رغم أن اليمن قبل قرابة ألفين وخمسمائة عام كانت تحكمه دول محاور تجارية (ترانزيت) (مأرب - شبوة - تمنة ... الخ)، وسلطات عسكرية توسعية كالدولة السبئية التي كانت في حالة حروب دائمة مع الجيران بقصد الغزو والتوسع أو الدفاع، إلا أن هذه الدولة على سبيل المثال لم تجثم بجيوشها على مدنها ولم تقم بمحاصرتها كما هو حال اليمن الآن. ويتضح ذلك من خلال النبذة التاريخية التالية عن بعض جوانب الحياة العسكرية للدولة القديمة التي اخترناها نموذجاً. المعسكرات في اليمن القديم : تعرف المعسكرات في النقوش اليمنية (مملكة سبأ) من خلال كلمة (حير)، وقد ذُكرت في عدد من النقوش العسكرية، ويبدو أن هناك تنوعاً في هذه المعسكرات التي يُقصد بها: مواقع تجمع الجند، فهناك مناطق للحشد، ومواقع للحراسة والمراقبة والمرابطة. ويبدو أن الظروف العسكرية قد اقتضت هذا التنوع، فحشد الجند مطلب تفرضه ظروف المعركة، حيث تحدد منطقة لتجمع المقاتلين، وتكون في الوقت ذاته مؤخرة يعودون إليها بعد انتهاء المهمة أو عند الانسحاب من المعركة، أو الاستعداد لجولة ثانية. أما أمور الحراسة والمرابطة والمراقبة، فإن المواقع المهمة للدولة وحدودها تحتم وضع الحراسات في المراكز المتقدمة خارج المدن وعلى أطراف الحدود. وتعرف الكلمة التي تدل على الحدود من كلمة (وثن)( 1) في النقوش، أما كلمتا (نظر) و (قرن) فتعنيان المراقبة والحراسة. وقد تفرد نقش (Ja 576) بعدد كبير من المصطلحات العسكرية، منها كلمة (حير) والتي تعني معسكراً، أي (منطقة الحشد)، وهي منطقة متقدمة (معسكر مؤقت) خارج المدن وليس داخلها، وتتحرك منه القوات إلى تلك المنطقة لتكون قريبة من العمليات العسكرية، ولضمان العودة إليها كموقع آمن يتم فيه ترتيب الصفوف والتهيئة والاستعداد. الحراسة : كانت الحراسة العسكرية، كما يتضح من خلال النقوش: (Ja 658) و (Ja 662) و (Ja 576) و (E 32)، يتم وضعها حول المدن الرئيسية فترابط لصد هجمات الأعداء الخارجين والقبائل، وعلى سبيل المثال ففي النقش (جام 658) تقدم قائدان عسكريان بصنم للإله الوثني (المقه) حمداً له على أنه وفقهم في كل غزوة غزوها إلى جانب سيدهما (شمر يهرعش) ملك (سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت)، ضد (خولان الددان)، وقد أمرهما سيدهما بترتيب حراسة حول مدينة (صعدة) وليس داخلها وذلك ليأمن جانب عشائر (خولن الددان) بعد حرب قاموا بها ضد الملك، ويوضح النقش أن الملك اتجه في ذات الوقت في مهمة حربية ضد عشائر أو قبائل (سنحان)(2 ). الحصار : يعرف الحصار في النقوش بكلمة (صور). النقوش: (Ja 578) و (Ja 629) و (E 32). والحصار عملية حربية تهدف إلى إحاطة مدينة أو قلعة معادية بقوات عسكرية ومحاصرتها، حيث يعمد المُحاصِرون إلى التمركز حول المدينة وعلى جبالها أو تلالها أو القلعة القائمة عليها بهدف إرغام المحَاصَرين على الاستسلام. ويتضح من النقوش أن الحصار كان أسلوباً من أساليب القتال المستخدمة من قبل الجيش اليمني القديم ضد الأعداء وليس ضد الشعب والمواطنين في الداخل كما هو الحال الآن في العاصمة (صنعاء) والمدن اليمنية الرئيسية الأخرى (عدن - تعز - الحديدة - المكلا - صعدة ... الخ). التحصين : اهتم السبئيون (منذ قرابة ألفين وخمسمائة عام) بالتحصين فأقاموا الأسوار والأبراج والقلاع والحصون حول المدن وعلى أبوابها، ولكن جيوشهم كانت ترابط خارج المدن وعلى الحدود ولا تجثم عليها وتحتلها كما هو شأن المعسكرات في العاصمة (صنعاء) وغيرها من المدن اليمنية في وقتنا الراهن. وقد ظهر الاهتمام بالتحصين وتسوير المدن منذ القرن السابع قبل الميلاد من خلال نقش (النصر) الذي ذُكِر فيه تسوير مدينة (نَشَق). ولكن لم يصل الأمر باليمنيين القدامى، كما هو الجاري الآن في اليمن، إلى الحد الذي يحتلون فيه المدن بمعسكراتهم أو يطبقوا عليها من جميع الجهات ويصوبون إليها مدافعهم وكأنها بؤرة معادية لهم رغم أن (السبئيين) كانوا دولة محاربة ومحاطة بالأعداء من كل جانب. الإقطاع العسكري : يتبين من النقش (Ja 550) حجم ملكية أحد قادة العسكر الذي صار كاهناً وقد وفق في عقد صلح بين (قتبان) و (سبأ)، ويتضح من النقش المذكور أن القائد العسكري أعطى تلك الأملاك (أراضي - بساتين - عبيد) (المقه) قرباناً للإله الوثني لأنه مَنّ عليه بالتوفيق في جميع مهامه. والثابت، تاريخياً، أنه قد وجد في اليمن نوعان من الإقطاع في عهد دولة (بني رسول)، إقطاع مدني، وإقطاع عسكري، ويشمل النوع الأول الأراضي المقتطعة للملتزمين الذين كانت أراضيهم تعود إلى الدولة في حالة مصادرتها لها، أو عندما يعجزون عن الوفاء بالتزاماتهم إزاء حقوق الدولة، أما الإقطاع العسكري فكان يمنح للقواد وغيرهم من الجنود بدلاً من المرتبات وبالإضافة إليها أحياناً، وخاصة في أحوال الجفاف وانقطاع الأمطار أو الأوقات التي كانت تقل فيها إيرادات الدولة بسبب اضطراب الأحوال السياسية، والتمردات القبلية المحلية، أو تمرد وعصيان جنود الدولة ومطالبتهم بمزيد من المكافآت والرواتب. مما كان يؤدي إلى قلة الموارد للدولة وضعف اقتصادها( 3). وكان الإقطاعات من أراضي وغيرها يعطيها سلاطين (بني رسول)، على سبيل المثال، كما هو الحال الآن، إلى المقربين إليهم من أفراد الأسرة الرسولية الحاكمة أو كبار قادة الجند والموظفين وغيرهم بمثابة رواتب وفي الوقت ذاته كان يوجد ذلك النوع من الإقطاعات التي كان يمنحها هؤلاء السلاطين لبعض الأعيان مقابل مبلغ من المال يتعهدون بدفعه سنوياً، ومن أسباب ذلك أن معظم الدويلات التي قامت في اليمن لم تكن يمنية فكان الحكام يهمهم جباية الأموال فقط واستنزاف اليمن إلى أقصى حد ممكن(4 ). وفي مرحلة الاحتلال التركي لليمن جثم الأتراك بمعسكراتهم على المدن اليمنية الرئيسية وخاصة (صنعاء) والتي لا زال فيها العديد من الشواهد على أن الأتراك تركوا عقلية الحكم وطرائقه ضمن الآثار السيئة التي خلفوها، ومن ذلك أن الحكام العسكريين الذين حكموا اليمن بعدهم ما زالوا يتخذون من وسط المدن وقمم الجبال والتلال والهضاب التي تحيط بها أو تتخللها مواقع عسكرية يحكمون قبضتهم على الشعب الخانع لحكمهم. وقد شهد أيضاً عهد الاحتلال العثماني (التركي) لليمن توزيع الإقطاعات العسكرية من الأراضي وغيرها لعدد كبير من قواد الأتراك وأنصارهم وعملائهم من مشائخ القبائل اليمنيين والموالين لهم وغيرهم. ولأن الأتراك الغزاة لم يجدوا موضعاً مناسباً لمعسكراتهم داخل مدينة (صنعاء) القديمة بسبب ضيق المساحات فيها فقد أقاموا المعسكرات ملاصقة لها كما قاموا باحتلال (قصر غمدان) عسكرياً وهو يقع في قلب مدينة صنعاء القديمة ويشرف عليها( 5). ومن الكوارث المرتبطة باحتلال المعسكرات للمدن إبان الاحتلال التركي أنه في العقد الأول من القرن العشرين عم الجوع (صنعاء) المحتلة والمحاصرة بالمعسكرات من كل جهة، وتصاعدت أثمان المواد الاستهلاكية فارتفع ثمن قطعة اللحم في السوق إلى (400 ريال) (ماريا تريزا) والقدح القمح إلى (600 ريال)، وأصدر الوالي التركي أمراً بمصادرة ما لدى السكان من مواد غذائية لصالح معسكرات الجيش التركي. ولكن هذا الإجراء لم ينقذ الموقف، بل زاده تعقيداً وتفاقماً. وأصبح مألوفاً التهام الجنود الترك لخيولهم العسكرية ولبغالهم وللكلاب والقطط حتى لقد امتد ذلك إلى أكل سكان المعسكرات الترك لليمنيين بعد اصطيادهم من الطرقات وخاصة الأطفال والنساء. وإلى هذه الفترة تعود تلك الحالات النادرة لأكل لحوم البشر في المدينة. وقد هلك، نتيجة للحصار العسكري التركي والجوع وأكل البشر، وحتى نهاية الحصار، نصف سكان مدينة صنعاء تقريباً. وخروجاً من هذا الوضع العصيب قررت القيادة التركية توقيع صك الاستسلام. وباحتفال مهيب دخل الإمام (يحيى) المدينة (صنعاء) في 31 مارس 1905م. وحقيقة المعسكرات الآن أنها لا تعدو أن تكون كما كانت خلال حكم الدويلات الغازية والإقطاعية وحكم المماليك لليمن ثم الاحتلال التركي (إقطاعات عسكرية وقبلية)، وكل إقطاعية عسكرية لها نظامها الاستبدادي الخاص وميزانيتها وقضائها ونيابتها وسجونها وساحات الإعدام الخاصة بها وسماسرتها بل و (بلاطجتها) ... الخ(6 ). والثابت هو أن سيادة الإقطاع العسكري في اليمن على أيدي العناصر البدوية والقبلية قد أعاق نمو المجتمع ومَيَّع الصراع الطبقي في آلياته وفعالياته، كذا في مظاهره وتجلياته. وعبر التاريخ فإن النظم الإقطاعية العسكرية كانت تتدعم وما تزال - رغم إفلاسها السياسي - بموارد مالية دائمة، وعلى الأخص تلك التي تحصل عليها من الميزانية العامة والإتاوات المفروضة على المستثمرين الأجانب والمحليين من خلال اقتصادها النهبي في الداخل، فضلاً عن موارد التجارة المتنوعة نتيجة التداخل بين الوظيفة العامة والأعمال التجارية. وهو أمر ساعد على تدجيجها المستمر بالجند والسلاح وكافة الإمكانيات اللازمة لكي تستمر قائمة وقادرة على مواجهة الحركات المضادة. وعلى ذلك فقد كمن الخطر الحقيقي عليها في الصراعات داخل القوى القبلية العسكرية الحاكمة ذاتها. وقد شاركت فيها سائر شرائحها، وهو ما أدى إلى إضعافها وسقوط بعض منها كما لاحظنا في الانتفاضات عام 2011 - 2012م. وقد صاحب الصراع بين هذه النظم العسكرية القبلية، أو بين شرائحها دجل مذهبي ودعاوى دينية زائفة ودعايات عنصرية مغرضة، مما ساعد على تضبيب الجانب الاقتصادي - الاجتماعي الذي ظل، وما زال، مع ذلك حجر الزاوية في الصراع. ومن المؤسف أن الطبقة الوسطى وعلى الأخص كبار التجار الفاسدين شكلت رصيداً احتياطياً لهذه النظم في الغالب الأعم نتيجة ارتباط المصالح، فتخلت بذلك الطبقة الوسطى عن مسئوليتها التاريخية في قيادة القوى الكادحة مادياً وفكرياً لتقويض السلطة العسكرية القبلية الإقطاعية الكومبرادورية(7 ). وفي الحالات التي اصطدمت فيها هذه المصالح - وهي جد نادرة فقد قادت البرجوازية المدجنة حركات هزيلة ضد السلطة وتبنت إيديولوجيات مذهبية متطرفة - أحياناً - لدعم طموحها المغامر التي باءت بالفشل، كما أثرت سلبياً على حركات الجماهير والعوام، فحولت نضالها عن مساره الحقيقي إلى مسارات أخرى فرعية وهامشية طائفية ومناطقية ومذهبية ... الخ(8 ). وقد تنبه إلى ذلك منذ زمن بعيد المفكر اليساري المعروف الأستاذ (عبدالله باذيب) فأكد: أن أصحاب الامتيازات الطبقية والطامحين إلى السلطة استمروا يغذون الطائفية (المذهبية زيدي - شافعي - سني - شيعي ... الخ)، ويتشبثون بها حفاظاً على امتيازاتهم تحقيقاً لمطامحهم الخاصة، ويعملون على حجب الصراع الطبقي وتسكينه وإخفائه تحت ستار الصراع الطائفي (المذهبي). إن كل أصحاب الامتيازات الطبقية (مشائخ القبائل وقواد العسكر والتجار الكبار المحتكرون لأقوات الشعب) والأسر الإقطاعية يتكونون من أناس ينتمون إلى مختلف الطوائف وليس إلى طائفة واحدة بذاتها(9 ). إن الذين يلجأون اليوم إلى تحريك الطائفية والمذهبية والمناطقية وإثارتها واستغلالها أسوأ استغلال يساعدهم في ذلك المسلك الطائفي لبعض الأشخاص من أصحاب الطوائف (المذاهب) المختلفة، إنما يفعلون ذلك لتحقيق رغباتهم الأنانية الخاصة في التحكم والتسلط والاستغلال. وأكد أن الجذور الاقتصادية والاجتماعية للطائفية تكمن في صلب الهيكل الاقتصادي والاجتماعي، ولذلك فإنه: لا يمكن القضاء عليها إلا بإجراء تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة في بنية المجتمع اليمني(10 ). المدينة الجميلة : يمكن تعريف المدينة بأنها: تجمع سكاني حَضَرِي يقوم فيه المدنيون بأعمالهم ومهنهم المختلفة ويتبادلون فيها مختلف المنافع، تحكمهم، كقاعدة عامة، النصوص القانونية النافذة والأعراف المدنية الحميدة والأخلاق الفاضلة، ويسود حياتهم شعار (القانون يخلق الحق ويحميه). و (صنعاء) كانت تعتبر من أجمل مدن العالم وأكثرها مدنية من حيث موقعها وطبيعتها ونوع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السائدة فيها، وطباع أهلها قبل احتلال العسكر والقبائل المسلحة لها منذ انقلاب (26 سبتمبر 1962م). وقبل قرابة ألف عام من تاريخ اليوم وفي أحد أهم المؤلفات التاريخية عن مدينة (صنعاء) أنها إحدى المدن المحفوظة بقدرة الله سبحانه وتعالى، حديث شريف «ص (97 و 98)» وفي معرض بيان ذلك ومدى تعارضه مع الآية القرآنية الكريمة ((وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً)) «سورة الإسراء، 17/58»، قال (وهب بن منبه): قد عذبت بالحبشي (الغزو الحبشي) إحدى وسبعين سنة، ونحن نضيف إلى أسباب العفو عنها من العذاب والهلاك المذكورين في الآية الكريمة لأن صنعاء في العصر الحديث قد عذبت بطغيان الحكم العسكري القبلي وأعوانه ما يكفي، أيضاً لشمولها بالعفو الإلهي الكريم؟! كذلك ذكر (الرازي) أن (صنعاء) إحدى جنات الأرض عند كافة الناس، ص (226) ( 11). و ب (صنعاء) صدح الشعراء بأجمل الأغاني وأروع الأشعار، ومن الأغاني الشهيرة في هذا الوادي أغنية: يقرّب الله لي بالعافية والسلامه ذاك الحبيب الذي حاز الحلا والوسامه وصل الحبيب الأغَنْ وكل معنى حسنْ ثم يعبر الشاعر عن حنينه إلى مدينة (صنعاء) والتي كانت تسمى قديماً (آزال): يا ليت شِعري متى الأيام تسمح برجعه ونستعيد ما مضى يا سيد أفديك جمعه إلى مدينة (أَزال) نطوي بِساط المِطَال وأخيراً يصف الشاعر بعض مظاهر جمال (صنعاء): ما مثل صنعاء اليمن صنعاء حوت كل فن كلا ولا أهلها ثلاث في ربعها الماء وخضرة رباها الفائقة بالوسامة كم يضحك الزهر فيها من دموع الغمامة وكل وجه حسن فيا سقاها وطن(12 ) المشهد المعاصر : عند مشاهدة الصواريخ والمدافع والرشاشات الثقيلة المصوبة نحو المدينة (العاصمة صنعاء) من كل اتجاه في الجبال والهضاب ومن قمم المرتفعات الموجودة داخل المعسكرات، ومن المساحات المحيطة بدار الرئاسة وغيرها كذا انتشار المجاميع القبلية المسلحة في أحياء المدينة وشوارعها ومنازلها ... الخ، يشعر الإنسان وكأن السلطة العسكرية القبلية الحاكمة وأعوانها من النخبة الانتهازية في حالة حرب دائمة تشنها على السكان المدنيين أو تستعد لها وكأنها واقعة لا محالة، وكما كان المحتلون الأجانب يحاصرون المدن لإرغامها على الاستسلام فإن المحتلين المحليين للمدن يحاصرونها أيضاً عسكرياً وقبلياً وذلك لضمان استمرار استسلامها لهم والخضوع لطغيانهم وديمومة احتلالهم لها، وقد بلغ الأمر درجة من الخطورة بحيث نادى البعض بإخراج المدن من المعسكرات وليس العكس( 13)؟! يقرر الفيلسوف الإنجليزي (هوبز) منذ قرابة أربعة قرون بصدد الحكم الاستبدادي المتخلف وهو ذاته (العسكري - القبلي) المتسربل بالأيديولوجية الدينية الكهنوتية أن كل فرد يواجه في الآخر منافساً وعدواً له، والكل في حالة حرب مع الكل(14 ). والقانون السائد في هذه الحالة هو قانون القوة والحيلة. القوة المحض هي التي تحكم علاقات الأفراد بعضهم ببعض، والحق - إذا جاز لنا نستخدم هذه الكلمة - هو حق الأقوى. القوي بإمكانياته المادية أو الأقوى بمكره ودهائه وحيلته وخداعه. ثم يضيف الفيلسوف المذكور: ((وواضح أن الاحتكام إلى القوة المجرد، من كل معيار أخلاقي أو قانوني تمنع كل سلام وتهدم كل استقرار. إنها حالة حرب، الكل في حرب مع الكل. إنها حرب تزرع الخوف، وتجتثُّ كل استقرار، وتعصف بكل أمن، وتحول بين الناس وبين (إشباع رغباتهم الطبيعية) هي حرب ((تمنع كل زراعة، كل صناعة، وكل ملاحة، وكل أدب، وكل فن، وكل مجتمع: إن ما يسود في هذه الحالة، وهذا هو الأسوأ في كل شيء، هو الخوف والخطر الدائم بحدوث موت عنيف. ولهذا، فإن حياة الإنسان تتميز بالعزلة والكد والتعب، وتكون شبه حيوانية وقصيرة))(15 ). ويؤكد عدد من الباحثين أنه خلال العقود الأربعة الماضية، شكل الجيش ورديفه الأمني في اليمن (الأمن المركزي) المؤسسة الأساسية للحكم بالاشتراك مع مشائخ القبائل ومعسكراتهم ومجاميعهم المسلحة. والثابت أنه حتى في البلدان التي تهتف القوات العسكرية بأسماء حكامها، ظهر توجه حديث لتحويل الأنظمة السياسية إلى أنظمة مدنية أو مجردة من الطابع العسكري. فبدأ تأثير ونفوذ الجيوش - كقوات عسكرية - بالتراجع. بينما في اليمن فإن مفصل السلطة الرئيسي لا زال في يد الجيش بقيادة بعض مراكز القوى (العسكرية والقبلية والعشائرية والعائلية)( 16)، كما أن السيطرة على أجهزة الدولة الإدارية لا زالت أسيرة عُصْبة من أفراد العائلة الواحدة أو القبيلة أو العشيرة والبيروقراطيين الكبار والنخب السياسية وأصحاب المحسوبية الاقتصادية وغيرهم من المسئولين الكبار المرتبطين بمراكز القوى العسكرية والقبلية. حيث تكمن عملية الحكم اليومي المستبد في سيطرة السلطة المستبدة على المجتمع، أي قدرتها على تطويق العمليات الاجتماعية المختلفة بطوق سيطرة قواتها العسكرية وأجهزتها البيروقراطية والبوليسية، بل والمجاميع القبلية المسلحة في بعض الأحيان( 17). مدينة واحدة وثلاثة وسبعون معسكراً : يوجد داخل (صنعاء) وحواليها وعلى جبالها قرابة واحد وسبعين معسكراً وهو حالة لا مثيل لها في العالم قديماً وحديثاً. حيث صارت (صنعاء) مدينة معتقلة وليست محاصرة فقط( 18). ويرى بعض الأكاديميين الأجانب أنه ليس المدن في اليمن وحدها محاصرة أو معتقلة بواسطة الحكام العسكر وأعوانهم من المشايخ بمجاميعهم القبلية المسلحة، بل إن الدولة اليمنية ذاتها واقعة في أسر السلطة الحاكمة المذكورة آنفاً. إن (الدولة المعتقلة) للجمهورية العربية اليمنية وحالياً الجمهورية اليمنية كلاهما نتيجة وأثر للنظام العسكري القبلي بالدرجة الأولى والذي بقي بحزم حتى اليوم. وهناك إمكانية محتملة لكلا الشيئين إما بقاء هذه المجموعة في الحكم لربع قرن أو بداية التوريث إلى جيلهم الثاني. ونتيجة لما سبق، استخدمت هذه المجموعة قوتها لمعارضة وتقليل الجهود الأخرى الرامية إلى بناء الدولة، خصوصاً أولئك الذين يطالبون بمكافحة الفساد والعجز المنتشرين( 19). وفيما يلي كشف يشمل بعض أهم المعسكرات العلنية في مدينة (صنعاء) كنموذج للمدن المعتقلة بمعسكرات الجيش والأمن والقبائل بالإضافة إلى (النقاط) العسكرية والأمنية التي تتولى، دون طائل، مراقبة وتفتيش المواطنين أثناء تحركهم وفي غدوهم ورواحهم داخل المدينة وفي ضواحيها الملاصقة لها بما ينطوي عليه ذلك من انتهاك للحريات وزرع للرعب في نفوس المواطنين وابتزازهم. ولا ريب أن هذه المعسكرات والوحدات العسكرية والأمنية المدججة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والطائرات المقاتلة تشكل تهديداً مسلحاً وخطراً حالاً ودائماً للمدن والمدنيين القاطنين بها من خلال الصراعات المسلحة فيما بينها منذ 2011م وحتى الآن وتربص بعضها بالبعض الآخر متحيناً الفرصة للانقضاض عليه و (استئصاله). ويكفي دليلاً على ذلك، بالإضافة إلى احتلال الجامعات والمدارس والمؤسسات العامة والخاصة، سقوط الطائرات الحربية على المدن وانفجار مخازن الأسلحة في المعسكرات وتطاير صواريخها ومقذوفاتها النارية الأخرى إلى كل نواحي المدينة ومدن أخرى محتلة ومحاصرة بالمعسكرات(20)، كذلك الدمار الذي لحق أجزاء من المدينة (صنعاء) وذهب ضحيته مئات المنازل ومئات الشهداء وآلاف الجرحى ومعدات بمليارات الدولارات نتيجة صراع القوى العسكرية والقبلية المسلح في المدن اليمنية وعلى رأسها (صنعاء) الجميلة (المُهجَّرة)(21 )؟! قائمة المعسكرات نورد فيما يلي أسماء بعض المعسكرات الجيشية والأمنية التي ترتبط بها أو تتبعها في مدينة (صنعاء): 1. معسكر الحرس الجمهوري - السواد. 2. معسكر الصَّمع - ضواحي صنعاء. 3. معسكر الحرس الجمهوري - (منطقة السبعين) - النهدين - الرئاسة. 4. معسكر دار الرئاسة - السبعين. 5. القوات الخاصة - الصباحة - عصر. 6. الحرس الجمهوري - لواء الصواريخ - فج عطان، وأماكن سرية أخرى. وفيه صواريخ (سكود) ذات الدمار الشامل والمحظور استعمالها دولياً 7. الحرس الجمهوري - على خط المطار - الجراف. 8. الحرس الجمهوري - الحرس المتحرك داخل الرئاسة. 9. معسكر اللواء الرابع - القيادة العامة - التحرير. 10. معسكر التوجيه المعنوي - التحرير. 11. معسر لواء النقل الحربي - الحصبة. 12. معسكر لواء النقل الثقيل - عصر. 13. معسكر كلية الطيران والدفاع الجوي - عصر. 14. معسكر قيادة الجوية - قاعدة الديلمي الجوية - المطار - وفروعه حماية المطار المدني والعسكري وجبال صنعاء. 15. معسكر فرضة نهم (ضاحية صنعاء). 16. معسكر الكلية الحربية - الجراف - خط المطار. 17. معسكر كلية الشرطة - شارع كلية الشرطة - التحرير - جوار خزيمة. 18. معسكر الشرطة العسكرية - شعوب. 19. معسكر المباحث العسكرية - شعوب - جوار الشرطة العسكرية. 20. معسكر الأمن السياسي - المقر الرئيسي - حدة - الحي السياسي - والتحرير - مذبح - جوار الجوية. إضافة إلى المعسكرات السرية. 21. معسكرات الأمن القومي - صنعاء القديمة - جوار السجن الحربي، كذلك المعسكر الكائن جوار كلية المجتمع (الروضة)، إضافة إلى المعسكرات السرية. 22. معسكر الاستخبارات العسكرية - التحرير - بير خيران. 23. معسكر الأمن المركزي - السبعين. 24. معسكر الحرس الجمهوري في شارع الزبيري (حرس جمهوري) اسمه: (حرس الشرف). 25. معسكر شئون الضباط - الصافية. 26. معسكر الحفاء - جوار إدارة الجوازات - نُقُم. 27. معسكر جبل النبي شعيب - الدفاع الجوي. 28. المعسكرات المتمركزة على جبال حدة المطلة على جزء من صنعاء - حرس جمهوري. 29. معسكر وزارة الداخلية - الحصبة. 30. معسكر النجدة - بير عبيد. 31. معسكر أمن الأمانة - التحرير. 32. معسكر أمن محافظة صنعاء - الروضة - معسكر. 33. معسكر البحث الجنائي - جوار وزارة العدل. 34. معسكر الشرطة الراجلة - التحرير - معسكر. 35. معسكر الفرقة الأولى مدرع - جوار جامعة صنعاء - وفروعها على كافة جبال مذبح. 36. معسكر دائرة الصيانة - الحصبة. 37. معسكر سلاح المهندسين - شيراتون. 38. معسكر دائرة الإمداد العسكري والتموين - عصر - معسكر خاص بالقوات المسلحة. 39. معسكر دائرة الإمداد والتموين - خاص بالأمن وخاص بوزارة الداخلية - جوار الجوازات. 40. معسكر ريمة حميد - حرس جمهوري - خلف السواد - دار سلم. 41. معسكر الاستقبال - قاع ثعيل - مدرسة خاصة بالقوات المسلحة للتدريب- مذبح - شملان. 42. معسكر القضاء العسكري - باب اليمن. 43. معسكر قاعدة الإصلاح العسكري - الحصبة - صوفان. 44. معسكر المرور - جوار الجوازات - مرور أمانة العاصمة. 45. معسكر المنشآت - بير عبيد - جوار الجوازات. 46. معسكر القلعة - قصر السلاح - (السجن الحربي) 47. معسكر مجموعة الصواريخ في المنطقة الجبلية المطلة على (فج عطان). 48. معسكر أمن الوزارات. 49. معسكر أمن المواني (المدن البحرية). 50. معسكر أمن المطار. 51. معسكرات أمن الشركات النفطية في العاصمة. 52. معسكر لواء اليرموك (من اللقائط). 53. معسكر التوجيه المعنوي - التحرير. 54. معسكرات الطيران داخل القاعدة الجوية، جوار المطار المدني، وتحوي أكثر من عشرة ألوية مسلحة. ملحوظة: المفروض أن تكون القاعدة الجوية والمطار الحربي على بعد مائة كيلو من العاصمة حسبما هو معمول به في كافة بلدان العالم. ويكفي لتأكيد أهمية خطورة وجود المطار الحربي بالقرب من العاصمة سقوط بعض الطائرات الحربية على صنعاء أو ضواحيها مما سبب كوارث مروعة وتدميراً للمنشآت وقتلاً للسكان المدنيين والعسكريين القابعين داخل تلك الطائرات أيضاً. 55. معسكر قصر الرئيس السابق في (حدَّة). 56. معسكر قصر ابن الرئيس السابق في (الخط الدائري). 57. معسكرات أولاد الشيخ عبدالله الأحمر في الحصبة وغيرها (لواء الحراسة المشائخية). كذا: لواء السلام وكان مقره سيئون في حضرموت، ثم تم نقله إلى صنعاء وعمران. 58. معسكر الشيخ الشائف وابنه في طريق المطار. 59. معسكرات قصور اللواء (علي محسن الأحمر) ومجموعة المشايخ في أنحاء متفرقة من ضواحي صنعاء وداخلها. 60. معسكر الأكاديمية العسكرية العليا - طريق المطار. 61. معسكر الكلية الحربية. 62. معسكر كلية الشرطة. 63. معسكرات المناطق الأمنية في معظم أحياء صنعاء. 64. معسكر الموسيقى العسكرية. 65. معسكرات المشاة جبلي (لا يعرف عددها). 66. معسكر أكاديمية الشرطة. 67. معسكر الأكاديمية العسكرية. 68. معسكر منزل الرئيس الجديد المشير (عبد ربه منصور هادي) - الستين. 69. معسكر التلفزيون - حمام علي. 70. معسكر الإذاعة - حي الحصبة. 71. معسكر السفارة الأمريكية - منطقة الشيراتون. 72. معسكر شرطة النجدة في (الحصبة). 73. معسكر الأمن القومي - جوار كلية المجتمع (الحتارش). ملحوظة: هذه أهم المعسكرات والوحدات العسكرية والأمنية المسلحة بأسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة داخل أمانة العاصمة وضواحيها حيث يوجد معظمها منذ قرابة أربعين عاماً وقد أضيف إليها، حديثاً، المجاميع والنقاط القبلية المسلحة(22 ). الهوامش 1 - المعجم السبئي، ص (166). ولا زالت كلمة (وثن) مستعملة في اليمن حتى اليوم لبيان الحدود بين الأراضي في بعض المناطق اليمنية. 2 - نبيل السروري، (الحياة العسكرية في دولة سبأ)، دراسة من خلال نقوش محرم بلقيس، سلسلة إصدارات جامعة صنعاء، رقم (6)، 2004م، «رسالة ماجستير». 3- الخزرجي، العقود اللؤلؤية، ج1، ص (187 - 208)، وكذلك: (السمط الغالي الثمين). 4 - الخزرجي، العقود اللؤلؤية، م. س.، ص (187 - 208). 5 - ويؤكد أحد المثقفين اليمنيين أنه آن الأوان ليدرك الحاكم - أياً كان - أن المعسكرات لم تعد أداة حكم صالحة، بل لم تكن صالحة في يوم من الأيام، ورغم ذلك: تظل تلك عقلية الحاكم المستبد أياً كان مستواه في الحكم، أو أياً كان مستوى استبداده، أن لا يصل إلى الحقيقة ويقتنع بها إلا في وقت متأخر جداً. (عبدالملك شمسان، صحيفة (الأهالي)، تاريخ 26 أكتوبر 2012م). 6 - راجع نموذجاً لشكاوى المواطنين من المعسكرات: صحيفة (الشارع)، العدد المؤرخ 8/1/ 2013م. 7 - قارن: د. محمود إسماعيل، (سوسيولوجيا الفكر الإسلامي)، الجزء الثالث: طور الانهيار، القسم الأول: الخلفية السوسيو - تاريخية، الطبعة الأولى، 1992م، ص (151)، الناشر: سينا للنشر، جمهورية مصر العربية. 8 - راجع في تفصيل ذلك: أحمد جابر عفيف، كتاب: (البيضاني يرد على البيضاني)، وملحق به عدد كبير من الوثائق الدالة على صحة ما ورد فيه. 9 - الأستاذ عبدالله باذيب، (الطائفية وليدة الإمامة وسلاح الاستعمار)، صحيفة (الأمل)، العدد الأول، الأحد 6 يونيو 1965م، 6 صفر 1385ه. 10 - باذيب، م. س. 11 - طالع إن شئت فيما يخص أهمية (صنعاء) التاريخية وطبيعتها وصفاتها المدنية، كتاب: (تاريخ مدينة صنعاء) للرازي، أحمد بن عبدالله بن محمد الرازي، تحقيق: د. حسين عبدالله العمري، دار الفكر، دمشق، سوريا، الطبعة الثالثة، 1989م. 12 - د. محمد عبده غانم، (شعر الغناء الصنعاني)، 1974م، دار الكتاب العربي، بيروت. راجع أيضاً في عظمة (صنعاء) كمدينة حضارية وذلك قبل استباحة مدينتها بعسكرتها وقبيلتها منذ عام 1962م: (وصف صنعاء) مقتطفات من كتاب (المنشورات الجليَّة) تأليف: علي بن عبدالله المؤيد (م 1176ه)، تحقيق: الأستاذ عبدالله الحِبشي، ط1، 1993م، (منشورات المركز الفرنسي للدراسات اليمنية)، تقديم: فرانك ميرمييه، «بالفرنسية»، وبالعربية: إبراهيم السامرائي. وقد هال المقدم العربي ما جرى لصنعاء فكتب: ((إن النفوس لتبكي والعقول لتضيع في حُمأة هذا الوافد)). واقرأ إن شئت الوصف الدقيق والممتع لمدينة (صنعاء) وأهلها وبساتينها وفواكهها ومساجدها وهواءها ودورها وطعامها والعلاقات الحضارية بين سكانها ولياليها وبالذات في شهر رمضان الكريم وحماماتها، في كتاب (ابن رستة) الشهير: (الأعلاق النفيسة). كذلك في ذات الغرض: كتاب (تقويم البلدان) ل (أبو الفدا)، و (تاريخ اليمن) ل (نجم الدين عمارة)، و(معجم البلدان) ل (ياقوت الحموي)، و (مسالك الأنصار) ل (ابن فضل الله العمري)، و (تحفة النّظار) ل (ابن بطوطة) ... الخ. 13 - أورد أحد المثقفين الحزبيين المخضرمين في معرض حديثه عن المعسكرات في المدن اليمنية عبارات ذات دلالة هامة كقوله: ((لا تزال هناك صواريخ موجودة في أماكن محددة وجاهزة للانطلاق لتصبح (صنعاء) رماداً؟!)). وأن الهدف من إخلاء المعسكرات من المخدن هو: ((أن تكون المدن آمنة))، ولا يمكن أن تكون كذلك ((وهناك دبابات ومدرعات وصواريخ في وسطها)). د. قاسم سلام، صحيفة (الحوار)، تاريخ 3/3/ 2013م. 14 - إن منظر اليمنيين وهم يحملون الأسلحة الآلية والمسدسات والجنابي (الحناجر) ويسير الواحد منهم وكأنه قلعة حربية صغيرة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك مدى حالة حرب الواحد مع الآخر والكل مع الكل التي تحدث عنها الفيلسوف (هوبز). 15 - من كتاب: (عناصر القانون السياسي والطبيعي)، 1640م. 16 - وقد أعلن رئيس الجمهورية الراهن المشير (عبد ربه منصور) ذلك فأكد أنه لا يوجد جيش وطني في اليمن وإنما (مليشيات مسلحة) وهو وصف سياسي ل (مراكز القوى العسكرية والقبلية). (صحيفة «الأولى»، العدد (594) وتاريخ 18 /12 /2012 م ، الصفحة الأولى والرابعة) . 17 - قارن: مجلة (مدارات)، «يمنية»، دورية تصدر كل شهرين عن مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية، السنة الثانية، العددان (العاشر والحادي عشر) يوليو / أكتوبر 2011م، الكاتب: فيليب دروز - فينسانت - أستاذ مساعد في مادة العلوم السياسية بجامعة تولوز 14 ، ويدرس في معهد الدراسات السياسية في باريس. 18 - ووسط هذا الحشد البربري من الأسلحة والقوات المطلة بوحشية على صنعاء يُحمد لدولة (قطر) بأنها سمحت بإقامة مدينة استثمارية بتمويل من الرأسمالي القطري، تساهم فيه الحكومة اليمنية بنسبة معينة، على أحد الجبال المطلة على صنعاء فشكلت المدينة المذكورة قلعة مدنية ونافذة حضارية وسط السور العسكري الحربي المحاصر لصنعاء. 19 - روبرت دي. بوروز، معيد في قسم العلوم السياسية بمدرسة هنري جاكسون للدراسات الدولية بجامعة واشطن، (اليمن دولة معتقلة نتيجة التجاذب العسكري القبلي)، صحيفة (الوسط)، العدد (54) وتاريخ 1/ 6 /2005م. 20 - وعلى سبيل المثال فقد حدثت بعد الانفجارات المروعة في معسكر (الفرقة الأولى مدرع) جوار جامعة صنعاء، انفجارات أخرى رهيبة في بعض المعسكرات المحتلة لمدينة (حجة) تسببت في تطاير الصواريخ والقنابل فصارت السماء تمطر ناراً ورماداً مما ترتب عليه سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى. 21 - المقصود ب (المهجَّرة) أنها: منطقة يُحَرَّم على القبائل والعسكر المسلحين المكوث فيها أو نقل صراعاتهم وثاراتهم إليها. راجع في مفهوم الهجرة: د. علي محمد زيد وإبراهيم المقحفي، مادة (الهجرة)، في: (الموسوعة اليمنية)، المجلد الرابع، (ك - ي)، مؤسسة العفيف الثقافية، صنعاء، اليمن، 1423ه - 2003م. 22 - كل هذه المعسكرات وصنعاء مدينة مستباحة للاغتيالات وجرائم السطو والسرقة المسلحة وكافة أنواع الجرائم الأخرى ومعظمها إن لم نقل جميع الجرائم الخطيرة منها يتم قيدها (ضد مجهول)؟! مما يدفع للتساؤل: لمصلحة من كل هذه الجيوش العسكرية والأمنية في (صنعاء) وغيرها من المدن اليمنية؟!! أستاذ علوم القانون الجنائي - جامعة صنعاء