تعد القضية الجنوبية احد محاور مؤتمر الحوار الوطني في اليمن المزمع انعقاده قريباً بل وأهم القضايا المطروحة للنقاش والتي اصبحت جميع القوى السياسية على الساحة اليمنية توليها جل اهتمامها بغض النظر عن خلافاتها السياسية وذلك انطلاقا من المسؤولية الوطنية التي تحتم على الجميع العمل الجاد لحل هذه القضية الهامة وبما يرضي اخواننا في المحافظات الجنوبية . وفي سبيل الإعداد والتشاور حول تمثيل الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني انعقد مؤخراً اجتماعا في القاهرة ضم عددا من القيادات الجنوبية بحضور المندوب الأممي جمال بن عمر. إلا ان بعض الإخوة الحراكيين تقدموا خلال المؤتمر باطروحات ومطالب تعجيزية محاولين وضع العربة امام الحصان مطالبين بداية بالاعتراف الصريح حسب زعمهم بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره والقبول بمبدأ الحوار الجنوبي الشمالي ممثلاً بالقوى الوطنية مناصفةً شمالاً وجنوباً ! فإذا كانت هذه استراتيجيتهم من اول وهلة ونحن على اعتاب الدخول في مؤتمر الحوار الوطني فما الداعي للتحاور ومطلبهم هذا بتقرير مصير الجنوب يعد بداية نكراناً إذ لم يذكروا هوية هذا الجنوب! بل وتصويره وكأنه واقع تحت استعمار حقيقي . معتبرين انفسهم القوى الوطنية التي تمثل الجنوب في حين ان مؤتمر الحوار الوطني سيعمل على حل هذه القضية بما يحتمه المنطق ويرضي اخواننا ابناء المحافظات الجنوبية لكن اسلوب الجدل الإستباقي بهذه الطريقة وقبل الدخول في مؤتمر الحوار ووضع الشروط المجحفة بالوطن برمته من خلال هذه الأطروحات هو من باب حوار (حبتي وإلأ الديك) . نقول لإخواننا اصحاب نظرية فك الأرتباط ان يتجاوزا عقدة حرب 94م بالعمل على حل وتصحيح كل ما انتجته تلك الحرب التي كانت نتاج صراعات سياسية على السلطة وليست من اجل عيون ابناء الشعب اليمني في جنوب الوطن أوشماله وليعملوا الى جانب كل القوى الوطنية من خلال مؤتمر الحوار على حل هذه القضية وغيرها وارضاء اخواننا الجنوبيون بما يرفع عنهم كل المظالم التي اساءت أيضا الى الوحدة منذ1994م والتي اصبحت شماعة تعلق عليها كل اخطاء السياسيين وقوى النفوذ. ولتتظافر الجهود في سبيل الخروج برؤية وطنية مجمع عليها تحقق احلام شباب الثورة السلمية في ايجاد الدولة المدنية دولة النظام والقانون التي ينشدها الجميع وفق عقد اجتماعي جديد يحدد أنموذج شكل الدولة ونظام الحكم. واذا كان بعض الإخوة في الحراك يتذرعون باستحالة التحاور أوالبقاء والتعايش مع القوى التقليدية والقبيلة المسلحة في الشمال فإنهم يدركون ان القبيلة جزء من النسيج الإجتماعي اليمني في الشمال والجنوب ولايمكن تجاوزها في حين ان القبيلة لم تعد قبيلة المغارة والبندق فمكوناتها تذوب تدريجيا ضمن مجتمع التمدن وصار الكثير من رجالات القبائل ومتنفذيها يحترفون التجارة ويبتعثون ابنائهم للدراسة في الجامعات العربية والأجنبية وصارت لهم مصالح يرعونها ويخشون عليها واصبح يهمهم الأمن والإستقرار اكثر من غيرهم . بل ان غالبية النخب السياسية هي آتية أصلاً من رحم القبيلة واعتقد أن راس الأمرفي وجود دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية في مثل بلدنا هو القيادة السياسية فإذا صلح الراس صلح الجسد فعند وجود القيادة السياسية الوطنية المؤهلة والمتمكنة فإن الناس على دين ملوكهم وحسبنا الإنتعاش الإقتصادي والرخاء والعدل الإجتماعي الذي شهده الوطن إبان حكم الزعيم الراحل ابراهيم الحمدي والذي اصبح القبيلي المتقلد سلاحه ينال جم الإزدراء من الشارع اليمني . كما ان القبيلة تلاشت في مجتماعات كثيرة كانت عشائرية اكثر من واقعنا اليمني ودول الجوارخير مثال على ذلك. ان المشاركة الإيجابية الفاعلة من قبل اخواننا حراكيي فك الإرتباط في مؤتمر الحوار الوطني هو الأسلوب الأمثل لتحقيق جميع مطالب اخواننا في الجنوب وإصلاح كل عطل اصاب مسيرة الوحدة وحلحلة جميع مشاكل اليمن.أما غير ذلك من الدعوات الإنفصالية في الجنوب أو المذهبية في الشمال فذلك بداية الدرب الذي سيقود الوطن برمته الى نفق مظلم وعودة للصراعات التي لن تستثني احداً .واليمن في غنى عنها وعن مهيآتها. فقد عاش مراراتها منذ قيام الثورة وحتى اواخر الستينات وكذا صراعات الشطرين حتى بداية التسعينات . فلماذ بعض القيادات الحراكية مازالت تصر على المطالبة بفك الإرتباط وهي تدرك انها لن تعود لحكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وان السلاطين اصبحوا يرتبون اوضاعهم من جديد يتهيؤون لرفع اعلام سلطناتهم من جديد وهم ينالون تقدير واحترام العامة في محلاتهم اكثر من احترام الرفاق! ولسان حالهم يقول (من يجرب المجرب عقله مخرب) . وإذا كانوا يدركون حقيقة ذلك فهم انما يسعون حالياً من خلال اطروحاتهم موافقة هوى التمزق والشتات والسعي الى فكفكة اليمن برمته وليس فك ارتباط شطرين . فهم يدركون ان مستقبل فك الارتباط ليس عودة براميل التشطير الراسخة في اذهانهم الى الشريجة اوكرش بل ستكون هناك براميل تشطيرية متعددة وسنرى عواصم الماضي السلاطيني تنبعث من جديد كالحوطة وشقرة ونصاب واحور وبيحان والقارة وبير احمد والمكلا وسيئون وحديبو . . وهلم جرا . عودة الى تلك المهزلة الإستعمارية السلاطينية التي لايملك الإنسان حيالها إلأ ان يضحك ثم يعتبر! حتى أن من يحلمون بدولة حضرمية فإنها لن تكون أيضاً إلأ حضرمية كثيرية حضرمية قعيطية. كما ان البعض سيتحلل حتى من هويته واحياء الهوية السلاطينية المناطقية التي حباها الإستعماربرعايته ومزعوم حمايته. على ان ذلك التمزق سيمتد اثره ومفعوله الى الشمال الذي يعيش مخاضاً مناطقياً ومذهبياً مبطناً ومتجذراً منذ عدة قرون فيما بين جنوب الشمال وتهامة وبين شمال الشمال سكان الهضبة .والذي بدأت بوادره في الآونة الأخيرة تطفو الى السطح. ولذلك فإن الوحدة اليمنية ستظل المرسى الآمن لكل اجيال الوطن التي يراد لسفينه العودة الى لجة البحر وامواج الصراعات. ونذكر تلك القيادات بان عليها ان ترقى الى مستوى المسؤلية تجاه هذا الشعب الطيب الذي مل من الصراعات والمكايدات والانانيات الضيقة فالتأريخ لم يشد او يمجد من يقومون بتمزيق الأوطان والشعوب بل يكون ذلك سبة الأجيال القادمة عليهم لاسيما ونحن نعيش متغيرات دولية تمجد التوحد وتسعى اليه وحققت الكثير من الشعوب توحدات فيما بينها باشكال الدولة المتعددة رغم مايعتري تلك الشعوب من اختلافات من حيث اللغة او العرق... نتمنى عليهم ان يدركوا حقيقة مستقبل ما يسعون اليه وان يتركوا المصالح الشخصية التي يحلمون بها والمكابرة المقيته التي ينطلقون منها للحتاور مع الأخرين فالوطن هو الباقي والأشخاص زائلون والوحدة ليست ملكا لجيل معين بل قدر ومصير كل الاجيال اليمنية وعلى من يسعى الى تجزئة الوطن الواحد ان يحتفظ بأفكاره المريضة كي تزول بزواله ولا يورثها واقعا وغصة للاجيال من بعده. .