آلام المعدة عند الأطفال شائعة ومتعددة الأسباب، ومنها التهابات البنكرياس، وإن كانت نادرةً إلا أنها على درجة عالية من الخطورة ويكون تشخيصها صعبا ايضا في بعض الأحيان، فهل من إرشادات طبية تساعد على تحديد التشخيص والعلاج؟ توضح ل«الشرق الأوسط» الدكتورة أنعام ربوعي استشارية ورئيسة قسم جراحة الأطفال بمستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة، أن من أهم الدلائل والأعراض التي تبدو على الطفل في هذه الحالة «ألم بالبطن» ثابت بمنطقة ما قبل الصرة أو بأحد الأرباع العليا للبطن حيث لا يستطيع الطفل تحديد مكان الألم جيداً، وقد يكون الألم متنقلاً، وقد يسوء بتناول الطعام، وتخف حدته برفع الركبتين إلى الصدر. ويُلاحظ «تيبس بالبطن» في المنطقة المتوسطة من فوق المعدة، مُصاحباً بتحسن وارتداد، مع سماع صوت بالأمعاء لنشاط أو كسل حركتها. كما يلاحظ «تقيؤ» يُثار بالأكل والشرب ولا يخفف من الألم، مع «ارتفاع» درجة الحرارة. وقد يظهر «نزيف معدي علوي» ويُعتقد بأنه بسبب الضغط وربما يكون مصدره المعدة أو الإثنى عشر أو بسبب انفجار قرحة بمنتصف رأس البنكرياس. * أسباب الالتهاب * وتضيف د. أنعام ربوعي أن التهاب البنكرياس له أسباب عديدة، منها: * أمراض الجهاز الصفراوي، الناتجة عن انسداد البنية العامة للقناة الصفراوية أو وجود أكياس بها أو عيب خلقي لدخولها في الإثنى عشر، أو لتضيق جيني في حلمة فيتر الصفراوية Ampula of Vater. * الالتهاب الصفراوي مثل: التهاب الكبد الوبائي، فيروس كوكساكي بي 5 coxsackie B5، الغدة النكافية الفيروسي mumps، إنفلوانزا ب Influenza B. * أحد الأمراض المزمنة: كأسيدات الكيتون ketoacidosis في داء السكري، قرحة الأثنى عشر المتفجرة، فرط بروتينية الدم hyperproteinemia، نشاط في الغدة الجاردرقية، تكيسات تليفية وراثية، إصابات متعفنة، داء بورفيريا الحادporphyria، داء كواشيوركور kwashiorkor، لدغات العقارب، الإصابات الذاتية من دون سبب. * إصابات البطن. * بعض الأدوية مثل: ثايازايدس thiazides، استيرويد steroids، تتراساكلين tetracycline، فيروسيمايد furosemide، أورجانوفاسفيت organophsphates. * أسباب متعلقة بالتغذية كنقص التغذية، الرضاعة السريعة، الشراهة في الطعام بصورة مرضية. * تحاليل طبية * وتجرى التحاليل الطبية لوضع التقرير المخبري والشعاعي الذي يحدد: ارتفاع معدل الصفراء لوجود حصى في القناة الصفراوية، أو ورم برأس البنكرياس. ارتفاع سكر الدم بسبب داء السكري الذي قد يكون مرتبطاً بالبنكرياس أو لا يكون كذلك. نقص الكالسيوم. ارتفاع إنزيم الأميليز لعدة ساعات من بداية الأعراض، ويرتفع عادةً خلال 24 ساعة من الإصابة ثم يعود إلى المعدل الطبيعي خلال 48 72 ساعة، ويعاد فحصه يومياً للمتابعة. فإذا بقي الأميليز مرتفعاً لأكثر من أسبوعين، فهناك احتمال وجود أكياس سوائل كاذبة. أما إذا عاد للمعدل الطبيعي فيدل على التهاب بنكرياسي نزيفي حاد. ارتفاع معدل إنزيم الدهون، تبعاً لمعدلات إنزيم الأميليز. تغيرات بصور الأشعة: ربما تسجل الأشعة وجود انسكاب مائي بالغشاء الرئوي «يكون عادة بالجانب اليسار» ، تجمع سوائل بالبطن، تقطعاً ممتداً بالأمعاء الدقيقة بالقرب من البنكرياس الملتهب و/ أو «الحلقة الحافظة» ، انتفاخاً غازياً منعزلاً بمنطقة القولون الصاعد أو انحناء بمقلة الكبد «تظهر في صورة مقطع للقولون» ، توغلات أو عضواً منتفخاً «تظهر في صورة مقطع للبنكرياس» . * العلاج * توصف العلاجات وفق الحالات وذلك من اجل: تهدئة الألم: بإعطاء دواء ميبيريداين Meperidine كل ثلاث ساعات، وقد يضاف إليه بروميثازاين promethazine gjr,dm مفعوله. التقليل من إفرازات البنكرياس الخارجية: بصوم المريض، وإعطائه سوائل عن طريق الوريد لأكثر من خمسة أيام تغذية غير معوية، وتثبيت أنبوب المعدة الأنفي. وعند البدء بالسوائل عن طريق الفم، يجب أن تحتوي على الكربوهيدرات بمفردها في البداية لأنها تعد أقل استجابةً للبنكرياس. ويتم البدء بالطعام عندما يختفي تيبس المعدة ويعود الأميليز طبيعياً. علاج السكتة وعلاجات اعتلال الأملاح الكهربائية: حيث ان نسبة الوفيات قد ترتفع من 20% في حالات الالتهاب البنكرياسي الحاد إلى حوالي 80% مع الالتهاب البنكرياسي النزيفي، بالرغم من استخدام أدوية مضادات الكوليني، والمضادات الحيوية في علاج التهاب البنكرياس. * الالتهاب الوراثي * ويوجد نوع من الالتهابات هو التهاب البنكرياس الوراثي الذي تم اكتشافه في بداية الأمر من قبل كمفورت Comfort و ستينبيرج Steinberg في عام 1952. وهو وراثي ذاتي المنشأ، وغير واضح التأثير، ويوجد لدى قبائل عرقية متنوعة. ويعد التهاب البنكرياس الوراثي ثاني أكثر المشاكل الوراثية المعروفة في البنكرياس، وثاني أكثر الأسباب لالتهابات البنكرياس المتكررة. واخيرا ننوه بان أسباب داء السكري المزمن، تعود الى عدم انتظام مستوى الأيض السكري نتيجة الإنتاج الضعيف لكلٍ من هرمون الأنسولين والغلوكوز الذي يمكن ملاحظته في مرحلة مبكرة من المرض. وبالتالي، فإن فحص قوة إنتاج الغلوكوز قد يكون غير طبيعي، ومع مرور الوقت قد يظهر داء السكري. إن داء السكري يظهر بصورة غير طبيعية في التهاب البنكرياس المائي حديث الظهور. كما أنه يأتي أيضاً في التهاب البنكرياس التكلسي بسبب استخدام الكحول. * أكياس السوائل الكاذبة هي مساحة مغطاة بالجروح في كلا نوعي الالتهاب البنكرياسي، الحاد والمزمن وتسمى «الأكياس المائية الكاذبة». وهي عبارة عن بنية تكيسية تقع في المعتاد في أصغر كيس متصل بقناة البنكرياس وتحتوي سائلاً عالي التركيز بإنزيمات البنكرياس. قد تظهر أكياس السوائل الكاذبة على نحو غائر وقد توجد بالأجزاء العلوية من المعدة. وربما تكون أكياس السوائل الكاذبة أكبر من لتر واحد من الكتلة، ويصدر عنها ألم وامتلاء محسوس بالمعدة. وعادة يتم التشخيص بواسطة الكشف بالموجات فوق الصوتية ultrasound والأشعة المقطعية CT، والتي تفيد في التمييز بين أكياس السوائل الكاذبة من التهابات النسيج الضام «وهي عبارة عن كتلة من غدة البنكرياس الملتهبة» تحتوي على مساحة مرقعة من الأنسجة الميتة. يُعد الالتهاب البكتيري للأنسجة الضعيفة التي تكون ضمن غدة البنكرياس والقريبة منه مشكلة مهددة للحياة. ربما تكون الخُراجات البنكرياسية شبيهة لتكيسات التهاب النسيج الضام، إلا أن المريض سيعاني من عوارض السمية ومرض الخمج الدموي بشكل أكبر. يمكن أن تسد أكياس السوائل الكاذبة القناة البنكرياسية. وقد يحدث انفجار للتكيسات داخل التجويف الصفاقي أو بالقرب من الأحشاء، يتبعه نزيف دموي أو حدوث التهاب صفائقي. بالرغم من أن أغلبيتها ستزول، إلا أنها تظل لأكثر من 6 أسابيع مما قد يستدعي تصريفها وهذا يتم تحت الموجات فوق الصوتية، أو تتبعها بالأشعة المقطعية، أو فتح البطن بعملية جراحية. ولا يعد استئصالها إجراء تكنيكيا بشكل عام، وتصريفها من الداخل هو علاج اختياري. * التهاب البنكرياس المزمن يتميز هذا الالتهاب بوجود تليفات غائرة بشدة بالبنكرياس نتيجة التعرض للإصابات المتكررة من الالتهابات المؤدية لموت النسيج الحي. تتشابه العديد من علوم مسببات الأمراض في تفسيرها لحدوث التهاب البنكرياس المزمن لتلك الأسباب المؤدية لحدوث الالتهاب البنكرياسي الحاد. ويوجد هناك عدد هائل من الحالات ذات أسباب ذاتية بكلا النوعين. إن أكثر الأحداث الطبية الحاصلة في التهاب البنكرياس المزمن، هي نفسها الأحداث المتكررة لالتهاب البنكرياس الحاد. تكون هذه الإصابات لالتهاب البنكرياس الحاد متداخلة على البنكرياس المتلف، مما يضعف بصورة خطيرة القدرة على مقاومة الالتهاب. وعند بعض المرضى لا يكون تفاقم الحالة دليلا طبياً. وقد لا يكون الألم موجوداً، ولكن بدون دليل واضح لوجود التهاب بالبنكرياس. في هذه الحالات يكون هناك تليف غائر بشكل خطير، ويصبح المرض دليلا ثابتاً وذلك عندما يتطور لدى المريض بتغوطات دهنية أو داء سكري. معظم الأطفال ممن يعانون من التهاب البنكرياس، يكون لديهم تداخلات أو ألم مزمن بالبطن. ومصدر الألم بالمعدة لا يكون مفهوماً تماماً. قد يكون الشعور بالألم في منطقة ما فوق معدية، أو الأرباع العليا، أو الظهر، أو ما قبل منطقة الصرة. وقد يظل الألم متفاوت الشدة لأكثر من عدة أسابيع. ش.أ