قالت وكالة رويترز نقلا عن جراح فرنسي قام بعلاج مقاتلين في حلب إن مقاتلين إسلاميين يسعون لتحويل سوريا الى دولة دينية يتزايدون في صفوف المعارضة المسلحة التي تقاتل لإسقاط الرئيس بشار الأسد ويعتقدون أنهم يخوضون «حربا مقدسة». وعاد جاك بيريه الذي شارك في تأسيس منظ مة أطباء بلا حدود الخيرية من سوريا مساء الجمعة الماضية بعد أن أمضى أسبوعين يعمل سرا في مستشفى بمدينة حلب المحاصرة في شمال البلاد. وفي مقابلة مع الوكالة بشقته في وسط باريس قال بيريه (71 عاما) إنه على خلاف ما شاهده في زياراته السابقة إلى حمص وإدلب ف ي وقت سابق من العام الحالي فإن نحو 60 في المئة ممن عالجهم هذه المرة كانوا من مقاتلي المعارضة نصفهم على الأقل ليسوا سوريين. وقال الطبيب «في الحقيقة كان ما رأيته شيئا غريبا. إنهم يقولون بشكل مباشر إنهم ليسوا مهتمين»بسقوط» الرئيس الأسد بل مهتمون بكيفية الاستيلاء على السلطة بعد ذلك وإقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة لتصبح جزءا من الإمارة العالمية.» ومن بين الجهاديين الأجانب شبان فرنسيون قال إنهم يستلهمون نهج محمد مراح وهو متشدد إسلامي من تولوز قتل سبعة أشخاص في مارس باسم تنظيم القاعدة. لكن رغم ان بعضهم جهاديون محترفون ومقاتلون سابقون في العراقوأفغانستان والشيشان وليبيا جلبوا معهم مهاراتهم في القتال وصنع القنابل مما أثار قلق الحكومات العربية والغربية التي تشيد بالمعارضين إلا أن كثيرين ليس لديهم ما يقدمونه للسوريين سوى الدعاء والنوايا الحسنة. وتحدث بيريه عن علاج العشرات من هؤلاء الجهاديين من دول عربية أخرى لكن ايضا كان بينهم على الأقل شابان فرنسيان. وقال بيريه «بعضهم كانوا فرنسيين ومتعصبين تماما بشأن المستقبل... كانوا حذرين للغاية حتى مع الطبيب الذي يعالجهم. لم يثقوا بي لكنهم أبلغوني ذات مرة أن محمد مراح نموذج يحتذى.» وأضاف قائلا «ما يتعين أن يعرفه الناس هو ان عدد القتلى أكبر بكثير مما يعلن. أقول ان عليك أن تضاعف الرقم كي تحصل على العدد الحقيقي.» وقال بيريه الذي دخل سوريا عبر الحدود الشمالية مع تركيا ان لديه أيضا مؤشرات الي أن أنقرة تحاول منع السوريين الفارين من عبور الحدود. واشار الى حقيبته التي يحمل بها أدواته الجراحية وحذائه وملابسه الملطخة بالطين وهو يقول ان القوات التركية غمرت منطقة ريحانلي الحدودية بالماء حتى تجعل من الصعب على اللاجئين عبور الحدود دون اكتشاف أمرهم. وقال «قبض علينا الجيش التركي. استغرق الأمر 20 ساعة لعبور الحدود وفرضوا علي غرامة 500 دولار لعبور الحدود بصورة غير مشروعة. غمروا الحدود تماما بالمياه حتى يتمكنوا من سماع من يعبر ومن يقبضون عليه يردونه على عقبيه. الى ذلك سلّط مقتل رئيس «مجلس شورى الدولة الإسلامية» أبو محمد الشامي العبسي قبل ايام في سوريا الضوء على حجم الخلافات المتزايدة في أوساط المقاتلين المحليين وأولئك المنتسبين ل»القاعدة». والعبسي، المعروف بأنه مقرّب من «القاعدة»، اختطف قبل أيام ثم قتل طعناً بالسكاكين عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. وقد اتهمت جماعته «كتيبة الفاروق» بقتله، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وتأتي هذه الحادثة في وقت شديد الحساسية ، حيث تتوالى التقارير عن حجم الانقسامات التي تنخر بجسمها لا سيما بين المقاتلين «العاديين» و»الجهاديين»، بينما يجهد الغرب وحلفاؤه لتوحيد صفوفها أو أقله التغطية على انقساماتها. وفي تقرير أضاءت فيه «نيويورك تايمز» على «التصفيات» التي بدأت بين المقاتلين، أشارت إلى أن مقتل العبسي، الذي يتولى كذلك مسؤولية «جبهة النصرة»، بات خطراً بعد أن دعت عائلته، كما «مجلس شورى الدولة الإسلامي»، إلى الأخذ بثأره بأقسى الوسائل . وازداد الأمر خطورة بعد أن تمّ تحديد الجهة المسؤولة عن مقتله وهي «كتيبة الفاروق» التي تعتبر، وفق الصحيفة، فاعلة في حمص. علماً أن تنظيم «القاعدة» قال إنه حدّد الجناة بعد أن قام شهود عيان بتصوير واقعة اختطاف العبسي وتدوين رقم لوحة السيارة، في وقت نفت «كتيبة الفاروق» مسؤوليتها عن الحادث. وتشير الصحيفة إلى أن معلومات سابقة كانت أفادت بأن إسلاميي «القاعدة» المتواجدين على معبر باب الهوى يقيمون علاقات تنسيق حسنة مع الأمن التركي، في حين كان هنالك تأزّم في العلاقة مع الجماعات المسلحة الأخرى»، وهو ما دفع إلى اشتباك سابق بينهما. وكانت «كتيبة الفاروق» أعلنت في تسجيل مصور يعود إلى أواخر يونيو الماضي أنه لن يكون هناك مكان لتنظيم «القاعدة» في سوريا. في المقابل، بعض المقاتلين رأى أن الاستخبارات الأميركية قد تكون مسؤولة عن مقتله، وقد طلبت من المقاتلين في «كتيبة الفاروق» تصفية العبسي. يُذكر أن العبسي هو من أصل سوري، وقد ولد في جدة في السعودية العام 1973 ونشأ هناك. وبعد تخرجه من الثانوية عاد إلى موطنه في حلب، والتحق بالجامعة ليتخرج من كلية طب الأسنان. هاجر العبسي للجهاد في أفغانستان، حيث التقى أبو مصعب الزرقاوي والتحق به، ثم عاد للسعودية قبل عملية 11 أيلول بفترة وجيزة، كما عاش في السودان لفترة قبل عودته إلى سوريا العام الماضي. من جانبه قال أحد أعضاء المعارضة السورية في حديث له مع صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، إن وجود العديد من المقاتلين المصريين والعرب في سوريا الآن أمر يثير الكثير من الخلافات بين المعارضة السورية. أشار هذا المعارض ،الذي لم تذكر الصحيفة اسمه، إلى أن المصريين تحديدا من أخطر المقاتلين المتطرفين ممن بدأ دورهم في الحرب المشتعلة بسوريا الآن يتصاعد ,مشيرا إلى أن وجود هؤلاء المقاتلين يثير توترا وسط المعارضين للنظام الذي يرفض عدد منهم مشاركة أنصار القاعدة سواء من المصريين أو العرب في المعارك .وأشارت الصحيفة إلى أن هناك العشرات من المقاتلين العرب بصورة عامة أو المصريين بصورة خاصة ممن يقاتلون الآن في سوريا ، وهؤلاء ينتشرون في العديد من المناطق المشتعل بها القتال بداية من ريف دمشق أو حلب أو غيرها من المناطق السورية الأخرى. وأوضحت الصحيفة أن الكثير من القوى السورية المعارضة تنتقد الآن وبشدة تعامل هؤلاء المقاتلين الشرس مع السوريين أنفسهم، الأمر الذي دفع بعدد من القوى المعارضة السورية إلى الإعراب صراحة عن غضبها الشديد من وجود هؤلاء المقاتلين .