هل يجب أن نصمت وننساح على الهوامش أو ندفن رؤوسنا في الظلال المنكسرة؟ نحتاج إلى شيءٍ آخر ليصبح لصرخاتنا صوت.. العالم يتغير ونظراتنا للاشياء هي هي.. يخط حروفه بلغة الجمال وحدها فعندما تقرأ له يخرجك من عالمك ويدخلك عالماً لا تشعر من خلاله سوى أنك تعيش حكايات ألف ليلة وليلة وروميو وجوليت, يجعلك تتجرع كتاباته وأنت مغمض العينين. يسلبنا حواسنا حاسة تلو الأخرى كلما تعمقنا أكثر في رواياته.. ويتطاير شذى العطور من حبر قلمه لنرتشف شراب التوت من همس كلماته ونعلن عن امتزاج الحرف بأنفاسنا وانسكاب ذائقة الجمال في وجداننا. له العديد من الإبداعات الرائعة منها: سيدة المقام طوق الياسمين, شرفات بحر الشمال كتاب الأمير ذاكرة الماء حارسة الظلال وآخرها أنثى السراب.. أشرف على إصدار السلسة الأدبية (أصوات الراهن) التي تهتم بالتجربة الأدبية الشابة في الجزائر وساهم كروائي في العديد من الندوات العربية والعالمية المتعلقة بموضوعات الكتابة. محب من الدرجة الأولى وعاشق للمرأة التي جسدها في العديد من رواياته كنماذج رائعة يرينا من خلالها الجمال الداخلي لها.. و كثيراً ما تغنى بالحب في كتاباته, ودوماً يتساءل عما إذا كان على أن المرأة تحب بقلبها فقط.. يعتبر أحد أهم الأصوات الروائية في الوطن العربي وتنتمي أعماله التي يكتبها باللغتين العربية والفرنسية إلى المدرسة الجديدة التي لا تستقر على شكل واحد بل تبحث دائماً عن سبلها التعبيرية بالعمل الجاد على اللغة وهز يقينياتها. تجلت قوته وشخصيته أكثر في روايته الكبيرة والمبرمجة في العديد من الجامعات العالمية (الليلة السابعة بعد الألف) بجزءيها: رمل الماية والمخطوطة الشرقية التي حاور فيها ألف ليلة وليلة لا من موقع ترديد التاريخ ولكن من هاجس الرغبة في استرداد التقاليد السردية الضائعة وتعتبر وظيفته هي السرد وتحديات الفكر العربي والثقافة. كان ولا يزال يتبع وطنه بحرفه وقلبه حتى الآن وغالباً ما يمزج الحب بالثورة.. إنه الروائي الجزائري الكبير واسيني الأعرج الحائز على أرفع الجوائز الأدبية. الأعمال الروائية: - البوابة الزرقاء: (وقائع من أوجاع رجل) دمشق 1980م والجزائر 1982م. - وقع الأحذية الخشنة: (قصة مطولة) 1981م. - ما تبقى من سيرة لخضر لحموش دمشق 1982م. - نوار اللوز: بيروت 1983م, الجزائر 1986م /2001م وترجمت إلى العديد من اللغات. - أحلام مريم الوديعة: بيروت 1984م / 1987م / 2001م. - ضمير الغائب: دمشق 1990م والجزائر 2001م وترجمت إلى الفرنسية. - الليلة السابعة بعد الألف: رمل الماية دمشقوالجزائر 1993م وترجمت إلى الفرنسية. - الليلة السابعة بعد الألف: المخطوطة الشرقية دمشق 2002م. - سيدة المقام: ألمانيا 1995م والجزائر 1997م /2001م وترجمت إلى العديد من اللغات (الفرنسية والعبرية والإنجليزية). - حارسة الظلال: ألمانيا 1996م والجزائر 1998م /2001م. خرجت أولاً باللغة الفرنسية ثم الإيطالية والعربية والإسبانية. - ذاكرة الماء: ألمانيا 1997م والجزائر 1999م و2001م وترجمت إلى الفرنسية والإيطالية. - مرايا الضرير: باريس 1998م بالنسبة للطبعة الفرنسية. - شرفات بحر الشمال: بيروتوالجزائر 2001م ترجمت إلى الفرنسية وهي بصدد الترجمة إلى الهولندية. - طوق الياسمين: المركز الثقافي العربي الرباطوبيروت 2004م. - سوناتا لأشباح القدس: دار الآداب بيروت 2009م الفضاء الحر الجزائر 2009م. أهم إنجازاته: - اختيرت روايته حارسة الظلال (دون كيشوت في الجزائر) ضمن أفضل خمس روايات جزائرية صدرت بفرنسا في عام 1997م. - حصل على جائزة الرواية الجزائرية في عام 2001م. - اختير كواحد من ستة روائيين عالميين لكتابة التاريخ العربي الحديث في إطار جائزة قطر العالمية للرواية عام 2005م. - حصل على جائزة المكتبيين الكبرى في سنة 2006م. - فاز بجائزة الآداب الكبرى (الشيخ زايد) عن رواية: كتاب الأمير في عام 2007م. - جائزة الكتاب الذهبي في المعرض الدولي للكتاب عن روايته سوناتا لأشباح القدس لعام 2009م. كما ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية من بينها: الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، السويدية، الإنجليزية، الدنماركية والإسبانية. أروع ما تغنى به واسيني: - السماء ليست بكل هذا الجفاء الذي تصورته. .. مازال هناك متسع للشفاء من جراحاتنا. - ما معنى أن نفكر إن كان ذلك يفقدنا أعز من نحب؟ ما معنى أن نحاول العيش إذا كانت هذه الحالة تقودنا بخطى حثيثة نحو الموت المؤكد؟ ما معنى أن نفلسف الدنيا إذا كان كلما فتحنا باباً للأسئلة أغلقنا كل أبواب السعادة؟ - يحدث أن نشتهي صوتاً أكثر مما نشتهي جسداً. الجسد يموت ويبقى الصوت فينا يذكرنا في كل زوايا المدينة والحارات بمن نحب كلما نسينا. مقتطفات من (رواية) أنثى السراب في شهوة الحبر وفتنة الورق) التي أعتقد البعض بأزدواجية الأداء للكاتب حينما تحدى نفسه بلعب دور متناقض وحول كيفية شد انتباه وعقل القارئ للأحداث ورسم علامات الحيرة والدهشة في التفاصيل التي سردها حتى يعلم بالآخر أنه أمام إبداع مارسه الكاتب بحرفية عالية كونه جعل الكاتب هو بطل الرواية ما جعله ذلك يحوز على قلوب الكثيرين من المعجبين.. حاول واسيني في هذه الرواية أن يسرد لنا سيرة ذاتية كاملة بين لنا من خلالها كيفية الصراع مع الذات والتفاهم معها وتطرق إلى الكثير من الأحداث الحياتية التي تواجه الكاتب في حياته والصراعات والصعوبات التي يتعرض لها بداية مشواره الأدبي ولا تخلو الرواية من جماليات اللغة وأبجديات الحرف السحرية والمصطلحات الشعرية الرائعة التي أستخدمها: - ليلى.. أختي العزيزة، بدءاً من هذه اللحظة سأكون كاذباً إن ناديتك أختي. لم تعودي أختي منذ أن خادعت قلبي وكشف لي عن سره الخفي. لست أختي بعد أن أصبحت في ولم تتركي مساحة أخرى لغير التفكير فيك. - لم أعد قادراً على إغلاق القلب على كذبة الأخوة والمثل العليا التي سطرناها بغباء أنا وأنت.. فقط لنتقن ربط أنفسنا بشيء كان كل يوم يزداد انغلاقاً مثل الكماشة.. لقد كثرت الحواجز التي وضعناها في مسالكنا وعلي الآن تكسيرها واحداً واحداً إذا منحتني بعض الحق على قلبك حتى ولو قضيت العمر كله ضائعاً في التفاصيل الحادة، كمفكك ألغام. - ما زلت على الرغم من الكسر العميق ومصيدات الموت التي أصبحت متعددة وربما لا تحصى قادراً على حبك والانغماس في الجنون القديم نفسه، لسنا بعيدين عن بعضنا البعض كما يبتدى لك، إلا بالقدر الذي يمنحنا فرصة لتخيل جنون جديد نلتقي مرة أخرى من أجله. أنتظرك على هامش أجمل وأخطر حافة في الحياة.. الحب. - جميل أن يتمنى الانسان في عالم لم يؤهلنا منذ البداية على الأمل أو على تحمل الكدمات القاسية والخيبات المتتالية. - الموت استعداد بطولي ويومها لم أكن مستعداً للتخلي عن الحياة.. كانت هي رهاني الأخير, لم يكن لدي شيء أخسره.. فجأة نبت في دماغي يقين غريب وهو أن ساعتي لم تحن بعد، وربما أن كل ماحصل لم يكن في النهاية إلا بروفة اختبارية. - أؤمن أنه في عمق كل إنسان شيء من بقايا طاقة جسدية مشتتة. - الذاكرة تنفذ لحظة الخيبة والإنكسار وتنام مثلنا عندما نسكرها بنبيذ السعادة والأشواق الجميلة. - إلى آخر يوم من حياتي سأظل أتذكر لماذا ركب رأسه وتنازل عني لغريم لم يكن شيء يجمعني به سوى رغبته في الزواج مني.. ما الذي كان يمنع واسيني من أن يغمض عينيه ويتركني أقوده نحو مرفأ كان مؤهلاً لأن يمنحنا الحياة؟ لكنه لم يسمع إلا لأنانية متوغلة في أعماقه كسرت كل نور في عينيه وعيني وسحبتنا شيئاً فشيئاً نحو مرفأ مظلم. لم تكن هذه الكلمات هي نهاية رواية أنثى السراب فالنهاية كانت مختلفة تماماً وهي بأن تقوم ليلى بإطلاق النارعلى مريم وواسيني وعلى الذبابة التي لطالما أزعجتها بصوتها طوال الليل لتحس بعد تلك الطلقات بأنها تحررت من أثقالها لتغادر البيت صباحاً بحثاً عن نصيبها في المعصية والحياة وبعض الجنون وتتجه إلى مكتب البريد لإيداع مخطوط هذه الرواية، وخارج المبنى تفاجأ برؤية طيف خيل لها من ريحة العطر بأنها تعرفه لتجد أمامها ظل مريم قريباً منها فتقوم بالصراخ بشكل جنوني يلفت الأنظار،ألم تموتي بعد وتخرج مسدسها من حقيبتها وتركض مثل المجنونة خلف طيفها بينما شرطي يطاردها محذراً من تهورها لتحصد روحها رصاصة الشرطي وفي إغماضتها الأخيرة تتأكد من عطر أنثى السراب... مريم. و(أنثى السراب) تتحدث عن أنثى تدعى ليلى أحبت واسيني فكتبها في أعماله الأدبية باسم مريم والتي كانت أكبر مثال على حب الكاتب لها ومريم لم تكن إلا شخصية خيالية ورقية أبتدعها واسيني والتي كانت بطلة روايته ليلى تغار منها وتتمنى موتها وأرادت أن تقول للقارئ أن مريم مجرد حبر على الورق، وأنها هي الحقيقة ولكن في الآخر أستطاعت مريم الشخصية الورقية الانتصار على ليلى الشخصية الحية.