إنه لخبر سار ومفرح ويشرح الصدر حين تسمع عن إمرأة يمنية عربية ومسلمة قد حازت على جائزة عالمية مثل جائزة نوبل للسلام على جهودها ونضالها السلمي باعتبارها من أبرز القيادات الشبابية في ساحات الاعتصام وناشطة إعلامية وحقوقية وعضوة في مجلس شورى الاصلاح (الإخوان المسلمين) وهذه الجائزة منحت لها من أجل دعم الديمقراطية في اليمن، وقد قامت بإهداء هذه الجائزة للشهداء ولكل شباب ثورات الربيع العربي وللمرأة اليمنية والعربية المناضلة.. لكن الذي لا يمكن فهمه في شخصية هذه المرأة الجريئة رفضها الحوار مع النظام الحاكم الذي تعتبره في حكم المنتهي مع أنه يدعوها ويدعو الشباب إلى الحوار. إن الذي يدعو للسلام القائم على لغة التفاهم والحوار السلمي والجدال بالتي هي أحسن لا يلجأ إلى أساليب غير ديمقراطية مثل إلغاء الآخر أو رفضه أو اقتلاع شأفته، فهل ننتظر من هذه المرأة في المستقبل أن تحكم بديمقراطية وهي تلغي الآخر الشرعي، وقد شغلت الناس والمجتمع عبر وسائل الإعلام المختلفة وهي تتحدث عن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق المشروعة. يبدو أن لجنة تحكيم جائزة نوبل للسلام لم تكن على علم بهذا السلوك المزدوج والمتناقض في شخصيته هذه المرأة التي تدعو للسلم والسلام وترفض الحوار مع من يدعوها للحوار الهادئ والسلمي والحضاري ولا نجد في مفردات خطاباتها وتصريحاتها الصحفية إلا لغة التصعيد والزحف وإسقاط النظام وإقحام الشباب في الاحتكاكات العنيفة مع الجيش والأمن في الساحات والشوارع والحارات وإلقائهم الى التهلكة ويقال أن وراء ترشيحها لهذه الجائزة السفارة القطرية أو الأمريكية.. هذا بالنسبة لهذه المرأة الرافضة للنظام الذي أتى عن طريق الانتخابات الشرعية ولم يأت على ظهر دبابة ومع ذلك تستحق الجائزة لمجهودها و"مطافحتها". لقد زودت هذه الجائرة شباب الاحتجاجات في الساحات شحنة من الحماس لمواصلة اعتصامهم ومنحتهم نوعاً من الاعتراف الضمني والرمزي بمشروعية نضالهم السلمي مع أن هذا الاعتراف لم يتجاوز مؤسسة (ألفرد نوبل) ولم تكن هذه الجائزة صك اعتراف باحتجاجات الشباب من مجلس الأمن الدولي صاحب القرارات المصيرية في تاريخ الدول والشعوب.. وألفرد نوبل هو كيميائي سويدي اخترع الديناميت عام (1866) وأوقف ثروته لتأسيس خمس جوائز سنوية في الآداب، الفيزياء، الكيمياء، الطب، والسلام، ليكفر عن خطيئته بعد أن علم بأن اختراعه للديناميت كان سبباً في دمار الكثير من البشر والشجر في أنحاء العالم. فالجائزة قيمتها مادية ورمزية لكنها لا تغير من الأمر شيئاَ على أرض الواقع ولا تعجل بزوال النظام كما تحلم بذلك توكل كرمان التي تصف الأخ الرئيس بأنه مخلوع في تصريحاتها التلفزيونية. وهو في الواقع ما يزال يمسك بزمام الأمور ويمارس صلاحياته ويصدر قراراته التي كان آخرها قرار الدعوة لاختيار رئيس جديد لمجلس الشورى. ما ذكرناه آنفاً كان للحديث عن الفائزة بجائزة نوبل للسلام توكل كرمان مع الرئيسة الليبيرية ومواطنة ليبيرية أخرى.. فماذا عن الرئيس الأمريكي أوباما الذي منح جائزة نوبل للسلام بعد فترة قصيرة من دخوله البيت الأبيض ولم نلمس منه أي مجهود نضالي من أجل السلام العالمي سوى خطابات رنانة قالها في أماكن متفرقة وأثناء زيارته لمصر ولم يناضل كما ناضلت توكل كرمان التي خلعت الأخ الرئيس من خيالها وتفكيرها وما زالت تناضل بوسائل لا علاقة لها بالنضال السلمي الذي تعرفه كل شعوب الأرض، فمن الذي يستحق جائزة نوبل للسلام الرئيس الأمريكي الذي منح هذه الجائزة مجاملة من مؤسسة (ألفرد نوبل) وهو اليوم يهدد عملية السلام في الشرق الأوسط باستخدام الفيتو إذا اعترف العالم بدولة فلسطين في مجلس الأمن وقطع المساعدات المالية للفلسطينيين إرضاءً للصهاينة والمحتلين أم تستحق الجائزة الناشطة والحقوقية اليمنية بنت كرمان المرأة اليمنية العربية والمسلمة التي ترفض الحوار مع النظام ولا تعترف بالآخر وتصر على إسقاطه أو خلعه وتزعم أن ثورتها سلمية وهي تستخدم طرقاً ووسائل عنيفة وغير سلمية؟!!