في ظل تشاؤم فلسطيني من احتمال فوز اليمين في الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية اليوم, تنظر واشنطن, التي تتخذ موقفا حياديا, بقلق من ان يكون أي فوز محتمل لحزب "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو, عقبة في طريق التسوية السلمية للصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين, في وقت أعرب الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس عن قلقه ازاء الخطاب المعادي للعرب خلال الحملة الانتخابية, فيما شدد رئيس الوزراء المنتهية ولايته ايهود أولمرت على ان الدولة العبرية لن تسمح لايران بتطوير أسلحة نووية, بصرف النظر عن التركيبة السياسية للحكومة الجديدة. وقال بيريس للاذاعة العامة "بوصفي رئيسا للدولة, اعرب عن قلقي من التحريض على العنف ضد قسم من الرأي العام, العرب, متساوون مثل باقي المواطنين في الحقوق والواجبات", في اشارة الى حزب "اسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان والذي ركز حملته على خطاب معاد للعرب من خلال اشتراط الولاء لدولة اسرائيل اليهودية في مقابل الحصول على حقوق المواطنة. وفي بيان صدر عن مكتبه, أكد أولمرت "ان اسرائيل لن تسمح بأن تكون ايران دولة نووية", مشددا على ان الدولة العبرية "ليس لديها في هذه المسألة حكومة او معارضة ولن تغير اي حكومة في المستقبل هذا الموقف الاسرائيلي". واعتبر ان إسرائيل تقف في الخط الأمامي في مواجهة موجة عارمة من التطرف الإسلامي واللاسامية المتفاقمة, مشيرا الى ان رأس هذه الموجة يوجد في ايران, ولها توابع تتمثل في منظمة "حزب الله" في لبنان و"حماس" في قطاع غزة, ورأى أن الهدف المعلن ل ̄"محور الشر" هذا هو القضاء على إسرائيل بالوسائل "الإرهابية" وبالسعي إلى الحصول على سلاح نووي. في سياق متصل, أجمع محللون فلسطينيون على" قتامة الصورة فلسطينياً في ظل اعتلاء أحزاب اليمين لسدة الحكم في إسرائيل, مع تأكيدهم على توحد الأحزاب السياسية في الخطوط العريضة في ما يتعلق بالسلم والحرب مع الفلسطينيين". ورأى الكاتب الفلسطيني ناجي شراب أنه لايوجد فواصل كبيرة بين الأحزاب الإسرائيلية وبرامجها في قيادة الحكومات المتلاحقة "فهم سواء في التعامل مع القضية الفلسطينية والمضي في الاحتلال", لكنه توقع أن تفرز الانتخابات المزيد من "التشدد في السياسة الإسرائيلية, والمزيد من الجمود في العملية السلمية وتطلعات الوصول إلى اتفاق شامل للسلام". ولفت الى أنه في "ضوء التقدم اللافت لليمين على حساب معسكر اليسار الداعم عمليا للمفاوضات والعملية السلمية, يبقى خيار اتفاق سلام قريب, بعيد المنال للفلسطينيين المتلهفين لإقامة دولة مستقلة ذات سيادة". ويعتبر الفلسطينيون انه "مادام أن السلام مع زعيم "كاديما" ظل بعيدا, فإن الصورة أكثر تشاؤما مع زعيم "الليكود" القادم". ولا تبدو الصورة في واشنطن مختلفة كثيرا, اذ يتنامى القلق في البيت الأبيض من أن يكون أي فوز محتمل ل ̄"الليكود" بزعامة نتنياهو عقبة في طريق التسوية السلمية للصراع, ويرى الأميركيون أن إسرائيل تواجه تناميا في التيار اليميني, في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الجديد باراك أوباما لإنهاء توجه المحافظين الجدد على صعيد السياسة الخارجية للولايات المتحدة, والذي كان يقوده الرئيس السابق جورج بوش. وتوقع مدير معهد الشرق الأوسط في فيلادلفيا المعروف بتوجهه المحافظ دانييل بايبس أن يؤدي هذا التطور إلى تزايد التوتر بين واشنطن وإسرائيل, مبررا ذلك بأن عدد المشككين في جدوى السياسة الإسرائيلية الحالية بين الديمقراطيين, الذين يمتلكون أغلبية في مقاعد البرلمان ويحكمون في البيت الأبيض, أكثر منه وسط الجمهوريين. وقال المستشار الحكومي الأميركي السابق آرون ميللر "إن أيام العلاقات الخاصة بين أميركا وإسرائيل يمكن أن تنتهي", وجاء أحد عناوين مجلة "نيوزويك" الإخبارية الأسبوعية في عددها الأخير ليقول "أوباما ونتنياهو سيمثلان تزاوجا غريب الأطوار". وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" على موقف أوباما تجاه توجهات نتنياهو بالقول "المأزق الذي يواجهه أوباما هو أنه يعتقد أن نتنياهو محق ولكنه (أوباما) يرى ضرورة منع توجيه ضربة عسكرية لطهران". ورأى معلق الصحيفة أن أوباما ليس لديه خيار آخر غير تحقيق النجاح في سياسة بلاده إزاء إيران وفيما وعد به من "مرحلة جديدة للسلام" و إلا لأصبح توجيه ضربة عسكرية لإيران محتملا حتى العام 2010 على يد نتنياهو كرئيس وزراء محتمل لإسرائيل. من جهته, اعرب نيد ووكر, الذي كان سفير الولاياتالمتحدة لدى اسرائيل خلال الولاية الاخيرة لنتنياهو, عن اعتقاده ان الأخير سيواجه مشكلة في العمل مع إدارة أوباما, مشيرا الى ان آراء نتانياهو "لا تتفق مع الاسلوب الذي تتحدث به ادارة اوباما حتى الان". واشار ووكر الى ان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون "نفض يده من نتنياهو", وتساءل "لا أدري ما اذا كان هذا سيؤثر على وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون, لكن نتنياهو يجب أن يعي أهمية علاقة الولاياتالمتحدة باسرائيل وأن هناك حدودا". الى ذلك, قال شبلي تلحمي من جامعة ماريلاند والخبير في شؤون الشرق الاوسط "لا شك أن ليفني تبدو اكثر ميلا للمصالحة", مشيرا الى أن نتنياهو اكثر اهتماما بالمحادثات الاسرائيلية - السورية, عن مفاوضات قيام الدولة الفلسطينية. واضاف "على المدى القصير سيكون لمسألة من يفوز في اسرائيل أهمية", مشيرا الى ان "نتنياهو قال بالفعل انه لن يجمد بناء المستوطنات وهذه قضية كبيرة". ____________________ رويترز, د ب أ- ا ف ب