بإعلان الجيش اليمني السيطرة على آخر معقل لمسلحي ما يعرف ب"أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة واستعادة محافظة أبين، يكون اليمن قد أغلق إحدى أهم نقاط التوتر والحرب التي كانت من أهم التحديات التي فرضت نفسها كأولوية على الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الجديدة منذ فجرها، وذهب في طريقها المئات من الجنود المواطنين ، خلال أكثر من عام على سقوطها المفاجئ وصولاً إلى الانتصار المفاجئ.. وبهذا الحدث الفاصل، تكون الدولة قد استعادت إحدى أكبر المحافظات اليمنية التي سقطت بيد ميليشيات خارجة عن القانون.. كما أنه أول انتصار عسكري للجيش في اليمن الجديد الذي ترتب على ثورة التغيير السلمية التي أطاحت بنظام علي عبدالله صالح.. من جهة ثانية، خاض الجيش هذه المعركة موحداً وحقق هذا الانتصار في ظروف صعبة ومعقدة أهمها الاشكالات المترتبة على انقسام المؤسسة العسكرية العام الماضي بين موالية للنظام السابق ومؤيدة للثورة الشعبية، ونزيف الثقة جراء علامات الاستفهام حول هذه الصراعات والأزمات المفتعلة.. الأمر الذي يزيد من ثقة ودعم الولاياتالمتحدةالأمريكية والأطراف الخارجية المهتمة بملف الإرهاب، بالقيادة الجديدة ووزارة الدفاع، بعد أن كان ملف القاعدة طوال السنوات الماضية والتعامل مع الخارج حوله مقتصراً على أقارب صالح الذين يمسكون بالأجهزة الأمنية والعسكرية.. وكانت مهمة شاقة لقوى الثورة والرئيس خلال العام الماضي تطمين الخارج بمحارب الإرهاب وحماية المصالح الغربية.. انتصار مفاجئ خلال الاسبوع الماضي أعلن الجيش استعادة مدينة جعار التي تعد معقلاً للمسلحين وطرد القاعدة منها، وبعد ساعات فقط أعلن عن استعادة مدينة زنجبار عاصمة المحافظة.. بعد عام على سقوط المدينة كلياً والمواجهات العنيفة المتقطعة والغارات الجوية.. وبعد شهر واحد من بداء العملية العسكرية الواسعة التي شاركت فيها العديد من الألوية.. الأمر الذي قسم الناس بين مشكك بتفاصيل الأيام الأخيرة وبين من يعتقد أنها طبيعية.. ففي حين يرى بعض المراقبين أنه تطور طبيعي جاء ثمرة للعمليات العسكرية التي يشارك فيها قرابة 8 ألوية عسكرية وتعاون المواطنين الذين مثل وجودهم عبر اللجان الشعبية تطوراً حاسماً في الصراع.. بالإضافة إلى الغارات الجوية المكثفة التي يواجهها المسلحون.. لكن آخرون يضعون علامات استفهام حولها سقوطها الأخير.. ورجح الصحفي والباحث محمد الأحمدي، والذي سبق أن زار جعار وزنجبار أثناء المواجهات الفترة الماضية اكثر من مرة.. رجح في حديث ل"نشوان نيوز" أن تكون عناصر القاعدة قد تأثرت كثيراً نتيجة الحصار الذي فرضه الجيش في الأيام الأخيرة على جعار، وقيامه بقطع خطوط الامداد والتواصل ما جعلها تقرر الانس.. وشكك آخرون في تفاصيل الأيام الأخيرة واعتبروها مسرحية مكملة لمسرحية السقوط المفاجئ العام الماضي.. وربطها البعض منهم بما تداولته بعض وسائل الإعلام الأسبوع قبل الماضي عن وجود تواصل غير مباشر بين السلطة والمسلحين عبر قيادات محلية، بحيث تنسحب القاعدة من جعار وزنجبار وتسلمهما للجيش مقابل وقف الملاحقة لبعض القيادات في التنظيم.. كما كان رئيس منظمة هود الحقوقية قد كشف عن أن قيادة "أنصار الشريعة" أبدت عبر المنظمة، استعدادها للحوار.. وقد كان من الملاحظ أيضاً خلال الأيام الماضية، أنه ورغم هذا التطور الفاصل في الحرب على الإرهاب في اليمن وتأثيره على مختلف الجوانب، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تصدر بياناً تبارك فيه هذه الانتصارات.. ما يضع علامة استفهام حول كمية الرضا الأمريكي عن هذه التطورات وعن القضاء على القضاء برمته. لكن المفاوضات مع عدمها في تفاصيل الانسحاب الأخيرة، برأي الكثيرين، لا تقلل من انتصار الجيش واللجان الشعبية، ولا من أهمية هذا التطور المتمثل في استعادة محافظة يمنية استراتيجية من يد مسلحين يهددون الأمن القومي المحلي والإقليمي والدولي.. كما أنها لا تقلل من كون ما جرى يعتبر خطوة هامة في القضاء على القاعدة في اليمن، بعد سنوات من الصراع الذي كلف الكثير من الضحايا والخسائر.. أبين والقاعدة .. من السقوط المفاجئ إلى الانتصار المفاجئ (رصد وقراءة سريعة لعام من الحرب والدلالات والتضحيات) ارتبط ذكر محافظة أبين بتنظيم القاعدة بكثرة منذ سنوات، حيث تنتمي بعض القيادات التي ارتبطت بالقاعدة إلى المحافظة، وتصاعد وجود المجاميع المسلحة المفترضة للقاعدة منذ العام 2008 تقريباً بعد أن تركت الأجهزة الأمنية مناطق قبلية كمديريات، لودر، والمحفد، والوضيع، ومودية.. ودارت مواجهات متقطعة بين هذه المجاميع وبين قوات الأمن طوال السنوات الماضية سقط على إثرها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.. ومن أبين أعُلن عن قيام كيان يوحد القاعدة في اليمن و السعودية ، ذلك الذي أطلق عليه "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" بقيادة ناصر الوحيشي أحد أبناء أبين.. وفي أبين أيضاً تمت مجزرة المحفد الشهيرة التي قتل فيها ما يزيد عن 40 مدنياً في غارة جوية أمريكية في العام 2009.. السقوط المفاجئ سقطت زنجبار عاصمة محافظة أبين بيد المسلحين المفترضين لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أو ما يسمى ب"أنصار الشريعة" بتاريخ 27/5/2011 بطريقة مفاجئة، حيث قام النظام السابق بسحب الأجهزة الأمنية في خطوة أثارت العديد من علامات الاستفهام حولها، حيث لم يجد المسلحين أية مقاومة واستطاعوا السيطرة على مقرات أهم الأجهزة الأمنية منها مبنى النجدة ومقر امن المحافظة ومقر المخابرات ومعسكر الامن المركزي ومكتب المحافظ، وحاصروا معسكر اللواء 25 ميكا، بينما كانت العديد من المناطق في أبين قد سقطت تدريجيا بيد القاعدة فور تخلي الدولة عن تلك المناطق، وكل ذلك تزامناً مع الهجوم على منزل الشيخ صادق الأحمر في منطقة الحصبة بالعاصمة صنعاء... وفسرت تلك الخطوة في ذلك الوقت بالذات، على أنها إشعال نار تصرف أعين الناظرين إليها عن نار أخرى. واختلاق موت مغري لوسائل الإعلام بعيداً عن الثورة، يبعد العالم عن الاهتمام بالحرب التي كان نظام صالح يعد لها في الأشهر الأولى للثورة.. وبذلك السقوط تكون مدينة يمنية ساحلية هامة قد سقطت في أيدي مئات المسلحين، ما يهدد الأمن القومي اليمني وكذلك الإقليمي والدولي، وتكمن خطورة أحداث أبين كونها الطريق إلى عدن التي تشرف على أحد أهم الممرات الدولية المتمثلة في باب المندب، ثاني أهم المدن اليمنية، ما من شأنه إن يفتح المجال للتدخل الخارجي من قبل القوى الدولية بعدن بحجة تأمين الممرات الدولية ومواجهة الإرهاب وبالتالي إخماد الثورة وإبقاء النظام.. هكذا فُسرت الرسالة للداخل.. أما للخارج فذهبت أكثر التفسيرات لقيام النظام بتسليم المدينة للقاعدة على أنها جاءت لتخويف العالم بأن القاعدة هي البديل عن النظام الذي يريد الشعب تغييره، حيث جاءت تلك الخطوة بعد أن قال صالح في خطابه في 21مايو إن القاعدة سوف تسيطر على ثلاث مدن يمنية.. وهي (أبين، وشبوة، ومأرب).. أبين.. البيان رقم (1) وفي أول رد فعل ينم عن إدراك عسكري وأمني لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع التي بدأت بسقوط أبين، كان "البيان رقم 1"، للقيادات العسكرية المؤيدة للثورة حيث يتضح من سياقه أن تسليم أبين للمسلحين كان الدافع الأهم لصدور البيان الرسمي الوحيد الذي جاء فيه: "إننا يا أبناء قواتنا المسلحة والحرس الجمهوري ورجال الأمن الأباة باسمكم جميعا ندين ونستنكر بشدة ما أقدم عليه النظام من تسليمه لبعض المحافظات لمجاميع من المسلحين من قطاع الطرق والمخربين والإرهابيين الذين أوجدهم النظام وشجعهم على القتل والتقطع والتخريب في محاولة يائسة منه للإساءة إلى مؤسستنا العسكرية من أنها مؤسسة فاشلة وغير حريصة على الوطن ومكتسباته، وللإيحاء للآخرين بأن اليمن بدونه ستغدو صومال أخرى، فهيهات هيهات أن يتحقق له ذلك ونحن جميعا على قيد الحياة". وقال البيان الذي قرأه اللواء عبدالله علي عليوه ومعه اللواء علي محسن واللواء حسين عرب: "وما توجيهاته (النظام) بالأمس للأجهزة العسكرية والأمنية بمحافظة أبين لتسليم مؤسسات الدولة للإرهابيين والمجاميع المسلحة وتسليمه مرافق الدولة ومؤسساتها في العاصمة صنعاء لمجاميع من البلاطجة المسلحين وسحبه الأمن والحرس الجمهوري والشرطة العسكرية من هذه المرافق التي أضحت الآن مستباحة من قبل هؤلاء البلاطجة نهبا وتخريبا إلا دليلا دامغا على حقده على الوطن وقواته المسلحة وأمنه البواسل. وأمام هذه التصرفات لا بد أن نثبت لشعبنا ووطننا وأمتنا وللتاريخ أننا كنا ولا نزال الحماة الأمناء لمكتسبات الوطن والثورة والجمهورية والوحدة، وأن نؤكد ولاءنا لله وللوطن الأغلى لدينا من أرواحنا وأبنائنا، وأن نحرص جميعا على وحدة مؤسستنا العسكرية والأمنية التي حاول رئيس النظام جاهدا تفكيكها وتدميرها وزرع الأحقاد فيما بين فروعها ووحداتها ظنا منه أنه سيفلح.. وخاب ظنه، وأضحت نواياه مكشوفةً للعيان من أنه يريد تدمير الوطن عبر تدمير مؤسسته العسكرية والأمنية ليثبت زيف مقولته بأنه إذا سلم السلطة سيتدمر الوطن.. فهل سنكون نحن الأداة لتحقيق حلمه المريض؟ حاشا لله أن نكون كذلك". وأضاف البيان: إننا إذ نهيب بالجميع في كافة الفروع والألوية والوحدات بالحفاظ على وحدة مؤسستنا العسكرية والأمنية وعدم الرضوخ لأي أوامر للزج بها في مواجهة مع بعضها أو مع الشعب، ومن أجل الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية والأمنية كمؤسسة وطنية واحدة نهيب ببقية إخوتنا قادة المناطق والألوية والوحدات أن يعلنوا بكل شجاعة تأييدهم للثورة للاصطفاف إلى جانب الشعب والوطن. وكذلك نهيب بقيادات وموظفي الدولة في الحفاظ على الوزارات والمؤسسات من عبث أعوانه وزبانيته، وأن علينا جميعا أن ندرك أننا مسؤولون أمام الله والشعب والوطن في الحفاظ على مقدراته"... اللواء 25 ميكا محاصراً مثلما ذكرنا أن الأجهزة الأمنية سلمت مقارها وأسلحتها للمسلحين وانسحبت من المحافظة، فقد صمد اللواء 25 ميكانيك والمرابط على مشارف مدينة زنجبار عاصمة أبين، ورفض الانسحاب من المدينة؛ إذ ظل اللواء 25 محاصراً يخوض مواجهات عنيفة وحيداً مع المسلحين لأكثر من 100 يوم، بالتنسيق مع القيادات والألوية العسكرية المؤيدة للثورة بالإضافة إلى نائب الرئيس عبدربه منصور هادي وقيادة وزارة الدفاع وأبناء المحافظة، بينما كان قائد المنطقة الجنوبية العسكرية السابق مهدي مقولة يرفض تقديم الدعم للواء 25 ميكا، وكما أكد ذلك قائد اللواء العميد محمد الصوملي في مقابلة له مع صحيفة "الشرق الأوسط"... وعن صمود اللواء وعدم لحاقه بالأجهزة الأمنية المنسحبة يقول الصوملي: واجبنا الوطني والديني والأخلاقي أمام الله والوطن وأمام المحافظة لا يسمح لنا أن نتخذ خطوة مثل هذه، هذا نوع من الهروب والجبن الذي لا ترضاه لي أخلاقي العسكرية ولا يرضاه كذلك زملائي من ضباط وأفراد اللواء. وقد اجتمعت مع ضباط اللواء وقلت لهم بالحرف الواحد: لن ننسحب، لن نسلم أسلحتنا ل«القاعدة»، لن يتحدث الناس أننا انهزمنا أمام عصابات مسلحة تتلبس بالدين ولا علاقة لها به. وقلت لهم عن نفسي إنني سأقاتل حتى يأتي فرج من الله أو أستشهد ولو لم يبق معي أحد. وما زال هذا موقفي ولن أتزحزح عنه، وصلنا مدد أم لم يصل. أقول لك هذا اللواء حاجز بين هذه العناصر المسلحة والوصول إلى عدن، ولو ننسحب أو نستسلم فسوف يدخلون عدن اليوم الثاني، ومنها إلى بقية المحافظات، ولك أن تتصور مستقبل البلد إذا سيطرت عليه هذه العناصر الهمجية المسلحة. لا، لن نقوم بعمل جبان كهذا". وعن ملابسات سقوط زنجبار، يقول الصوملي: "فوجئنا في اللواء بسقوط جميع الأجهزة الأمنية والإدارية دون أدنى مقاومة تذكر. ومن ثم تسلم تنظيم القاعدة معظم المنشآت والعتاد الذي كانت يتبع تلك الأجهزة الحكومية. وبعد أن تم لهذه العناصر ما أرادت من الاستيلاء على زنجبار والسيطرة على العتاد والمنشآت العسكرية والمدنية، بدأ عناصر «القاعدة» بشن هجوم عنيف وشامل على اللواء 25 ميكا لإجباره على الاستسلام والسيطرة على معداته الحربية".. لا أستطيع فهم ما حصل أما عن انسحاب الأجهزة الأمنية، فإن الصوملي لا يقطع ببراءة ذلك الانسحاب ولكنه يضع فراغاً حوله، ويقول: إن "الأجهزة الأمنية انسحبت من أبين مخلفة أسلحتها وراءها، و«القاعدة» استولت على هذه الأسلحة وهم اليوم يستخدمونها ضدنا، هذا ما لا يستطيع أحد إنكاره. أما إذا سألتني عن الدوافع وراء ذلك فأنا أقول لك «الله أعلم». صراحة أنا لا أريد أن يذهب ظني بعيدا لأتهم زملاءنا بالتواطؤ مع «القاعدة» ضدنا".. ويضيف: لا أستطيع أن أفهم ما حصل، وقلت لك إنني لا أعتقد أن زملاءنا قد خانونا لصالح «القاعدة»، ولكن التفسير الأنسب بالنسبة لي هو أن الجبن قد أصابهم ففضلوا النجاة وتركونا لمصيرنا. وانسحبوا دون قتال. وإذا كان الأمن العام والنجدة قد قاموا ببعض المناوشات وحوصروا من قبل عناصر «القاعدة»، فإن الأمن المركزي انسحب دون أي مواجهة، وهذا أمر مخجل".. خذلان قيادة المنطقة الجنوبية لم يكن خذلان أو تواطئ قائد المنطقة الجنوبية السابق الموالي لصالح يحتاج إلى دليل مع بقاء اللواء 25 ميكا محاصراً لأكثر من ثلاثة أشهر، وتناقلت وسائل الإعلام عن مصادر في السلطة إن اللواء مهدي مقولة كان يرفض أوامر النائب هادي بدعم اللواء 25 ميكا، وذكرت صحيفة "الوسط" في أحد أعدادها العام الماضي، أن الرئيس هادي يوم كان (نائباً) عبر عن استيائه من ذلك وتساءل في اجتماع له مع وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان حول ما إذا كان "مقولة" يتبع لهم، وأجابوه ب"لا". ويذكر الصوملي دور مقولة خلال الثلاثة الأولى من المواجهات قائلا: "لدينا وعود واتصالات من اللواء مهدي، والمقولة التي تتكرر في اتصالاته: «غدا نكون عندكم»، ويأتي الغد ولا يأتي أحد".. فك الحصار في أواخر سبتمبر العام الماضي، تمكنت قوات من الجيش من اللواء 119مشاة واللواء "201" من فتح طريق ساحلي وفك الحصار عن اللواء 25 ميكا، وقد كانت تنسق مع وزارة الدفاع و"نائب الرئيس" ، الذي كان يداوم في وزارة الدفاع قبل أن يصبح رئيساً. وبعد فك الحصار عن اللواء 25 ميكا الذي قدم اكثر من 300 شهيد من منتسبيه أثناء صموده في مواجهة القاعدة، استمرت المواجهات بشكل شبه يومي، حتى صعود عبدربه منصور هادي إلى الرئاسة.. إقالة مقولة كان الحديث عن تواطؤ قائد المنطقة الجنوبية مهدي مقولة الموالي لعائلة صالح مع المسلحين مجرد ترديدات من جهات مختلفة بشكل أو بآخر عبر وسائل الإعلام.. لكن ومع انتخاب عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية في 21 فبراير الماضي، بدا واضحاً للناس ما كان غير رسمي في الفترة الماضية.. إذ كان القرار الأول الذي اتخذه الرئيس هادي بعد اسبوع من انتخابه هو إقالة مهدي مقولة من قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية وتعيين اللواء سالم قطن خلفاً له.. هذا القرار بالنسبة لعبدربه منصور هادي كرئيس من أبناء محافظة أبين وصل إلى السلطة، هو دلالة على أولوية ملف الحرب على القاعدة في أبين لدى النظام الجديد الذي يريد فرض سيطرته على مدينة استراتيجية هامة وتحقيق نصر ضمن الملفات المختلفة المتشابكة داخل اليمن، كما هو دلالة في الدور المشكوك الذي كان يلعبه قائد المنطقة الجنوبية السابق.. وبعد قرار إقالة مقولة، وقبل تسلم القائد الجديد للقيادة هاجمت القاعدة معسكراً للجيش في وادي دوفس وحدثت النكسة الكبيرة التي هزت البلاد بمقتل ما يقرب عن 200 جندي وآسر 70 آخرين في اللواء 39 حرس جمهوري الذي سقط بيد القاعدة، دون مبرر معقول.. سوى ما قيل عن أنه ردة فعل مهدي مقولة على قرار الرئيس بإقالته.. وقد شكلت وزارة الدفاع لجنة للتحقيق في ذلك الحادث الذي اعتبرت إنه من غير الطبيعي أن يسقط معسكراً إلى القرب معسكرات أخرى بوضع قتالي ولا تقوم بالمساندة.. مرحلة جديدة مع تسلم الرئيس عبدربه منصور هادي رسمياً لرئاسة البلاد، وتعيين قائد للمنطقة الجنوبية، بدت الأمور تسير بشكل منسق أكثر من أي وقت مضى.. كما تم التنسيق مع قيادات محلية وشخصيات مؤثرة في أبين كمحمد علي أحمد الذي عاد لأول مرة منذ 15 عاماً إلى اليمن .. وبدأ الجيش بالعمل أكثر تنسيقاً كما بدأت اللجان الشعبية التي كان لها دور حاسم في ضرب المسلحين المفترضين للقاعدة.. كما لوحظ خلال هذه الفترة أن الغارات الجوية التي تقول المصادر غير الرسمية إنها أمريكية،.. لوحظ أنها لم تخطأ هدفها كثيراً، كما كانت تفعل في عهد النظام السابق الذي كانت أجهزته تزودها بمعلومات خاطئة عن مواقع المسلحين، الأمر الذي كان ينتج عنه سقوط عشرات المدنيين وترويع الآسر الأمنية.. وهو ما اختفى في الشهور الأخيرة بشهادة الكثير من المراقبين الذين يؤكدون أن الغارات الجوية جميعها تقريباً أصابت أهدافها بدقة وقتلت من العناصر الإرهابية.. حملة عسكرية واسعة في 12 مايو الماضي بدأ الجيش بمساندة اللجان الشعبية بدأ السبت عملية عسكرية هي الأولى من نوعها من ثلاث جبهات، برية وجوية وبحرية، حيث شارك فيها 8 ألوية عسكرية على الأقل، وكان وزير الدفاع محمد ناصر احمد يشرف من قرب على هذه العملية وتقدم الجيش خلالها تقدماً خصوصاً في الأيام الأولى.. وفي 17 مايو أعلن عن تحرير مدينة لودر من عناصر القاعدة، لتكون أول مدينة يحررها الجيش من القاعدة، في إحدى جبهاته الثلاث (لودر، جعار، زنجبار).. وكان للجان الشعبية دوراً حاسماً هناك.. السيوف الذهبية في 12 يونير الجاري، أي بعد 30 يوماً من بدء العملية العسكرية الواسعة أعلنت وزارة الدفاع تطهير مدينتي زنجبار وجعار وقصر خنفر ومنطقة الرهوة من عناصر الإرهاب وفتح طريق عدنأبين أمام المواطنين.. لتكون مدينة شقرة الساحلية هي آخر معقل للقاعدة، وهي المدينة التي اعلن الجيش الجمعة 15يونيو عن دخولها وطرد القاعدة.. لتعود بذلك أبين من يد الجماعة المسلحة التي أطلقت على نفسها "أنصار الشريعة"، ولازالت الكثير من علامات الاستفهام حولها، وحول هذه المعركة التي سقط فيها ما يقارب 2000 قتيل، بينهم مئات الجنود والمواطنين.. تلك المدينة التي سقطت فجأة بيد القاعدة، ثم سقطت القاعدة فيها فجأة..