- عناوين ثقافية/ عبد الناصر مجلي - "الى الذين يشدون عضدي بخياناتهم الخائفة" أمي .. يبدو الأمر مضحكاً قليلاً فلقد ذهبوا جميعاً إلى مهرجان المدينة البحر وبقيت لوحدي بغرفة رخيصة في فندق شعبي بأطراف مدينة لم تعد تعرفني لم يذكرني أحد عشية العيد .. الذي لي ألف ألف ألف سهم فيه مجرد شخص منسي ورخيص - طبعاً لكِ ان تحتجي على كلمتي الأخيرة- ذهبوا هبوطاً لا يلوون على ظلي مسفوحاً على طرقات غيرت أسماءها أكاد اسمع اصواتهم صادقة كما يظنون وهم يغنون بإسم البلاد التي لم ترهم ....!! وينضحون عرقاً معطراً لزوم المناسبة إذاً مالفرق بين هنا وهناك .. إذا كان النسيان واحد إنني منسيٌ بشكل كاف يدعو إلى الضحك ذلك الضحك الذي يخرج متماوجاً كأنين طويل عشية العيد وصبحية العرض لم يكن يهمني سوى سماع صوتك وأنت تسألينني" ألا زلت وحيداً ياحبيبي" ؟! كلا .. لأنني صرت مزحوماً بنسيان لا يهزم هكذا كنت سأجيبكِ منذ ان تركتني أول مرة لمخاوف صُنعت خصيصاً لمواجهتي على بعد ايام انتظرتني بقصد لئيم لو لم يهبطوا بإتجاه مدينة الكرنفال الكبير.. وقد هبطوا وهم لا يلوون اعناقهم بإتجاهي .. وقد فعلوا ليحتفلوا بوطن خصني وحدي بضعف حاد في ذاكرته لا أدري لماذا وهذا ما يثير الضحك حقاً . أمي .. ثمة خوف صغير ينبت في روحي مثل فطر سام له أظافر من صدء مفتت على الرغم من حفلة المطر خارج النافذة يتمدد داخلي كنار لها اسنان منخورة ولا يحس بها احد سواي انا وحدي الان اخر المدينة المعلولة القلب لزحمة مبرمجة من زعيق أغراب مدوي في شرايين دواخلها الفسيحة آخر الغرفة المزحومة بخوفي وبوحشة لا تطاق لها اذان الديناصور وقرون الشيطان آخر فندق يرتاده اُناس لهم هيئة الكلاشينكوف وطعم قات احرقته مبيدات هواجس مستوردة من عوالم ساعات توقفت عن العمل آخر الأرض التي لا متكئ لمخاوفي عليها آخر مايو استرجع حكاية فارس منسي هب ذات حرب لإشعال ذبالة الصبح من دمه المهدور فحلت عليه لعنات نسيان لم يقصدها على الإطلاق آخر اغنية ممدودة ما بين ديترويت و أرتل لا تسمعها سوى "هناء" بإنتظارها المشوش منتصف"هالي" البعيد آخر ........!!!! المطر توقف عن مهمته الموسمية والمذيع في نشرته التي لا تنتهي يعدد بطولات الذين لم يكونوا هناك والمطربة تغمز بعينها لمصور مجهول بشبق متفق عليه والغبار يعود للتسكع في عيون انمحت اسماءها من سجل البلاد بعد عودة المطر الى اعاليه الموحشة وانا وحدي في نفس الغرفة المزحومة بأشياء عصية على الفهم نفس الفندق الذي يرتاده اناس اتوا من حروب منسية لاتزال تعوي في مدارات لاتُمحى لهم قامات مصفحة كأعناق مخاوف لم تسجل في كتب قيد الطبع لا يسأل عني مايو ولا تتذكرني مدينة كانت تسكنني كونها اجرت عملية في صمامات قلبها فهل الومها .. أم ألوم مايو على تنكره لي؟ أمي لقد رأيتهم في كامل عطرهم ومنتصف الوان زينة في حضورها الأبكم لقلة الخبرة في لمعان الأحذية وفصاحة المديح يذرعون شوارع المدينة البحر بإبتسامات تدربوا على إتقانها أماس طويلة دون شهود رأيتهم جميعاً يضجون بفرح لم يكن لهم إلا قليل منهم يتذكر مايو ياقاتهم يوم الكَرْ الكبير مايو الذي يعرفني ولا يعرفهم والذي لخطأ في الصياغة منحهم زرقة بحر مجاور وأكاليل جبال مخضرة التفاصيل بينما الجأني إلى روايه الملح وأنشوطة الجمر هل كان خطاً في الديباجة لا اكثر... ؟ بينما هم لا يزالون يتحمصون تحت شمس مدينة أغاروا عليها من كل الجهات فلاذت بمايوالساطع بنسيانه لي لخلل ربما في ساعة التحميص أنكرني حجاب مايو على الأشهاد فلم اغضب لا تسأليني عن السبب فهو وانا ندرك ذلك وهذا يكفي للتصريح بأنني رغم ذلك لم أزل وحيداً في تلك الغرفة المزحومة بروائح اقوام بائدة مرت بها حظوظ مجهولة"الدي إن أيه" ذات يوم لم تشرق فيه شمس مايو اقوام تركوا ضحكاتهم المطاطية مبللة على المشاجب غالية الألوان وتوغلو هبوطا بإتجاه المدينة البحر بعد أن حملوا حقائبهم بطيوب ناعم القسمات ورباطات اعناق باهضة يُشنق بها الأخرون وحبوب المضاد الحيوي خشية إسهال لايعرفوه وهم يحتفلون بيوم ارغم على تذكرهم لبراعة في كي بجامات النوم وسراويلهم الداخلية المبللة بأفكار حامضة لا يدري بها أحد . امي لازلت في الغرفة الملعونة بنسيان ساكنها بينما يواصل الذاهبون ايابهم القنوع بعد ان تركو ضحكاتهم العالية في ميدان العرض سكينة حادة الشفرات تكمم تضاريس المدينة من كل الجهات وشوارع مغطاة بما تسير مما ألقت به السحابة والكلاب تهز أذيالها أمام صناديق قمامة فارغة إلا من بحيرات طينية صغيرة تعج بوحوش القرش العمياء العشيقات الطيبات المواعيد عدن خلسة الى الحجرات ومايو يلملم أغراضه استعداداً لعرض قادم وكأنه لايراني الفندق لا يزال صامداً في عنوانه المديد القارات اطفال العرض ناموا بلا عشاء فرحين ببذلاتهم المجانية التي لم تمنح لهم من قبل اسأل مايو مصراً على طرح سوالي .. "هل انت فعلاً لا تعرفني ؟!!" تمر المكائد المكتوبة بحرفة عالية على مكاتب سرية متمتمة بإسمي شخص ما يقرأ تقريراً يتحدث عني بشغف اسود كبير ويقسم ضرورة المناسبة بأنه لن يغفر لي لايدري بالضبط لماذا وحده مايو يستطيع اطفاء غضبه الوطني المتقن الاوسمة الزائد عن الحاجة.. لكنه لا يفعل يعود ملك المحيطات مجبولاً بتنكر مايو لقامته الى بيته المجهول في اعماق البحر المجاور للمدينة السفلية باتجاه الغرب فرحاً بأوسمة ونياشين مغصوبة غُلت إلى عنقه ينام رواة المناسبة الآليون بعد ان جفت محابرهم وادركت اصابعهم حمى الروماتيزم الخائنة العض كعادتها تطفئ الأنوار وتخلو الميادين من صفير المغازلة العالي الرنات وانا وحدي في الغرفة.. التي سكنها قراصنة منسيون بطيبة ساذجة انكرتهم مواويل سُرقت ذات بحر بعيد . امي.. لست ناقماً على مايو لنسيانهه اياي ربما لحساسية في انفه جراء تطاير خليط روائح اناس هبطوا اليه مرتدين ثياب بطولات فارغة في المدينة البحر التي لاتعرفني لقصور في ذاكرة بعثرتها ضحكات فحلة الكذب فرحين ببهجة يوم لا يعرفهم بالقسطاس المبين أو غيره بينما بين سطور سيرة الفارس الذي كنته وكائنه وليس سواي تتساءل جبال بنسلفايا" أتذكرني؟" .. فأقول لي أغنية صغيرة من روحي تركتها معلقة مابين سكينة"هالي" وإنشطارات كل الطرق المؤدية إلى كليفلاند بإتجاه إنديانا الهاربة من كل تواريخ حسابات خاطئة الترقيم ومضاعفات نتائج عميت مقاصدها غير أني خائف في خوفي ومن نفسي علي معلق على هدب مدينة أدخلها بخليط مرارات يانعة تصرخ في تلافيف ذاكرتي المتخمة بالمسامير وقاطع الشوك في نيويورك أقمت لصورة صوتك الاخضر مساحات من قلبي ورفعت على الأشهاد لون ضفائرك السمراء ولم أغضب مابين ديترويت وواشنطن العالية خضت غمار شماتات عُميٌ بقامتك التي تشبهك ومسك أطرافك المورقة الهيل والزعفران غيرأني ما بين المدينتين البحر والبحر لم أ ذكر معلق على شماعة مدن الجبال العالية فائض عن الحاجة وماُ كنت. لست ناقما وطعنة التناسي مزهرة بين حبك في حلمي وبساتين هواك غير أني منسي ومغتاب وكامل ريبة وملح نسيان . أمي .. كانت لاتزال نائمة أنثى بحر العرب الخضراء عندما اتجهت جنوباً بإتجاه خيبات جديدة أقصى الشمال قبلت عينيها وأشرعت نفسي للخوض في لجة مفازة قريبة بمحالها المتشعب الغصات بينما أحس بنظراتها في قلبي فزاد ضياعي واقلعت في مشوش عيوني كائنات الدمع كذبت على البحر زاعماً بمكوث طويل لكنني حزمت حقيبتي المليئة بهزائم مخفية وبعناد إبن كلب وانسللت في رحم تيه يترصدني وها أنا في قلب صحراء شبوة افتش عن قافلة محملة باللبان والعاج خرجت باتجاه المكلا قبل خمسة الف سنة ولم تصل بعد يضج البحر في صدري فتخرج الاسماك وقبائل الماء من كلامي اضرب الرمل بانهار شجن يسكنني منذ ما قبل استيقاظ ذو يزن من غفوته المستريبة مواصلاً صعودي المكسور لا ألوي إلى محاق أصم الرؤيا انا نبي مسرات كافرة ورسول عثرات لا تتوقف. ولي أتباع غرل كادتهم صبوات نافرة رائحتها لا تزال في انفي عندما في صبح رطب القوارب غادرتها مكرها لا أدري الى أين عبر خمط ودوم ورمل مهزوم الحضرمية اسمها وانا قوس مكربي لم يطلق سهامه الموجعة بعد بينما مايو كان قد غادر قبل خروجي متخفياً بسماحة ودٍ منحته إياه صوب مظاعن لا أتمناها وهو قادمات دون كلمة وداع واحدة. امي.. من هنا مروا ممتلئين بعجب وثني تلمع بصمات اصابعهم في صخر حيود معشوشبة بسواد صواني ممغنط لهم صراخ متكلس الأصداء يتبعهم قصاص جنان ملعونة لكبرفائض عن الحاجة وصناديق خشبية عُبئت ببأس مهدود له رائحة هزائم مخفية التصاوير مخضبة بقرون دواب جبلية وبعر ملكي وغابات رمد وثخين حديد وكنت لم اغادر فندقي المنسي اسفل مدينة بصقت في وجهي بنسيان مغشوش وهم يتوسلون فحولة إلاه حيواني كاذب البركات والحضور في مرورهم المنسوخ غلابا بصولة سيل كسول أججته أوامر تعرف لحم مقاصدها في قرقعة حديد الماء المفاجأة الهد والصعق والنثر والاذرار فازهرت عيون نسائهم بمشاقر الجمر الريان الإهلاك و ومادت بهم ظنون نذر قدت من رقبة عطش مفزوع وفازع لم تكن"طرفة" قد ضربته بمعقود رمل الغيب وكهانة المفلوت من عقاله بعد جنتين وفائض أنهار أو أدركت سر مولد مايو بعد وكنت قد أدركته لو لا أنني بمكائد النكرات مرصود ومحذوف أقبلوا وأدبروا ملغومين بإنفلاش بحر جمعوه لمقتلهم وتنادوا أن دو نكموا بياض قامته.. فأنتفضوا خرجت من غرفتي التي تشبهنني زوايا تعجبها أدنى المدينة المتبرجة بانكاري متبوعاً ومسبوقاً بدود التسفيه والإهمال ولم أُعجب فصعد الاجداد من غياهب الأجداث شاهرين فاقة تشظيهم الميمون في الامصار وطاحوا بأصنام تبركهم فؤوساً ومسبوغ رماح ودخل رماح وذحل مقت تتوالى المسميات في مدى ناظري الأعشى التعجب وذئب الصمت ينهش طيور افكاري المصعوقة جراء زيارات خاطفة لحية الخوف إلى أعشاشها في وديان ذاكرة مسفوعة بالنسيان ميتشجن، صنعاء،الضالع ،عدن، العلم ، شقره، البحر ، البحر، البحر ، البحر أبين، لودر ، لماطر، شبوه،بئرعلي ،المكلأ ،بحر العرب الأنثى التي انتظرتها في كل المدن، البحر في الاتجاه المعاكس .. ومايو يضحك مني والاجداد في صخبهم العظيم شاهرين تعاويذ بائرة في إتجاههم إلى حروب خاسرة بالجملة أسأل راعيات منسيات منذ عاد في شعاب حارقة الحروف رفعت عناوينها واسماءها من سجل الصيف ورقصة المطر. لمن كل كثبان السغب هذه وبازلت السموم المرجوم بنأي كظيم وإلى أي إتجاه تسافر قوافل اللخم المتحجرة الملح ؟ أسأل والأجداد ملزوزين إلى براكين وثنيتهم الخامدة.. لو أنك يشرق وجهك في هذه المجاهل الخائفة مثلي في نفسها لأتخذ الأجداد طريقهم إلى سورة الماء العصية التفسير وفكوا أرصدتها ومُغلق العطش رصداً رصداً ولأنطلقت حمامة الضحك من ثغر "هناء" في محبسها العالي ما بين إنديانا المسعورة الثلج وتردد" هالي" الأبكم لو...!!! فطمس الرواة الآليون مداد شروح تواريخ مسومة الإفصاح خضعت لتصاريف حسابات مطعونة في فُسحة الإعراب مقاصدها لو..!!! لما أطلق "قدار"رمحه المجذوم في كبد الناقة البحر في فجرمايو الرابع من الغدر ولما أنكرتني عرصات المدن التي حملت في عيون الروح بشائرها أوتداولتني نساء المنافي بأفخاذ مقاتلها وشهيق ندامات مسفوحة المعنى على صدري المكظوم إذا فهذا هو جزاؤنا جميعاً كوني لم ارك .. ان يظل الاجداد في تيه خمطهم المسعور تذكره وأن يغالي مايو في صدي لا يلوي أو يقرأسطور حكايتي المُثلى.. ولا يدري. وأن أظل شاخص البصربلا ذنب مكتوم الصوت والسيرة ما بين مفازات البغي والنعرات لا أُذكر ولا أُنسى وأن يظل رجال الكلا شينكوف يذرعون ممرات فندقي الملقي أدنى المدينة التي تتباهى بنكراني بإنتظار مُحتضر نعرات وأن وأن.. وأن...!!! نعم مروا وما برحوا أماكنهم تصليهم تواقيت إنكار وخالص تشهير وأنا متبوع ولم أرجف على مشارف عدن كأي نكرة وما كنت ولم أُدعى إلى...أو أُسال اقرع ابواباً موصدة في وجهي وليس سواي .. أو غيري مثبة أسمائي على بوابة الخسران بينما في محابسها هناْ تناديني"آي مس يو...!!!" فأرد من كرب أهدتني ضباع التجنب إياه((مي تو...!!!)) لكن مايو لايأبه لكل ذلك النسيان المُعلن في وجهي يحاصرني زيف إدعاء كالني به أتباعه المزيفون لولا أن لهم رائحة عطور فاخرة وربطات اعناق خاطها أباطرة ملغيون!!! صنعاء - عدن – المكلا -والعودة ابريل – مايو 2006 - صنعاء إشارات: * طرفة: كاهنة يُقال أنها كانت أول من حذر من كارثة إنهيار سد مأرب . * قدّار: الرجل الذي قتل ناقة النبي صالح عليه السلام. - عبد الناصر مجلي : شاعر وروائي يمني مقيم في أمريكا .