لم يكن الصحفي اللامع و لا المفكر العبقري و لا الحقوقية الرائدة وحدهم من تولوا استكمال حفلة النهش التي ابتدأها الأمن في ساحة العروض في عدن يوم 13 من يناير ، ذكرى التسامح و المصالحة ، و لكنها فيما يبدو كانت صفارة البدء بحملةٍ سيئة النوايا يتم توجيه رصاصها أفعالاً و أقوالاً إلى الجنوبيين المطالبين بحقوقٍ لم يعد أحدٌ ينكر وجودها - على الأقل بينه و بين نفسه - حتى جنرالات النهب المتمثلين في السيد الأحمر و هو يحمل خصمه الجديد (شريكه القديم ، أو العكس ، الصحيح دائماً) مسئولية "... الجنوب"، و لا حتى أطراف النظام السياسي في صنعاء و هم يوجهون أصابع الاتهام لبعضهم البعض، فقد كان الحراك الجنوبي السلمي أول من قارعهم جميعاً منذ 2007، حينما كانت الثورات العربية لا تزال بذوراً في الأرض العربية المخصبة بالحنق.. لست هنا في صدد المطالبة بأي تعاطف أو إنصاف من ثوار الحق و الضمير، لأن الموضوع وإذ ثبتت عدم فاعليته طوال أربع سنوات، فإنه يبدو كحلم خيالي خصوصاً بعد أن اختبرنا " خيبة المواقف " المرة تلو الأخرى منذ بداية الثورة عندما كانت عدن تغرق في الدماء و ثورة "التغيير" مصابة بشلل الإدانة، لن نكرر هذا الاستجداء مرة أخرى أبداً و لن نصر مجدداً على المراهنة على الإنسانية الكامنة في القلوب، لِنقل الخاملة إن أردنا الدقة، لكننا كأقل واجب نريد لهذه الإساءة أن تتوقف، باسم الحق و القانون والضمير. نريد لهواه الجِزاف الأخلاقي أن يقدموا لنا على أوجه السرعة و الجدية دلائل واضحة وصريحة على ما يروجونه حالياً من أن الجنوبيين هم عملاء النظام السابق و أنهم يرتبطون والحوثيين بمشروعٍ واحدٍ تدعمه إيران .. في انتظار أن يتكرم سدنة المعلومات الخطيرة بإثبات صحة إدعاءاتهم، أوجه رجائي لكل الأحبة في الجنوب ، لأهلي و أصدقائي و لشركاء القلم والحق : نحن لسنا بحاجة إلى إجادة لغة الكراهية حتى و إن تكلمها الآخر ، دعونا نترجمها إلى لغة معرفة و إصرار و قوة .. توقفوا عن التسفيه و الشتم والازدراء.. صدقوني صوت الحق و العدل يكفيان، و هما الأقدر على إيصال مظالمكم إلى كل العالم.. أرجوكم لا تستجيبوا لأي خطابات استفزازية و لا تنجروا إلى لعبة الاستنزاف التي تلعبها بعض الأطراف السياسية المعروفة مواقفها منكم مسبقاً.. اكتملوا ببعضكم و احتموا بوحدة مواقفكم و ركزوا على قضيتكم و صدقوني سيكون كل شيءٍ على ما يرام..أصدقائي و أخواني وأعزائي في الشمال ، اطمئنوا دائماً إلى أن الحراك و الجنوب أبداً لم يكونا سبباً في تعثر هذه الثورة أو بعثرة نتائجها بهذا الشكل ، نحن تشيعنا لها من البداية (كما تشيعنا للوحدة و تخلينا لأجلها عن عاصمة و عملة ودولة ورئيس ) وعدن بالتحديد قدمت أول شهدائها كبراءة ذمة، لا تلتفتوا لمن يحرضكم علينا و يتخذ منا شماعة يعلق عليها عجزه عن إنجاز أحلام المساكين في ثورة الشباب أو عن تواطئه في وأد أهدافها السامية جميعنا نعلم من كان السبب وراء ذلك و هو الآن يواري سوآته بطرقه العفنة المعتادة التي تزكم رائحتها الفائحة أنف الصواب..لم يرتد الجنوبيون عن مساندة هذه الثورة ، بل لم يتوقفوا عن مساندتها ضمنياً أبداً و لكنها لعبة القدر التي أعلنت يوماً: أن الجنوب لا يلدغ من الجحر "الأحمر" مرتين.. أما و قد بدأ شوط العتاب واتهمنا بأننا تخاذلنا عن نصرة الثورة فدعونا نناجي بعضنا بحقائق نعرفها و تعرفونها جيداً: - لم يكن يجب عليكم أن تتركوا من استلب الجنوب يقود زمام هذه الثورة مهما كانت المبررات.. - لم يكن عليكم أن تسمحوا بتهميش هذه القضية وجرجرتها إلى ذيل القضايا المحورية في أهداف الثورة .. - لم يكن عليكم أن تدعوا المجال لكتابكم و صحفييكم المأجورين باسم الثورة بأن ينبروا بأقلامهم مراوغة وتقليلاً من أهمية الحضور الجنوبي في المشهد الوطني.. - لم يكن عليكم أن تسكتوا عما حدث في الجنوب من انتهاك وسفك للدماء باسم الوحدة المعمدة بالدم ولا عمن يصفنا اليوم بالأغبياء، المرتزقة، النازيين، أصحاب المصالح الضيقة، الدمويين، العملاء، لمجرد أننا ننتصر لحقوقنا التي نطالب بها منذ أمد بعيد.. اعلموا يا أصدقاء قبل أن تتخذوا من هذه القضية غريماً أو وخزة لكرامة تتحسسونها كلما قلنا "جنوب"، أن في الجنوب اليوم: جرح غائر يتسع بالمكابرة، و غصة تتعمق بالتدليس، وصبر نفد مع تكرار الإهانة ! [email protected]