تمكنت قوات الشرطة اليمنية في محافظة تعز من احتواء التظاهرات الثلاث التي أقيمت اليوم الخميس في مديريات المدينة– "المظفر" و"القاهرة" و"صالة"- الأمر الذي اعتبره مراقبون مخيبا لتوقعات الكثيرين الذين كانوا قد وصفوها بالمظاهرات الغاضبة مستلهمة انتفاضة تونس التي اتخذت من الشارع وسيلة لنيل المطالب الحقوقية والسياسية. التظاهرة التي اقتصرت على مديريات المدينة- والمقرر إن يتم نقلها إلى مديريات الريف خلال الأيام القادمة- دعت إليها أحزاب اللقاء المشترك التي تطالب منذ بضعة أشهر الحزب الحاكم بالتراجع عن التعديلات الدستورية الأخيرة وإصلاح النظام الانتخابي وعدم المضي للانتخابات منفردا. بضعة آلاف هو العدد المشارك في التظاهرات الثلاث التي طوقها المئات من أفراد الأمن الذين انتشروا في كل مداخل ومخارج الحارات والشوارع المؤدية للتظاهرات منذ فجر اليوم تحسبا لخروج التظاهرات عن مسارها المحدد لها متأثرة بأحداث تونس الأخيرة التي نقلت عدواها لكثير من البلدان العربية, في حين منعت كثير من مدارس المدينة المدرسين والطلبة من الخروج بعد الساعة العاشرة صباحا تفاديا لمشاركتهم في تظاهرات المعارضة. وحملت التظاهرات عبارات التنديد بإصرار الحاكم على المضي بإجراء الانتخابات منفردا وتعديله للدستور علاوة على رفضها للغلاء والفساد والجرع السعرية المستمرة. وصدر عن التظاهرات بيانا دعا إلى العودة إلى مربع الحوار، والى اتفاق اللجنة الرباعية. كما أشار البيان إلى أهمية حصول المواطن على حياة كريمة ومواطنة متساوية بذل الثوار الأحرار من أجل ذلك دماؤهم. واعتبر البيان ألانتخابات المنفردة بأنها انقلاب على الوحدة والجمهورية، وقال إن الشعب سيدافع عن وحدته وجمهوريته التي قدم الشهداء أرواحهم رخيصة من أجلها. وأهاب البيان بأبناء الشعب إلى الالتفاف حول قيادة المعارضة لامتلاكها المشروع السياسي الهادف إلى أخراج اليمن من النفق المظلم, داعيا كافة مديريات المحافظة إلى مواصلة مسيرة النضال السلمي حتى ينال الشعب حقوقه وكرامته. ونصح البيان الحاكم الاتعاظ بما حصل للقيادة التونسية التي تساهلت مع موقف الشعب ولم تنفع الإجراءات والوعود التي قطعها الزعيم التونسي المخلوع على نفسه بعملية التغيير وتلبية مطالب الشعب. وخلال المهرجان الذي أقيم في مديرية المظفر- قال النائب شوقي القاضي- إصلاح- "أن اللقاء المشترك ومعه كل الشرفاء من أبناء الوطن وحتى أعضاء من المؤتمر الشعبي العام نريد انتخابات ولكن انتخابات حرة ونزيهة، كما أننا نريد تعديلات دستورية ولكن تعديلات لا تؤدي إلى تأبيد الحاكم وتوريث السلطة لأولاده". وأضاف النائب القاضي: "لن نسمح ببقاء الفاسدين ومستعدون أن ننام في الشوارع من أجل مصلحتنا ومصلحة وطننا وتحريره من أيدي الفاسدين، فلو كانت السلطة عندها حياء لكانت تركت اليمن وذهبت بعد كل الفضايح التي ارتكبتها في حق الشعب". فيما قال النائب عبد الكريم شيبان- إصلاح- في كلمته أمام تظاهرة مديرية القاهرة: إن "الشعوب ملت مهنة التصفيق, وملت أسماعها من وعود السراب ومنجزات الوهم في التلفاز والإذاعة والصحافة الحكومية وبالتالي لا ينبغي أن يصدقهم أحد بعد اليوم". واعتبر هذا الحضور هو "خطوة أولى نحو تحريك الشارع لانتزاع الحقوق وإعادة الاعتبار للثورة والجمهورية والوحدة". مشيرا إلى إن "هذا التحرك سيبدأ من قاهرة تعز ومديرياتها الصامدة وينتهي بنهضة مباركة لكل الشعب اليمني نهضة لا تهدأ حتى تتوارى الفتنة وتسقط الأطماع الصغيرة ويحيا الوطن". واختتم متسائلا: "كم مسئول حضر من صنعاء عند قيام مهرجان التهريج بميدان الشهداء في الأسابيع الماضية؟ وكم مسؤول من هؤلاء طرح موضوع مشاكل محافظة تعز أو عمل على تحسين معيشة اليمنيين من الجنود وأفراد الأمن وعموم الشعب؟" وتأتي هذه التظاهرة بعد ساعات من إعلان الحاكم مبادرة تقضي بقبوله مبدأ تعديلات دستورية تنص على الأخذ بنظام القائمة النسبية وهو النظام الانتخابي الذي ظلت المعارضة تطالب به منذ سنوات، إضافة إلى إعلانه القبول بجعل المدة الرئاسية محددة بفترة معينة بعد أن كانت تعديلات سابقة قد قضت بخفض مدتها من سبع سنوات إلى خمس وإبقائها مفتوحة الأمر الذي أثار ردود أفعال ساخطة في أوساط المعارضة والشارع اليمني بشكل عام. جدير بالذكر أن السلطة كانت قد وجهت في الآونة الأخيرة باتخاذ سلسلة من الإجراءات وصفها مراقبون بتدابير احترازية طارئة تحسبا لحدوث مواجهات مع الشارع بعد انتفاضة تونس التي أشعل فتيلها الشاب الجامعي العاطل عن العمل (محمد بوعزيزي). ومن تلك التدابير توجيه السلطة بعدم المساس بأي تظاهرة أو مسيرة تجوب الشوارع اليمنية إضافة إلى خطوة أخرى تمثلت في إعلان الحكومة إعفاء الموظفين من نحو 50% من الضرائب التي كانت تؤخذ على الموظفين في القطاع العام والخاص والمختلط. كما وجه في هذا السياق وزير التربية والتعليم اليمني الجهات المختصة في وزارته بتثبيت الموجهين التربويين الجامعيين بعد سنوات من إصراره على عودتهم للتدريس.