الذين يذرفون دموع التماسيح تباكياً على العناصر الإرهابية من تنظيم (القاعدة) ، التي تلقت يوم أمس ضربة موجعة من قبل أبطال القوات المسلحة والأمن، الذين قاموا بدك العديد من أوكارها في محافظة أبين، وتحديداً في عاصمة المحافظة زنجبار التي سعت تلك العناصر الإجرامية المتطرفة إلى السيطرة عليها وتحويلها إلى إمارة "إسلامية" تنطلق منها إلى مختلف مناطق اليمن، إنما يؤكدون حقيقة أن الإرهاب والتطرف ملة واحدة، وأن التطرف السياسي لا يقل خطورة عن التطرف الديني وفكر الإرهاب الذي يعتنقه تنظيم (القاعدة). إن من تابع تطورات الأحداث خلال الساعات الماضية لابد من أنه سيصل إلى المغزى الحقيقي الذي كان وراء ذلك التباكي الذي أظهره عدد من قادة أحزاب (اللقاء المشترك) وهم يسمعون عن تلك المواجهات التي خاضها ويخوضها أبطال القوات المسلحة والأمن بالتعاون مع كل المواطنين الشرفاء لدحر عناصر الإرهاب وضرب مخططاتها الإجرامية، خاصة أن مؤشرات تلك المواجهات كانت بالنسبة لهذه القيادات الحزبية تعني انهيار ما خططت له، وما أعدت له من سيناريوهات تعميم الفوضى وإسقاط هيبة الدولة ومؤسساتها، تمهيداً للانقضاض على السلطة، وهو المخطط الذي برزت ملامحه في البيان الانقلابي الذي أعلنه عبدالله علي عليوة والعمل الهمجي الذي انقادت إليه أحزاب (اللقاء المشترك) تحت ضغط حميد الأحمر حينما قامت بدفع مجاميع مسلحة في مدينة تعز لمهاجمة المنشآت والمباني الحكومية ومراكز الشرطة وإحراقها، وإطلاق النار على جنود الأمن في هذه المراكز، وبالفعل تحركت تلك المجاميع المسلحة كما هو مرسوم لها حيث باشرت عدوانها بمهاجمة مبنى مديرية القاهرة بمدينة تعز والمنطقة الأمنية بالمديرية لتقتل من تقتل وتصيب من تصيب من المواطنين والجنود، ولم ينته الأمر عند ذلك بل أنها أرادت أيضاً أن تبعث رسالة أخرى لعموم أبناء تعز، تثير من خلالها في نفوسهم الرعب والخوف والوجل بإقدامها على اختطاف عدد من الجنود واقتيادهم إلى ساحة الاعتصامات وربطهم بالحبال على مرأى ومسمع من الناس الذين كانوا في الساحة، وممارسة أبشع أنواع التعذيب والإذلال والامتهان لآدمية وكرامة أولئك الجنود في صورة بربرية ووحشية تأباها الأخلاق وقيم أبناء الشعب اليمني ومبادئهم الأصيلة. وقد كانت تلك الحادثة المؤذية لكل المشاعر والمعاني الإنسانية كافية لينقلب السحر على الساحر ويحيق المكر السيئ بأهله، حيث تنادت كل تعز بشبابها ورجالها وكل ناسها الطيبين للوقوف خلف رجال الأمن في مواجهة ذلك العمل الإجرامي الذي يندى له الجبين، وتطهير ساحة الاعتصامات التي استخدمتها أحزاب (اللقاء المشترك) في ما يخدم مصلحتها ومشاريعها الانقلابية وأجنداتها المشبوهة، وغاياتها الانتهازية. ومما لاشك فيه أن أحزاب (اللقاء المشترك) قد تلقت صفعة مؤلمة من أبناء تعز الذين بدت أمامهم تلك الأحزاب على حقيقتها عارية من كل المساحيق والرتوش. وإن من عايشوا هذا المشهد من قيادات (المشترك) لا يمكن أن ينسوا ذلك الدرس الوطني الذي لقنهم إياه أبناء تعز، وهم يتساءلون جهاراً وعلانية، كيف تقمصت هذه الأحزاب دور المصلح الذي يفشي المحبة والسلام وهي من تنضح بالأحقاد والكراهية والبغضاء، وتحرض على الفتن والفوضى والخراب؟ ليدرك أبناء تعز بفطنتهم ووعيهم كما هو شأن إخوانهم في اليمن عموماً أن من دفع بهم تطرفهم إلى صلب عدد من الجنود والتلذذ بتعذيبهم لا يختلفون في عدوانيتهم عن إرهابيي (القاعدة) الذين عاثوا في الأرض فساداً وأحرقوا كل شيء في مدينة زنجبار، وأن فكرهم واحد، بل أن الكثير من الفريقين يعودون إلى منبت واحد وطينة واحدة سواء تدثروا برداء الدين أو بفكر حسن البنا أو سيد قطب أو كارل ماركسْ أو تلبسوا جلباب القومية أو ثقافة الكهنوت الإمامي أو قناع ثورة الشباب أو تزملوا بالوطنية التي لها رجالها الذين يستحيل أن يقبلوا بمثل هذه العقليات المتطرفة، كما هو حال كل الغيورين الذين يرون أن من العيب عليهم ألاّ يقتصوا من هؤلاء المرتزقة والمأجورين، الذين لا يهمهم سوى مصالحهم وإشباع مطامعهم ونزواتهم في الجاه والمال والسلطة حتى ولو أغرقوا اليمن بالدماء والأشلاء. عن صحيفة (الثورة)