ستقوم هيئة الأممالمتحدة الجديدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بضخ الجزء الأكبر من ميزانيتها السنوية المرتقبة والبالغة 500 مليون دولار مباشرة في البرامج التي تستهدف أكثر النساء ضعفاً في العالم. ولكن حتى مع هذه الطفرة التمويلية غير المسبوقة قد تفتقد المنظمة للنفوذ والتأثير، وفقاً لمنظمات المجتمع المدني. وسيبلغ التمويل الأساسي لهذه الوكالة المعروفة باسم "وكالة الأممالمتحدة للمرأة" ضعف الموارد المتاحة الآن لوكالات الأممالمتحدة الأربع المعنية بالنوع الاجتماعي وهي صندوق الأممالمتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفيم) ومكتب المستشارة الخاصة للقضايا الجنسانية والنهوض بالمرأة وقسم النهوض بالمرأة والمعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة. وستدخل وكالة الأممالمتحدة للمرأة حيز الوجود رسمياً في يناير كانون الثاني 2011. وقال نائب المدير التنفيذي لليونيفيم معز دريد أن مبلغ ال 500 مليون دولار المرتقب لا يزال "ضئيلاً مقارنة باحتياجاتنا الهائلة". وأفاد لشبكة الأنباء الإنسانية: أن "الهدف [من إنشاء وكالة الأممالمتحدة للمرأة] هو توسيع أنشطة اليونيفيم وتعزيزها لفائدة عدد أكبر من النساء في بلدان أخرى". وأضاف قائلاً: "إنها تعطينا أملاً كبيراً بأنها ستساعدنا في التغلب على نقاط الضعف التي أصابت عملنا منذ مدة طويلة بما في ذلك مشاكل نقص الموارد وفقدان السلطة والموقع المناسب داخل منظومة الأممالمتحدة والحاجة للقيام بدور تنسيقي أكبر". ويمثل إنشاء وكالة الأممالمتحدة للمرأة نقطة تحول في تعميم المنظور الجنساني على المستوى الداخلي للمنظمة، ولكن من غير الواضح كيف سيترجم هذا الإنجاز في النهاية على أرض الواقع من خلال توفير حياة أفضل وأكثر أمناً للنساء المستضعفات. وفي هذا الإطار، تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 6 من بين كل 10 نساء على مستوى العالم يتعرضن لعنف جسدي في حياتهن بما في ذلك التعرض للعنف الجنسي. من جهتها قالت إليزابيث روش، مدير قسم مناصرة القضايا الجنسانية في لجنة الإنقاذ الدولية أنه "بطبيعة الحال تبقى الأفعال أقوى من الكلمات حيث لا تزال وكالة الأممالمتحدة للمرأة مجرد وعود بالعمل... ولكن الأشهر والسنوات المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة ما إذا كانت هذه الوكالة ستفي بهذه الوعود وتكون قادرة على إحداث فرق. ويبقى أمامها تحديان رئيسان هما التمتع بقيادة قوية والتمويل". الميزانية ومن المخطط أن يتم رفع الميزانية السنوية المقترحة للوكالة من 500 مليون إلى مليار دولار في غضون خمس سنوات، وهو مبلغ تقول الحملة العالمية من أجل إصلاح هيكل المساواة بين الجنسين (جير)، وهي حركة مؤلفة من منظمات المجتمع المدني الدولية التي تدعو لإنشاء وكالة الأممالمتحدة للمرأة منذ عام 2006، أنه ضروري لتوسيع نطاق البرامج والموارد التي تستهدف المرأة. بدورها قالت دانيلا روسيش، مستشارة قضايا العدل بين الجنسين في منظمة أوكسفام الدولية: "في عام 2008 لم تحظ الهيئات المعنية بالمساواة بين الجنسين في الأممالمتحدة سوى ب 221 مليون دولار من إجمالي 27 مليار دولار أنفقتها منظومة الأممالمتحدة ككل في ذلك العام، وهو ما يشكل أقل من واحد بالمائة ... حتى مبلغ ال 500 مليون دولار لا يزال ضئيلاً جداً، ففريق العمل في الأممالمتحدة يعتزم تخصيص 15 بالمائة من مجموع المساعدات الإنمائية لبرامج النوع الاجتماعي بحلول عام 2015، ولكن السؤال هو لماذا لا يتحقق ذلك على أرض الواقع؟". وقال دريد أن ميزانية وكالة المرأة سوف تعتمد على مساهمات الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. وخلال السنوات القليلة الماضية، وعدت العديد من تلك الدول، من بينها المملكة المتحدة والنرويج، اليونيفيم - التي ستتحول قريباً إلى وكالة الأممالمتحدة للمرأة - "بمضاعفة مساهماتها أو زيادتها بشكل كبير". وقد قدمت إسبانيا مبلغ 42 مليون دولار للوكالة في 2 يوليو، اليوم الذي أقرت فيه الجمعية العامة إنشاءها، لتكون بذلك أكبر مساهمة فردية تلقتها إية هيئة أممية معنية بقضايا النوع الاجتماعي حتى الآن. وقالت شارلوت بانش، إحدى المؤسسين للحملة العالمية من أجل إصلاح هيكل المساواة بين الجنسين (جير) أن برامج اليونيفيم القطرية سوف تصبح تابعة لوكالة الأممالمتحدة للمرأة ما أن تبدأ الأخيرة عملها وستتمتع بذلك بقدر أكبر من التمويل والموظفين والانتشار مقارنة بما كانت عليه في السابق. وقالت روسيش من منظمة أوكسفام: "تأتي البرامج طويلة المدى بنوع من التمويل يسمح بتعيين خبراء يمكنهم أن يجوبوا البلاد للإشراف على تنفيذ الأنشطة وليس بوجود مكتب صغير يديره موظف واحد كما هو الحال في معظم البرامج الآن". وأوضح دريد أن برنامج اليونيفيم الأكبر والموجود في أفغانستان يحصل على "تمويل جيد بشكل عام" ولكن قدرات برامج أخرى تبقى محدودة في غيرها من مناطق الصراع وما بعد الصراع في العالم كجمهورية الكونغو الديمقراطية حيث "توجد حلقة مفقودة تتمثل في عدم وجود آلية تسمح بمعاقبة مرتكبي جرائم الاغتصاب". وأضاف قائلاً: "لم يتحقق ذلك بعد... ومن الأمور التي تتصدر رأس أولوياتنا توفير مثل تلك الآليات في المستقبل". قوانين أفضل وأشار دريد إلى أن العمل على سن قوانين خاصة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي يعد هدفاً رئيسياً آخراً من أهدف وكالة الأممالمتحدة للمرأة، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 100 دولة في العالم تفتقر لتشريعات محددة تحظر العنف المنزلي وتحمي المرأة من العنف الممارس ضدها. وأضاف أن تعيين الأمين العام للأمم المتحدة لرئيس وكالة الأممالمتحدة للمرأة هذا الخريف "سيسهم بالتأكيد في وضع هذه المنظمة ومكانتها" داخل وخارج الأمانة العامة. "فالمستوى الرفيع جداً" الذي يتمتع فيه الرئيس المرتقب للوكالة سيرفع مكانتها ويمنح برامج وقضايا المساواة بين الجنسين مستوى لا مثيل له من الظهور. وقالت بانش أن الأوجه العديدة لمكاتب وكالة الأممالمتحدة للمرأة "لا تزال قيد التخطيط" مضيفة أن إطار عملها سيتوسع للتعاون مع مكاتب اليونيسف وصندوق الأممالمتحدة للسكان. وما أن يشتد عود الوكالة في غضون الأشهر الخمسة المقبلة، حتى تبدأ بجسر الفجوة بين الحوار النظري في الأمانة العامة للأمم المتحدة حول تعزيز صوت النساء في العالم والعمل على أرض الواقع. وأضاف قائلة: "نحن بحاجة إلى صوت عالمي ولكن الأمر ليس كذلك فقط، لأن الصوت العالمي قد يقتصر على الأمانة العامة والتحديات القابعة أمامنا ليست هناك...نحن بحاجة أيضاً إلى تواجد قوي في كل دولة على حدة والسؤال كيف يمكننا أن نحصل على ذلك". قدر كافٍ من القوة وقالت روسيش أن هناك "دينامية سياسية هشة وصعبة" ساهمت في تأخير إنشاء وكالة الأممالمتحدة للمرأة أربع سنوات، مما أضعف صياغة ميثاقها حول العنف الجنسي والصحة الإنجابية والجنسية. وقد يجعل ذلك بعض الدول المانحة الكبرى أقل رغبة في دعم وكالة يرون أنها ليست بالقدر الكافي من القوة. وقالت بانش أيضاً: "نحن لسنا بتلك السذاجة لنظن أن هيكلاً لدعم قضايا المرأة سيكون بعيداً كل البعد عن الضغوط التي تواجهها جميع وكالات الأممالمتحدة أمام الجهات المانحة... ستكون العقبة الأولى هي الحصول على المال، والثانية مواجهة الحكومات ذات الالتزام المحدود تجاه تلك الهيئة". واختتمت بالقول: "الأمور لا تتبلور على أرض الواقع لمجرد كونها فكرة جيدة فقط بل بسبب الضغوط التي يستمر الناس في وضعها والمراقبة [المستمرة] حتي يصبح لمثل هذه الهيئات أرجلاً تقف عليها".