ذلك الحرص الذي كانت الأمهات في السابق يُبدينه لتعليم بناتهن وحتى أبنائهن أصول الطبخ وإعداد وجبات الأطعمة المختلفة، وجد اليوم من يقول بأنه توجيه في غاية الذكاء من أولئك الأمهات نحو أفضل الطرق لتناول وجبات صحية. بل يُؤكد باحثو جامعة ميناسوتا الأميركية، في دراستهم المنشورة ضمن عدد ديسمبر من مجلة الرابطة الأميركية للتغذية، بأن الشباب والشابات الذين يُعدون غالب وجباتهم الغذائية بأنفسهم سيكونون أقرب الى تناول وجبات عالية الفائدة الصحية بالمقارنة مع أقرانهم الذين لم تطأ أقدامهم المطبخ. وتقول نيكول لارسن، الباحثة الرئيسة في الدراسة من جامعة ميناسوتا، إن من المهم حقيقة إعداد وجبات الطعام في المنزل، لأن من يهتمون بهذا الأمر تصبح فرصهم عالية للوصول الى تناول وجبات وفق إرشادات التغذية الصحية. ورأى الباحثون أن فترة الشباب مهمة لأن الغالبية فيها يتركون منازلهم ليستقلوا في أماكن أخرى بتدبير شؤون حياتهم وبناء مستقبلهم. وفي هذه الفترة المزدحمة بالالتزامات والانشغال وعدم توفر القدرة المادية، يبني الواحد منهم عاداته الصحية، التي ستدوم معه طويلاً بعد ذلك، ومن ضمنها وجبات الطعام والتغذية بشكل عام. ولبحث تأثير الحرص على إعداد الشباب والشابات ما يتناولونه من وجبات الطعام بدل اللجوء الى مطاعم الوجبات السريعة أو غيرها، قام الباحثون بإجراء دراسة ميدانية إحصائية شملت أكثر من 1700 شخص من الجنسين تتراوح أعمارهم ما بين 18و23 سنة. وتم فيها جمع العديد من المعلومات المتعلقة بالحرص على شراء لوازم إعداد وجبات الطعام والقيام بإعدادها وغير ذلك. ولاحظ الباحثون أن قلة من الشباب يُراعون الحرص على شراء لوازم إعداد وجبات الطعام بأنفسهم ويجعلون ذلك من ضمن برامج أنشطتهم الأسبوعية. وجدوا أن21% فقط من الشباب و36% من الشابات كانوا قد اشتروا خضراوات طازجة خلال الأسبوع الماضي. وقام 13% من الشباب بالاهتمام بكتابة قائمة لما يجب شراؤه من السوق للوازم إعداد وجبات طعام منزلية، بينما فعل ذلك 23% من الشابات. وأتم 44% من الشباب إعداد وجبة واحدة من الدجاج أو السمك أو الخضار خلال أسبوع سابق. في حين كانت الشابات أفضل، حيث أعدت 56% منهن وجبات مماثلة في نفس الفترة، 45% من تلك الوجبات كانت لشخصين أو أكثر، ما يدل على اهتمام أكبر من قبل الشابات في إعداد أطباق الطعام. لكن الذي يبدو أن ذلك الاهتمام لم يكن مرده بالدرجة الأولى الى الرغبة في تناول وجبات صحية بقدر الحاجة الى دعوة الغير الى المشاركة في تناول الوجبات تلك. أي أن السبب لم يكن نتيجة إدراك أهمية إعداد وجبات الطعام لنيل فوائد صحية لدى الشابات. وهي ملاحظة تستوجب توضيح فائدة إعداد الوجبات المنزلية للشباب والشابات على السواء. ولاحظ الباحثون أنه كلما زاد اهتمام الشاب أو الشابة بتحضير وجبة طعامه كلما كان أقل إقبالاً على تناول المأكولات السريعة من المطاعم، وكلما كان أيضاً أقرب لموافقة إرشادات أهداف التغذية الصحية من ناحية تناول الكالسيوم والحبوب الكاملة والفواكه والخضار وتقليل الدهون. لكن حتى هذا القرب من المطلوب لم يكن بنسبة عالية، حيث ان 31% من الذين يهتمون بإعداد وجباتهم تناولوا خمس حصص من الفواكه أو الخضار يومياً مقارنة مع 3% فقط من الذين لا يُعدون وجباتهم. و18% ممن يُعدون وجباتهم نجحوا في تناول الضروري من الخضار ذات اللون الأصفر الغامق والخضراء اللون، بينما 2% ممن لا يهتمون بإعداد الوجبات تمكنوا من تحقيق ذلك. بمعنى، صحيح أن إعداد الشباب والشابات لوجباتهم باعد بينهم وبين إهمال نصائح التغذية الصحية، لكن لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله لمساعدة الشباب والشابات على القرب بدرجة أكبر من تحقيق تناول وجبات صحية. ومما قاله الباحثون في هذا الشأن هو أن معظم المشاركين ذكروا بأن المهارة اللازمة لإعداد وجبات الطعام وطهيها لا تنقصهم. وقال حوالي 25% منهم بأنه لا يملك كفاية من المال لشراء وإعداد الوجبات، في حين أن 35% منهم قال بأن المشكلة تكمن في أن لا وقت لديه لذلك. وعلق الباحثون على نتائجهم بالقول إن التغذية يُمكن تحسينها في حال حصول تعاون بين الجامعة والمجتمع لتعليم مهارات إعداد وجبات صحية. وأن الشباب والشابات يُمكنهم الاستفادة من برامج تعليم المهارات لإعداد وجبات صحية اقتصادية ولا تستغرق وقتاً طويلاً في الطهي. لأن الكلفة المادية وضيق الوقت هما، فيما يبدو، أكبر عائقين أمام إعداد تلك الوجبات الصحية.