تحية جميلة للكاتبة الروائية نادية الكوكباني وياسمينتها الأولى "حب ليس إلا" واعتذار شديد عن اقتناصي عنوانها أو بالأصح اختراق حرف الراء للحب ولكن هذه حالنا وهذا هو واقعنا ليس إلا. تلك الرواية الشيقة التي تشدك من تلابيب الحرب والسلام بلغتها البسيطة الساردة لليومي والعادي بخفة الكاتبة التي لا تمل أياً كان رأي الآخرين في الرواية إلا أنها بادرة تفتح آفاقاً أخرى لرؤية ومعايشة الألم والأمل، الحياة والحب والإنسان، تلك الرواية التي سلكت أدوات الرواية الكلاسيكية السردية السلسة التي تشعرك أنك بصحبة فاتن حمامة تطوحك مع أوجاع الواقع النسوي الموجوع في صخب مجتمع قاس بالطبيعة، أجواء تقترب كثيراً من واقع ليلة القبض على فاطمة/ المرأة الكبيرة عبر التاريخ العربي لاسيما اليمني واقع المرأة المثقفة المفعمة بأفكارها في هذا الواقع الشرس. الرواية أجمل ما فيها أسلوبها المشوق من الغلاف المتميز الذي رسمه الطفل المبدع عمار الشيباني إلى الغلاف الذي تغلقه الساردة تاركة إياك في غصة لا تستطيع معها الابتسام ولا البكاء ولا الدهشة غصة جسدها من الحيرة كألوان قوس قزح تراه لا تميز ألوانه تماماً تشعر بجماله لكنك لا تعرف تحديد مواطن جماله، وتفسيره أو مناقشته يخل بكل ذلك الجمال. نادية الكوكباني مبروك علينا طوق فلك الأول بانتظار عقود من الجمال اللا متناهي المتجاوز لخدع الحياة المتمايلة ما بين الحب والحرب من عمق حياة الواحد منا بينه وبين ذاته إلى عمق التعامل بين الفرد والمجتمع بين الدول وبعضها كلها حروب تلقي غماماتها على أجمل قصص وأفكار الحب والحياة فلا فرق بين عدو قبيح كإسرائيل يشردك ويسلبك حقك في الحياة والأمن والسلام وبين حبيب قد يتخذ اسم الزميل أو الجار أو الزوج أو الأب أو الأخ أو صاحب المنزل أو بائع الخضار أو أي مسمى آخر رئيس العمل أو مسؤول الضرائب أو مراقب الدوام أو حارس الكلاب الضالة أو رئيس دولتك أو أي إنسان يخذلك ويشردك ويحاربك في رزقك ويخيفك ويحرمك من حقك في النوم والأمان والخصوصية والسلام، السلام ذلك الجمال المفارق الموجود في عالم المثل كالخير والعدل والحرية والحب ليس إلا، لامناص لنا غير الأمل فالترويع والقلق وهتك الحلم ووأد الطفولة وكل الحماقات المصاغة في قرارات الأممالمتحدة على كثرتها والمدونة في عقود الإيجار التي تبيع المستأجرين للدلالين وأصحاب البيوت والأسعار التي تشتعل في بلادنا كل يوم بلا مبرر ولا رادع كلها أشكال للسعي وراء الأطماع والربح على حساب الإنسانية المذبوحة على مسالخ غياب القوانين أو بطلان وتعطيل العمل الجاد بها. هنا في بلادنا التي تعيش خارج نطاق التغطية الفاعلة لأي مصداقية في أي شيء وفي العالم المليء ب(أبوغريب) البلاد المنهوكة المبقورة بطون نسائها على أيدي برابرة العصر أو في بعلبك واختراقات العدو الوقحة لكل القرارات، الحرب والقبح يملأ الكون ووحده الحب المقاتل الشجاع، مثل حزب الله تتناهشه الأوجاع من كل جانب، وحده ليس إلا الحب ذلك الذي يجعل كل شيء ممكناً ويعيننا على اجتياز القهر والكآبة والحزن، الحب تلك الفكرة السحرية الجميلة.