واصل المحتجون المصريون التجمع بوسط القاهرة يوم الاثنين وتعهدوا بالبقاء حتى إسقاط الرئيس حسني مبارك الذي أصبح مصيره فيما يبدو بين أيدي الجيش مع تصاعد الضغوط من الشارع والخارج. وكتب المحتجون على لافتة في ميدان التحرير بالقاهرة "على الجيش أن يختار بين مصر ومبارك". وفي الميدان تبادل المحتجون الطعام مع الجنود الذين تم إرسالهم لاستعادة الأمن والنظام بعد احتجاجات عنيفة هزت حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما في العمق. ومع بزوغ الفجر كان بعض المحتجين ما زالوا معتصمين في الميدان الذي غلفه الضباب في الصباح الباكر. وبدأوا بالفعل يهتفون "يسقط يسقط حسني مبارك". وبعد ستة أيام من الاضطرابات قتل أكثر من مئة شخص لكن الجانبين وصلا الى حالة من الجمود. اذ يرفض المحتجون الرحيل بينما لا يتحرك الجيش لإجلائهم. وكلما بقي المحتجون فترة أطول بدا مبارك في وضع أكثر صعوبة. ورفض المحتجون في ميدان التحرير -مركز الزلزال الذي هز الشرق الاوسط وأثار قلق المستثمرين العالميين- تعيين مبارك لرجلين عسكريين في منصبي نائب الرئيس ورئيس الحكومة. وأخفقت وعوده باصلاح اقتصادي لتهدئة الغضب الشعبي من ارتفاع الأسعار والبطالة والفجوة الهائلة بين الاغنياء والفقراء في وقف مطالباتهم بحملة تطهير سياسي تشمل مبارك ورجاله. ودعا المحتجون لاضراب عام يوم الاثنين وتنظيم مسيرة أطلقوا عليها "المسيرة المليونية" يوم الثلاثاء لفرض مطالبهم بالديمقراطية التي يمكن أن تؤذن بنهاية حكم المؤسسة العسكرية التي حكمت مصر منذ الاستقلال في الخمسينات. ولم تصل الولاياتالمتحدة الحليف الذي قدم مساعدات بمليارات الدولارات لمصر منذ وصول مبارك الى السلطة الى حد القول انها تريد تنحيه عندما تحدث الرئيس باراك أوباما يوم الاحد الى عدد من قادة العالم بشأن "تحول منظم" للديمقراطية. وقال مسؤول رفيع بالادارة الامريكية ان الشعور السائد بين مساعدي أوباما للامن القومي هو ان عهد مبارك قد انتهى لكن الامر بيد الشعب المصري ليقرر مصيره. ولجأ مبارك وهو قائد سابق لسلاح الجو الى قادة الجيش واجتمع بهم يوم الاحد. وتحدث وزير الدفاع المصري هاتفيا الى نظيره الامريكي روبرت جيتس يوم الاحد. وأشاد الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية بتعامل الجيش المصري مع الموقف "باحتراف" وعدم إقدام قواته على قمع المحتجين. وتتلقى مصر من الولاياتالمتحدة مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا. وجاءت الأزمة في مصر عقب انتفاضة أطاحت بالرئيس التونسي قبل أسبوعين وموجة من الغضب تجتاح دولا أخرى في شمال افريقيا والشرق الاوسط. وفتحت الأسواق العالمية حول العالم يوم الاثنين متأثرة بتبعات أحداث نهاية الأسبوع في مصر. وسجل مزيج برنت الخام أعلى مستوى في 28 شهرا ويقل قليلا عن مئة دولار للبرميل. ونزلت أسعار الأسهم في آسيا وانخفض مؤشر نيكي 1.2 في المئة عقب اغلاق وول ستريت على انخفاض 1.8 في المئة يوم الجمعة. وقال محمد العريان من شركة بيمكو للاستثمار في السندات "مع استمرار حالة عدم الاستقرار فمن المرجح أن يدفع رد فعل المستثمرين أسعار النفط والسندات الى الصعود وأسعار الأسهم العالمية الى الانخفاض." وقال شارون زولنر من بنك (ايه ان زد) في مذكرة للعملاء "الخوف الاكبر أن تمتد الاضطرابات لدول أخرى في الشرق الاوسط بما في ذلك السعودية. اذا حدث ذلك فان جميع الاحتمالات بشان سعر النفط قائمة." وتغلق الاسواق المالية في مصر لثاني يوم عمل على التوالي يوم الاثنين ويمكن للاضطرابات اذا استمرت أن تضعف احتياطياتها الاساسية. ولجأ ائتلاف لقوى مصرية معارضة يضم جماعة الاخوان المسلمين الى الدبلوماسي المتقاعد محمد البرادعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية والاتصال بالجيش. وقال البرادعي لقناة سي.ان.ان التلفزيونية "من الأفضل للرئيس أوباما ألا يبدو آخر شخص يقول للرئيس مبارك حان الوقت كي ترحل." وخيب البرادعي امال المعارضة لقضائه وقتا طويلا أكثر من اللازم في الخارج منذ أن أطلق العام الماضي حملة تدعو للاصلاح السياسي في مصر. لكنه يمنح ثقل سمعته الدولية لحركة تفتقر الى زعيم. وقال رامي نبيل (39 عاما) وهو رجل أعمال يخيم في التحرير "أعتقد انه رجل طيب. لم يكن مستعدا لما حدث. كل ما يهمنا هو ألا يأتي لنا فرعون آخر ... نريد نظاما طويل المدى لحكومة تكون ديمقراطية وليس مزيدا من الفراعنة." وفي منطقة ليست بعيدة عن مكان الاحتجاجات يتردد دوي اطلاق النار في القاهرة. وأقامت اللجان الشعبية التي شكلها الاهالي في كل مكان نقاط تفتيش بشكل مرتجل في أنحاء المدينة وراحوا يفتشون المارة. وقال بعض هؤلاء الحراس المتطوعين ان دوي الرصاص في المنطقة قرب دار القضاء العالي بالقاهرة هو بسبب لصوص في مبنى شركة للمواد الكيماوية. لكن الأمن الذي انهار بعد انسحاب الشرطة من الشوارع يعود ببطء. وأرسل الجيش قوات إضافية الى المدن للمساعدة في تهدئة روع السكان وقالت وكالة الانباء الرسمية ان دوريات الشرطة استؤنفت. وبينما يسعى الجيش لإنهاء حالة انعدام القانون لا توجد إشارة على انه يرغب في إجلاء المحتجين عن ميدان التحرير. وقال العميد عاطف سيد في السويس شرقي القاهرة والتي شهدت بعضا من أسوأ أعمال العنف بين الشرطة والمحتجين ان الأمن والاستقرار سيعودان في الايام القليلة القادمة. وأضاف ان الجيش سيسمح بالاحتجاجات في الايام القادمة لان الجميع لهم الحق في التعبير عن آرائهم. وتابع ان الجيش ينصت ويحاول المساعدة في إرضاء كل الأطراف. ومضى يقول ان قوات الجيش ليست موجودة في هذا المكان لمنع أحد لان كل الموجودين مصريون.