اليمنيون يباركون الرد الايراني ويجددون ثبات موقفهم مع غزة وفلسطين    قصة من الارض الموسومة زورا بالحكمة    مشاهد جديدة.. دمار كبير في بئرالسبع وحيفا بالقصف الإيراني الأخير    صحيفة امريكية تكشف كلفة حرب إسرائيل ضد إيران    الحرب الايرانية الاسرائيلية تدخل يومها الثامن ومصادر غربية تتحدث عن تفضيل امريكي بريطاني للحل الدبلوماسي    العثور على جثة شاب مختطف بصنعاء بعد أكثر من أسبوع على اختفائه    إب .. تسلّيم ثلاثة مشاريع مياه بمديرية بعدان للهيئات الإدارية لتشغيلها    حسابات تأهل الأهلي المصري.. الأمل معلق بالبرازيليين    اختتام ورشة إعداد خطة العام 1447ه ضمن برنامج سلاسل القيمة في 51 مديرية نموذجية    أتلتيكو يداوي الجراح بثلاثية سياتل    كارثة كهرباء عدن مستمرة.. وعود حكومية تبخرّت مع ارتفاع درجة الحرارة    من "فتاح" إلى "سجيل".. تعرف إلى أبرز أنواع صواريخ إيران    ميسي ينضم إلى ظهير باتشوكا    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    المستوطنة الأثيوبية في عتق.. خطر داهم على حياة المواطن وعرضه    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    الطريق الدولي تحت سيطرة الحزام الأمني.. خنق لخطوط الإرهاب والتهريب    العرب والمسلمين بين فن الممكن المهين والاقتصاد المكثف المفخرة    شبوة تودع شهيدي الواجب من قوات دفاع شبوة    خسائر معهد "وايزمان" نحو اثنين مليار شيكل جراء القصف الإيراني    إن بي سي الأمريكية: عجز اسرائيل عن اعتراض الصواريخ الايرانية يتزايد    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    البيت الأبيض يعلق على موعد قرار ترامب بشأن الهجوم المحتمل على إيران    في ظروف غامضة    فريق الرايات البيضاء يكشف عن اخر مستجدات إعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    عن العلاقة الجدلية بين مفهوم الوطن والمواطنة    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    نتائج الصف التاسع..!    قضاة يشكون تعسف وزير المالية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى    الحوثيون يقرّون التحشيد الإجباري في الحديدة بدعوى نصرة إيران    "مسام" ينتزع نصف مليون لغم حوثي خلال 7 أعوام    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    مراجعات جذرية لا تصريحات آنية    ذمار تضيق على نسائها    المعبقي يكشف عن اجراءات نقل مقرات البنوك إلى عدن وكيف ستتعامل مع فروعها في مناطق سلطة صنعاء    خيانة عظمى.. علي ناصر محمد يتباهى بمنع انضمام الجنوب لمجلس التعاون الخليجي    من عدن إلى الضمير العالمي    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    الصبر مختبر العظمة    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    رسميا.. برشلونة يضم خوان جارسيا حتى 2031    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    لاعبو الأهلي تعرضوا للضرب والشتم من قبل ميسي وزملائه    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزمن الدائري في اليمن والفرار من سجون الماضي
نشر في نشوان نيوز يوم 31 - 08 - 2014

اليمن أسير الماضي، هكذا تبدو معادلة اللحظة الراهنة ، بتفاعلاتها ومنطوقها ومنتجاتها من العنف والكوارث والدمار. فما أن يتأهب اليمنيون كل مرة لمغادرة سجون الماضي بأثقاله وقيوده الغليظة الدامية حتى تحتشد قوى الماضي لشده وإعادته إلى الوراء. أنصع دليل على ذلك ما قدمه لليمنيين نصف قرن مضى من الأحداث الدرامية المدمرة وحتى اليوم.
علم الاجتماع السياسي يبين أن نمط الحياة السائد ما هو إلا تركيبة حية وعضوية للعلاقات الاجتماعية والتحيزات الثقافية. وكلا هذين الحاملين لنمط الحياة السائد في اليمن مشبعان بكثافة بعناصر الماضي وثقافته وروابطه الاجتماعية المتعددة. وهي ثقافة وروابط غائرة في البناء الاجتماعي السميك الذي يجري اعادة انتاجه على ذلك النحو وخاصة في شمال الشمال حيث البنية القبلية الراسخة أُستخدمت لعقود طويلة معاول هدم ودمار لمشاريع المستقبل بتحالف وثيق ومتماسك مع أيدولوجيات دينية وطائفية متخفية.
وقد سرّع النظام السياسي خلال العقود الثلاثة المنصرمة من إعادة إنتاج وتراكم تلك العلاقات والتحيزات وخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد في سبيل جعلها حصنا منيعا ضد مشاريع المستقبل. لقد استعادت تلك العلاقات والتحيزات مجالها وحيوتها وفاعليتها في جنوب اليمن بفعل تدخل ممنهج من النظام السياسي الحاكم وحلفائه الماضويين خلال سنوات ما بعد الوحدة بعد أن كان قد فككها وأعاد صياغتها لصالح مشروع المستقبل النظام اليساري الذي حكم جنوب البلاد في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي .
إن القوانين والأعراف والتقاليد والأيدولوجيات المتخلفة كثيرا ما يجري تبجيلها والتغني بها لا لمجرد انها منتوج الماضي "المُبجّل" ولكن لأنها تؤدي وظيفة حاسمة رئيسة في منح رموزه الغطاء والحق المقدس في الحكم والسلطة والثروة والجاه.
لقد تخيل شعب المايا على سبيل المقارنة الذي سكن الأرض قبل آلاف السنين أن آلهته يتناوبون في تحريك مسار الزمن بحيث يمارس منهم سلطته خلال قيامه بنوبته. وهكذا تبدو خارطة الزمن الدائري في اليمن حيث يتواجه اليوم المألّهَون بسلطة الماضي ويتناحرون على الظفر والسيطرة على حكم الانسان اليمني وأرضه.
لقد سمعنا مرارا وتكرارا من رموز قبلية كبيرة أن عائلتها حكمت اليمن لقرون طويلة وهي غير مستعدة للتخلي عن هذا الحق الذي منحته لها آلهة الزمن. وهكذا يدعي منافسوها اليوم دعاة الحق الإلهي ان السلطة والثروة والجاه هي أرث مطلق لهم أورثتها لهم سلطة الزمن الماضي الذي يعود إلى 1500 عام مضت. إنها قناعات مزيفة لدى أصحابها بغطاء أيدولوجي مقيت.
ان الزمن اليمني يكرر نفسه فيمضي في خط دائري لأنه يعيد عناصر ورموز الزمن الماضي ولو بأقنعة مختلفة. وهذا يتوافق مع ثقافة عصر إنسان العصر الحجري عندما كان يدفن موتاه عادة في وضع الجنين. فالوضع الجنيني هنا في مدافن الزمن الأرضي يشير إلى انتظار أولئك الموتى لميلادهم من جديد. فاليوم كما نسمع ونرى، فيما غالب اليمنيين يتجهون نحو المستقبل، خروج قوى مستعرة من مدافن الزمن الماضي تدعى الحق في حكم الحاضر اليمني ومستقبله ، وتستعين بسلطة ذلك الزمن بعلاقاته الاجتماعية وتحيزاته الثقافية لتسويق ذلك الحق. أنهم يصرخون "نحن الامس ، واليوم، والغد" كتلك الصرخة التي كانت تقتضيها شعائر فراعنة مصر القدماء وهم يتلونها على المتوفي منهم.
فهل ينجح هؤلاء في سلب اليمنيين الحق في العيش في كنف المستقبل، وهل ترضخ الملايين وتسلم نفسها رهينة لعبودية وطغيان رموز الماضي البغيض، بعد أن منحهم مؤتمر الحوار الوطني الشامل أفاقا رحبة وآمالا كبيرة في التحرر من قيود ذلك الماضي وأسلاكه الشائكة المهلكة. جاء الجواب بينا وقاطعا في مظاهرات يوم الاحد من هذا الأسبوع حين خرجت مئات الألوف تعلن وقوفها ضد كل مشاريع الزمن الماضي ودفاعا عن حق الحياة في زمن المستقبل. ولكن الدرس الأهم في مسار التأريخ اليمني المعاصر وتجارب الشعوب الأخرى الناهضة والمتقدمة ، أنه من اجل الانتقال إلى نمط حياة عصري جديد ، يتسم بالحداثة والتطور والاستمرارية ، لا بد من العمل حثيثا على تفكيك تلك العلاقات الاجتماعية والتحيزات الثقافية التي تنتمي إلى الماضي ، وذلك عبر نهضة تنموية شاملة يكون التصنيع فيها قاطرة هذه النهضة وحاملها الاساسي ، ويغدو فيها التعليم العصري والحديث نبعها الذي لا ينضب وسياجها المتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.