لم يكن يوم إعلان الوحدة اليمنية يوماً مشهوداً من أيام اليمن التاريخية وحسب وإنما بات مثار اهتمام العالم أجمع ولا سيما بعد أن أعلن مضمون الوحدة اليمنية المتمثل بالنظام الديمقراطي لهذه الدولة الوليدة والفتية ، وأن النظام الديمقراطي المعلن لم يمكن شكلاً تقليدياً كأي تسمية من الأشكال الديمقراطية وإنما هي ديمقراطية تعددية حزبية قوامها قيام أحزاب سياسية ذات توجهات وايدلوجيات فكرية متنوعة ، تؤمن بالتداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات عامة أو قيام هيئات تشريعية برلمانية ومجالس محلية أيضاً إلى آخر ما تتضمنه الحياة الديمقراطية من فلسفة ومعنى والمعمول بها في كافة بلدان العالم وبوجه خاص في القارة الأوروبية ، هذه القارة التي نشأت بها وتطورت أكثر فأكثر واكتسبت المزيد من الوجوه المشرقة مع علمنا أن الديمقراطية لم تكن في أي يوم من الأيام إلاّ نتاج نضالات الشعوب المقهورة .. منذ ذلك اليوم أي يوم إعلان الوحدة اليمنية، ونظرة العالم الينا وإلى تجربتنا الديمقراطية تزداد احتراماً ، وتقديراً ، وإذا بالعديد من الهيئات والمنظمات الحقوقية وغيرها من منظمات المجتمع المدني تخصنا دون غيرنا في اختيارها لعقد فعالياتها ومؤتمراتها في بلادنا ، تقديراً منهم وعرفاناً بهذا التوجه نحو غد مشرق آمن محكوم بحياة ديمقراطية عادلة .. فلقد شهدت البلاد خلال السنوات المنصرمة حملة من المؤتمرات والندوات المعنية بالشأن الديمقراطي كان من ضمنها : مؤتمر الديمقراطيات الناشئة ذلك المؤتمر الذي تخللته بكلمة مشاركة للسيدة السنتور: (هيلاري كلينتون) ثمنت فيها دور اليمن بهذا الصدد .. واليوم ها نحن نشهد اختتام اللقاء التحضيري لتأسيس الحركة العربية للديمقراطية الذي احتضنته صنعاء يومي 13 و14 يونيو من الشهر الجاري.. تجدر الإشارة إلى أن المشاركين بهذا اللقاء نخبة من المثقفين من 14 دولة عربية ومن ضمنها اليمن ..وذكر الإعلان التأسيسي أن الرابطة العربية للديمقراطية : هي هيئة حقوقية وثقافية وفكرية وجزء من المجتمع المدني العربي بكل مكوناته ، ولا ترتبط بحكومة أو جهة خارجية أو بجماعة سياسية أو دينية .. وتنطلق من خصوصية المجتمع العربي، وثقافته وقيمه الدينية ، والإنسانية وتراعي سمة العصر والتوجه العالمي نحو الديمقراطية، والإصلاح ، وسيادة القانون والعدل الاجتماعي والتعددية ، وتداول السلطة سلمياً ، وفصل السلطات ، واستقلال القضاء ، واحترام حقوق الإنسان ، وحرية التعبير. الجدير بالذكر أن فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، كان قد استقبل المشاركين في اللقاء التأسيسي للإعلان عن رابطة العهدالعربي للديمقراطية ، واثناء هذا اللقاء أكد لهم : أن الديمقراطية بما تفرضه من حرية الرأي والتعبير والصحافة والمكاشفة والشفافية هي البديل عن التآمر والانقلابات والعمل السِّري المؤدي إلى العنف والفوضى ،.. وأضاف :إن الديمقراطية تمثل اليوم ضرورة لاغنى عنها وهي خيار العصر .. هذا وقد عرض لهم تجربة اليمن موضحاً : أن الدميقراطية يتم التعلم منها كل يوم الكثير وهي كفيلة بالكشف عن الأخطاء وجوانب القصور . وأضاف قائلاً : لقد كان البعض في بلادنا في بداية العمل والأخذ بها يضيق صدره من النقد الموجه إليه ، ولكن شيئاً فشيئاً تعود أولئك على النقد من خلال الممارسة الديمقراطية ، واتضحت الكثير من الأمور ، ولهذا فإننا نتعلم كل يوم الكثير من الديمقراطية. من جانب آخر تحدث الدكتور/ عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، رئيس منتدى جسور الثقافات بكلمة الافتتاح لهذا اللقاء حيث قال : إن الديمقراطية والتنمية صنوان متلازمان ، وإن دور المواطن فيهما هو المقياس الحقيقي لوجود ديمقراطية حقة وتنمية مستدامة .. وأشار إلى أهمية دور منظمات المجتمع المدني ووقوفها صفاً واحداً في كل أرجاء الوطن العربي، لحماية هذا الحراك الديمقراطي الناشئ خصوصاً أن هذا الحراك عززته تقارير التنمية الانسانية العربية والدولية باعتبار أن المنطقة العربية ، تأتي في مؤخرة دول العالم ، من حيث التحول نحو الديمقراطية . وأضاف الدكتور الإرياني قائلاً : إن منظمات المجتمع المدني في الوطن العربي تُعدْ إحدى الآليات الرئيسية في التوجه نحو الديمقراطية في حال توافرت الشروط اللازمة لها. داعياً منظمات المجتمع المدني إلى تعزيز علاقاتها مع الحكومات لتحقيق أقصى حد من الديمقراطية والتنمية الشاملة ونوه المستشار السياسي لرئيس الجمهورية بقوله : إن الإصلاح السياسي الديمقراطي لن يتحقق ما لم تتبناه قوى اجتماعية وسياسية فاعلة وتأتي منظمات المجتمع المدني في مقدمتها .. ورحب الدكتور الإرياني بدور حكومة قطر وما تقوم به وخاصة الحدث الديمقراطي الذي تبنته مؤخراً والمتمثل بتأسيس المؤسسة العربية للديمقراطية. وعن المشاركين بهذا اللقاء القت الأخت / حصة بنت خليفة آل ثاني كلمة قيمة وهادفة عبرت عن تطلعات الإنسان العربي إلى حياة ديمقراطية صحيحة ، وكما جاء في كلمتها : إن هذا اللقاء يكتسب أهمية كبرى ومميزة كونه ينطلق من أرض اليمن ، أرض البدايات وعبق الحضارات .. وقالت : من أكثر المهمات صعوبة هو التصدي للمواثيق وصياغتها حيث أن أكثر مايغيب عنا هو التأصيل لأهم المبادئ والقيم التي يتطرق لها مشروع هذا الميثاق ، كالمساواة والحرية والتعليم والعمل والحياة الكريمة والتعبير عن الفكر والإرادة في اختيار من يمثلوننا .. منوهة إلى أنه من غير المعقول والمقبول أن تبقى القوى الكامنة والخلاقة من الرواد والمفكرين والمبادرين والناشطين في المقاعد الخلفية لحركة المجتمع العربي .. هذا ومن جانبه تحدث الأخ/ جمال العواضي أمين عام منتدى جسور الثقافات حيث طالب بضرورة التفعيل الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني بالوطن العربي وتحويله إلى نشاط تاريخي فعال جدير بالذكر إلى أن الهيئة التأسيسية كلفت لجنة متابعة برئاسة الدكتور/ عبدالكريم الارياني المستشار السياسي للرئيس ، ورئيس منتدى جسور الثقافات وعضوية كل من المركز الوطني لحقوق الإنسان ، ومركز عمّان لدراسات حقوق الإنسان لمواصلة العمل خلال الأشهر المقبلة والتحضير لاجتماع قادم خلال الثلاثة الاشهر المقبلة لمناقشة اللائحة الداخلية وخطة عملها الاستراتيجية واختيار الأمانة العامة.