التي تعنى بإيصال المعلومة للآخرين، وكشف مواطن الفساد التي تهددهم. كيف تنظرين للصحفيات اليمنيات ؟؟ من خلال المشاركات في مؤتمرات إقليمية أو دولية أو عالمية نتعرف من خلالها على الزميلة الصحفية اليمنية التي أثبتت وجودها في المحافل العالمية وعرضت بلدها ومثلته بصورة مشرفة، تعكس نضجا في التفكير الناتج عن الجهد الذي تبذله في هذا المجال، وتمنى لها مزيدا من التمثيل في مجلس نقابتها حالها حال زميلاتها في العديد من النقابات العربية للأسف. كلمة أخيرة عبر صحيفة اليمن ؟؟ أتمنى للزميلات الصحفيات العربيات مزيداً من النجاحات والوصول الى المواقع التي تستحقها كونهن اثبتن جدارتهن المهنية، في العديد من المجالات الصحفية، وتخطين الفكر الذكوري الاحتكاري للمهن اللامنهجية؛ حيث أن مهنتهن مهنة المتاعب التي تقع خارج حدود الزمان والمكان ، يحيطها العديد من المعوقات المهنية التي لا تفرق بين الذكر والأنثى، من حيث الحصول على المعلومة وتحمل مسؤولية صحتها وتبعياتها القانونية . [email protected]