انهيار اسعار المواشي وتراجع في الشراء في اليمن عدا مأرب وحضرموت وصعدة وريف صنعاء    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    يأسر القلوب.. مشهد مهيب لحجاج بيت الله الحرام في جبل عرفة (فيديو)    سلطة تعز: طريق عصيفرة-الستين مفتوحة من جانبنا وندعو المليشيا لفتحها    دعوة خامنئي ل''حج البراءة".. قراءة في الدوافع والتوقيت والمآل    السعودية تستضيف ذوي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة اليمنية لأداء فريضة الحج    بينها نسخة من القرآن الكريم من عهد عثمان بن عفان كانت في صنعاء.. بيع آثار يمنية في الخارج    ياسين نعمان وحزبه ينظرون للجنوبيين ك "قطيع من الحمير للركوب"    خوفا من تكرار فشل غزة... الحرب على حزب الله.. لماذا على إسرائيل «التفكير مرتين»؟    السعر الجديد للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بعد الوديعة السعودية للبنك المركزي    اشتباكات مسلحة في شبوة وإصابة مواطنين    مأساة ''أم معتز'' في نقطة الحوبان بتعز    انقطاع الكهرباء عن مخيمات الحجاج اليمنيين في المشاعر المقدسة.. وشكوى عاجلة للديوان الملكي السعودي    مظاهر الكساد تهيمن على أسواق صنعاء    وضع كارثي مع حلول العيد    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    "تعز في عين العاصفة : تحذيرات من انهيار وسيطرة حوثية وسط الاسترخاء العيدي"    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    لماذا فك الحوثي الحصار عن تعز جزئيا؟!    الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن: أي عملية سلام يجب أن تستند على المرجعيات الثلاث    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفا و266 منذ 7 أكتوبر    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    محافظ تعز يؤكد على ضرورة فتح طرقات مستدامة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة    السفير السعودي يعلن تحويل الدفعة الثالثة من منحة المملكة لدعم البنك المركزي    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهاري يفتح ملفات السلطة والمعارضة والسياسة بلا خطوط حمراء
نشر في نبأ نيوز يوم 11 - 09 - 2006

في حوار قلماّ تناولت مثله الصحافة اليمنية، يجتاز فيه قيادي بارز في الحزب الحاكم كل ألوان تلميع المفردات والصور، وأتكيت اللغة السياسية التقليدية، والكثير من الخطوط الحمراء؛ تقف "نبأ نيوز" في محطة وعي جديدة مع الكاتب والشاعر والسياسي الأستاذ /عبد الحفيظ النهاري - نائب رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام بالمؤتمر الشعبي العام- لتعيد قراءة الأحداث والمواقف بفكر سياسي صافٍ ، وتأمل معرفي تحليلي لاتجاهات الحراك الوطني اليمني.
ففي حوارنا مع الأستاذ النهاري كانت حقيقتنا الوحيدة التي نجترها هي الوطن، وكيف نقرأ همومه بغير نظارات ملونه بأنا الخطاب الحزبي، والحسابات المحدودة التي لا يجرؤ كثير من السياسيين على تجاوز آفاقها.. إلاّ أننا هنا – نقف مع الوطن، ونفتح ملفاته المختلفة بكل حرية وصراحة وجرأة لأن هناك من يهمه ألاّ يكون المشهد السياسي زائفاً، أو مغيباً للبعد الثالث من كل قضية.. وهذا هو ما يمكن أن يجده القاريء في الحوار التالي:
§ من الملاحظ أنك قطعت إجازتك الدراسية في الجامعة التونسية لنيل درجة الماجستير لكي تتابع عن كثب وتواكب حدث الانتخابات الرئاسية، دعنا نبدأ الحديث من موضوع رسالة الماجستير الذي تشتغل عليه، لتعطينا فكرة عن ذلك ؟
o بداية أشكر لموقع "نبأ نيوز" هذه الاستضافة الكريمة وفي هذه المناسبة الهامة . بالنسبة إلى الرسالة فمجالها هو الاتصال السياسي ,وموضوعها هو:
"الصحافة السياسية الإلكترونية في اليمن والفضاء العمومي" ، وهي مقاربة نظرية وتطبيقية تعنى بظاهرة الصحافة الإلكترونية في اليمن وعلاقتها بإثراء المجال العام "الفضاء العمومي" أي مجال الديمقراطية والحريات السياسية والصحفية وحرية التعبير والمشاركة الشعبية في القرار العام ، وإسهام هذه الظاهرة العصرية الجديدة في إثراء مناخ الحوار والجدل العام فضلا عن مفارقة التقدم التكنولوجي والتنمية في الوطن العربي ومنه اليمن.

§ يبدو أن موضوع رسالتك سيساعدنا أكثر على تناول حدث الانتخابات الرئاسية وتقييم التجربة الديمقراطية في اليمن من منظور أكاديمي وعلمي فما تقييمك الأولي لحدث الانتخابات الرئاسية الجارية في العشرين من سبتمبر الحالي ؟
o الانتخابات الرئاسية في اليمن تحدث للمرة الثانية بعد أن مهد لها بتعديلات دستورية حددت الفترة الرئاسية بست سنوات وأحقية ترشيح الرئيس لنفسه لفترتين دستوريتين فقط .
كان هذا في تعديلات1999وأصبحت الانتخابات الرئاسية بذلك استحقاقا دستوريا وطنيا ابتداء من 20 سبتمبر 2000 م .وهذه خطوة هامة على طريق الديمقراطية ،وقد جاءت استكمالا لحلقات التجربة الديمقراطية اليمنية التي ولدت مع إعلان دولة الوحدة في الثاني والعشرين من مايو1990 .حيث تأسست هذه التجربة على مؤسسات وأركان كفلها الدستور بدأت بتأسيس الانتخابات البرلمانية المباشرة من قبل الشعب ، وإتاحة التعددية السياسية (الحزبية )والفكرية والحريات الصحفية والمشاركة الشعبية في القرار العام .
ترسخ موعد الاستحقاق البرلماني وأصبح يوم السابع والعشرين من أبريل موعدا ديمقراطيا راسخا وانتظم هذا الموعد في 1993 ،وفي 1997 وفي 2003. وأضافت التعديلات الدستورية ذاتها استحقاقا ديمقراطيا جديدا تمثل في السلطة المحلية وهو الاستحقاق الذي أصبح يمارس بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية في انتخاب السلطة المحلية التي منحت بحكم الدستور والقانون دورا وصلاحيات رقابية وتنموية وإدارية على مستوى المحافظة والمديرية .
ولكي نعطي الحدث حقه من النقاش الموضوعي أفضل أن أتحدث خارج صفتي الحزبية والسياسية حتى أكون منصفا للحدث ويكون فضاء الحديث أكثر رحابة .
كما أسلفت الاستحقاق الانتخابي الرئاسي لم يأت من فراغ ولا هو نزوة طارئة بل جاء استكمالا لمشروع ديمقراطي واع ، متكامل ومتوازن أخذ في الاعتبار كل الأبعاد الموضوعية لتأسيس التجربة.
وتقييمنا لهذه التجربة لا يمكن أن يتم في الفضاء النظري، ذلك أنها ولدت في سياق زماني ومكاني ، سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي علينا أن نفهمه جيدا،ولا نقفز في الفراغ.
وإشكالية الديمقراطية في الوطن العربي تكمن في تجاهل الفضاء والسياق الطبيعي الذي يجب أن تولد فيه، ونسخ النظريات والتجارب الديمقراطية خارج سياقها التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي هو الذي جعلها تخفق في التطبيق بل وجعلها أشبه بالجسم الغريب الذي يرفضه محيطه.
وإذن فإنا حين نقيم التجربة الديمقراطية في اليمن فإنما نقيمها في إطارها التاريخي والاجتماعي ومحيطها الطبيعي. ذلك أن محليتها وخصوصيتها هي التي تمنحها الأصالة في الوجود والتجذر المطلوب لاستمرارها.
وبقراءة بعض التجارب العربية في الانتخابات الرئاسية يمكن لنا أن نتبين بعض الخصائص.
والتجارب العربية محدودة ،فهي ربما تنحصر في تجربة الجزائر ،ومصر,ولبنان تقريبا، ولا أدرج العراق والملكيات الدستورية لأسباب عدم تناسبها مع مجال وسياق المقارنة هنا.
فمن خصائص الاستحقاق الرئاسي اليمني أنها تجربة أصيلة الزمان والمكان، نبعت من تسلسل وتكامل تاريخي للمشروع الوطني، طبعا بإرادة مؤسسي دولة الوحدة بداية ثم بإصرار وإرادة الرئيس على عبد الله صالح الذي استشعر منذ وقت مبكر الحاجة الوطنية إلى خيار السلام والحوار كبديل لخيار العنف الذي عاشه اليمن الحديث في شكل دورات متعاقبة للعنف السياسي والاجتماعي ،ووصل إلى قناعة شخصية عبر تجربته في حكم اليمن ، أن لا سبيل للخروج من مربع التخلف إلا بانتهاج الديمقراطية.
طبعا لم يكن المشروع حلمه وحده، وإنما كان حلم كل الطلائع التقدمية اليمنية منذ ثورة 1948 وثورتي ال26 من سبتمبر 1962 والرابع عشر من أكتوبر 1963 م ،لكني أتحدث عنه باعتباره ممسكا باللحظة التاريخية التي تمكنه من تحقيق هذا الحلم على الأرض .

§ ولكن ما هي أهم ملامح وخصائص هذا الحدث الديمقراطي؟

الاستحقاق الرئاسي الوطني يكتسب ملامحه الخاصة والمميزة من كونه :
- يأتي ضمن منظومة ديمقراطية وحرياتية متكاملة ومتدرجة.
- يأتي تتويجا لخطوات وتأسيسات سابقه استوفت الشروط الموضوعية للحدث.
- يأتي في محيط عربي فقير ديمقراطيا.
- يتسم بالشجاعة التاريخية والمبادرة ويتجاوز المخاوف التي يتسم بها هذا المستوى من الاستحقاق.ذلك أن بعض الأنظمة العربية يمكنها أن تناور في المستويات الأدني من الاستحقاق الديمقراطي ،لكنها تتصرف بحذر شديد حينما يتعلق الأمر بالمستوى الرئاسي.
- يتسم بقدر غير معتاد من الشفافية والعلنية والتنافس والتباين في البرامج والرؤى والندية والالتزام القانوني والمؤسسي بالحياد .
لكن جوهر الممارسة وفضاء الحرية الذي يجري فيه الحدث يظل هو السمة الأبرز والتي تكاد لا تعطى حقها من الإنصاف.إذ نلاحظ أن المتابعين خارج اليمن بدأوا بالتعاطي مع الحدث باعتباره شكليا كما يحدث في بعض الأقطار العربية، لكن ما أن بدأت الإجراءات الانتخابية تتجسد حتى بدأ المراقبون يدركون أنهم إزاء تجربة غير عادية من حيث الممارسة.حتى وسائل الإعلام الخارجية فوجئت بالشفافية والحوار والجدل الحقيقي القائم إزاء المشروع الوطني المستقبلي وهم يتابعون المهرجانات والخطابات والبرامج الانتخابية للأطراف المتنافسة على المقعد الرئاسي باهتمام بالغ.
وأدركوا لأول مرة على الساحة العربية أن الحدث ليس شكليا وأن التنافس ليس شكليا وأن ما يحدث ليس إعادة إنتاج لماركة قديمة .

§ كيف تنظر إلى الخارطة الانتخابية وطبيعة التحالفات السياسية المنخرطة في الاستحقاق الرئاسي؟
المشهد الانتخابي ما يزال يتكون من الخارطة السياسية التي تمخضت عن حرب صيف 1994 ولم يتجاوزها إلا في تغير التحالفات بين القوى السياسية فقط، فالحزب الاشتراكي ما يزال خارج الفعل السياسي عدا أن تحالفه مع خصمه الأيديولوجي والسياسي (التجمع اليمني للإصلاح) منحه مشاركة شكلية ورمزية في التحالف الانتخابي والسياسي وأطراف أخرى لم تكن في قلب حدث تلك الحرب لكنها كانت في قلب التاريخ السياسي مثل التنظيم الوحدوي الناصري واتحاد القوى الشعبية وغيرها.
وما أكسب الانتخابات زخما حقيقيا وحولها من منافسة شكلية إلى منافسة ندية هو التحالف والتكتل المعارض تحت أسم أحزاب اللقاء المشترك، الذي كان مهندسه الأول هو الشهيد جار الله عمر وكان إجماع (المشترك) على مرشح واحد هو الخطوة الأكثر جدية في العملية الانتخابية وهو القرار الذي وضع العملية الانتخابية أمام إجراءات جادة وخطرة وخلق معادلا موضوعيا لقوة الحزب الحاكم يتمثل في جمع طاقة المعارضة في جبهة واحدة متجاوزة بذلك كل تناقضاتها البنيوية والتاريخية.
وهذا عكس تحليلات المؤتمر الشعبي العام التي تقلل من شأن ذلك التحالف، وكان سيظل تحالفا شكليا لو لم يتبلور في هذا الإجماع المصيري في الاستحقاق الرئاسي، ولعل اختيار مرشح من خارج التنظيمات المتحالفة قد جنبها الاختلاف والشقاق وحسن اختيارهم جعل مشروعهم أكثر قبولا. وأنا أقول هذا الكلام للتأكيد على قدرة المؤتمر الشعبي العام على المنافسة الشعبية باكتساح بالرغم من كل هذه التحديات.
لكن تقديرات (المشترك) يمكن أن تحسب في الميزان السياسي أما في الميزان الوطني والأخلاقي والوحدوي فلا قيمة لها، ذلك أن اختيارهم للمرشح قد بنى على رؤية غير وحدوية بمراهنة واضحة على استعطاف أبناء المحافظات الجنوبية بل والحضرمية منها بالذات، من منطلق أقل ما يمكن أن ننعته به أنه منطلق مناطقي إن لم نقل إنفصالي، ولعل هذا ما جعل فرقاء اليمين المتطرف واليسار المتطرف يلتقون بحماس على هذا الاختيار الذي ينتصرون له بكل إمكاناتهم.
ما جعل مسألة المستقلين تبدو مجرد احترازات شكلية لم يلجئهم إليها حسن التوافق على مرشحهم المشترك.
ويرى المتابعون أن المعارضة قد استطاعت أن تتجاوز التباين الأيديولوجي وتنتقل إلى مربع البرجماتية بنجاح، لا سيما وأن اليمين كان أبعد الأطراف تأهلا للانخراط في تحالف سياسي خارج ضوابطه الأيديولوجية بل ومع فرقائه الأيديولوجيين. وبينما يقود اليمين هذا التحالف باعتباره أقوى الأطراف وأكثرها تنظيما ويوظفها لصالح مشروعه ،فإن اليسار والتيار القومي الأصغر حجما والتيارات التقليدية تقف وراء الإسلاميين مستفيدة من قوتهم ورغبة في النكاية بالحزب الحاكم الذي لهم معه ثارات تأخذ الطابع السياسي حينا والطابع الوطني حينا آخر.
§ ولكن إلا ترى أن محاذير عدة تكتنف تجربة هذا الائتلاف المتناقض لا سيما في ظل المأزق الأيديولوجي والسياسي الذي وصلت إليه الحركات الإسلامية المتطرفة محليا وإقليميا ودوليا وأن القوى التقدمية تراهن على حصان خاسر في صف المعارضة؟
هذا صحيح بالميزان الخارجي لكنه يختلف بميزان الداخل. لا شك أن الحركة الإسلامية الفكرية والسياسية، بشقيها الراديكالي والمعتدل تتعرض لانتكاسات كبيرة ليس بسبب التكالب الخارجي فقط ،وإخفاقاتها التطبيقية والتصورية ،وإنما أيضا بسبب بنيتها السلفية ومرجعيتها (المانوية) مرجعية الخير المطلق والشر المطلق,وهي مرجعية إقصائية لا يمكن أن ينتج عنها حوار أو إلتقاء أفكار أو مصالح على المستوى التكتيكي أو الاستراتيجي ، وبالتالي فإن وجودها لا ينبني إلا على إقصاء الآخر، وفي تجربة (حماس) مثالا على أن الديمقراطية ليست قيمة، بقدر ما هي مطية، وهذه العلاقة الهشة بالعملية الديمقراطية وبالحريات تجعل وجود هذا الطرف خطرا على المشروع الديمقراطي برمته.الأمر الذي يجعل رهان القوى التقدمية رهانا مخاتلا وينطوي على مخاطر جمة.
ومن هنا يبدأ التقاطع الجوهري بين الأطراف المتحالفة في إطار (أحزاب اللقاء المشترك).
على الصعيد المحلي اليمني ما تزال قوى اليمين تشكل حكومة الظل بل ترأس السلطة التشريعية وتتحكم فيها باعتبار حجم كتلة الإصلاح وموقع الشيخ عبد الله الأحمر وهو موقع يختلف عن موقع ووزن القوى الأخرى التي خرجت من تجاربها مهزومة مكلومة ولم تتمكن من استعادة تموضعها أو لم يسمح لها بذلك.لذلك تبدو قوى اليمين أكثر إيلاما للنظام وأكثر قدرة على توفير التوازن الخطر في اللعبة السياسية ولي الذراع.
§ ما تأثير مفاجأة تحالف الرئيس في اللحظة الأخيرة مع الجناح الأيديولوجي لليمين المتطرف ممثلا في الشيخ عبد المجيد الزنداني على موقف المعارضة الانتخابي وبالذات تأثيره على المشترك انتخابيا؟
o من المنظور السياسي التكتيكي ما حدث في زيارة الرئيس لجامعة الإيمان محاولة شكلية ذات تأثير نفسي على أداء التجمع اليمني للإصلاح وخلخلة جناحه الأيديولوجي المتطرف وتحقيق حاجة إنتخابية آنية لمرشح المؤتمر للرئاسة وإذا كان هناك ثمن انتخابي فهو ربما من باب رد الجميل الشخصي من طرف الشيخ عبد المجيد الزنداني للرئيس إزاء مواقفه من طلبات تسليمه إلى أمريكا.
لكن هذا لا يرتقي إلى مستوى التحالف بل مجرد توافق طارئ دفعت إليه حاجة الشيخ أكثر من حاجة الرئيس وخاصة جراء عزلة الزنداني وتنكر الجناح السياسي للإصلاح وتضايقهم من وجوده واعتباره عبئا على سياساتهم المستقبلية الحريصة على فتح خط للتعاون مع أمريكا، وفي تصوري الشخصي فإن زيارة الرئيس لجامعة الإيمان ينطوي على مخاطر ومجازفات مستقبلية. ذلك أن الجناح العقائدي والجهادي لا يؤمن بالديمقراطية وسيلة وأداة للتداول السلمي للسلطة وبالتالي يجعل فوز الرئيس- وهو فوز أكيد – يتحمل فاتورة لم يكن من الضروري سدادها.
ذلك أن سجل جامعة الإيمان وسجل الجناح العقائدي سواء في أفغانستان أوفي محاربة دولة الوحدة أو بالأصح محاربة الشريك الرئيسي في تكوين دولة الوحدة (الحزب الأشتراكي اليمني) ليس سجلا نظيفا وحتى ثمن مشاركته في حرب صيف 1994 م كان ضمن الأثمان الباهضة التي كان على المؤتمر دفعها إلى حين، لأن هذا الجناح كان يحارب الحزب الاشتراكي باعتباره ملحدا وليس باعتبار جنوح بعض قياداته إلى النكوص عن اتفاقات الوحدة والشرعية الدستورية،وما كان يهمه من الوحدة هو ما يتصور أنه أسلمة الجنوب، أي استنساخ لدوره في حرب الوجود السوفيتي في أفغانستان ،مع نسيانه لفارق أن الحزب الاشتراكي نشأ على أرضه وضم ثلة هم من أبناء الوطن ساهموا في ثورته واستقلاله وتوحيده ،وليسوا مستعمرين خارجيين كما كان عليه الحال في أفغانستان.
وهم في حربهم تلك ، لا يدافعون عن وحدة الأرض والإنسان والتاريخ وليست الديمقراطية أو الحريات من قضاياهم ولا في أولوياتهم ،كون هذا التيار يعيش فكرته الخاصة التي لا يتصور أنها تتحقق إلا بعودة الخلافة الإسلامية والتي كان يعتبر حكم طالبان نموذجا وإرهاصا بعودتها وتحققها.
وكان وضع هذا الجناح قد تضعضع كثيرا بحكم الضغوط الخارجية ،وبالذات، وجود الزنداني على رأس قائمة المطلوبين لأمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 م ، والإحراج الذي انعكس على علاقة اليمن الخارجية ،وحرب السعودية داخليا على الإرهاب الذي كانت مسؤولة عن صناعته وتمويله في معركة افغانستان ،فضلا عن التداعيات التي سببها تفجير المدمرة كول والناقلة ليمبرج،ما جعل الدولة أمام خيار فك الارتباط مع الطرف الأيديولوجي لحليفها الإسلامي في حرب صيف 1994 ، حتى تجنب اليمن ما تعرضت له افغانستان.
وكان هذا الجناح قد ضعف بسبب انقطاع التمويل الخارجي والرقابة على تدفق الأموال والعناصر وبسبب الضغوط الخارجية وتخلي السعودية عنه بل وتخلي الجناح السياسي للتجمع اليمني للإصلاح عنه إلى حين.
في ظل هذا الوضع المنزوي والضعيف خاصة بعد تعرضه لمحاولات الإجهاض ،لا أتصور أن التحالف الانتخابي كان ضروريا معه ، لأنه فقد عنصر أهميته المستقبلية داخل الحركة السياسية الإسلامية ،ولأنه لن يتمتع إلا بما يشبه محاولة إعادة الحياة لجسد مات سريريا.مقابل مكسب انتخابي قد لا يتعدى التصويت الشخصي ،أي بما يشبه موقف الشيخ عبد الله.
لكن تبعة ذلك على النظام أكبر بكثير من تلك المكاسب اللحظية المتواضعة ولا يبدو واضحا حجم الثمن المادي والمعنوي الذي على الرئيس دفعه ،وخاصة تبعات سمعة جامعة الإيمان أو سلوكها المستقبلي .
إذ لا يلوح في الأفق بأن أحدا له القدرة على تحويل المتطرفين إلى مسالمين وديمقراطيين لمجرد تحالف اضطراري طارئ ولت أسبابه. بما يعني أن اليمن دولة وشعبا ستدفع ثمن التحالفات الطارئة التي تجمع بين النقائض وهي تحالفات تشبه تحالف الإصلاح مع الاشتراكي ، مع الفارق بين ما تجتمع عليه المعارضة ببعضها وما يفترق المؤتمر عليه مع الزنداني.

§ ما هو في رأيك وضع التجمع اليمني للإصلاح واللقاء المشترك انتخابيا نتيجة ذلك التحول الطارئ؟
الجناح السياسي والقبلي للتجمع اليمني للإصلاح يحاول أن يبدو متماسكا بالرغم من غياب الشيخ عبد الله الأحمر وتصريحاته التي لم تتعد استعداده الشخصي للتصويت للرئيس، في حين يقوم أولاده بالمهمة.
وربما أن غيابه -المقصود أو الاضطراري- يرفع عنه الحرج أمام الرئيس من تصرفات أبنائه والجناح السياسي لحزب الإصلاح في هذه الانتخابات ولم يعد يؤدي دوره في كبح بعض الشطحات المراهقة في التجمع سواء من قبل أبنائه أو الجناح العقائدي أو الجناح السياسي ذلك أنه أصبح مستمرئا لما يحدث وليس خارج رغبته المستترة.
القضية أصبحت أعمق من مسألة الاختلاف، ذلك أن قسمة حلفاء حرب صيف 1994 قد انتهى عمرها الافتراضي في ظل متغيرات محلية ودولية وإقليمية وتجاوز الأحداث لتلك المرحلة حتى في بعدها القبلي.
وهو ما تسبب في تقليص نفوذ ومصالح أطراف ذلك التحالف وحتم ضرورة كبح النمو القياسي لثروة وفساد الشيخ الأحمر وأولاده في ظل ما كانوا يعتبرونه المكافأة الطبيعية لدورهم في حرب 1994، بما أصبح يشكل فسادا كبيرا واستحواذا وتجاوزا لحقوق الأطراف الأخرى باسم شرعية التضحية السابقة وحماية البنية التقليدية من تهديد الاشتراكي والحفاظ على التمثيل القبلي للسلطة.
والأمر لا يختلف إلا قليلا بالنسبة للجناح السياسي للتجمع اليمني للإصلاح لأن أسبابا خارجية وداخلية إضافية أدت إلى إجراءات جفاء تدريجي بين النظام والتجمع وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وما خلقته من ريبة لدى معظم الأنظمة العربية بما فيها الأنظمة التي ساهمت في إنتاج هذا الفكر المتطرف في سياق دولي مختلف.
هذا الوضع دفع بتجمع الإصلاح شيئا فشيئا إلى التحالف مع أضداده الاشتراكيين والقوميين ليشكلوا تحالفا لا تجمعه إلا محاربة النظام وإزعاجه وإقلاقه لا أكثر.
وهذا ينسجم مع اختيارهم لمرشح من خارج القائمة التنظيمية ليكون بمثابة القاسم المشترك والتحلل من التنافر الفكري والأيديولوجي.
لكن الآلة الإعلامية المشتركة والتعبئة المشتركة والحملة الدعائية من جميع أحزاب المشترك قد جعلت هذا التجمع ذا تأثير انتخابي جعل المشهد أكثر جدية وندية وتوازنا وصخبا، وإن كان الأمر محسوما للرئيس نظرا لما يتمتع به من حب جماهيري عفوي وتقدير شعبي، ليس للمؤتمر كتنظيم دور كبير فيه.
§ كيف تقيم الحملة الانتخابية للأطراف المتنافسة في الانتخابات الرئاسية وما مدى طبيعة تأثيرها على الجماهير ؟
o الحملة الانتخابية الرئاسية بين الأطراف المتنافسة حملة إيجابية وشفافة تتسم بتكافؤ الفرص بين الأطراف السياسية وحتى المستقلين منهم وذلك بسبب حسن تطبيق قانون الانتخابات وتطبيق الضوابط الانتخابية والاتفاقات مثل إتفاق المبادئ الموقع من طرف الأخ رئيس الجمهورية والأحزاب وما ترتب عليه من واجبات على الرئيس والدولة والحكومة إزاء المعارضة التي حصلت من الحاكم على ما لا تحصل عليه أية معارضة في الوطن العربي كله.
فضلا عن حسن بناء وتنظيم وحياد المؤسسات الديمقراطية مثل اللجنة العليا للإنتخابات التي تتشكل من طيف الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة وهو ما يكسبها مصداقية عالية ويضفي الشفافية على العملية الانتخابية ،فضلا عن حياد الإعلام الرسمي وتعاضد بقية المؤسسات ذات العلاقة بالديمقراطية والحريات مثل مجلس النواب والمنظمات الجماهيرية والأحزاب والقضاء الرشيد ومؤسسات المشاركة الشعبية والرقابة الشعبية المحلية والدولية ومنظمات المجتمع المدني.
ويكفي مثلا على هذا أن المعارضة هي التي ترأس اللجنة الأمنية للإنتخابات ومعظم قطاعات اللجنة العليا ، وأن القانون يضع الجيش والأمن تحت تصرفها لحماية العملية الانتخابية وليس وزارة الدفاع أو الداخلية كما يحدث في معظم إن لم نقل جميع الدول العربية .
لقد لمس كل المتابعين شفافية وتوازن الإعلام الرسمي والتزامه بضوابط العملية الانتخابية طبقا للدستور والقوانين المنظمة لها بدليل منح الرئيس فرصة عرض خطاباته وبرنامجه على قدم التساوي مع المرشحين الآخرين دون تمييز ,وقد فوجئ المتابعون بمستوى الشفافية لا سيما وأن التنافس ليس شكليا كما يمكن أن يضبط هنا وهناك.
ذلك أن الجدل العام والشفافية ومناقشة القضايا العامة وتعدد الرؤى والتصورات والبرامج هو الحصيلة الأساسية للعملية الانتخابية وليست مقصورة على من يفوز ومن يخسر فالوطن هو الرابح في كل أحوال النتيجة .
وأنا لا اعتبر الحماس والحمى الانتخابية إلا علامة عافية ولست قلقا من ذلك إلا في حال الخروج على قواعد اللعبة من قبل أي طر ف.وما نراه اليوم هو مفخرة لليمن أمام العالم وإنجاز تاريخي عظيم أتمنى ألا يتعرض للمؤامرة ،لأني أعلم انه يزعج الكثيرين ممن لا يريدون أن يروا نموذجا أصيلا للديمقراطية المحلية في المنطقة.
وأنا أقدر مجازفة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح من أجل تقديم نموذج ديمقراطي متقدم وإضافة مثل هذا المنجز الكبير إلى رصيده ورصيد التاريخ اليمني المعاصر ويبقى أن تقدر الأطراف المشاركة أهمية هذه الخطوة ،والا تعميهم الأهداف الآنية النفعية الضيقة واستعجال السلطة عن التقاط هذه اللحظة التاريخية والتعاطي معها بمسؤولية كاملة والحفاظ عليها كمكسب تاريخي بغض النظر عن المنفعة العاجلة التي قد تثنيهم عن ترسيخها.
§ كيف تقرأ برامج المرشحين المتنافسين على الانتخابات الرئاسية من خلال متابعتك وقراءتك وانطباعات جماهير الناخبين عنها؟
o دعنا نتحدث عن البرنامجين الرئيسيين ،برنامج مرشح المؤتمر الشعبي العام وبرنامج مرشح أحزاب اللقاء المشترك.
من ملامح برنامج مرشح المؤتمر الشعبي العام، أنه شامل ومتوازن في إيلائه كل القطاعات اهتماما كافيا ،والأهم من هذا أنه برنامج واقعي يستند على معطيات ما هو قائم من بنية تحتية ولا يقوم في الفراغ، وهو يبني على ما هو قائم أي يشكل امتدادا تنمويا لما تحقق خلال حقبة الثورة والوحدة، ووعوده واقعية وقابلة للتحقيق ويبني شرعيته على المؤسسات القانونية والإدارية والديمقراطية القائمة ،ويكرس التراكم الطبيعي للتنمية في استناده إلى الخطط التنموية المدروسة والتي تراعي الإمكانيات والطاقات المتاحة والكامنة ومعطيات تمكنه من أن ينطلق من حيث انتهت البرامج السابقة للمؤتمر وللحكومة لا سيما تلك البرامج التي حصلت الحكومة من خلالها على ثقة البرلمان. وبرنامج مرشح المؤتمر يعترف بالأخطاء ويعرف أين تعثر وأين نجح.
ويبدو أكثر بصيرة بالخارطة التنموية بحكم تراكم التجربة واختبار الواقع، لكن الفساد وسوء الإدارة يضاعف ثمن وتكلفة كل البرامج كما هو معروف من ثروة البلاد وإمكانياتها.
ومن عيوب برنامج المؤتمر أنه غير نوعي بمعنى أنه يتحدث عن كل شئ ولا يترك شئ بينما هناك منهج آخر متبع في بناء البرامج النوعية، أي أن يركز على القطاعات والاحتياجات الأكثر إلحاحا ويهتم بالمؤشرات والموجهات أي بسياسة التخطيط ولا يدخل في كل التفاصيل، وصيغة برنامج المؤتمر مكررة ولكن يغفر له أنه استكمال لبرامج سابقة في تنفيذ العملية التنموية في الواقع .
أما برنامج أحزاب المشترك فأنا اعتبره برنامجا افتراضيا، أي يبني فكرته في الفراغ، ذلك أنه يبدأ بالإصلاح السياسي والإصلاح السياسي معناه عدم البناء على النظام القائم وهذا يشكل خللا وخطرا على المنظومة الديمقراطية التي هيأت لأحزاب المشترك أن تنافس على الرئاسة .
والبرنامج استند بالأساس على ركيزتي الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي وظل الإصلاح الاقتصادي مرهونا بالإصلاح السياسي أي أنه برنامج غير متحقق مالم تحدث الإصلاحات السياسية أولا ،والإصلاحات السياسية مرتبطة بتشكيلات مؤسساتية ديمقراطية ليست بيد الرئيس وإنما تفرضها خارطة البرلمان الحالي والقادم التي لا أحد يعلم كيف تكون اتجاهاتها وبالتالي يبدو البرنامج كله افتراضيا لاسيما وأن أغلبية البرلمان هي مؤتمرية حتى عام 2009 .
برنامج بن شملان ملئ بالشطحات والوعود غير القابلة للتحقيق مثل الوعود المبالغ فيها والحلول التي لا تأخذ الصعوبات الموضوعية في الحسبان ولا تعتد بالواقع الاجتماعي والثقافي والجيوسياسي للبلاد.
أما مسألة الفساد فإنه يقضي عليه بكلمة واحدة وهي ارتباطه بالنظام الحالي وأن تغيير النظام كفيل بتغيير كل شئ إلى الأفضل، وهذا كلام غير مسؤول وتبسيط مخل للواقع الإداري والثقافي والاجتماعي المعقد.ذلك أن السلوك الإدراي والمالي هو سلوك ذو جذور ثقافية واجتماعية وقيمية يشترك فيها الجميع ،سلطة ومعارضة والفئات الاجتماعية الأخرى لكن ذلك لا يعفي السلطة من مسؤوليتها لأنها صاحبة القرار إزاء سلوك جميع الأطراف . وهناك تجارب سابقة لأطراف في المعارضة تعطي مؤشرات الاستعداد للفساد بل وممارسته حتى من موقع المعارضة .وبالذات داخل تيار اليمين الذي تبدو سلطته بمثابة حكومة ظل حتى اليوم . وهناك من التيار الإسلامي والقبلي من يمارس فسادا كبيرا إما سدادا لفواتير مواقف أو حروب أو توازنات قبلية غير نظيفة أو من باب دفع ثمن السلام الاجتماعي الذي قد تتهدده هذه الأطراف نفسها.
وبالتالي ترى في برنامج بن شملان مجرد وصفة سياسية أحادية البعد غير قابلة للتحقيق.
لكن عدم التعاطي الجدي للمؤتمر مع الفساد في رؤيته الانتخابية واستمرار التركيز على الانجازات المادية المكلفة يفقد البرنامج والخطاب الروح التي تهم الناخب ،لأن علاقة الناخب بالمنجز لا بد أن تكون إنسانية وثقافيه وروحية قبل أن تكون مادية ونفعية .وأي إصرار على ممارسة نفس النهج دون تعديل جدي تحت ضغط المزاج الشعبي له مخاطر لا بد من التحسب لها.

§ كيف تنظر إلى المستقبل في ضوء المعطيات الراهنة ؟
المستقبل مرهون بنجاح واستمرار البناء الديمقراطي حتى وإن دفعنا ثمن ذلك باهضا من اقتصادنا على المدى القريب. وهذا الأمن الديمقراطي مرتبط بطبيعة التوجهات القادمة والوجهة التي تدار نحوها دفة الديمقراطية، وبالذات في مسائل البنية السياسية مثل دوافع الإصلاحات السياسية وتعديلات الدستور القادمة التي قد تنحرف به إلى وجهة أخرى لا أحد يستطيع التنبؤ بها.
لكن الأهم أن نحافظ على قواعد اللعبة الديمقراطية لأن الخروج عليها سيعرض البلاد للخطر إن من الداخل أو الخارج.وأنا أتصور أن القوى المتربصة بنا كثيرة دونما ذنب إلا أننا نحاول أن نصنع لأنفسنا حياة ووطن أفضل .والمؤشرات والوثائق والتصريحات والضمانات القانونية كلها تطمئننا بأن الانتخابات ستكون بخير وأن البلاد ستكون بخير
ويكفي أن نراهن على يوم انتخابي بلا سلاح ،أما القبول بالنتيجة فهو أمر يبدو قائما حتى الآن من قبل كل الأطراف طالما قبلت الانقياد والاحتكام للصندوق ولقواعد العملية الديمقراطية، وكل يعرف حجمه الحقيقي لدى الجماهير منذ اللحظة.ولا أظن اليمن إلا كبيرا بشعبه وبفرقائه السياسيين وبخياره الديمقراطي الذي نعول عليه جميعا .
يبقى أن نسلك سلوكا مسئولا فيما يفصلنا من أيام عن يوم الاقتراع في 20 سبتمبر الحالي. ولا أظن الناخب اليمني إلا حاسما لخياره عارفا وخابرا بالمتنافسين مقدرا مصداقية كل طرف ولا سيما تقديرهم للرحلة الصعبة التي قطعها الأخ الرئيس بمسيرة الوطن ومعه ثلة من الشرفاء والمخلصين والمناضلين وعلى هامش مسيرته حثالة من المنتفعين والوصوليين والفاسدين التي لا يخلو منها أي حكم مهما كانت عدالته ،ونعول على ما خبرته الجماهير في مرشح المؤتمر من الكفاءة والقدرة والحكمة وهي خصال تعرفها الجماهير وتثق بها وتركن إليها ونتوقع مبادلة الوفاء بالوفاء وهو ما يجعل الجماهير أكثر ركونا إلى مستقبلهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.