سعر الريال السعودي في عدن وحضرموت اليوم السبت 12 يوليو 2025 ا    الحوثيون يتهمون غروندبرغ ب«الانحياز» ويلوِّحون بقطع التواصل معه    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل اللواء محمد بن محمد عسكر    الحزب القومي الاجتماعي يدين جريمة استهداف أطفال في مديرية التعزية    شيرين وفضل شاكر في دويتو غنائي جديد    خاطرة عن الفضول في ذكراه    الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية على أجزاء من 8 محافظات ومتفرقة على 7 أخرى وتحذيرات من اضطراب البحر    القوات الروسية تنفذ ضربة جماعية ضد منشآت المجمع الصناعي العسكري الأوكراني    غارات ليلية دامية في غزة وسقوط شهداء    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 12 يوليو/تموز 2025    مقتل جندي وإصابة آخرين في كمين مسلح استهدف دورية عسكرية بأبين    حريق يلتهم سوق تجاري بعدن    وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي.. تزايد حالات الإصابة بالأوبئة في ساحل حضرموت    اليوم بعدن.. انطلاق الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين ضد مرض شلل الأطفال    بيان نقابي صادر عن نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بساحل حضرموت    تدشين الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال في مديرية المحفد بأبين    عن المناطقية التي يراد لها أن تسود في تعز    بيان صادر عن القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة المهرة    السلطان عبدالله آل عفرار يدعو أبناء المهرة لوحدة الصف    الريال يلفظ أنفاسه الأخيرة في عدن    جمود في مفاوضات غزة... محور موراغ وعقدة الأسرى يعرقلان الاتفاق    - صاعقة تضرب منزلًا في عمران وتحذيرات لسكان الأرياف من مخاطر البرق*     "إشهار الإفلاس" من قبل "عمائم على بهائم،.. فسبحان الحي الدايم"    جيسوس ثامن برتغالي يدير دفة النصر السعودي    ب 287 مليونا.. «ثاندر» يمدد عقد وليامس    أسقطوه من ذاكرتهم.. فعاد ليصبح في كل العناوين    قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    الإمارات تنهب ذهب حضرموت بحماية الانتقالي    الترب: علينا مراجعة ما يجري والعمل من أجل اليمن واستقراره    نتنياهو وواشنطن ملفات وخطط سرية    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    في المهرة.. أين يتموضع رشاد العليمي؟    القبض على عنصرين متورطين في 3 تفجيرات بعدن    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    ثمن باهض وفشل عظيم مقابل نص راتب شهري!!    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    ماذا يحدث في عدن وهل سيتم الغائها    - أزمة المياه بتعز تشتعل مع أصحاب محطات التحلية تجارالعطش الذين يهددون بإفشال مبادرة الشيباني الذي وعد بتوزيع 10ملايين لتر ..لكنه تجار العطش يمنعون اقرأ التفاصيل في موقع الأوراق برس    إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل المكلا    ستلاحقه اللعنات.. بن ماضي يتحمل مسؤولية جريمة هدم جسر المكلا    ريال مدريد يحسم صفقة كاريراس    الفيفا يحدد ملعب نهائي مونديال 2030    انهيار كارثي ..الدولار في عدن 2872 ريال    مصر تعلن اكتشاف ذهب وفضة في الصحراء    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    رسميا.. توتنهام يتعاقد مع الغاني محمد قدوس    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    العثور على نوع جديد من الديناصورات    عن بُعد..!    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيحية في خطاب اليمين الأوروبي
نشر في نشوان نيوز يوم 17 - 03 - 2021

محمد جميح يكتب عن: المسيحية في خطاب اليمين الأوروبي
اليمين الأوروبي يتقدم واثق الخطى، في عدد من البلدان الأوروبية، ومن حزب التجمع الوطني في فرنسا إلى «إخوة إيطاليا» لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، فحزب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إلى حزب الحرية اليميني النمساوي الذي قدم مشروع قانون ل-«إغلاق المساجد في النمسا» إلى اليمين المتطرف في إسبانيا، ناهيك على أحزاب اليمين في ألمانيا التي ترى أن «الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا» ونايجل فاراج الذي يرى أن المسلمين «لا يحترمون القيم البريطانية» وغيرهم في بلدان أوروبية مختلفة.
اليمين يتقدم إذن، والانتخابات الأوروبية التي أجريت في الفترة بين السادس والتاسع من الشهر الماضي لم تكن مفاجئة، مع اضطراد هذا التقدم في عدد متزايد من البلدان الأوروبية في السنوات الأخيرة، لأسباب اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية متعددة، مع ما تحمله هذه التوجهات من أفكار معادية للأجانب، والمسلمين منهم على وجه الخصوص، ورافضة للهجرة، ومتعصبة للعرقية البيضاء والتقاليد الأوروبية، رغم أن كثيراً من التوجهات اليمينية هي بالأساس ضد بقاء «الاتحاد الأوروبي».
وعلى الرغم من أن اليمين الأوروبي - في مجمله - قومي يركز على التقاليد أكثر من تركيزه على الدين، إلا أنه يستدعي المسيحية بوصفها «هوية دينية» لأوروبا، ضمن سياقات سياسية، وفي مواجهة الآخر المغاير لما يراه هذا اليمين «هوية مسيحية» لأوروبا.
«الهوية المسيحية» - إذن - هي الشعار اليميني المناسب لتجييش الجمهور المحتقن الذي يحاول اليمين توجيه احتقانه ضد الوجود المسلم في أوروبا، وهو الشعار الذي يرجع تاريخ توظيفه إلى عهد البابا أوربان الثاني الذي خطط لغزو الشرق المسلم، ولم يجد شعاراً أكثر بريقاً من تذكير الفقراء الكاثوليك في عموم القارة بأنهم مسيحيون، لكي يتم تجنيدهم إلى محارق الحروب الصليبية التي استمرت ضد الشرق المسلم مدة قرنين من الزمن، حيث أصدر أوربان الثاني ما سمي ب-«صكوك الغفران» ضمن فيها المغفرة والحياة الروحية الأبدية لكل من يذهب للحرب - باسم المسيح - إلى الشرق، ضمن سياق زمني يُعد بداية تاريخ تشكل ما يسمى ب-«الهوية المسيحية» لأوروبا.
وقد كان للحروب الصليبية أثرها البالغ ليس في إعادة صياغة العلاقة بين الشرق والغرب وحسب، ولكن في إعادة تعريف العلاقة بين الدين والدولة من جهة، والعلاقة بين الممالك الأوروبية فيما بينها، من جهة أخرى. كما استمر أثر تلك الحروب، فيما بعد فترة الحروب الصليبية، على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في أوروبا لفترة طويلة، مع ترسخ ما بات يعرف ب-«الهوية المسيحية» لأوروبا، وهي الهوية التي يريد اليمين الأوروبي اليوم إعادة التأكيد عليها، مع العلم أن تلك الهوية نتجت عنها «الحروب الدينية» التي تخطتها أوروبا بالخروج إلى «الدولة القومية» الحديثة، وهو ما يعكس تناقض طروحات هذا اليمين الذي يؤكد على هوية دينية أوروبية تناقض أهدافه في استعادة «الدولة القومية أو الوطنية» من قبضة الاتحاد الأوروبي.
ومع انغماس الأوربيين اليوم في الحياة المعاصرة وروتينها المادي المتخفف من المحتوى الروحي، يتذكر اليمين الأوروبي هوية القارة المسيحية، يتذكر تلك الهوية عندما يشعر بوجود الآخر، والآخر الإسلامي على وجه التحديد. ويتحدث اليمين عن الميراث المسيحي لأوروبا، ونسمع شعارات من مثل: «هذا بلد مسيحي» لمتظاهرين مؤيدين لحزب الإصلاح اليميني البريطاني بزعامة نايجل فاراج، رغم أن 46٪ فقط من البريطانيين قالوا إنهم مسيحيون في استطلاع رأي إحصائي أجري نهاية العام 2022.
وإذا كانت فكرة «أوروبا المسيحية» تشهر اليوم في وجه الوجود الإسلامي في القارة، فإن هذه الفكرة كانت - خلال العصور الوسطى - موجهة ضد اليهود، على اعتبار أن وجودهم في أوروبا كان يشكل خطراً على مسيحية تلك القارة، وأنهم يمكن أن يكونوا عملاء للمسلمين «الكفار الذين يحتلون الأراضي المقدسة» في فلسطين، حيث قضت عدد من القوانين الكنسية والمراسيم الملكية إما بطرد اليهود، أو بمنعهم من دخول هذا البلد الأوروبي أو ذاك، بما أن «أوروبا المسيحية» كانت تعني تلك التي تعادي اليهود، استناداً إلى نصوص مسيحية، كانت السبب وراء الاضطهاد الذي عانى منه اليهود في «أوروبا المسيحية» طول فترة العصور الوسطى، وحتى العصر الحديث.
واليوم يدق اليمين الديني الأوروبي نواقيس الخطر، للتحذير من «الغزو الإسلامي لأوروبا» مذكراً بمسيحية القارة، لا عن تدين حقيقي، ولكن رغبة في تشكيل إطار أيديولوجي ديني لكمٍّ هائل من العنصرية والتعصب والكراهية التي تروج لها تيارات اليمين المتطرف على أسس عرقية غير دينية، ولكنها تغلفها بأغلفة مسيحية لأغراض متعددة، حيث لا تتذكر تلك التيارات اليمينية أن أوروبا مسيحية إلا عندما تريد استغلال المسيحية في دعاياتها الانتخابية، وهجماتها العنصرية، ضد الوجود الإسلامي في القارة.
ورغم تذرع اليمين الأوروبي بالقيم العلمانية في خطابه الموجه ضد الإسلام في أوروبا، إلا أن هذه القيم العلمانية لا تصمد كثيراً، عندما يتحدث هذا اليمين عن «التقاليد المسيحية» في أوروبا. وهنا يمكن الحديث عن نوعين من أوروبا في خطاب اليمين المتطرف: «أوروبا العلمانية» التي يريد اليمين من خلالها الانطلاق لمواجهة الوجود الإسلامي على أساس أن المظاهر الإسلامية تخالف القيم العلمانية الأوروبية، ثم «أوروبا المسيحية» التي يخفف هذا اليمين من التزامه العلماني عند الحديث عنها، في مؤشر على نوعية العلمانية التي يقصدها هذا اليمين الذي يريد أن يكون علمانياً في تعامله مع الإسلام، ومسيحياً في توظيفه للمسيحية.
يحلو لليمين الأوروبي - إذن - أن يكون علمانياً في رفضه للوجود الديني الإسلامي في «أوروبا العلمانية» كما يحلو له أن يكون مسيحياً في رفضه لهذا الوجود في «أوروبا المسيحية» في تناقض لا تقدر عليه إلا تلك التوجهات الشعبوية التي تعرف مسبقاً أن «الجمهور» لا يقف كثيراً على حجم التناقضات والمغالطات التي تروج لها، بما أنها تستخدم تكتيكات «سياسة القطيع» في خطاباتها الشعبوية للجماهير التي لا تأبه كثيراً للمنطق وقواعده.
ومع أن التوجهات اليمينية في أوروبا تركز خطابها ضد الإسلام، ومع أنها تريد ربطه بالمهاجرين على اعتبار أنه دين وافد وغير أصيل، ضمن النسيج الثقافي والاجتماعي «الأبيض» إلا أن الحقائق التاريخية تؤكد أن عمر الإسلام في لتوانيا والبوسنة والهرسك وبعض مناطق البلقان - مثلاً - يزيد على ستة قرون، وأن المسلمين هناك هم من السكان البيض الأصليين، وليسوا من المهاجرين.
مهما يكن، فيبدو أن أوروبا تتجه يميناً بشكل مضطرد، يظهر ذلك في نبرة الخطاب السياسي والديني، أو السياسي المتكئ على الدين، كما يبدو في مؤشرات مراكز قياس الرأي العام، واستطلاعات الرأي، وقد بدا ذلك جلياً في نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة.
عن جريدة القدس العربي

الوسوم
إيطاليا المسيحية اليمين الأوروبي محمد جميح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.