شهدت العاصمة اليمنيةصنعاء صباح اليوم افتتاح أوسع لقاء ديمقراطي تحضيري لقادة الفكر والثقافة من رموز المجتمع المدني العربي، وبمشاركة أمريكية وأوروبية للتحضير لإعلان الميثاق العربي للديمقراطية، وتأسيس الحركة العربية للديمقراطية، والذي ترجم خلاله الحاضرون انبهاراً غير مسبوق بالمبادرة، وقيمتها على صعيد مستقبل الديمقراطية في العالم. وقد استهل الدكتور عبد الكريم الارياني- رئيس منتدى جسور الثقافات- اللقاء بكلمة أكد في مطلعها إيمان اليمن الراسخ بأن الديمقراطية والتنمية صنوان متلازمان، وإن دور المواطن فيهما هو المقياس الحقيقي لوجود ديمقراطية حقة، وتنمية مستدامة. وأكد الارياني: أن المواطن العربي طيلة القرن العشرين يعاني من تهميش دوره ومن أبوية الدولة ومن وصاية الأجهزة ومن هيمنة الحزب الوحيد والأوحد، وأنه مع إشراقة القرن الواحد والعشرين بدأت العديد من البلدان العربية بالانفتاح على الديمقراطية إلاّ أن التجربة ما زالت معرضة للردة أو الانتكاس. وأشار إلى أن دور منظمات المجتمع المدني يكمن هنا للوقوف صفا واحدا من أقصى الوطن العربي إلى أقصاه لحماية هذا الحراك الديمقراطي الناشئ خصوصا وأن هناك إجماع عززته تقارير التنمية الإنسانية العربية والدولية تؤكد أن عالمنا العربي يأتي في مؤخرة دول العالم من حيث التحول نحو الديمقراطية". وقال الدكتور الارياني: إن الإصلاح السياسي الديمقراطي لن يتحقق ما لم تتبناه قوى اجتماعية وسياسية فاعلة وتأتي منظمات المجتمع المدني في مقدمتها، واصفاً منظمات المجتمع المدني في الوطن العربي بأنها إحدى الآليات الرئيسية في التوجه نحو الديمقراطية في حال توافرت الشروط اللازمة في ظل مناخ ديمقراطي ملائم. ودعا إلى العمل على تعزيز علاقات هذه المنظمات مع حكوماتها وإنهاء مظاهر الوحشة والتنافر وذلك أمر لا مناص منه لتحقيق أقصى حد من الديمقراطية والتنمية الشاملة. وكشف عن لقاء تشاوري لتأسيس الحركة العربية للديمقراطية مع المؤسسة العربية للديمقراطية التي أعلن عن ولادتها في قطر، وقال أنه ستكون هناك علاقة تعاون وتكامل يحقق تطلعات كل مواطن عربي يتوق إلى الحرية والديمقراطية والتنمية المستدامة. وكان جمال العواضي- رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، أحد طرفي المبادرة اليمنية- افتتح اللقاء بالدعوة إلى تحديد أولويات الديمقراطية عندما يجري الحديث عنها من أجل التعاطي مع متطلباتها بمصداقية. وتساءل العواضي : "الديمقراطية هل هي إجحاف أم رغبة أم طموح ، من وجهة نظري هي الثلاثة في معنى واحد.. الديمقراطية هي حاجة حقيقة ورغبة وتطلع وطموح نحو طبيعة المستقبل الديمقراطي القادم لنا للأجيال القادمة. وأعرب عن طموحه بأن تصبح الحركة الديمقراطية والميثاق العربي للديمقراطية وسيلة وآلية ديمقراطية نحن الذي نحدد أولوياتها نريد أن ننشئ ديمقراطيتنا التزاما بمبادئها الفعلية لتحقيق المزيد من المناخ الديمقراطي والذي تصبوا إليه شعوب المنطقة وتعلنه دولها، مؤكداً :" حان الوقت لأن يصبح الحديث فعلا والحلم حقيقة. وأكد العواضي: إن اجتماعات عمان والدوحة والتي تقدمنا بها بمشروع الحركة والميثاق العربي أثرت لقاء لصنعاء بنخبة من المفكرين والناشطين المعروفين العرب والذين ناقشنا معهم الآلية العربية الجديدة لإثراء الديمقراطية في المنطقة. كما ألقت حفصة بنت حمد آل ثاني كلمة أكدت فيها أهمية اللقاء الكبرى والمتميزة "كونه ينطلق من اليمن أرض البدايات وعبق الحضارات". وأكدت: إن من أكثر المهمات صعوبة هو التصدي للمواثيق وصياغتها حيث أن أكثر ما يغيب عنا هو التأصيل، التأصيل لأهم المبادئ والقيم والتي يتطرق لها مشروع هذا الميثاق كالمساواة والحرية والتعليم والعمل والحياة الكريمة والتعبير عن الفكر والتعبير عن الإرادة في اختيار من يمثلوننا. وقالت: أن كل تلك المبادئ والأهداف تمثل جزء إضافي في التأصيل ولكن لفك ألغام التغريب التي يعمل البعض لاستخدامها لمقاومة أي محاولة لإحداث التغيير في واقعنا. وأضافت: إنني أشير إلى حقيقة أننا ننتمي إلى حركة إنسانية تسعى لتحسين نوعية الحياة ورفع القيود والعقبات وعدم الاستجابة للمخاوف والتهديدات التي تحلو دون تحقيق الرفاء والسعادة التي هي غاية كل اجتماع إنساني. ووصفت اللقاء بأنه جهد نشترك جميعا في إنضاجه كونه يحمل في طياته الكثير من الوعد للمرأة والطفل والأسرة الريفية والأشخاص المعاقين وكبار السن والأقليات والمهجري والطبقات العاملة، حيث أن هذا الوعد يتجلى في الترجمة الكاملة لمبادئ الحق والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص لأنها كفيلة برفع الحواجز وإشعال جذوة الأمل وتوليد الدافع لدى كل الفئات للعمل على تغيير الواقع في أطر واضحة توفر الضمانات وتحقق المشاركة وتحول دون التعدي والتجاوز على الكرامة والحرية والحقوق التي لا يمكن أن تتجزأ أو تنفصل عن الوجود الإنساني. ودعت إلى وضع منهجية للعمل ذات أطر زمنية ومسؤوليات محددة لترجمة الأهداف التي أجمعنا عليها إلى برنامج عملي تتجاوز آثاره هذه المناسبة وهذا المكان، فعادة ما تخرج الأطر التقليدية لمثل هذه اللقاءات التي كثيرا ما تتلاشى موضوعاتها مع رفع الجلسات الختامية. من جهته السيد "رالف دراير"- ممثل المفوضية الأوروبية- فانه فضل العمل بمذهب تشرشل تفادياً لإنهاك المستمعين ، مستهلاً خطابه بالتساؤل: كيف يمكن للعالم أن يعمل بشكل مندمج ومتكامل لتحقيق مبادئ عليا في الحرية والتعبير ومشاركة الناس في صنع القرار من أجل حياة حرة وكريمة!؟ ولفت السيد دراير أنظار الحكومة اليمنية إلى أن اليمن سيكون في عام 2040م تعداده (40) مليون وبالتالي فإن شعبها سيكون في حاجة إلى حياة حرة وكريمة ووظائف، الأمر الذي يعني ضرورة إشراك القطاع الخاص ومساعدته في التوسع وتعزيز ثقته بالنظام السياسي. واستبشر بأنه ستكون هناك استثمارات داخلية وخارجية وهي مرتبطة بتحقيق الأمن والاستقرار وكل هذا يتلخص في وجود الديمقراطية والمشاركة الشعبية الواسعة ويتلازم معها إجراءات شفافة في مجال القضاء وفصل السلطات وهذا ما أتمناه لهذا البلد ولبلدان أخرى في المنطقة. أما السيد "بيتر ديمتروف"- مدير المعهد الوطني الديمقراطي NDI – فقد استهل حديثه بوصف اللقاء ب"حدث جلل" و"ضرورة ملحة للديمقراطية العربية"، مبدياً إعجابه الشديد بالمبادرة والمنظمين لها ، وقال أن نجاحهم يعني نجاح العمل الديمقراطي في كافة أرجاء العالم ، معرباً عن أمله بان جهودهم – المشاركين- اليوم وغداً وفي المستقبل ستصل حتماً إلى ميثاق عربي يعبر عن كل هذه النجاحات. هذا وقد حضر حشد كبير من القيادات الحزبية والمدنية والثقافية، وشهدت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عبد الحسين شعبان فتح النقاش للمشاركين في الرؤى الكائنة لتنمية التجارب الديمقراطية العربية. وستواصل جلسات اللقاء أعمالها مساءً، وتستأنفها غداً صباحاً والتي من المتوقع أن يصدر عنها في الجلسة المسائية ليوم غد إعلان صنعاء بعد إقرار الميثاق العربي للديمقراطية.