قد يتساءل الكثير منا هل يمكن أن نكتسب السعادة من الحياة التي نعيش فيها سواء بكثرة المال والغنى أو بالمنصب أو بأي شيء قد يرى الإنسان أنه يجلب السعادة له، ولكن في حقيقة الأمر فإن السعادة موجودة في أجسامنا جميعا، حيث إن هناك مادة تسمى السيروتونين (5 -هيدروكسى التريبتامين أو اختصارا 5 -HT)، وهو موصل عصبي أحادى الأمين يصنع في النهايات العصبية التي تحمل السيروتونينية ضمن الجهاز العصبي المركزي بالمخ وفى الخلايا الكرومافينية الداخلية في الجهاز الهضمي. يقول الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة المنصورة بمصر، تلعب هذه المادة دورا مهما في تنظيم مزاج الإنسان وتنظيم السعادة، لذا يسمى أيضا بهرمون السعادة، وحل المشاكل، والتركيز كما يؤثر على النوم والشهية، والذاكرة، والقدرة على التعلم، ودرجة حرارة الجسم، وأداء عمل القلب والعضلات، بينما الخلل في تركيز هذا الهرمون يؤدى إلى الاكتئاب والوسواس القهري والقلق والرهاب، وسرعة القذف وتغير الرغبة الجنسية، ولها دور أيضا في مرض الصداع النصفي، وقد أدى اكتشاف هذا الهرمون إلى ثورة في علاج مرض الاكتئاب، حيث لوحظ أن معظم المصابين بمرض الاكتئاب يمتلكون نسبة أقل من المستوى الطبيعي للسيروتونين في الدماغ، مما شجع العلماء إلى اختراع جيل جديد من الأدوية المضادة للاكتئاب والتي تقوم برفع مستوى مادة السيرتونين في الدماغ. قبل اكتشاف هذا الهرمون كان من الملاحظ أن الرياضة والمشي لمدة نصف ساعة يوميا خمس مرات أسبوعيا، يحسن ان من الحالة المزاجية ويساهم ان في علاج الاكتئاب. وبعد اكتشاف هذا الهرمون تبين أن الرياضة والحركة توثر بشكل ملحوظ على مستوى هرمون السيروتونين في الجسم، ونشعر بذلك عند انتهائنا من الرياضة، مثل الجري والسباحة وغيرها. ويعود شعورنا عندئذ بالارتياح والاستجمام إلى أن الجسم يتخلص من الإجهاد النفسي والعضلي، ويعمل على توازن مستويات الهرمونات في الجسم، ويزيد إفراز السيروتونين، فنشعر بالراحة والهدوء، ويستطيع الإنسان مقاومة إجهاد جديد، كل تلك التأثيرات الإيجابية على الجسم تجعل من الرياضة والحركة من الأشياء المحبذة لحياتنا بدون إجهاد أو إرهاق. ويوجد السيروتونين في بعض النباتات مثل الجوز (عين الجمل) الذي يحتوي على سيروتونين بنسبة 300 ميكروجرام جرام. كذلك يوجد في الأناناس الخوخ والكرز والموز والبرقوق والطماطم والكاكاو، وفى كل ما ينتج من الكاكاو مثل الشوكولاتة، كل تلك النباتات تحتوى على نسبة من السيروتونين أكبر من 1 ميكروجرام - جرام. ولحوم الديك الرومي تحتوى على مستويات عالية من التربتوفان التي تتحول في الجسم إلى السيرتونين. بالإضافة لما سبق فإن كل إنسان لديه العديد من الهرمونات الأخرى التي تلعب أدوارا أخرى في السعادة مثل إندورفينز (Endorphins): يعطيك إحساسا جيدا، ويقلل الإحساس بالقلق ويحسن حساسيتك بالألم، ويمكن للجسم الحصول عليه عن طريق التمارين الرياضية. وتعمد كثير من المواد المخدرة عليه في الحصول على المزاج المرتفع مثل الهروين والمورفين والترمادول، وأيضا هرمون دوبامين (Dopamine) يمكنك الحصول عليه عن طريق الشيكولاتة والكاكاو، ويؤثر بشكل أكبر على النساء، ويلعب دورا كبيرا في الدوافع في العمل، وفي اتخاذ القرارات ونقصه يؤدي إلى التبلد وعدم الاكتراث. وأخيرا الجريلين (Ghrelin) وهو هرمون يقلل من ضغوط الحياة ويعطيك إحساسا بالاسترخاء، ويتم إفراز الهرمون في الجسم إذا شعرت بالجوع، وزيادة الإفراز بكميات كبيرة بدون تحكم قد يؤدى إلى السمنة.