أثناء متابعتي لآخر الأحداث والمستجدات التي تجري على ساحتنا اليمنية تذكرت بعض خواطر رائعة كنت قد قرأتها في أحد كتب علم النفس حول فئة أو جماعة تعيش بيننا وفي أي مجتمع من المجتمعات تتصف بسمات ونعوت وسلوكيات مزرية ومتناقضة ينبغي الحذر منها وتعريتها وفضحها وعدم القبول بها أو تقليدها أو الاقتداء بها. ومما استحضرت الذاكرة من تلك الخواطر القول بأن الانسان قد يشعر أحياناً ببعض الرغبات أو الدوافع غير المقبولة أو المثيرة لقلقه فيعمل على إبعادها من دائرة وعيه أو شعوره ما يؤدي في النهاية الى كبتها في اللا شعور، غير أنه كثيراً ما يحدث أن يقوم الانسان بالتعبير عن هذه الرغبات والدوافع بطريقة لا شعورية في صورة فلتات اللسان وأخطاء الكلام. يروى عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال في هذا المعنى : (ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفات وجهه وفلتات لسانه). فإن كان من الشخصيات الضعيفة والمترددة التي لا تستطيع أن تتخذ موقفاً صريحاً مما يحدث على الساحة اليمنية (مثلا) في الوقت الراهن وتبدو لك وكأن لها وجهين حين تقول لك شيئاً وتصرح بخلافه لغيرك وتعمل عكس ذلك تجعلك تردد المثل المصري القائل: «أسمع كلامك أصدقك أشوف عمايلك أستعجب». وغالباً ما تعرف هذه الشخصية بالرياء عن غير اقتناع وتأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف وتثير الفتن بين الفئات الاجتماعية المختلفة وتستخدم الشائعات والميل الى خداع الناس وتحسن الكلام للتأثير على السامعين حتى لو اضطرها ذلك الى حلف اليمين المغلظة لدفع الناس الى تصديقها، وتحسن الظهور بمظهر حسن لجلب إنتباه الناس والتأثير عليهم وتتميز هذه الشخصية بضعف الثقة بالنفس ونقض العهد، والخوف والجبن، والكذب، والبخل، والنفعية والانتهازية واتباع الأهواء ولا تعرف إلا الحقد والكره والحسد ومشهورة بالتردد والريبة وعدم القدرة على الحكم واتخاذ القرارات وعدم القدرة على التفكير السليم وكأنما سكرت أبصارها أو طبع على قلبها وكأنها من فئة أهل النفاق..!! الذين يستخدمون حيلاً عقلية مثل أن يقوم الفرد الواحد بإسقاط حالته النفسية ودوافعه وعيوبه وأخطائه على الغير فيدركها فيهم بدلاً من أن يدركها في نفسه.. وهذه الفئة من الناس تجدها تستخدم تقنية التبرير وهي حيلة عقلية دفاعية يحاول فيها الانسان تبرير دوافعه وسلوكه وأفعاله غير المقبولة بأن يعطيها تفسيراً يكون مقبولاً فإذا أفسد في الأرض مثلاً قال : إنما أنا مصلح «إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون» والحيل العقلية سلوك يقوم به الانسان بطريقة لا شعورية فهو لا يكون واعياً بأنه، يقوم بعملية تبرير بل إنه يعتقد فعلاً بأن ما يقوم به من أعمال سيئة إنما هي أعمال حسنة ومفيدة، أو أنه يقصد منها الخير والإصلاح، وتستخدم الفئة الآنفة الذكر تقنية أخرى من الحيل الدفاعية القائمة على رد الفعل كأن يتخذ فيها الفرد سلوكاً يكون مضاداً لسلوك آخر يريد اخفاءه ويبدي هذا الفرد كثيراً من المجاملة والأدب والاهتمام في معاملة شخص معين كوسيلة دفاعية يخفي بها كرهه له وشعوره العدائي نحوه.. نسأل الله أن يجنبنا الرياء والنفاق وسوء الأخلاق وأن يجنب بلادنا الكثير من المترددين والمتمردين والمتقلبين أصحاب الأصوات النشاز والأبواق الناعقة في كل ناد وواد .. آمين.