مازال عاشق اليمن الكاتب والشاعر السعودي محمد صادق دياب يحن حنين "العشاق" إلى ارض اليمن التي سحرته منذ زيارته في عام 2004م . "دياب" أكد ل"نبأ نيوز": " أن أحاسيسه، أنامله تكاد لا تنسى ولن تنسى ارض السعيدة اليمن متمنيا أن تعيش سعيدة وألا تتأثر بأي تيار"جارف" قد يعصف بجمالها.. دياب يكتب مقال يومي او أسبوعي في جريدة الشرق الأوسط..وقبلها في عدد من الجرائد السعودية.. وكان رئيس تحرير مجلة "الجديدة" السعودية.. والتقى بالعقيد يحيى محمد عبد الله صالح في صنعاء في عام 2004م ضمن وفد إعلامي سعودي زار اليمن حينها ... ومن أجمل ما كتبة الأستاذ القدير" دياب" في صحيفة الشرق الأوسط اواخرالعام الماضي نوفميبر2005م عن اليمن قولة: (على باب اليمن ) على الرغم من كثرة التأشيرات والأختام على جواز سفري كصحافي تظل رحلتي لليمن لها مذاق خاص يشبه مذاق البن اليمني، فاليمن بلد لا يشبه غيره من بلاد الدنيا، له خصوصيته في كل شيء: أسواقه، جباله، ناسه، وأنسه.. كل شيء هناك يفرض عليك الشعور بأنك في اليمن، حتى دلة الوقت تصب عليك هناك نكهة يمنية تفوح منها رائحة التاريخ وعطر الزمن. إذا ولجت «باب اليمن» في سور صنعاء، أمطرت عليك بيوت صنعاء العتيقة جمالها، وزفتك الأغاني اليمنية المنبعثة من المتاجر على أنغامها، وقد يرفع بائع اللوز عقيرته بالغناء: يا صاحبي وايش جاك منَي وتشوفني وتصد عني حالي عسل نور باسترج به وقد يطيب لك التجوال في اليمن فيأخذك الطريق الجبلي الذي يتلوى كخصر راقصة أشعلتها مواجع الطبول إلى «إب»، مدينة المهاجرين الذين امتطوا ذات يوم صهوة التعب فرحلوا إلى مشارق الأرض ومغاربها بحثا عن لقمة العيش، ثم عادوا إليها من غربتهم يحملون تفاصيل حياة طرزت المدينة بحداثة المعمار ورقة الطبع.. وإذا تجاوزت «إب» إلى «تعز» فإنك ستجد نفسك تصافح مدينة عصرية تمتلك كل مقومات المدن الكبيرة، فهي من أهم مدن اليمن حيوية في مجالات الصناعة والزراعة والثقافة والتكافل الاجتماعي، وأهلها أهل علم وأدب وانفتاح على الآخر.. وتبقى بعد ذلك عدن، وما أدراك ما عدن الابنة التي دللها التاريخ وهدهدت مهدها الجغرافيا، المدينة التي يتعانق فيها البحر بالجبل، والحداثة بالتراث، والماضي بالآتي.. هذه المدينة التي تعلمت من سيمفونية الموج عشق الغناء، فكانت عدن على الدوام مشتل الطرب الأصيل. هناك كنت أسير في دروب «كريتر والتواهي وخور مكسر والمعلا» وأسأل الذات كم مرت على هذه الدروب قوافل الأيام، وكم أناخت ركائب الفرح.. كنت مشدوها بالتأمل، والدروب تمطر وجوها ألفت الآخر وألفها، حتى ذلك المسن المترع بالعرق ورائحة التبغ، حينما اعترض طريقي في أحد أسواقها، وهو يطلق ضحكات رنانة صاخبة تشبه زجاج يتكسر، وقد ارتدى وزرة يمنية وطاقية مزركشة ومعطفا صوفيا في عز الظهيرة القائظة ليسألني: متى ستغادر عدن؟ فقلت: ربما غدا أو بعد غد. فبحلق في وجهي، قبل أن يصب على مسامعي قصيدة من الشعر الشعبي اليمني لم أعد أتذكر منها سوى مطلعها: «تشتي تغادر عدن كيف القلب بيطيعك»؟. وقد أطاعني القلب ورحلت عن عدن، لكن الذاكرة لم تطعني على نسيانها.