يحتفل الرابطيون يوم غدٍ ال29/أبريل/2009م بالذكرى الثامنة والخمسين لإشهار حزب الرابطة على الساحة الوطنية. يفتخر الرابطيون بالتاريخ الذي سطّره حزبهم في كتاب الدولة اليمنية المعاصرة، وما يرفع درجات الفخر الارتباط الوثيق بين الفكر السياسي الرابطي وبين الخلاص لليمن (أرضاً وإنساناً). فعلى طول مسيرة الوجود للمدرسة الرابطية الأصيلة كانت الأحداث والصراعات والأزمات التي شهدتها اليمن، للأسف الشديد، تتناولها الأطراف المرتبطة بها بعيداً عن الطرح الرابطي والرؤى المتقدمة والناجحة لحلحلة أيٍّ منها، فبينما كان الفكر الرابطي يعلن بحيادية وبوضوح وبموضوعية وبمصداقية عن الحلول وعلامات الطريق الصحيحة للسير بالقافلة صوب المستقبل بأمان وبسهولة كانت أصوات التفردية والإقصاء ورفض الآخر والاستئثار بالسلطة ومراكز القوى تشوش الاستماع للطرح الرابطي، وترفض حتى مجرد الانصات إليه، فما بالك القبول بالاحتكام به، مما طغى بعد ذلك على الأوضاع المفصلية لليمن علامات الجمود والتأخر وارتسمت عليها أخاديد الحساسيات التي اختطتها مخلفات الصراعات والإقصاءات وإلغاء الآخر والتي ما زالت عالقة حتى يومنا هذا على وجه الوطن، وتعلن عن وجودها عند كل لحظة يشاء فيها القدر أن تكون لحظة من لحظات الانفراج التاريخي لأزمات اليمن. لن ينسى التاريخ اليمني أحد أكثر أيامها ارتباطاً بحاضرها كدولة معاصرة، إنه يوم ال29/أبريل/2007م، حينما أُشهر لأول مرة في التاريخ السياسي اليمني تأسيس أول حزب سياسي وطني، مثَّل قفزة تاريخية مفصلية ونقلة نوعية في اعتماد آلية حديثة بالعمل السياسي بنسف الوصايات والتفردية والتحكم بمقدرات ومصير الشعب، وانتقلت المسئولية الأولى في تقرير المصير من يد الأفراد (أئمة مشائخ سلاطين متنفذين) إلى باحات المسئولية الجماعية وإلى كيان سياسي يمثل معظم فئات الشعب وأفراده، وهو حدث لم يكن له وجوداً من قبل في التاريخ السياسي اليمني في الماضي والحاضر، ولم تكن لحظة التأسيس ويوم الميلاد مجرد ثرثرات لأفكار أخذت تعلن عن وجودها فقط لإعلان الوجود، بل كان يوماً مشهوداً فصل بين الماضي والحاضر ورسم خطوط المستقبل، ويكفي أن نذكر بأن أهم هدف من أهداف التأسيس الدعوى إلى إقامة حكم ديمقراطي قائم على التعددية السياسية والحزبية، وهو هدف تم رفضه وإسكاته، وبعد أكثر من أربعة عقود من الحكم التفردي والشمولي و الايدولوجي تمثلت كمرحلة اغتراب عاشها الوطن تم الاحتكام إليه في الأول من مايو عام1990م والذي اقترن بيوم الوحدة اليمنية التي لم تكن ببعيدة عن أهداف الحزب عند التأسيس الذي نادى بضرورة وحتمية وحدة الجنوب العربي الكبير والمقصود به وحدة كافة الأرض اليمنية الواقعة في جنوب الجزيرة العربية والتي كانت مقسمة إلى شطرين شطر شمالي يحكمه الأئمة، وفي الشطر الجنوبي كانت تتنازعه حكومات 23سلطنة ومشيخة وإمارة، فكان الهدف حينها توحيد أرض الجنوب والانتقال بعدها إلى الوحدة اليمنية الكاملة، وهذان الهدفان (الديمقراطية والوحدة) لم يكونا إلا جزءاً من الأهداف الشاملة والواقعية التي يطرحها حزب الرابطة لكافة مشاكل وقضايا الوطن (أرضاً وإنساناً)، من هنا حق للرابطيين أن يفتخروا بهذا الكيان الرائد وأن يحتفلوا بصوت عالٍ بالذكرى ال58 لإعلان إشهار حزب رابطة أبناء اليمن «رأي»، فالاحتفال بهذه الذكرى يعدُّ احتفالاً وطنياً خصوصاً بعدما اتضحت حقيقة تميز المدرسة الرابطية كمدرسة السياسة الأولى، وبعدما تكشف للجميع ارتباط الفكر الوطني بحاضر ومستقبل الوطن..