- بقلم : لؤي يحيى عبد الرحمن الارياني - قالوا: "إذا كان المتكلم مجنونا فالمستمع عاقل".. إنها بالفعل حكمة نتمنى من كل قلوبنا أن يفهمها من يعتقدون أن المتكلم شديد الذكاء والدهاء والمستمع أهبل! فعلى المستوى الإعلامي تصر المنابر الإعلامية " العربية الصهيونية" على أن المستمع أهبل وسيتناول السم المدسوس في العسل بل قد يصل به الهبل أن يستخلص السم من العسل ويتجرعه في إخلاص شديد .. فنجدهم يضعون الأخبار والمقالات التي كل همها أن تقول لنا أن حزب الله مخطئ وان السلام أصلا ليس خيارا لأننا لا نملك أساسا اختيارات أخرى كي يكون السلام هو المختار من بينها.. السلام والاستسلام قدر. فنقرأ في إحدى الصحف المصرية دراسة تقول أن المحللين السياسيين يؤكدون أن إيران ستقوم بتحالف مع أمريكا ضد العرب لتبسط سيطرتها على المنطقة!! لا اعرف من أي مختبر بالضبط جاء هؤلاء المحللين، ولكني أؤكد أن عملية "التجنان "هذه من ناحية المتكلم لن تجد إلا مستمع عاقل يستسخف ما يقال. ونجد خبرا في موقع العربية ( بجانب مئات المقالات التي ترفض بشدة فرضية أن العربي لا يزال يملك شرفا وكرامة و لا يزال قادر على المقاومة مثل أي شعب محترم يتعرض للاحتلال) عن طبيب السادات الخاص يكشف سرا كبيرا وهو أن النظام السوري باع الجولان "لإسرائيل" واستلم الثمن، وان السادات هو من قال له هذا السر، بجانب انه أسر إليه انه يشك بخيانة النظام في سوريا وتعامله مع "إسرائيل".. وبغض النظر عن التوقيت لنشر هذا الخبر .. فقد أفشى السادات بهذه الأسرار الخطيرة للطبيب و ذهب بعدها إلى "إسرائيل" ليعقد صلحا منفردا و تبرع بمنح "الإسرائيليين" هدية قيمة وهي جعل سيناء بأكملها منطقة منزوعة السلاح مما أثار ذهول "هنري كيسنجر" الذي أكد في كتابه أن غاية طلب "إسرائيل" كانت خمسين كيلومتر فقط منزوعة السلاح !! إلا أن الطبيب وجد الجرأة كي يتقول بهذا الكلام في محاولة أيضا لإيجاد مستمع لديه الاستعداد أن يكون مثل المتكلم .. مجنون. الكثير والكثير مما فعلا يعد استهبالا كبيرا للمواطن العربي من أخبار ومقالات وتقارير إعلامية هي بالفعل تثير الاشمئزاز والاستفزاز، وهي بالفعل تعبر عن انفصال صناعها عن الواقع العربي ونظرتهم الفوقية لشعوبنا التي مهما كانت (غلبانة) إلا أنها ليست غبية .. هي تنظر إلى كل ذلك وتبتسم في سخرية واستحقا ر. وعلى المستوى السياسي نجد أن المتكلم في منطقتنا العربية أصلا مستمع لمتكلم اكبر وأكثر جنونا .. وان الكلام في المنطقة قد اخذ أشكالا شديدة الجنون وغريبة على المنطقة؛ فبعد انقسامنا على المستوى القومي أصبح المشروع الآن أن نقسم على المستوى الديني، وقد نصل في مرحلة ما إلى أن نقسم على مستوى الأسماء فتتكون دولا لمن تبدأ أسمائهم بحرف الشين - مثلا- وإمارات لمن تبدأ أسمائهم بحرف السين! وفي خضم اللطمات المتتالية نجد أطروحات سياسية من نوعية مبادرة إحياء السلام .. وكأن المشكلة كانت في المبادرة وليست في السلام في حد ذاته وهل هو حل مقبول أساسا لجميع الأطراف، وهل يؤدي السلام إلى السلام فعلا؟!.. هل يعقل أنهم لم يفهموا أن الصهاينة لا يريدون السلام.. هل يعقل أنهم لم يلحظوا انه حل غير مقبول من جهة الصهاينة؟! هل يعقل أنهم لم يشاهدوا أن أطروحات السلام لم تؤد إلا إلى استمرار نحرنا ؟! الم يقتنعوا بعد أن العالم لا يمكن أن يتعاطف يوما مع النعجة وانه يحترم دائما الذئب ويجامله؟! أصبح الموضوع فعلا محرجا لنا وللصهاينة.. فمن المحرج لنا أن يصر المتحدثون باسم الشعوب العربية على أننا أغبياء، ومحرج للصهاينة لأنه إصرار على أنهم أناس متحضرون طيبون ولكنهم لم يجدوا "مبادرة السلام" التي تفهمهم وتبين معدنهم الطيب! هل بالفعل يحتاج الصراع العربي الصهيوني في هذه الفترة إلى مبادرة سلام جديدة؟!.. ومن ماذا كانت تشكوا المبادرة الأولى؟! وهل فعلا ستوقف انهار دمائنا التي تسيل منذ ما يزيد عن نصف قرن؟! وهل ستكون مبادرة سلام جديدة أم مبايعة؟! لقد كانت المبادرة الأولى تريد أن تصل إلى تطبيع كامل وقبول بوجود إسرائيل، فما الذي ستعرضه المبادرة الجديدة للسلام أكثر من ذلك سوى أن تحشر الشعوب العربية كلها كي تعيش في المناطق التي أعطتها الأممالمتحدة لليهود بحسب قرار التقسيم ويعيش اليهود في بقية المنطقة العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر. إن ما يثير الحزن فعلا هم المتكلمون في لبنان, بعض اللبنانيون وما يقولوه وما يريدون أن يفعلوه .. فللأسف تكلموا سريعا جدا وقبل حتى أن يختفي صدى صوت المدافع سمعنا أصواتهم في محاولة لاستثمار سريع لما حدث، وكيف لا وهم ينظرون للموضوع من أوله لأخره على انه استثمار. فهم لا يرون أعداء سوى حزب الله وسوريا.. ولا يرون خطرا على لبنان سوى حزب الله وسوريا .. وهم على استعداد لحمل السلاح والقتال ضد حزب الله وسوريا.. ولكن حمل السلاح ضد الصهاينة هو آخر ما يفكرون به. ما أن ثبت فشل الصهاينة في تحطيم سلاح حزب الله حتى انطلق هؤلاء لمحاولة تحقيق ما فشل به الصهاينة مطالبين بإلحاح شديد يفوق رغبة الصهاينة أنفسهم بنزع سلاح حزب الله، فوليد جنبلاط مثلا احد الذين يهزون أكتافهم ويغمضون أعينهم عندما يتكلمون مع ابتسامة ساخرة في محاولة لادعاء الحكمة وبعد النظر والعقل، ولكن كلامه يحتاج إلى مترجم لتفهمه الشعوب العربية حيث أننا شعوب لا تفهم العبرية!! وربما نستطيع أن نفهم كيف يفكر هؤلاء عندما نقرأ تصريح جاد شويري - مخرج كليبات لبناني شهير- يقول: أن مشاهد العري والقبلات في كليباته أفضل بكثير من المشاهد في الجنوب اللبناني!! وهو تصريح يعبر عن طريقة تفكيرهم وما يريدون قوله، وهو وصف معبر لعقلية هؤلاء النفر خصوصا عندما يضيف أن تربيته و"سيكولوجيته" تحثه على ذلك كونه درس في مدارس فرنسية وأكمل تعليمه في باريس.. هذا التصريح للمخرج والذي يعبر عن رؤية "فرنسيي السيكولوجية" نشر في صفحة موقع العربية على شبكة الانترنت لأهميته الشديدة. يقول لنا المتكلمون أن لا سبيل لنا على إسرائيل.. وأنهم شعب الله المختار.. وبأن المتكلم عاقل والمستمع إرهابي.. وبأننا أغبياء وغوغاء.. ولكن ذلك اليوم سيأتي قريبا- يوم يتكلم المستمع ويخرس المجنون، ويقتل الغادر، ويفهم الغبي .. ويغادر. [email protected]