الصحافة قال عنها رواد الحركة الإعلامية الثقافية التنويرية إنها هي الأداة المقروءة ومهنة المتاعب الشاقة الأكثر فاعلية وتعتبر من أخطر الأسلحة الفكرية وبصمتها شديدة القوة لا يستهان بها تتناول أهم وأبرز القضايا الإنسانية المهمة مثل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفلسفية والدينية والرياضية وغيرها من المجالات الأخرى التي تتمحور في جوهر القضية الفكرية حيث تساهم مساهمة فعالة في نشر المعرفة والثقافة الإنسانية التي تفسر المفاهيم والقيم المادية والمبادئ الإنسانية الراسخة الجليلة وكل الحقائق الموضوعية حيث أنها تتأثر وتؤثر نتيجة العلاقات الإنسانية سواء كانت إيجابية مثل حرية الإنسان والعدالة الاجتماعية والتسامح والرفق أو سلبية مثل التكبر والظلم والاستبداد حيث يكتسب الإنسان المثقف خلفيته الثقافية عبر الصحف والمجلات والكتب الثقافية بدافع الفضول وحب المعرفة والاطلاع الواسع وبالاستيعاب الأمثل يعشق القراءة لأجل تطوير مداركه العقلية العلمية والأدبية والفلسفية والثقافية ومتابعة القضايا الإنسانية الهادفة وكل ما هو جدير يتعلق بالفنون مثل السينما والمسرح والموسيقى والتلفاز وغيرها من الأعمال الإبداعية الرائعة في الشكل والمضمون. ونقدر الصحفيين الذين يبذلون جهوداً غير عادية في الجهاز الإعلامي في تناولهم الآراء والأفكار الإنسانية التي تعبر عن وجهة نظر كاتبها حول ما تواجه الشعوب العربية والغربية في ظل الظروف الراهنة المأساوية المتردية وتحديات كبيرة أكثر خطورة تشكل قلقاً حقيقياً على حياة البشرية الإنسانية نتيجة الصراعات والخلافات السياسية والتناقضات الفكرية في ظل تعدد الأحزاب السياسية والثقافات البرجوازية التقليدية السائدة التي تقف عائقاً في مواجهة النهوض الثقافي. وفي الوقت نفسه تخدم السياسة الديمقراطية الليبرالية في توجه نظامها الرأسمالي الذي يفرض سيطرته على الساحة العربية والعالمية القائم على الظلم والقهر والاستبداد واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وهو العدو المباشر الذي لا يخدم التوجه الإنساني حيث يستخدم الممارسات القمعية ويرتكب أشنع أنواع الجرائم الوحشية في حق المواطنين الأبرياء والأساليب الدنيئة لأجل زعزعة الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية وإجهاض مجمل القيم المادية والمبادئ الإنسانية الأخلاقية وكبت حرية الإنسان وانتهاك الحقوق الإنسانية وتضليل العدالة الاجتماعية ونهب خيرات الشعوب وإن كل هذه الهموم والمشاكل التي تعانيها الأوضاع العربية والعالمية عكست نفسها على الواقع الاجتماعي وتفجرت من خلالها ثورات الشباب السلمية في كل أنحاء العالم فجاء هؤلاء الشباب إلى ساحات الحرية والتغيير المطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية وبإسقاط الأنظمة الفاسدة ومحاكمة الفاسدين والمفسدين من الحكام. ومن هذا المنطلق نقدر أن نقول إذا جاز التعبير: لقد أخذت الصحف من جانبها الكثير من المواد الأدبية والعلمية والوسائل الفنية وحاولت أن تستغل شهوة الجمهور في كل النواحي الثقافية الحساسة فيهم وتقدم لهم ما يشتهون وتعلمهم ما يجهلون وتعطي لقرائها صوراً جذابة وخرائط مبينة وتجذبهم إلى مطالعتها بحيث يجدون فيها من التنوع والتعرض لأنواع الثقافة الإنسانية المختلفة مثل المقالات الأدبية والعلمية والاقتصادية والقانونية والثقافية والفنية وغيرها من الفنون التي تغني القراء وتملأ شهوتهم بالمطالعة والقراءة ثم تجذب إليها أعلام الكتاب والأدباء والعلماء وتطلب إليهم أن يوافوها بفصول من علمهم وأدبهم حتى يقبل القراء على صحفهم بدافع الفضول وحب المعرفة والإطلاع الواسع والاستيعاب الأمثل ونظراً لأن الصحف والمجلات وبحكم ديمقراطيتها وملابستها للجمهور ومراعاتها لأكبر عدد من المثقفين تضطر في هذه الحالة إلى تحقيق ما يتقطر لها من المعلومات الجادة والهدف الأساسي هو توصيل الثقافة الإنسانية كغذاء للعقول البسيطة والعقول المثقفة ثقافة واسعة النطاق حتى يستطيع القراء هضم تلك الأفكار الإنسانية الجديدة والعميقة. لقد تمكن الصحفيون عبر صحفهم التي تعبر تعبيراً مباشراً عن ثقافة المجتمع الإنساني وعليه أن يكون مقياساً صحيحاً لطموحاته الذاتية وحسب حجم حريته الشخصية وكيف الصمت والشعوب العربية تعاني في ظل هذه الأوضاع المتردية والمطمورة والمغلوبة على أمرها تحت نيران القهر والظلم والاستبداد والفساد زائداً ضغوط الحياة المعيشية القاسية ولو حاولنا أن نخفي الحقيقة نكون قد ساهمنا في تعميق المشكلة. ولكن الحقيقة يجب أن تقال في وجه أعداء الحياة من ذوي الأدمغة المغلقة والمقصرة في واجباتها ويجب أن تضع حاجزاً فاصلاً ما بينها وكل ما يعتمل في النفس البشرية من إبداع خلاق وهذا ما يشكل أيضاً عائقاً مريباً على الفكر الوطني المخلص لقضية الثورة والوطن والشعب ولكن في الواقع القراء يقدرون كثيراً الصحفيين المحترفين أصحاب الأقلام الشريفة في الجهاز الإعلامي الذين يميلون إلى قراءة الصحف والمجلات والكتب الثقافية المختلفة الاتجاهات وكيف يجيدون دورهم الحقيقي في نشر الثقافة الإنسانية ومتابعة القضايا الإنسانية كافة واختيار المواضيع الهادفة التي تحمل مضامين رائعة محيطة بالأشياء والواقع الاجتماعي وكل ما هو جديد متعلق بالأخبار المتداولة والقضايا الإنسانية المهمة والملحة مثل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية وغرس مجمل القيم المادية والمبادئ الإنسانية والأخلاقية في نفوس الكم الهائل من القراء الذين يميلون إلى قراءة الصحف التي تتناول أهم الآراء والأفكار الوطنية حيث تتجسد من خلال النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية وغيرها من المجالات الأخرى. ومن منطلق هذا البيان والتحديد نقدر أن نقول الصحف الرسمية والمستقلة استطاعت أن تطلق صرخاتها الإبداعية بكل جرأة وقدرة فائقة في التعبير المنسجم من خلال واقع الهموم والمشاكل الاجتماعية والمعاناة الإنسانية وهذا في الحقيقة يدل على حنكة قيادتها الإبداعية المعاصرة لحركة الإعلام الصحفي المنشود. ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الناس الذين يمثلون الطبقات الفقيرة والوسطى المعجبين والمهتمين بقراءة الصحف والمجلات المثقفين ثقافة دنيا وهؤلاء هم من طبقة العمال وتلاميذ المدارس الذين لم يكملوا دراستهم وأيضاً من الآنسات والسيدات المثقفات وهم بهذا الاحتلال راضون على أنفسهم ولا ينادون بالاستقلالية وقد يئست منهم الكتب وأما بالنسبة إلى الطبقة الأخرى وهم من المثقفين ثقافة عليا فنجدهم يميلون إلى قراءة الكتب الثقافية وهؤلاء يرونها غذائهم في حياتهم الفكرية وهي التي تحقق مطالبهم وأهدافهم النبيلة وتحاول بشتى السبل أن تحل لهم كل ما يعرض لهم من المشكلات العقلية وهؤلاء هم من أمثال رجال الجامعات والقضاء والفلاسفة والأدباء والعلماء وهم يقرؤون الصحف لأخبارها والمجلات لطرافتها ولكن اعتمادهم الحقيقي في علمهم وأدبهم على الكتب الثقافية.