طالب محامون وحقوقيون يمنيون مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الانتهاكات التي ارتكبها الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، إبان أحداث الثورة التي أطاحت بنظام حكمه عام 2011, وذلك بعد تعثر تشكيل اللجنة محليا. وتأتي هذه التحركات بعد انتهاء الفترة القانونية المحددة بستة شهور لتسمية أعضاء اللجنةن منذ أن أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي، قرارا بتشكيلها أواخر سبتمبر/أيلول الماضي, دون أن يتم تعيين القضاة لمباشرة مهامها. فرصة أخيرة وتتجه الأنظار إلى المحكمة الإدارية بالعاصمة صنعاء، المتوقع أن تفصل في منتصف مايو/أيار الجاري في الدعوى المرفوعة ضد الرئيس هادي لإلزامه باختيار أعضاء اللجنة، كفرصة أخيرة قبل أي تحرك دولي بهذا الشأن. وتتولى اللجنة -وفق قرار تشكيلها- التحقيق في جميع الانتهاكات التي وقعت منذ مطلع يناير/كانون الثاني 2011 ولغاية ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، من أجل ضمان مساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، وتقديم مقترحات لجبر الضرر، والتعويض للضحايا. وتقوم اللجنة -التي ستكون إحدى لجان هيئة الإنصاف والمصالحة، المنبثقة من قانون العدالة الانتقالية بعد إقراره لاحقا- برفع تقرير مفصل عن نتائج تحقيقاتها إلى القضاء ومجلس النواب، الذي سيتولى مناقشة ما يرد في التقرير. ويأتي تشكيل اللجنة استنادا إلى قراري مجلس الأمن رقم 2014 و 2051، ومصفوفة توصيات مجلس حقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والتزاما بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. الشليف: هناك جهات تعطل تكوين اللجنة (الجزيرة) تحرك دولي ويؤكد محامون أن الفرصة الأخيرة لتسمية أعضاء اللجنة ستنتهي بعد قرار المحكمة الإدارية, وإلا فإن التحرك سيكون باتجاه مجلس حقوق الإنسان، للضغط على مجلس الأمن لتشكيل لجنة تحقيق دولية إنفاذا لقراريه في هذا الشأن. وقال المحامي فيصل المجيدي إن اللجوء للقضاء المحلي جاء بعد أن بحت أصوات شباب الثورة من المطالبة بسرعة تشكيل اللجنة، ومن أجل أن تبدأ مهامها لكشف الحقيقة وإنصاف الضحايا. وأشار المجيدي إلى أن اللجنة كانت ستُشكل منذ البداية من قبل مجلس الأمن بعد رفع تقرير يطالب بذلك، قدمه وفد مجلس حقوق الإنسان الذي زار اليمن في سبتمبر/أيلول 2011 للاطلاع على الانتهاكات, موضحا أن النظام السابق أجهض حينها هذا التحرك، وتعهد -مع بعض الدول الإقليمية- بتشكيل لجنة تحقيق محلية، لكنه لم يفعل شيئا. وحول تقييمه لقرار الرئيس هادي بتشكيل اللجنة، قال "انتظر طويلا بعد انتخابه حتى موعد مؤتمر المانحين (الذي عُقد في نيويورك سبتمبر/أيلول الماضي) ليصدر قرارا بتشكيل اللجنة، دون أن يسمّي أعضاءها، حتى يطمئن المانحين بأن نظامه ملتزم بتنفيذ تعهداته الدولية". وأوضح أن عددا من المحامين اليمنيين سيشكلون تحالفا بالتنسيق مع منظمات حقوقية عالمية، ويخاطبون مجلس حقوق الإنسان بضرورة إعادة موضوع تشكيل اللجنة إلى مجلس الأمن، من أجل أن يقوم بتشكيلها لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، أيا كانت مسئولياتهم الوظيفية. تعطيل متعمد ومن جهته، اتهم الدكتور عبدالله الشليف المتحدث الرسمي باسم التحالف المدني لدعم لجنة التحقيق الجهات المتضررة من كشف الحقيقة بعرقلة تشكيل اللجنة خلال الفترة الماضية. وقال إن النظام السابق برر رفضه تشكيل لجنة تحقيق دولية حينها بامتلاكه الإمكانيات اللازمة لتشكيل لجنة محلية، من أجل الإفلات من توصيات لجنة التحقيق الدولية في حال تشكيلها. وأبان أن تشكيلها سيوصل رسالة ايجابية إلى أسر الضحايا، مفادها أن مؤتمر الحوار سينصفهم، وهو يولي ملف العدالة الانتقالية أهمية خاصة في جلسات أعماله. وأكد الشليف أن التحرك المناسب حاليا هو تشكيل اللجنة "دوليا"، ضمانا لحقوق الضحايا، وللتخلص من رهن تشكيل اللجنة بالتوافق السياسي، الذي سيضعف إخضاعها لمعايير النزاهة والحياد. استغلال الفرصة وفي هذا السياق، نصح عضو مجموعة حقوق الإنسان بفريق عمل العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار عبد الناصر باحبيب الرئيس هادي باستغلال الفرصة المتاحة حاليا لتسمية أعضاء اللجنة محليا، قبل أن تشكل دوليا. وكشف باحبيب في حديث للجزيرة نت عن اعتزام المجموعة القيام بزيارات ميدانية الأسبوع الجاري إلى عدد من المدن، لتقصي الحقائق حول الانتهاكات التي وقعت في عام 2007 ضد متظاهري الحراك الجنوبي، وخلال أحداث الثورة عام 2011. وأرجع باحبيب أسباب تأخير تسمية أعضاء اللجنة إلى انشغالات القيادة السياسية بملفات أخرى أكثر سخونة.