الشعراء في اليمن هم الثوار.. هم الطليعة الواعية من طلائع الشعب، والشعر في اليمن قبل الثورة ظل الصوت الوحيد الذي تتردد فيه أنفاس الشعب المغلوب على أمره، بل نستطيع أن نقول إنه الصوت الوحيد الذي ظل - رغم مالقيه الشعراء من قتل وسجن وتشريد - يقاوم الطغيان، ويضرب جدرانه بكل ما يملك من طاقة وعنف. لقد اتجه شعراء لحج اتجاهاً وطنياً ثورياً، وقدموا العديد من النصوص الشعرية المؤثرة في ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، نوجز بعضاً منها مبتدئين بالشاعر الكبير عبدالله هادي سبيت، حيث يقول في حبه لوطنه: وطني ما عشت إلا لرضاك وسأقضي العمر حباً في هواك ذقت في حبك ما أرهقني وطعمت الهون حلواً في رباك سقمت نفسي وجفت أدمعي وفؤادي لم يزل يتلو ثناك كلما آلمني منك الجفاء زدت للموت اشتياقاً في حماك لقد كان الشاعر مرهف الإحساس رقيق المشاعر سريع التأثر بما يحيط به من مجريات الأمور .. فقد تفتحت عيناه وبلاده تشقى بالجهل، وتكابد مرارة الحياة ومحنة الاحتلال وقد ترجم كل ذلك في قصائد ناطقة بالحزن والاحتجاج والرفض والتمرد والثورة. وجعلت من وطني حبيباً حبه يملي الشقاء فيكتب التخليدا ما أن شفيت وذبت فيه صبابة إلا طلبت من الشقاء مزيدا كان شاعرنا سبيت أول من صدح بالأغنية السياسية حيث تغنى بهذه الأغنية (هنا ردفان): هنا ردفان من عقلي ولبي هنا ردفان من روحي وقلبي هنا كوخي وهنا أهلي وصحبي هنا وطني الكبير وكل حبي هنا ذهبت جدودي لتصنع لي وجودي وتكسر بي قيودي وتكتب بالدماء خير المصاير فالشاعر يتغنى فرحاً بالثورة المسلحة الشعبية التي انطلقت من جبال ردفان تحت قيادة الجبهة القومية في الرابع عشر من أكتوبر 1963م فشاعرنا يعيش مع الثورة المسلحة بمشاعره ووجدانه ومما يدل على ارتباط الشاعر بالجماهير الكادحة قوله: (هنا كوخي) فالكوخ رمز للحياة البسيطة المتواضعة، وإذا كان شاعرنا لم يكتب له الشرف في حمل السلاح إلا أنه كان مناضلاً بالكلمة. والنضال بالكلمة لا يقل شأناً عن النضال بالسلاح. والشاعر يغرس في جماهيره حب التضحية والفداء .. فالحرية لا تعطى، بل تؤخذ فهي عروس مهرها غال .. مهرها الدماء، وشاعرنا وحدوي في نضاله وتفكيره في حبه ووجدانه وأحاسيسه. هنا ردفان من قمة كل ثائر ومن لب القبائل والعشائر هنا ردفان في قلب العساكر وقد هجمت على قصر البشائر أيضاً تغنى الشاعر بالثورة المسلحة ثورة 26 سبتمبر تلك الثورة التي غيرت مجرى التاريخ وصححت مساره فلقد دكت (قصر البشائر) قصر الإمامة قصر الظلم والقهر الطبقي.. مصدر التخلف والجوع والمرض والعزلة السياسية والحضارية. هنا صنعاء هنا بدأت الطلائع تصون الحر عن وطني تدافع هنا نحمي الحمى نبني المصانع هنا الإيمان للإنسان رافع هنا صنعاء العقيدة هنا عدن المجيدة هنا اليمن السعيدة هنا العربي حطم كل قاهر وبانتصار الثورتين سبتمبر وأكتوبر نرى (سبيت) يعلن أغرودة الحب .. أغرودة الانتصار .. أغرودة البهجة والسرور بهذا اليوم العظيم حيث يقول: ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه بانطرب ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه بانلعب ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه بانطرب لما نقطع الأوتار ياعيدوه بانلعب بين العود والجيتار ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه بين العود والمغنى ياعيدوه ياذا كلنا نهنا ياعيدوه ردوها ياعيدوه ياعيدوه ياعيدوه غنوها غنوا نغمة الأفراح ياعيدوه ردوها زالت دولة الأتراح غنوا اليوم بالباكر ياعيدوه هنوا كلنا شاكر ربي عوض الصابر ياعيدوه هنوا كلنا شاكر كما أتحفنا شاعرنا الراحل مسرور مبروك بكثير من القصائد الوطنية، حيث قال في عيد سبتمبر: مرحى مرحى العيد الأكبر يوم ستة وعشرين سبتمبر منه الشعب اليمني تحرر حطم عروش الملكية يااهلاً باليوم الأزهر بالنسبة لليمن الأخضر يافرحي بعيدي في بلادي وبلاد آبائي وأجدادي يافرحي بعودة أمجادي عادت بالثورة الثورية قد ثرنا وحررنا بلدنا حققنا أملنا وغايتنا بالعنف الثوري تحررنا من طغمة عفنه إماميه كانت في الماضي تحكمنا ثرنا عليها ونصرنا وبلغنا الغاية بثورتنا وسحقنا قواها الهمجية وتلتها ثورة أكتوبر في يوم تاريخ أربعة عشر ثورة تاريخية تذكر ما عاشت دنيا البشرية من حيد ردفان الأعصر بدأت وسارت نحو البر وسلامي على كل الثوار في يمني في كل الأقطار والى من كانوا لهم أنصار في كل الكرة الأرضية وفي قصيدة أخرى يقول: لن يرضى الشعب اللي حرر أوطانه بالدم الأحمر في ستة وعشرين سبتمبر أن يرجع للعهد البالي من حطم عرش الملكية لن يخضع للأمريكية فالشعب اليمني القحطاني لن يرضى بالاستعمار ثاني وهنا نوجز أبياتاً من قصيدة أخرى بعنوان (يوم عظيم) لشاعرنا مسرور مبروك: هانحن ننشر بأربعة عشر أكتوبر حول الثلاثين آخر يوم نوفمبر والأجنبي قبل وعده بلدنا فر والشعب فيها استقل بعيدنا الأكبر يوماً عظيماً على طول المدى يذكر عاماً فعاماً به شعب اليمن يفخر ويحتفل في المدن والريف والبندر بيوم خالد تسجل بالدم الأحمر من بعد ما بالأجانب والأعداء دشر جواً وبحراً ومنهم عن طريق البر قد تم له ما يريده في اليمن لخضر وأصبح الخير في أرضه وزال الشر العسف والجور من ارض اليمن أدبر والظلم ولى طريد في الدجى الأعكر فليحتفل شعبنا بيومه الأزهر بيوم فيه استقل وللوطن حرر وفي قصيدة أخرى يقول الشاعر بمناسبة أعياد أكتوبر هذه الأبيات: شعبنا في اليمن في عيد في حفل حافل بالرجال البواسل فهو من بدع أكتوبر يقيم المحافل في المدن والسواحل يوم رابع عشر أكتوبر العيد واصل والفرح فيه شامل با يعم الفرح بالعيد مرأة وراجل في جميع المنازل شعبنا منشرح ماشي بهدرات سائل ما يهم قوله قائل ويقول أيضا في أعياد الثورة: يسعدني الليلة أن اسهر في أعظم حفلة عيدية أتناول في هذا المسمر ذكرى مجيدة ثورية أتلوها في هذا المنبر في أمسيتنا الشعرية فلتفخر باليوم الأزهر يوم الثورة التاريخية يوم ستة وعشرين سبتمبر أول أيام الحرية يوم خالد عيد أكبر ذكراه ستبقى أبدية هو عيد اليمن في البندر ومدائن وقرى ريفية فيه الشعب اليمني تحرر حطم عروش الملكية للأرض اليمنية حرر واخذ حقوقه الشرعية فالعهد الظالم قد أدبر عهد الإمامة الفردية وصباح الثورة قد أسفر بضيائه عن جمهورية ثورتنا ذكرها مسطر ما عاشت دنيا البشرية مكتوبة بالدم الأحمر في صفحات بيضاء فضية وبأربعة عشر أكتوبر قامت ثورتنا الشعبية في الأرياف قامت والبندر بقيادة جبهة قومية ومن شعراء لحج الثائرين أيضاً علي عوض مغلس الذي شارك إخوته الشعراء فرحتهم بالانتصارات التي حققتها الثورة فيقول: لن يقف سير التحرر عن ركاب النصر يا زين والجماهير الغفيرة غاضبة لن تغمض العين ضد من عينه علينا أو يهدد ما بيننا ويل من يقرب لدينا با يشل الصاع صاعين موكب الأحرار ماضي في طريقه للنهاية قل لمن يقصد عدانا أو يعرقل سيرنا الجاد با يقع له يوم بل يوم با يصبح حيث لا عاد وأنت ياشعبي توكل في طريقك بت وأعمل من سعى بالجد حصل في العمل بالحق حقين كما يقول في قصيدة أخرى عن التضحية والفداء من أجل اليمن: بالدماء والروح جمعه والبدن سوف نفدي أرضنا أرض اليمن من خطوط الحد لا ساحل عدن عاشت الثورة وليحيا الوطن با نضحي بالشهيد تلو الشهيد في سبيل المجد واليمن الجديد الشاعر / عبد الله هادي سبيت أما الشاعر سالم علي حجيري الذي شارك في النضال المسلح كعضو في الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل والعضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فقال في قصيدة له فرحاً بالثورة: غني للشعب غني غني هز المشاعر غني ثورة مجيدة خاضها شعب ثائر شعب أعلن صموده فيه أثبت وجوده يوم كسر قيوده هد قصر البشائر من هنا أنطلقنا في مسيرة يمنا وانتصرنا وفزنا في تحدي المخاطر قل لردفان مرحى دمت ياحصن عامر دمت رمزاً لثوره كم أبادت تآمر دمت فخراً لشعبي دمت حصن حربي مانسيتك وحسبي أنني عشت ذاكر وفي قصيدة أخرى يقول: غني للشعب غني غني هز المشاعر شعبي مصمم عزمه حديدي ياثوره الشعب دايم وافي العزايم الشعب قوة بائسة شديدي ياثوره الشعب أقسم يحميك بالدم والكل يبذل جهداً جهيدي ياثوره صوني بلدنا واحمي يمنا ومن المكاسب هاتي المزيدي يا ثوره وامحي الجهالة والإتكالة في كل حالة وابدي وعيدي يا ثوره بيدي الخرافة وانهي السخافة وأحمي الثقافة بيت القصيدي يا ثوره خلي السعادة في الناس عاده وامضي وبثي فكراً جديدي يا ثوره ماعاش خائن مهما يهادن وبك كشفنا منهم عديدي يا ثوره أيضاً الشاعر حسن علي حسن وهو من أبناء محافظة لحج عاش كغيره تحت نير النظام الاستعماري وكان أحد الشباب الذين وقفوا ضد النظام وعند اندلاع الثورة في 14 أكتوبر عام1963م من على قمم جبال ردفان الشماء. قال شاعرنا قصيدته التالية: من جبل ردفان شفنا الصبح لاح شهر أكتوبر بدينا الاقتراح شعبنا والجيش ذي كافح كفاح ثورة الكادح ثورة في صلاح بالجنابي والبنادق والرماح والتقى الدم بالدم في البراح في جبل ردفان قاع الملاح كم على شان الوطن هبت رواح يوم قاموا القومية وقت النجاح عاشوا الأبطال ذي شلوا السلاح ساقوا المستعمر من داخل سناح طار المستعمر سوى له جناح يوم شاف الموت زايد والجراح وافتهن الشعب في أرضه استراح بعدما كافح بهذاك الكفاح والدول هنت ونحنا بانشراح ويهنوا القومية في كل صباح شعبنا قم للعمل جانا الفلاح