احتشد عشرات الآلاف من العراقيين في ساحات الاعتصام بالعديد من المدن في جمعة "حرق المطالب"، وطالبوا بمحاكمة رئيس الوزراء نوري المالكي، في وقت قتل فيه أربعة أشخاص على الأقل في انفجار عبوة ناسفة أمام مسجد الكبيسي جنوب شرق بغداد. وفي هذه الأثناء دخلت قوات الجيش ناحية سليمان بيك في محافظة صلاح الدين شمال بغداد، بعدما انسحب منها مسلحون سيطروا على المنطقة أمس. ولبى عشرات الآلاف دعوات لهيئات دينية وتجمعات عشائرية وشبابية لأداء صلاة جمعة موحدة في ساحات الاعتصام تحت شعار "حرق المطالب" في مدن الرمادي والفلوجة بمحافظة الأنبار (غرب) وسامراء بصلاح الدين (شمال) وجلولاء (شرق). وطالب خطيب الجمعة في الرمادي بمحاكمة المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة التي اقتحمت ساحة اعتصام الحويجة. كما جدد المحتجون مهلة 48 ساعة لخروج قوات الأمن من المدن بعدما لاحظوا خروجهم من ساحات الاعتصام. واستنكر خطيب الجمعة ما سماها مجزرة الحويجة وطالب بتقديم المسؤولين عنها إلى القضاء ابتداء من المالكي وانتهاء بالضباط الميدانيين والجنود الذين اقتحموا ساحة اعتصام الحويجة. ودعى خطيب الجمعة العشائر في المحافظات السبت إلى تشكيل حشد عسكري للدفاع عن مناطقهم في مواجهة ما سماها المليشيات الحكومية. كما دعا خطباء الاعتصام إلى توحيد مسلحي العشائر في جيش عشائري ينتزع حقوقهم بحسب تعبيرهم، كما طلبوا من العشائر الجنوبية سحب أبنائهم من الجيش، وقالوا "نحن لا نريد الصدام بهم"، مؤكدين أن معركتهم مع رئيس الوزراء وليست مع الجيش. وكانت الاشتباكات قد تواصلت ليلة أمس بعدما شن مسلحون هجوما في الموصل (390 كلم شمالي بغداد) مساء الأربعاء وسيطروا على أجزاء بغرب المدينة، كما استخدموا مكبرات الصوت في المساجد لحشد السكان لينضموا إلى المعركة. وقالت مصادر عسكرية إن الشرطة والجيش استعادا السيطرة على المنطقة بعدما طوقا مقرا للشرطة استولى عليه المسلحون الذين احتجزوا 17 رهينة، حسب المصادر الحكومية. وقال رئيس الشرطة الاتحادية إن 31 مسلحا لقوا حتفهم في القتال. وذكر مصدر في مشرحة محلية أنها استقبلت جثث تسعة مسلحين و15 شرطيا، ولكن هناك جثثا أخرى لم يتم انتشالها حتى الآن. ولم يصدر عن المسلحين أو العشائر التي تدير المعارك ضد الجيش أي إحصائيات. وقالت قناة الجزيرة إن المسلحين سيطروا خلال المعارك على مقر سرية للجيش في جنوب الموصل بالإضافة إلى نقاط تفتيش، كما سيطروا على مقر لواء في حمام العليل قرب الموصل. ونقلت عن مصادر قولها إن 30 جنديا استسلموا لمسلحي العشائر. من جانب أخر قتل عدد من الشرطة والمدنيين خلال اشتباكات بمدينة سامراء شمال بغداد بين مسلحي العشائر والقوات الأمنية. وفي الفلوجة غرب بغداد دارت اشتباكات في عدد من المناطق مما أدى إلى إلحاق أضرار مادية ببعض المحال التجارية. ترافقت التطورات الميدانية مع دعوة وجهها رئيس الوزراء إلى وجهاء المحافظات الغربية للحوار، محذرا من أن جميع فئات الشعب ستخسر إذا اشتعلت ما سماها "فتنة طائفية". وقال المالكي في كلمة له بعد ظهر الخميس إن ما حصل في الحويجة وما حصل في ناحية سليمان بيك "كلها تدعونا للتوقف وتحمل المسؤولية، وأقول بكل صراحة: لو اشتعلت الفتنة فلن يكون هناك رابح أو خاسر". وأضاف "ليس لدينا عدو في الشعب العراقي.. كلهم إخواننا.. الكل إخوة متساوون بحكم الهوية الوطنية.. ليس لدينا عدو.. عدونا فقط القاعدة والإرهاب وفلول حزب البعث". ومن ناحية أخرى، قالت مصادر من داخل القائمة العراقية إن وزراء القائمة -إضافة إلى صالح المطلك نائب رئيس الوزراء- وضعوا استقالتهم تحت تصرف قيادة القائمة بانتظار تقديمها بشكل رسمي، احتجاجا على "مجزرة الحويجة".