سل النائب الأمريكي جون مورثا عن حرب الولاياتالمتحدة في العراق وستجد أن الحديث يتحول في نهاية المطاف إلى الصين. فبعد خمس سنوات من بدء حرب يعارضها بشدة مورثا الضابط السابق بمشاة البحرية الأمريكية البالغ من العمر 75 تنتاب المخاوف النائب الأمريكي من أن تلك الحرب تستنزف الجيش الأمريكي في وقت يتعين فيه على الولاياتالمتحدة أن تعزز قدراتها لمواجهة النفوذ العسكري والاقتصادي المتنامي للصين. وقال مورثا في مقابلة «يتعين أن نمتلك جيشا قادرا على الانتشار لمنع الصين أو روسيا أو أي بلد آخر يتحدانا ... يجب أن ننظر إلى ما هو أبعد من العراق فحسب ... أن نستعد لمنع نشوب حرب.» ولايزال حجم الإنفاق العسكري الصيني سريع النمو والذي قدر بما بين 85 و125 مليار دولار العام الماضي قزما أمام نظيره بالولاياتالمتحدة حيث يخصص نصف تريليون دولار للإنفاق العسكري سنويا لا تشمل الأموال المخصصة للحربين في العراق وأفغانستان. وفي الوقت الذي يستهلك فيه العتاد العسكري الأمريكي في العراق وتعاني فيه القوات من مهام طويلة ويتزايد فيه تجنيد طلاب لم يكملوا تعليمهم الثانوي ومدانين سابقين للقتال يقول مورثا «في الوقت الحالي نحن باختصار غير مستعدين بشكل مناسب للانتشار على جبهة أخرى والبقاء فيها.. هذا كل ما في الأمر.» ويعتزم النائب الديمقراطي الذي أشرف على الإنفاق العسكري خلال العام الماضي منذ ان تولى رئاسة اللجنة الفرعية الدفاعية للمخصصات بمجلس النواب محاولة تغيير مسار إنفاق موارد وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بعيدا عن العراق لإعادة بناء قوة قد تضطر في المدى البعيد لمواجهة الصين. وفشل مورثا حتى الآن فيما يخص العراق ولم يفلح في ربط أي من المبالغ التي أنفقت على تلك الحرب وقدرها 460 مليار دولار بجدول لسحب القوات.، غير أنه نجح في إضافة قرابة مليار دولار هذا العام للبنتاجون لبناء عدد من السفن للقوات البحرية أكثر مما طالبت به إدارة الرئيس جورج بوش قائلا إن ذلك سيجعل الجيش الأمريكي في وضع أفضل يمكنه من مواجهة تحديات المستقبل. وستتاح أمام مورثا خلال الشهور القادمة فرصتان لتخصيص المزيد من الأموال لإعادة بناء قوة بحرية وجوية أمريكية طويلة الأمد. وتتمثل الفرصتان في مشروع قانون للإنفاق العسكري للعام المالي الذي يبدأ في أول أكتوبر ومشروع قانون «طارئ» لمواصلة حربي العراق وأفغانستان هذا العام. وقال مورثا «سأوصي اللجنة الفرعية بتوفير 14 (طائرة) سي-17 وعدد من (الطائرات) سي-130» في إشارة إلى طائرات عسكرية تستخدم في الشحن ونقل القوات. ويقول بعض المحللين إن التعزيزات الأمريكية من العتاد العسكري الثقيل هي في جانب صغير منها فقط رد على تهديد عسكري صيني ناشئ وان أغلبها بدافع الحاجة لإحلال عتاد ما بعد الحرب الباردة العتيق في مواقع ساخنة سواء أكانت في منطقة الخليج أو كوريا الشمالية أو الصين أو أي مكان آخر. تبلورت وجهات نظر مورثا بشأن الصين مبكرا في مسيرته بمجلس النواب التي تمتد 34 عاما. ففي مطلع الثمانينات سافر برفقة تيب اونيل رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت إلى الصين للقاء زعيمها. يتذكر مورثا وهو أيضا رجل ضخم هذه الرحلة قائلا «كان تيب اونيل يقف ووزنه 113 كيلوجراما إلى جوار دينج شياو بينج الضئيل الحجم.» وقال مورثا إنه سأل الزعيم الصيني في ذلك الوقت عن أولوياته «فقال.. الهيمنة العسكرية والإصلاح الاقتصادي و(استعادة) تايوان.» وأضاف «لدى مغادرتنا قلت .. بهذا الترتيب فقال .. بهذا الترتيب.» وبينما أقر مورثا بأن التحديات العسكرية يمكن أن تأتي من جهات كثيرة إلا أن مخاوفه كانت أشد بشأن الصين بسبب حاجة الدولة الشيوعية المتزايدة للنفط إلى جانب نجاح الصين في تنمية علاقاتها بإفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط بغية مساعدتها على إطفاء عطشها للطاقة. وقال «أريد أن أكون مستعدا في حالة حدوث مواجهة بشأن الطاقة» مثل حدوث مواجهة في مضيق ملقا.، وأضاف «نحن لا نتحدث عن الغد... نحن حتى لا نتحدث عن أربع أو خمس سنوات من الآن. إنني أتحدث بشأن المدى الطويل.» ويرى كثير من المخططين العسكريين أن هجوما صينيا على تايوان أو اليابان هو أكثر ترجيحا من نشوب حرب على النفط. وقال مايكل اوهانلون محلل الشؤون الدفاعية لدى معهد بروكينجز «تايوان ... فقط هي في الأغلب أقرب الطرق الظاهرية للحرب.»، وأضاف «مع تحسن جيشهم ربما يقنعون أنفسهم يوما بأن بإمكانهم حقا انتزاعها. ربما يغريهم ذلك باختبار الوضع» ومحاولة استعادة الجزيرة. وتشير إحصائيات الحكومة الأمريكية إلى أن الإنفاق العسكري الصيني يتزايد بوتيرة سريعة وان بكين تحشد في ترساناتها غواصات وطائرات وصواريخ. وفي الوقت نفسه قال تقرير لمكتب الميزانية التابع للكونجرس وهو جهة غير حزبية العام الماضي إن البحرية الأمريكية بحاجة لإنفاق نحو 21 مليار دولار سنويا على بناء سفن جديدة على مدى 30 عاما لتلبية هدفها بامتلاك أسطول قوامه 313 قطعة. وهذا يتجاوز بكثير متوسط إنفاق البنتاجون بين عامي 2000 و2005 وأعلى بمقدار ستة مليارات دولار من المبلغ الذي طلبه بوش هذا العام. ومما يعقد مشكلة جاهزية البنتاجون يقول مورثا إن الرئيس القادم للولايات المتحدة الذي سيتولى السلطة في يناير كانون الثاني 2009 سيتعين عليه إبطاء وتيرة النمو السريع في الإنفاق العسكري فيما يرجع في جزء منه إلى ردود فعل الناخبين لحرب العراق وفي جزء آخر إلى تجاهل احتياجات محلية. ويعتبر مورثا تأييده في البداية للحرب التي شنتها الولاياتالمتحدة على العراق عام 2003 «خطأ شديدا من جانبي.. تقديري للأمور كان خاطئا.» وينظر النائب الأمريكي إلى التعزيز العسكري الصيني ويقول إنه يشعر بالقلق من أنه لا يلقى الاهتمام الذي يستحقه. وقال «شعرت بأنه كان يتحتم علينا أن نشعر بالقلق إزاء الاتجاه الذي تسير فيه الصين.»