مسؤول رقابي يتسأل عن حقيقة تعيين والد وزير الصحة رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بصنعاء    الجاوي يدعو سلطة صنعاء لإطلاق سراح غازي الأحول    تسجيل هزتين أرضيتين غرب اليمن    تكتل قبائل بكيل: العدوان الإسرائيلي على الدوحة اعتداء سافر يمس الأمن القومي العربي    تصفيات اوروبا لكأس العالم: انكلترا تكتسح صربيا بخماسية    تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم: كوت ديفوار تحافظ على الصدارة    مصر تقترب من التأهل إلى كأس العالم 2026    قطر: لم يتم إبلاغنا بالهجوم الإسرائيلي مُسبقًا ونحتفظ بحق الرد    ضرب محيط القدس وام الرشراش بصاروخ انشطاري و3 مسيرات    قيادي في الانتقالي يستقيل من رئاسة مؤسسة هامة ويبين أسباب استقالته    مصر: إحالة بلوغر إلى المحاكمة بتُهمة غسيل الأموال    اليمن يودّع حلم التأهل إلى كأس آسيا بخسارة أمام فيتنام    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ شاجع درمان    بين جوع العمال وصمت النقابات.. حكاية الرواتب المؤجلة    أمين عام رابطة الجرحى بمأرب يتحدى الإعاقة ويحصل على الماجستير في الرياضيات    الإصلاح: الاستهداف الصهيوني لقطر سابقة خطيرة تستوجب موقفاً عربياً موحداً    الجراحُ الغائرة    الان .. صاروخ يمني يحلق باجواء الاراضي الفلسطينة    اجتماع يناقش آثار إضراب المعلمين وآلية استقرار العملية التعليمية في شبام بحضرموت    إب.. السيول تغمر محلات تجارية ومنازل المواطنين في يريم وتخلف أضرارا واسعة    لجنة الإيرادات السيادية والمحلية تتابع مستوى تنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماعاتها السابقة    بحضور السقطري والزعوري.. إشهار جمعيتين متخصصتين في تنمية البن والعسل بعدن    وداعاً بلبل المهرة وسفير الأغنية المهرية    دعوة يمنية لعودة اليهود من فلسطين إلى موطنهم الأصلي بلاد اليمن    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مكتب الصحة بالمهرة ويطلع على الخدمات المقدمة للمواطنين    وقفة احتجاجية لطلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا بعدن رفضا لرفع الرسوم الدراسية    نادي نوتنجهام فورست الإنجليزي يُقيل مدربه إسبيريتو سانتو    ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 64,605 شهيدًا و163,319 إصابة    أمن عدن يصدر بيانًا بشأن الفتاة المختفية في بئر أحمد    في ذكرى تأسيس الإصلاح..حقائق وإشراقات وإنجازات وتحديات    لحج.. غموض يكتنف تصفية مصنع حكومي لإنتاج معجون الطماطم بعد بيع معداته ك"خردة"    النفيعي: جئنا للمنافسة وسنلعب للفوز بالكأس.. والدقين: لن نفرط في حقنا أمام السعودية    الأرصاد يحذّر من أمطار غزيرة مصحوبة برياح وحبات البرد في عدة محافظات    تواصل فعاليات "متحف الذاكرة" بتعز لتوثيق معاناة الحصار وصمود أبناء المدينة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    يا عزيزي كلهم لصوص    الكلدي: البنك المركزي الراعي الرسمي للمضاربة بالعملة    الوطنية ليست لمن تسكعوا في الخارج    أزمة خبز خانقة في عدن    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    منتخب اليمن الأولمبي أمام الإختبار الآسيوي المهم    خبير مالي يكشف عن نزاع بين البنك المركزي بعدن ووزارة المالية    حماية الجنوب.. رفض توظيف الدين لأجندات سياسية وحدوية يمنية    سامحوا المتسبب بموت زوجها وأطفالها الأربعة دون علمها.. امرأة تستغيث بالقبائل    الزبيدي يعطي الاهتمام لمصفاة عدن كركيزة هامة للاقتصاد الوطني    فريق القدس يتوج بطلا في ذكرى المولد النبوي الشريف    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    وفيكم رسول الله    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    مرض الفشل الكلوي (20)    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران وإسرائيل.. تنويعان على مقام واحد
نشر في نشوان نيوز يوم 27 - 12 - 2010

طبعا لا يتصور أحد أن الدولتين المختلفتين: إيران وإسرائيل يمكن أن تكونا مؤتلفتين، لكن ذلك أمر ممكن دون أن نعني أن الدولتين على انسجام أو أن العداء بين الدولتين إنما هو عداء ظاهري كما يحلو للبعض أن يصور.
لا، ليس هذا هو القصد. القصد هو إبراز أهم نقاط التشابه بين إيران وإسرائيل إزاء المرتكزات الثيولوجية لكل منهما وتوظيفهما للدين في خدمة سياستيهما، وكذا تشابه السياستين في بعض الملفات الداخلية والإقليمية والدولية. في البدء، الدولتان تحاولان الاستناد إلى شرعية دينية، قضت بذلك «كتب سماوية» لا سبيل إلى الخروج عليها حسب فهم القادة الدينيين في الدولتين لهذه الكتب.
إيران تستند إلى «التشيع» أو لنقل إلى (الإسلام الإيراني) بعد أن طوعته سياسيا لخدمة نظريتها في الحكم الثيوقراطي، وأخرجته في نسخة جديدة منقحة عن النسخة القديمة المستندة إلى «الوصية الإلهية» التي أخرجها الخميني في ثوب «الولي الفقيه». إسرائيل بدورها قائمة على شرعية دينية أخرى تستند إلى «العهد الإلهي» للإسرائيليين في امتلاك الأرض المقدسة حسب تأويلات الأصوليين اليهود للتوراة والعهد القديم. وعلى الرغم من وجود شيعة يعارضون «ولاية الفقيه» وعلى الرغم من وجود يهود يعارضون نظرية «العهد الإلهي» فإن الدولتين تسوقان نفسيهما على أن الأولى حامية الحمى الشيعي بل والإسلامي، وأن الثانية هي حامية الميراث اليهودي في العالم.
والعجيب في الأمر أن الدولتين تتشابهان في التوظيف السياسي للدين ومحاولة أدلجته لمناسبة الطموحات القومية اللادينية التي تكاد تكون عنصرية للدولتين. هناك على الجانب الإيراني مثلا قوميون إيرانيون يعتدون بإيران ما قبل الإسلام ويرون أن الفتح العربي الإسلامي كان بالنسبة للحضارة الفارسية كارثة أدت إلى تراجع المد الحضاري الفارسي بعد «الغزو العربي الهمجي» حسب التصورات القومية لهذا التيار، ومع ذلك فإن هذا التيار القومي الساساني يعد أحد التيارات الرئيسية في إيران (الإسلامية) في توافق عجيب بين المتناقضات الظاهرية التي تخدم التوجهات ذاتها.
الأمر كذلك بالنسبة لإسرائيل، فعلى الرغم من أن فكرة تأسيس إسرائيل هي فكرة دينية ثيولوجية أو لنقل فكرة أسطورية ميثيولوجية، على الرغم من ذلك فإن معظم الآباء المؤسسين لهذه الدولة هم من الملاحدة اللادينيين الذين كان الدين بالنسبة لهم مجرد وسيلة لتمرير فكرة حق «شعب الله المختار» في «الأرض الموعودة». أما ما عدا ذلك من أدبيات التوراة والعهد القديم فإنه في نظر الآباء المؤسسين لإسرائيل مجرد تراث أدبي من إنتاج بشري خالص ولا علاقة له بالسماء التي لا وجود لها أصلا في فلسفة هؤلاء الآباء.
وبعيدا عن الأفكار الثيوقراطية المؤسسة لكلتا الدولتين، فإن كلتا الدولتين تعتمد على فلسفة «صناعة العدو». تلك الصناعة التي تفيد في تماسك الجبهة الداخلية وتوحيدها خلف القيادة الروحية والسياسية لمواجهة «الاستكبار والإمبريالية والصهيونية العالمية» كما في الحالة الإيرانية أو لمواجهة «العدوان العربي والتطرف الإسلامي» كما في الحالة الإسرائيلية. كما أن الدولتين تتشابهان في ما يمكن تسميته أيضا ب«صناعة القضية» وعندما نقول ب«صناعة العدو» أو «صناعة القضية» فإن القصد هو إيضاح مدى استفادة الدولتين من هاتين الصناعتين. لقد اكتشف الخميني – على سبيل المثال – «القضية الفلسطينية» ووجد فيها كنزا ثمينا يمكن أن يستثمَر فيدر الكثير على نظامه، واطلع بحكم إقامته في العراق على المزاج العربي وعاطفته الجياشة تجاه «فلسطين والقدس» فاتخذهما شعارا وفر له ما لم يكن يحلم به دون أن يكلف النظام شيئا يذكر.
لقد كسبت إيران من رفع «قضية القدس» شعارا كل ما حظيت به من تمدد خارجي وتماسك داخلي في الوقت الذي لم تخسر فيه إيران في سبيل القدس قطرة دم إيرانية. والشأن ذاته بالنسبة لرفع إيران لشعار «مظلومية الشيعة» التي وفرت لإيران غطاء دينيا وجلبت لنظام الملالي مليارات الدولارات من مختلف أصقاع العالم تحت مسميات الأخماس والأسداس وما شابه ذلك. وبالمقابل فإن تكريس إسرائيل لقضية «صراع الوجود» جعل الملايين من اليهود والمسيحيين المحافظين يلتفون حول سياساتها لحماية إسرائيل من «البربرية العربية» التي تسعى إلى إنهاء وجودها والقضاء على الإسرائيليين «ورثة الأنبياء»، كما أن رفع إسرائيل لشعار «المحرقة اليهودية» قد وفر لإسرائيل مبالغ خيالية من أموال دافعي الضرائب في بلدان شتى على هيئة تعويضات لليهود عما لحق بهم على أيدي النازيين والفاشيين الأوروبيين.
هكذا إذن تساوت إيران وإسرائيل في رفع الشعارات «المثمرة» ك«القضية الفلسطينية» و«المظلومية الشيعية» أو «الهولوكوست الشيعي» اللذين يقابلان الشعارين الإسرائيليين: «صراع الوجود» و«المحرقة اليهودية أو المظلومية اليهودية» لدى إسرائيل. وتكمن مصيبة العرب في أنهم في التصورات الإيرانية هم سبب «المظلومية الشيعية» أو «الهولوكوست الشيعي»، كما أنهم هم المستهدفون بأموال التعويضات التي يدرها «الهولوكوست اليهودي» على إسرائيل وتنصب حمما على رؤوس الفلسطينيين.
وبعيدا عن ذلك فإن الدولتين تعدان دولتي احتلال بالنسبة للعرب. إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية بالإضافة إلى احتلالها غير المعلن لبلد عربي برمته هو العراق، ناهيك عن ضمها قبل ذلك لإقليم الأهواز العربي وقضائها على الدولة العربية هناك. إسرائيل كذلك دولة محتلة للأراضي العربية في فلسطين ولبنان وسورية.
ومن أوجه التشابه كذلك دعوة إيران إلى عالم خال من أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها السلاح النووي، وكأن مفاعل بوشهر وغيره في إيران مجرد مصنع لإنتاج كعك العيد وليس الكعكة الصفراء، وإسرائيل تباري إيران بالطبع في سياسة التكتم النووي وتترك الآخر في حيرة بشأن سلاحها النووي، وذلك يذكرنا بالمراوغات الإيرانية ونكتة «البرنامج النووي السلمي الإيراني».
المضحك كذلك أن إيران تدعو إلى وحدة إسلامية وهي تبث كل ما تستطيع من خلايا نائمة وقائمة في اليمن والبحرين والكويت ولبنان والعراق لتقسيم الدول العربية وبذر الفتنة الطائفية التي تجيد إيران تصديرها إلى العرب، في الوقت الذي تعمل فيه على تحصين مجتمعها ضد كل أنواع الفتن، ما ظهر منها وما بطن. إسرائيل تزايد على إيران في ذلك، فهي تدعو إلى شرق أوسط جديد تطوى من خلاله صفحة الحروب والخلافات، شرق أوسط موحد وموعود بالرخاء الاقتصادي والاندماج الثقافي بين الساميين جميعا عربا ويهودا.
يقول الإيرانيون إنهم على استعداد لمساعدة الدول العربية للحصول على التكنولوجيا النووية، وهذا في الواقع كرم لا يضاهيه إلا استعداد إسرائيل لإمداد السوق العربية بما تحتاج من منتجات صناعية وغذائية، ولا يضاهيه كذلك إلا كرم إيران ذاتها على المزارعين العراقيين بإغراق السوق العراقية بالمنتجات الزراعية الإيرانية لضرب الاقتصاد العراقي.
ولا ننسى بالطبع أن كلتا الدولتين تعتمد أساليب إرهابية في تصفية القدرات العلمية العربية، فالمؤكد أن الاستخبارات الإيرانية قد فاقت نظيرتها الإسرائيلية في قتل العلماء والطيارين العراقيين، في تشابه عجيب في أساليب الدولتين لإضعاف القدرات العلمية العربية في العراق وغيره.
وغير ذلك كثير من أوجه التشابه بين دولتين مختلفتين إلى حد الصراع والتهديد بالحرب، ومؤتلفتين إلى حد التماهي التام. هل نحن إذن أمام معزوفتين من مقام واحد؟ يبدو ذلك.. ولله في خلقه شؤون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.