أسياد الشتايم.. المؤدلجون من صغار (صغار) الإصلاحيين والسروريين    عصابة معين لجان قهر الموظفين    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    مقتل مواطن برصاص عصابة حوثية في إب    رواية حول الحادث الذي اصيب فيه امين عام نقابة الصحفيين والرواية الامنية ما تزال غائبة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    سيتم اقتلاعكم عما قريب.. مسؤول محلي يكشف عن الرد القادم على انتهاكات الحوثيين في تهامة    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    شاهد .. المنشور الذي بسببه اعتقل الحوثيين مدير هيئة المواصفات "المليكي" وكشف فضائحهم    إغلاق مركز تجاري بالعاصمة صنعاء بعد انتحار أحد موظفيه بظروف غامضة    شاهد .. السيول تجرف السيارات والمواطنين في محافظة إب وسط اليمن    محاولة اغتيال لشيخ حضرمي داعم للقضية الجنوبية والمجلس الانتقالي    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    دورتموند يقصي سان جرمان ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    احتجاجات للمطالبة بصرف الراتب في عدن    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يجدد فوزه امامPSG    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    إهانة وإذلال قيادات الدولة ورجالات حزب المؤتمر بصنعاء تثير غضب الشرعية وهكذا علقت! (شاهد)    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    البنك المركزي اليمني يكشف ممارسات حوثية تدميرية للقطاع المصرفي مميز    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في مديرية بيحان بمحافظة شبوة    ارتفاع اسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    العين يوفر طائرتين لمشجعيه لدعمه امام يوكوهاما    ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطن ينشر نص رؤية حزب رابطة ابناء اليمن (رأي) للسياسة الداخلية والخارجية
نشر في الوطن يوم 17 - 01 - 2008


*محطات من تأريخ حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)
كيف تكونت الرابطة؟
1- منذ ماقبل الحرب العالمية الثانية وشباب اليمن الذين كانوا يتلقون علومهم في البلاد العربية وبالذات في مصر والسودان والعراق يستشعرون المأساة التي تعيشها بلادهم والتي توصلوا الى أن أسبابها تكمن في مايلي:
أ- استعمار.. يتخذ من عدن مستعمرة وقاعدة له ويبسط حماية شكلية على باقي مناطق جنوب الوطن.
ب- تمزق جنوب الوطن الى حوالي 23 سلطنة وإمارة ومشيخة، مع محاولة الاستعمار البريطاني أن يفصل عدن عن الجنوب ويربطها بالكومنولث البريطاني.
ج- حياة بدائية.. وتخلف رهيب في معظم المناطق.
د- جهل كامل إلا من بعض المدارس المحدودة في عدن وحضرموت ولحج والفضلي، وكتاتيب متفرقة لقراءة القرآن الكريم وتعليم القراءة والكتابة.
ه- بعد الشعب عن أي مشاركة حقيقية في كيفية حكمه.. وتصريف شؤون حياته.
و- حكم إمامي في شمال الوطن منع كل أسباب التقدم والنماء وجعل الشعب يعيش خارج الزمن.
2- بعد إدراك تلك الحقائق واستيعابها أخذ الشباب من أبناء الجنوب العربي الكبير (اليمن الطبيعية) يلتقون في ساحات العلم في القاهرة وغيرها.. ويتدارسون قضاياهم ويبحثون عن حلول لها .. وأقاموا إطاراً لذلك الغرض أسموه (الكتيبة اليمنية الأولى)، وكان على رأس مؤسسيها رواد الحركة الوطنية اليمنية الاستاذ محمد علي الجفري والشهيد محمد محمود الزبيري والأستاذ أحمد محمد نعمان والأستاذ أحمد عبدالرحمن الجفري، والأستاذ سالم الصافي وغيرهم رحمهم الله، والأستاذين أحمد عبده حمزة، ورشيد علي الحريري أطال الله في عمرهما، وكتب مسودة نظامها الأساسي المغفور له السيد محمد علي الجفري .. ولازالت - بخط يده- محفوظة.
3- عند تخرجهم عادوا الى بلادهم وبدأوا يفكرون مع باقي المثقفين الذين عادوا من بلدان أخرى كالعراق والسودان واندونيسيا وباكستان وغيرهم من المثقفين في طريق عملي للخلاص.
وكان الإخوة من أبناء شمال الوطن من رواد الحركة الوطنية قد قرروا الاستقلال بحركتهم منذ الأربعينيات وأسس الشهيد الزبيري "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". ثم شارك آخرون من الرواد أمثال الأستاذ النعمان والأستاذ الحكيمي والموشكي وغيرهم في إنشاء منظمات مثل الدعوة الى الإصلاح ثم الجمعية اليمنية الكبرى ثم الاتحاد اليمني ثم (حركة أحرار اليمن).
4- تدارس أبناء الشطر الجنوبي سابقا – وكان ضابط الإيقاع لكل تلك المداولات السيد محمد علي الجفري – لإيجاد منظمة تكون بمثابة إطار يكتل طاقتهم وينظم حركتهم، فكان إعلان ولادة الحركة الوطنية المنظمة الأولى في تاريخ الشطر الجنوبي سابقا تحت اسم {رابطة أبناء الجنوب} التي أُشهرت رسميا في 29 أبريل 1951م حيث اجتمع المؤسسون في نادي الأدب العربي وأعلنوا تأسيس الرابطة وانتخبوا أول هيئة قيادية من التالية أسماءهم من :
فضيلة محمد علي بن محمد الجفري .......................... رئيساً
سالم عمر الصافي ..............................................نائباً للرئيس
رشيد علي الحريري............................................ الأمين العام
أحمد عبده حمزة................................................. أمين عام مساعد
علي محمد مقطري ............................................ أمين صندوق
حسين عبد الله الحبشي ....................................... مساعد أمين صندوق
طه محمد خليل ................................................. مدير النشاط
فيصل علي محمد................................................ مساعدمدير النشاط
محمد علي باشراحيل ........................................... عضو إداري
مصطفي عبد الكريم بازرعة................................... " "
حسين محمد الصافي............................................ " "
وفي مساء الأحد 27 مايو تمت مناقشة وإقرار النظام الأساسي كما تم اتخاذ قرار بتوسعة القيادة ليصبح قوامها 14 عنصراً وتم انتخاب الأعضاء الثلاثة الآخرين وهم:
عبدالرحمن جرجرة..................................... عضواً
علي غانم كليب...........................................عضواً
صالح إبراهيم حريري................................. عضوا
ومن بين أولى القضايا التي أقرها المؤسسون اعتماد النظام الجمهوري، نظاماً للدولة بعد نيل استقلالها، واعتماد التعددية السياسية والحزبية أساساً للعمل السياسي في ظلها.
. وقد قدم مؤسس الرابطة وزعيمها الحركة الجديدة في جنوب جزيرة العرب بقوله، في مقدمة دستورها:
«هذه رابطتكم يا أبناء الجنوب، وهي اليوم صغيرة في مبناها كبيرة في معناها، وهي غداً كبيرة في مبناها كبيرة في معناها، وإن لها لشأن وأي شأن. يا أبناء الجنوب: لقد دقت ساعة العمل لخدمة بلادكم ودينكم فهيا الى العمل هيا الى العمل، ولينصرن الله من ينصره، (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) و(ولا تهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون)».
أهداف الرابطة عند التأسيس:
5- وضعت الرابطة اصبعها منذ البداية على جوهر المشاكل التي يقاسي منها الشطر الجنوبي في ذلك الوقت. لهذا حددت الرابطة أهدافها الرئيسية كمايلي:
أ- تحرير الجنوب من الاستعمار والفقر والعوز.
ب- تحقيق وحدة الجنوب أولاً وذلك من خلال إقامة حكومة مركزية واحدة بدلاً من ال 23سلطنة ومشيخة وإمارة ومستعمرة عدن.
ج- انتقال السيادة وسلطات الحكم للشعب عبر انتخابات حرة.
6- كانت بريطانيا في ذلك الوقت لازالت مزهوة بانتصاراتها مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. ولذلك فإن بروز حركة وطنية تطالب بتحرير الجنوب ووحدته وإخراج بريطانيا منه كانت تواجه بالاندهاش من جانب والرثاء للقائمين عليها من جانب آخر، لذلك. فإن دور الرابطة منذ اللحظة الأولى لتأسيسها كان شاقاً وصعباً، فقد كان عليها نشر الوعي بين صفوف الشعب لإقناعه بإمكانية إخراج بريطانيا العظمى من الجنوب وفي نفس الوقت تحييد وطمأنة حكام السلطنات والإمارات والمشيخات بأن الحركة لن تكون ضدهم إن هم تعاونوا مع الحركة الوطنية.
7- والجدير بالإشارة، أن الشعب في الشطر الجنوبي لم يتوقف عن مقاومة الاستعمار منذ بدء الاحتلال عام 1839م ، فقد اندلعت الانتفاضات المسلحة المتفرقة في كثير من مناطق الجنوب. ولكن بروز الرابطة كان جديداً ومختلفاً، فهي الهيئة الوطنية الأولى التي ينتمي إليها أعضاء من مختلف مناطق الشطر الجنوبي. بل وكان فيها مؤسسون من أبناء الشطر الشمالي. وهي الهيئة الوطنية الأولى التي تعمل في ومن أجل (كل الجنوب) لا من أجل منطقة من المناطق، وهي الهيئة الوطنية الأولى منذ بدأ الاحتلال البريطاني التي جاهرت بالدعوة بجلاء الاستعمار ووحدة الجنوب وانتقال السيادة إلى شعبه، لذلك. كان التركيز والحصار على الرابطة شديداً من أجهزة وسلطات المستعمر.
لماذا اسم الجنوب العربي؟
8- كانت المنطقة تسمى رسمياً عدن ومحمياتها الشرقية والغربية، وهو المتداول في كل الاوساط العربية والاجنبية، ولاشك أن هذه التسمية كانت تجسد الهيمنة الاستعمارية. كما تجسد الفرقة والتجزئة التي كانت سائدة. لذلك فقد كان اختيار الرابطة لاسم (الجنوب العربي) اختياراً موفقاً حيث انه يؤكد على عروبة ووحدة الجنوب ككل. (في مواجهة مخطط ضم عدن للكومنولث البريطاني) وقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها اسم واحد على كل مناطق الجنوب، والمرة الأولى التي تقوم فيها دعوة تخاطب أهل تلك المناطق كشعب واحد يعاني نفس المعاناة وتطالبهم بالتوجه لأهداف واحدة وغايات واحدة.
واختارت الرابطة اسم الجنوب العربي الكبير (اليمن الطبيعية) ليشمل الجنوب والشمال وكانت أول هيئة تطلق على المنطقة اسم (اليمن الطبيعية).
9- صعدت الرابطة من حملات التوعية، فأصدر المستعمر قانوناً يمنع تسمية المنطقة بغير اسمها الرسمي «عدن والمحميات الشرقية والغربية» .. وفي عام 1954م عمل الاستعمار البريطاني على إجهاض دعوة الرابطة لوحدة الجنوب ككل وذلك بأن قدم لحكام المناطق الغربية (مستبعداً عدن والمناطق الشرقية) مشروعاً للاتحاد أفشلته الرابطة بالتعاون مع بعض الحكام كما قادت الرابطة المظاهرة في عدن(عند زيارة وزير المستعمرات) وقُدِّم رئيسها وعدد من قيادتها وأعضائها إلى المحاكمة، وقد هب الشعب مؤيداً لقيادته الوطنية.. وتجمع الآلاف حول المحكمة مما اضطر السلطات البريطانية إلى الإفراج عن قادة الرابطة وما إن جاء عام 1956م إلا وكانت دعوة الرابطة قد انتشرت في معظم أنحاء الجنوب وفي ذلك الحين أصدرت الرابطة بيانها السياسي التاريخي الأول الذي حددت فيه مشروعاً لوحدة الجنوب ككل، بدلاً من المشروع البريطاني (الذي يقتصر على المناطق الغربية فقط) وقد حددت الرابطة النقاط الرئيسية التالية في بيانها التاريخي:
(أ) انتخاب مجلس نيابي تنبثق عنه حكومة مركزية وطنية تدير شؤون الجنوب ككل.
(ب)إنشاء مجلس (ذي شخصية معنوية) من حكام المناطق يرأسه أحدهم بالتناوب.
(ج) الشعب هو صاحب السيادة، وهو مصدر السلطات.
وكان للرابطة من خلال قياداتها دور مشهود في الريادة الحضارية لسلطنة لحج خاصة في عهد سلطانها علي عبدالكريم العبدلي في تثبيت دستور للسلطنة هو الأول من نوعه في الجزيرة العربية حقق مبدأ الفصل الحقيقي بين السلطات وأقام مجلساً تشريعياً، وقضاءً مستقلاً استقلالاً كاملاً، وفي نهضة تنموية شملت كافة المجالات في مقدمتها التعليم والزراعة.
نفي قادة الرابطة:
10- أمام هذا المد الرابطي أصدرت بريطانيا في عام 1956م قرارا منعت بموجبه عودة زعيم و أمين عام الرابطة - إلى عدن- في ذلك الحين السيد شيخان الحبشي، الذي كان في القاهرة ثم عند سفر زعيم الرابطة ورئيسها السيد محمد علي الجفري الى القاهرة في نفس العام منعت بريطانيا عودته أيضاً واحتجت الجماهير في عدن وبقية مناطق الجنوب. وأرسلت برقيات الاحتجاج من الجمعيات والنوادي تدين وتستنكر هذا التعسف البريطاني.
11- عاد رئيس الرابطة الى لحج في عام 1957م، واستقبل استقبالاً شعبياً لم يشهد الجنوب له مثيلاً من قبل. وكان سلطان لحج الوطني علي عبدالكريم العبدلي يتعاون مع الحركة الوطنية ويدعمها بل كان من أبرز أنصارها وقياداتها. وتمركز السيد محمد علي الجفري في مدينة (دار سعد) التي تقع على بعد أقل من كيلو متر من (حدود) المستعمرة عدن، وتحولت تلك المدينة الصغيرة إلى شعلة من النشاط السياسي والأدبي والفني وقامت الرابطة في تلك الفترة بحملة تبرعات لثورة الجزائر التي أظهر لها شعبنا كل التأييد والمساندة وجمعت الرابطة مبلغاً من المال وسلمته لسكرتارية المؤتمر الإسلامي في القاهرة (وهي الجهة التي كانت مسؤولة عن جمع التبرعات للثورة الجزائرية).
12- اتسع واشتد الحماس الوطني بقيادة الرابطة فما أن حل شهر إبريل 1958م إلا وبلغ الضيق البريطاني مداه من نشاط الرابطة وتحركاتها. وعلى ضوء ذلك تم تجهيز الحملة العسكرية الشهيرة على لحج في 18/5/1958م (ليلة عيد الفطر المبارك) بهدف القبض على السيد محمد علي الجفري وأخويه عبدالله وعلوي -رحمهم الله- ولكن عيون الرابطة والضباط الوطنيين داخل الجيش والأمن أبلغوا الرابطة بخطة الهجوم مسبقاً فانسحب السيد محمد علي الجفري من لحج قبيل الهجوم بساعات الى تعز. أما علوي فقد تمكن من الإفلات وتسلل الى جبال العوالق، وقبض على عبدالله علي (الذي كان يشغل منصب عضو مجلس المديرين بسلطنة لحج ومدير المعارف والصحة). وأخذ على ظهر بارجة حربية الى جزيرة سقطرى وبقي معتقلاً في تلك الجزيرة لمدة ستة أشهر، ثم أبعد الى تعز حسب اختياره.
13- اشتدت المقاومة المسلحة ضد المستعمر البريطاني في كثير من مناطق الجنوب، وفي الخارج اتسعت دائرة نشاط الرابطة لإخراج قضية شعب الجنوب وشرحها وطرحها على المحافل والمؤتمرات العربية والإسلامية والدولية، وفتحت الرابطة مكتباً سياسياً لها في القاهرة، وركناً لقضية الجنوب من إذاعة (صوت العرب) كما أصدرت جريدة «النضال» بعد أن لجأ الى القاهرة السادة احمد عمر بافقيه وقحطان الشعبي وشاعر الجنوب والحركة الوطنية عبدالله هادي سبيت؛ رحمهم الله، وفي نفس الوقت أقفلت السلطات البريطانية صحيفة (الجنوب العربي) في عدن وتعرض الرابطيون لمختلف أساليب الاضطهاد والتنكيل.
الرابطة والكفاح المسلح:
14- الرابطة وأنصارها وأعضاؤها كانوا في طليعة النضال المسلح منذ بداية الخمسينات والشاهد ماثل، حتى الآن في البيوت المدمرة وآثار غارات الطيران على مواقع النضال. ودعمت الرابطة كثيرا من حركات الكفاح المسلح وكانت على اتفاق وتنسيق مع معظم قيادات تلك الحركات النضالية . ولكن بعد أن تحدد موعد الاستقلال رأى حزب الرابطة أن تتم وحدة وطنية بين كافة القوى استعداداً للاستقلال ولكن الظرف الإقليمي والدولي لم يكن مواتياً.
15 - في شهر إبريل 1959م هاجمت دبابات الإنجليز وقوات المشاة رجال الرابطة وأنصارها في مشيخة العوالق، وحاصرت تلك القوات منازل آل ابوبكر بن فريد، ثم أخذت تقصفها بالمدافع وهي مليئة بالرجال والنساء والأطفال، وكان الهدف من الهجوم هو القبض على أبرز الوجوه الرابطية في المنطقة وأخذهم (كرهائن) إلى عدن. وبعد أن تمكنت الرؤوس المطلوبة من الإفلات من الحصار، سلم محسن أبوبكر بن فريد نفسه وأخذ سجيناً إلى عتق ثم إلى أبين ثم إلى الضالع، حيث تمكن هناك من الهروب إلى تعز بترتيب من حارسه الوطني الشهيد عبدالصفي الرجاعي، وقد دمرت على إثر ذلك معظم بيوت الرابطيين في مشيخة العوالق (منازل آل الجفري، واحمد بن سعداء، وآل عجرومه، وأحمد نمير البعم) ولاتزال حتى اليوم أكواماً شاهداً على تلك المرحلة من نضال الرابطة.
16- تمركز الثوار في الجبال على إثر ذلك الهجوم البريطاني واستمروا في قتالهم مع المستعمر وكان يقاتل الاستعمار أيضاً قبائل ربيز وآل خليفة كما قامت حركات كفاح مسلح في يافع بقيادة السلطان محمد عيدروس العفيفي ومحمد المصلي وفضل هرهرة ومحمد عبدالقوي مفلحي وصالح عبداللاه. وفي دثينة بقيادة المجعلي والجعري والصالحي، والعواذل بقيادة الدماني وردفان بقيادة ثابت قاسم وسيف حسن علي وفي الضالع بقيادة محمد صالح الأزرقي وأحمد الشاعري والسيد عبدالدائم ومنطقة الصبيحة بقيادة عثمان المصفري وقايد الرزيحي وعلي بن علي شكري وفي بيحان بقيادة العريفي والمصعبي والحارثي و في منطقة الواحدي الحميري.. وفي العوالق السفلى الشمعي وباعزب، والمرقشي في منطقة الفضلي. ونذكر بالثناء والتقدير ماقام به أمير اللواء المرحوم الشيخ صالح بن ناجي الرويشان حينما كان في البيضاء من رعاية ومساعدة لرجال الكفاح المسلح من مختلف القبائل والفصائل في الجنوب وقد استخدم الانجليز قواته في المنطقة لإجهاض وإخماد هذه الحركات الكفاحية المسلحة طوال أعوام 59، 60، 1961م. وقد بلغت شدة القمع البريطاني إلى درجة إحضار تعزيزات من الأسطول البريطاني، فرست حاملة الطائرات على شواطئ البحر العربي أمام (عرقة) لتغير منها الطائرات وتصب حممها على كور العوالق ليلاً ونهاراً. ولازالت آثار القصف الوحشي شاهداً حياً حتى اليوم. ووثق ذلك كندي ترافسكس حاكم عدن آنذاك في كتابه "رماد الإمبراطورية".
17- وفي تلك الفترة قبض على كثير من أعضاء وقيادات الرابطة في عدن ولحج. كالسادة: عبداللطيف كتبي عمر ومحمد سالم باوزير وعبدالرزاق محمد سعد وعثمان المصفري وقائد علي الرزيحي وعلي بن علي شكري وكثيرين غيرهم.
قضية الجنوب في المحافل العربية والدولية:
18- في عام 1960م افتتح الشهيد علوي علي الجفري مكتب الرابطة في جدة ثم مكتبها في الرياض والدمام. ولاشك أن ذلك قد مثل تطوراً إيجابياً لصالح الحركة الوطنية في الجنوب لما للمملكة من مكانة وموقع ولتواجد أعداد كبيرة من أبناء الجنوب.
19- بذلت الرابطة جهوداً كبيرة لنقل قضية الشعب في الجنوب الى المحافل العربية والإسلامية والدولية وبفضل تلك الجهود أصبحت قضية الجنوب بنداً رئيسياً على جدول معظم المؤتمرات الآسيوية والأفريقية دع جانباً العربية والإسلامية بل إن قيادات الرابطة قد اشتركوا كأعضاء مؤسسين في مؤتمرات المحامين العرب والكتاب العرب، والرابطة كعضو مؤسس في منظمة تضامن شعوب آسيا وأفريقيا ومؤتمرات شباب آسيا وأفريقيا.
20- أسهمت الرابطة في هذه المؤتمرات، وفي السنوات العديدة التي تلتها أسهمت في مجال حيوي وهام في حياة الشعب ألا وهو مجال الحصول على مئات المنح الدراسية لشباب الجنوب والشمال إلى مختلف البلدان العربية والإسلامية (وبشكل خاص إلى مصر والمملكة العربية السعودية والكويت والعراق وليبيا) وأهلت بذلك جيلاً ويمكن القول إن عدد خريجي الجامعات الذين بعثتهم الرابطة يفوق كثيراً عدد الخريجين ممن بعثتهم بريطانيا للدراسة الجامعية خلال 129عاماً من احتلالها للجنوب، ومما يجب ذكره وتسجيله هنا هو أن الرابطة لم تقصر المنح الدراسية على أعضائها وأنصارها، بل كانت تقدم منحاً دراسية ومساعدات مالية دراسية لكثير من الطلبة الذين كانوا يعارضونها من الناحية السياسية،
21- حملت الرابطة قضية الجنوب إلى المنبر العالمي (الأمم المتحدة) وتمكنت من وضعها على جدول أعمال هذا المنبر العالمي كقضية تحرر ووحدة وسيادة للشعب في عام 1959م وظلت تتابع هذا الأمر في أروقة الأمم المتحدة حتى تم تشكيل (لجنة تصفية الاستعمار) واللجان التابعة لها وتمكنت من استخلاص قرارات واضحة وصريحة تدعو إلى جلاء الاستعمار عن الجنوب ووحدة أراضيه المبعثرة إلى 23 سلطنة وإمارة ومشيخة وانتقال السيادة الى شعبه وذلك في عام 1963م. ووافقت بريطانيا على تلك القرارات الدولية ثم أعلنت في شهر يوليو 1964م التزاماً دولياً صريحاً باعتزامها الانسحاب من كل الجنوب في 9يناير عام 1968م وأصدرت بذلك "الكتاب الأبيض". واستمعت لجنة تصفية الاستعمار ولجنة تقصي الحقائق المنبثقة عنها إلى عدد من الهيئات والشخصيات ومنها عدد كبير من قيادات الرابطة وعلى رأسهم رئيسها السيد محمد علي الجفري وأمينها العام الأستاذ شيخان عبدالله الحبشي والسلطان المناضل علي عبدالكريم العبدلي وشيخ المناضلين الشيخ محمد أبوبكر بن فريد كذلك استمعت في تعز إلى كثير من المناضلين أمثال المناضل السلطان محمد عيدروس العفيفي والشيخ مقبل باعزب والشيخ عبدالله محمد الشمعي والشيخ عبدالله الحميري وغيرهم وكذلك استمعت إلى لشيخ محمدفريد العولقي وزير خارجية الاتحاد وغيره من وزراء الاتحاد آنذاك والأستاذ محمد سالم باسندوه والأستاذ الأصنج عن حزب الشعب الاشتراكي والأستاذ لقمان كما استمعت إلى الأستاذ بيومي عن الحزب الوطني الاتحادي وفي مرحلة لاحقة الأستاذ قحطان الشعبي عن الجبهة القومية والأستاذ عبدالقوي مكاوي عن جبهة التحرير والسلطان أحمد بن عبدالله الفضلي والأمير جعبل بن حسين العوذلي أيضا عن جبهة التحرير وعدد كبير من الشخصيات في عدن والمهجر كما استمعت لجنة تقصي الحقائق لكثيرين بغرض بحث السبل لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
الرابطة والوحدة الوطنية:
22- حذرت الرابطة من مغبة ادعاء الأوحدية ورفض الآخر ،وكان هذا موقف الرابطة الرسمي في تحركها ونشاطها منذ الخمسينيات عندما دعت لأول مؤتمر وطني تم عقده في عدن .وفي فترة الستينيات دعا حزب الرابطة في كل المناسبات إلى الوحدة الوطنية وعند عرض قضية الجنوب على الأمم المتحدة وعلى لجنة تصفية الاستعمار، وفي 15 سبتمبر1967 استخلصت الرابطة توصية من الجامعة العربية تقضي بضرورة أن يحكم الجنوب بحكومة ائتلافية من الهيئات الوطنية الثلاث في ذلك الحين (الرابطة، الجبهة القومية، جبهة التحرير) وبضرورة أن تتفاهم وتتعاون هذه الهيئات الوطنية من أجل استلام الاستقلال، وأوصت بعدم الاعتراف بأي حكومة لاتنشأ من الهيئات الثلاث.
23- دعا حزب الرابطة قيادة الجبهتين لتحقيق وحدة وطنية وللتعاون والتنسيق من دون صراع أو تناحر ولكن الأحداث دفعت بالأمور في اتجاه مغاير.
24- قاد حزب الرابطة مع غيره من القوى حركة الوحدة الوطنية في صيف 1968م، وطالب مع غيره من الوطنيين الإخوة في السلطة آنذاك بضرورة تحقيق الوحدة الوطنية. قابلتها الحكومة بالقوة والعنف وعلى إثر ذلك اعتصم دعاة الوحدة الوطنية وعلى رأسهم قيادة وأنصار الرابطة بالجبال لمدة سنة كاملة مدافعين عن أنفسهم.
25- في الفترة مابين 70-1972م اشتركت الرابطة مع جبهة التحرير والمنشقين عن الجبهة القومية في تأسيس حركة الوحدة الوطنية التي انطلقت من صنعاء ولكن عوامل كثيرة أفشلت هذه الحركة أيضاً، وقررت الرابطة عدم المشاركة مستقبلياً في أي حركة مسلحة ضد نظام الحكم في الجنوب.
26- استمرت الرابطة في نشاطها السياسي المحدود في المنفى وفي عام 1980م اشتركت الرابطة ومعها الجبهة الوطنية المتحدة بقيادة المرحوم عبدالقوي مكاوي وشخصيات ممن انشقوا من نظام الحكم في عدن وأبرزهم المرحوم محمد علي هيثم وشخصيات مستقلة، في تأسيس «التجمع القومي للقوى الوطنية في الجنوب اليمني» الذي تكون في بغداد بجهود من العراق الشقيق. وفي عام 1982م دخلت الرابطة في حوار سري مع حكام الجنوب في ذلك الحين في نيودلهي بالهند تم فيه التوقيع على اتفاقية أولية تقضي بضرورة العودة الى العقيدة الإسلامية والانتماء العربي والتشاور في الشؤون الداخلية والخارجية للجنوب.. والعمل على توفير حرية القول والعمل لكل أبناء الجنوب في داخل بلادهم. كما تم الاتفاق على لقاء آخر خلال ثلاثة أشهر يتم فيه الاتفاق النهائي ولكن خلافاً داخلياً قد نشب حول هذا الموضوع.
27- كانت الرابطة تتابع عن كثب مايجري في الداخل من صراعات بين الأجنحة وبعد أن اشتدت الخلافات في عام 1984م وصعدت حتى كادت تنفجر في عام 1985م وفي 20/5/1985م. أرسلت الرابطة رسالتها التاريخية إلى طرفي الصراع علي ناصر محمد من جانب وعلي عنتر وصالح مصلح وعلي شايع من جانب آخر تناشدهم فيها بضبط النفس وعدم جر الجنوب الى قتال قبلي مناطقي لايعلم إلا الله نتائجه وعواقبه. كما ناشدت الطرفين بضرورة الدعوة الى وحدة وطنية لجميع القوى الوطنية. ولكن كانت الظروف أقوى واندلع صراع 13 يناير. والحمد لله أن تم التصالح والتسامح بهدف إزالة آثار الصراع من النفوس.
28- إن أحداث 13 يناير 1986م، من وجهة نظر الرابطة تعتبر تاريخاً فاصلاً بين مرحلة ومرحلة، مرحلة (الغيبوبة) ومرحلة (الصحوة) لدى كثير من القيادات من الطرفين ولدى الشعب في الجنوب. وكان زلزالاً فكرياً، وقد حددت الرابطة في بيان لها موقفها من تلك الأحداث المأساوية وطالبت بالوحدة الوطنية الشاملة كمخرج من المأساة في تلك الفترة.
التغيرات الرابطية وانتخاب قيادة جديدة:
29- كان من المحتم على الرابطة (كحركة وطنية أصيلة ورائدة).. تتفاعل مع الأحداث الجسام التي تمر بها بلادنا وكان من المحتم أن تواكب الأحداث إن لم تسبقها وتطور نفسها حركة وتنظيماً وفكراً وعملاً، وتجهز الطاقات الرابطية لمرحلة لابد قادمة وأن تعي المرحلة الجديدة بكل متغيراتها المحلية والإقليمية والعربية والدولية وأن تتعامل بأساليب جديدة مع المرحلة الجديدة والأجيال الجديدة في بلادنا.
وعليه اجتمع نخبة من الرابطيين وتدارسوا أمورهم عبر تنظيمهم وتقدموا بمذكرة للقيادة في تاريخ 5/9/1986م. يطلبون فيها، ضمن أشياء أخرى، عقد مؤتمر رابطي يدرس قضايا الرابطة ويقيم التطورات الأخيرة والخطيرة التي تمر بها بلادنا في ذلك الحين. ويضع الخطوط العريضة لسياسة رابطية نشطة ومؤثرة للمراحل القادمة.
30- عقد المؤتمر في الفترة من 12 - 14نوفمبر 1986م، وتم انتخاب السيد/ عبدالرحمن علي الجفري - رئيساً جديداً للرابطة - ومحسن محمد أبو بكر بن فريد - أميناً عاماً و30 عضواً كهيئة مركزية جديدة، كما أقر المؤتمر التعديلات في النظام الداخلي وبعض مواد الدستور. وفي نفس الوقت أقر تصورات مستقبلية لتحرك الرابطة ونشاطها في كل المجالات. وبقيت مكانة وتقدير روادنا من الرعيل الأول في النفوس والقلوب ومنهم الأستاذ سالم عمر الصافي والأستاذ شيخان الحبشي والأستاذ أحمد عمر بافقيه والأستاذ زين صادق الأهدل رحمهم الله والسلطان علي عبدالكريم والأخ محمد عجرومه أطال الله في عمرهما.
لمحات من نشاط الرابطة بعد المؤتمر:
31- اجتمع سراً، وبمبادرة ذاتية من الرابطة ،في شهر إبريل 1987م، وفد من قيادة الرابطة بوفد من حكومة عدن في بومبي بالهند، طرحت الرابطة آراءها ووجهة نظرها وتقييمها الموضوعي وقدمت الحلول والمخارج والبدائل. وأوضحنا بجلاء أن ما نطالب به من حقوق شرعية «ومصالحة وطنية» يجب أن يشمل كل أبناء الشطر الجنوبي. وقد كانت بداية مشجعة ومجدية لإسماع صوتنا وآرائنا لهم في كل القضايا.
32- في شهر اكتوبر 1988م، أرسلت الرابطة رسالة للمجموعة الحاكمة في عدن آنذاك تطالبها فيها بضرورة وحتمية (الوحدة الوطنية) لكل أبناء الجنوب. وتحذر من الصراع الداخلي ونتائجه الوخيمة.
33- ركزت الرابطة في تحركها ونشاطها بعد المؤتمر الرابطي على العمل السياسي والفكري والإعلامي إيماناً منها بأن المرحلة هي مرحلة صراع فكري أكثر منه صراع مدافع ودبابات وطائرات، فالعالم كله متجه نحو الإنفتاح وإعادة البناء والمصارحة والديمقراطية وحرية الرأي ولا كان ينبغي لبلادنا أن تتخلف عن الركب. ولذلك أصدرت بياناً مؤيداً ومشجعاً للتوجه الجديد الذي حمله البلاغ الصحفي عن الدورة السابعة عشرة الاستثنائية للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في عدن في 23 نوفمبر 1989م.
الرابطة والوحدة:
- نصت الفقرة الثامنة من بيان الرابطة الصادر في 22مارس1956 على أن: "شعب إمارات الجنوب جزء من شعب الجنوب العربي الكبير وله وحده حق تقرير مصيره بالنسبة للوضع العربي العام وعلى أهداف الأمة العربية وأمانيها". كما أعلن أمينه العام من إذاعة صوت العرب "أن الرابطة تؤكد تمسكها بوحدة الشعب اليمني بكافة بقاعه وأجزائه وما دعوة الرابطة إلى (اتحاد إمارات الجنوب) واستقلالها إلا خطوة أولى لابد منها وضرورية لتحقيق الوحدة المنشودة" .. وفي (اتفاقية الصليف) في أكتوبر بين الحكومة اليمنية آنذاك وحزب الرابطة جاء: "إن أهداف الحركة سواء من جهة الحكومة (اليمن) أو من الرابطة هي تحرير الجنوب والعمل على تحقيق الوحدة الكاملة للجنوب العربي الذي هو (اليمن الطبيعي)". المرجع: مجلة اليمن.. مجلة محكمة، مركز البحوث والدراسات اليمنية، جامعة عدن العدد(25) مايو2007م.
وفي أواخر الخمسينيات عقد في القاهرة اجتماع بين رواد الحركة الوطنية في الشطرين حضره عن حزب الرابطة السيد محمد علي الجفري رئيس الحزب، والأمين العام الأستاذ شيخان والسلطان علي عبدالكريم العبدلي عضو القيادة، وعن الشطر الشمالي الشهيد محمد محمود الزبيري، والأستاذ أحمد محمد نعمان والأستاذ محسن العيني واتفق الطرفان على أن تكون مهمة كل طرف في الشطر الذي ينتمي إليه، ومن ينجح يقدم الدعم والإسناد للآخر، وفي نهاية الطريق يلتقي الطرفان.
34 - تسارعت الأحداث في اتجاه التحقيق الفعلي لذلك الهدف الاستراتيجي اليمني الكبير ألا وهو هدف الوحدة اليمنية وكان الانفراج الكبير في لقاء عدن التاريخي مساء 30/11/1989م، والذي أقر مشروع دستور دولة اليمن المعاصر.
وفي صبيحة اليوم التالي 1/12/1989م أصدر حزب الرابطة بياناً أيد فيه هذه الخطوة الوحدوية، وطالب بأن تتم عملية مواءمة للوضع السياسي في جنوب الوطن مع مستقبل العمل السياسي وذلك بإتاحة المجال لكل الأحزاب والقوى الوطنية للنشاط في عدن، وقيام مصالحة وطنية شاملة، وتكوين تحالف في عدن شبيه بالمؤتمر الشعبي العام في صنعاء لتشارك القوى الوطنية على امتداد الساحة اليمنية في بناء أسس الوحدة لتقوم الوحدة على أسس وطنية صحيحة، عوضاً عن تحزيبها باقتسامها بين حزبي السلطة في صنعاء وعدن.
وأيدت قيادة الرابطة لقاء صنعاء التاريخي في 26/12/1989م، وأبرقت على إثره ببرقية إلى الأخوين الرئيس علي عبدالله صالح وأمين عام الاشتراكي علي سالم البيض قالت فيها: «والرابطة وهي الهيئة الوطنية التي تأسست منذ مطلع الخمسينات في عدن وتصدت للاستعمار والتجزئة في الجنوب بكل الوسائل إذ تؤيد وتبارك خطواتكم التاريخية المباركة فإنه يشرفها أن تعلن عن نفسها مجدداً كهيئة سياسية وطنية مناضلة في داخل الوطن على الساحة كلها، وفي سبيل المشاركة في تنفيذ تلك الخطوات التاريخية وتعلن عن استعدادها واستعداد كل كوادرها السياسية والعلمية والفنية للمشاركة في كل الخطوات المباركة القادمة...».
لم تكتف قيادة الرابطة بمتابعة وتأييد التطورات الوحدوية المتسارعة التي كانت تجري على أرض بلادنا وهي على البعد في المنفى بل انتقلت معظم قياداتها في المنفى الى صنعاء عاصمة الوحدة. وكان على رأس العائدين رئيس الرابطة وأمينها العام.
تعديل الاسم إلى: حزب رابطة أبناء اليمن «رأي» :
35- على ضوء التطورات الوحدوية اليمنية المتسارعة.. وبتواجد قيادة الرابطة الفعلي في العاصمة صنعاء.. أصدرت الرابطة بياناً سياسياً هاماً متعلقاً بتعديل اسمها جاء فيه:
«انطلاقاً من مسؤولية الرابطة وبحكم صدارتها في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية.. وانطلاقاً من استيعاب الرابطة لمرحلة المتغيرات العظيمة التي تشهدها الساحة الدولية من جانب والعربية والإقليمية من جانب آخر وانطلاقاً من مفهوم ومنهج الرابطة الوحدوي العملي .. وعلى ضوء وثائقها وأدبياتها قديماً وحديثاً واستيعابها لتجربة الماضي بكل آلامه.. وتوسيعاً لدائرة الحركة والنشاط والممارسة لتشمل الساحة اليمنية ككل .. ومن أجل المشاركة العملية والفعالة في مسيرة الوحدة اليمنية المباركة ومن أجل دعم وإثراء وترسيخ مسيرة الديمقراطية والإصلاح الشامل على الساحة اليمنية .. على ضوء ذلك كله .. فإننا نعلن، بعد الرجوع لدستور الرابطة ونظامها الداخلي، وبعد التشاور المكثف مع قيادات وأعضاء الرابطة في الشطر الجنوبي وفي الشطر الشمالي وفي المنفى والمهجر، نعلن تعديل اسم (رابطة الجنوب العربي) ليصبح (حزب رابطة أبناء اليمن «رأي»). وأرفقت الرابطة هذا البيان ببيان سياسي مفصل حول التسمية الجديدة للرابطة وحول الخطوات الوحدوية المباركة بين صنعاء وعدن.. ويحتوي بعض المقترحات الايجابية لتأكيد وتدعيم وصيانة مسيرة الوحدة اليمنية (انظر كتاب رسائل رابطية).
وفي 13 مارس 1990 توجه إلى عدن 28 قيادي وكادر رابطي وفي مقدمتهم رئيس وأمين عام الرابطة دون أي ترتيبات مسبقة بعد 23سنة ونص من الغربة وكانوا يتطلعون للقاء الإخوة في منظومة الحكم بهدف تحقيق وحدة وطنية على مستوى الجنوب آنذاك تتوافق مع ماتم في صنعاء ..وتم التواصل مع الإخوة في قمة الدولة والحزب الاشتراكي ولم يتم أي لقاء رسمي مع أي منهم ..فقام القادمون بجولة في عدد من المحافظات وعادوا إلى صنعاء بعد حوالي شهر.
36- في يوم22مايو1990م، شهدت اليمن الحدث البارز في تاريخها المعاصر ألا وهو إعلان الدولة اليمنية الموحدة، الجمهورية اليمنية. وبالمشاركة الفعلية والوجدانية في هذا الحدث التاريخي العظيم في عاصمة اليمن الموحد «صنعاء» أصدرت الرابطة بياناً سياسياً قالت فيه:
« ... إن هذا الحدث التاريخي العظيم يستدعي من كل وطني مخلص صادق في إخلاصه أن يذيب ذاته الحزبية أو الشخصية في الذات اليمنية الكبرى وأن يكون عامل إسناد ودعم لهذه الجمهورية الوليدة. فلقد انتهت مرحلة الجهاد الأصغر لتبدأ مرحلة الجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس». وأضاف البيان : «إن المسؤولية ضخمة.. والمهمة عظيمة.. ولكن شعبنا بمختلف قياداته وقواه الوطنية المخلصة لاشك قادر بإذن الله على حماية هذا الإنجاز التاريخي وبناء دولة نموذجية تزرع الأمن والأمان والرخاء والنماء والقوة والمنعة والعدل والاستقرار والحرية والديمقراطية». وتمنى البيان أن لو تمت وحدة وطنية كأحد أسس الوحدة.
37-- تميز حزب الرابطة (رأي) بخطاب سياسي وطني واضح وقوي ورؤية واقعية عقلانية ووطنية لهموم اليمن ومشاكله والمخارج المناسبة؛ وقد شهدت مقرات الرابطة بشكل عام وفي صنعاء وعدن بشكل خاص الكثير من الندوات والمحاضرات والمناظرات والمجادلات حول حاضر اليمن ومستقبله وحول مشاكله والحلول المقترحة لها اشترك فيها نخبة من علماء وسياسيي ومثقفي اليمن ومن السفراء ورجال الإعلام وللحزب صحيفة ناطقة باسمه هي صحيفة «رأي».
38 - في الفترة من 11 إلى 14 فبراير 1992م، عقد «مندوبو» المؤتمر القادمون من كل أنحاء اليمن ومن الاغتراب المؤتمر العام الثامن للرابطة وكان «المؤتمر» هو الحدث السياسي البارز في صنعاء في تلك الأيام، فهو أول مؤتمر عام يُعقد في صنعاء لأي حزب منذ قيام الوحدة، كما أنه أول مؤتمر لأي حزب سياسي يتولى بطلب منه قضاةً من المحكمة العليا إدارة انتخاباته.
39- تصدر حزبنا مع زعامات أحزاب أخرى وشخصيات مستقلة التحضير لمؤتمر وطني كان حدثاً بارزاً وصدرت عنه قرارات وتوصيات.. ونتج تقارب وبناء للثقة بين أحزاب المعارضة آنذاك وتصدوا لمهمة بلورة معارضة يمنية قوية وتمخض هذا الجهد عن تشكيل «التكتل الوطني للمعارضة» ضم إضافة إلى حزب الرابطة (رأي) كل من حزب التجمع الوحدوي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية، وكان للتكتل الوطني للمعارضة الدور البارز والأساسي في الوصول الى الحوار الوطني.
40- وتمخضت تلك الحوارات والجهود المضنية عن وثيقة هي «وثيقة العهد والاتفاق لأسس بناء الدولة اليمنية الحديثة» وكانت المسودة التي قدمها التكتل الوطني للمعارضة هي المادة الرئيسية التي جرى حولها النقاش والحوار ومن ثم تم التوصل الى «وثيقة العهد والاتفاق» في 18/1/1994م في اجتماعها في عدن. وذهب الجميع الى الأردن للتوقيع عليها. وتجدر الإشارة إلى أن خلافاً قد حدث بين التكتل الوطني للمعارضة وممثلي أحزاب السلطة في لجنة الحوار حول "آلية تنفيذ الوثيقة" كنا نرى أن الآلية الصالحة للتنفيذ هي "حكومة وحدة وطنية" تشكلها لجنة الحوار ولكن أصرت أحزاب السلطة على أن الحكومة القائمة آنذاك هي آلية التنفيذ. وتأكد لنا أن الوثيقة لن تنفذ وأعلنا ذلك في حينه في عدن ثم عند التوقيع النهائي في عمان، وتتالت الأحداث وانفجرت فتنة صيف 94.
41- وفي سبتمبر 2006 م بمبادرة من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح كانت عودة القيادات الرئيسية لحزب رابطة أبناء اليمن " رأي " للحوار من أجل تحقيق الإصلاح الوطني الشامل على أساس برنامج فخامته الانتخابي وبرنامج المؤتمر الشعبي العام ومشروع حزبنا للإصلاح "المشروع الوطني للإصلاح الشامل في اليمن" الذي أعلنه الحزب في نوفمبر 2005 م.
*الرؤية
المحتويات:
 توطئة.
 الجزء الأول: المنطلق الفكري للرؤية
(استراتيجية الحزب).
 الجزء الثاني: سياسات الحزب الداخلية.
 الجزء الثالث: سياسيات الحزب الخارجية.
بسم الله الرحمن الرحيم
توطئَة
كان حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) طيلة تاريخه الممتد لستة عقود من الزمن، ولا يزال وسيستمر بإذن الله تعالى صاحب الرصيد الأوفر في تقديم الرؤى والطروحات التي سبقت الزمن وأثبتت حركية الأيام صحتها لتحقيق مصالح الوطن والمواطن وحقوقه دون مزايدات أو تسرع؛ بل وكان حزب الرابطة (رأي) سباقاً في طرح قضايا وهموم الناس وحاجاتهم الأساسية، وطريقة وأسلوب حكمهم مما جعل الحزب رائداً في العمل الوطني منذ منتصف القرن الماضي..
وأكد بذلك دوره المتميز والمخلص والمهتدي بهدي الدين الإسلامي السمح والوسطي الذي لاينكر وجود الآخر أو حقه في الاختلاف سواء في الرأي أو المعتقد.
وظل حزب الرابطة (رأي) يطرح ويقدم العديد من المشاريع، والمقترحات، والبدائل، والآليات المناسبة لتنفيذ الحلول الناجعة لمشاكل الوطن والمواطن وبالرغم من عدم الاستجابة ،احياناً، إلا أن الصبر لم ينفذ والأمل لم يضعف والإصرار لم يفتر والعزيمة لم تهن فاستمر الحزب يتجدد من خلال أطروحاته ورؤاه التي تتناسب مع المتغيرات والمستجدات سواء كانت في الساحة المحلية أو الإقليمية أو الدولية.
وحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) يضع اليوم بين يدي الجميع رؤية {سياسية متكاملة} إستدعتها الحاجة والضرورة تلبية لحاجة شعبنا للعدل والتوازن والديمقراطية والمواطنة السوية؛ مستلهمة أسس وعناصر هذه الرؤية من التاريخ والموقع المتميز لبلادنا اللذان ساهما في وضع أسس الحضارة اليمنية وأكسباها شهرة عظيمة، ومكناها من الربط بين حضارات دول المحيط الهندي والدول الواقعة شمالاً في البحر المتوسط وإلى الشمال منه في القارة الأوربية دون منافس ولقرون طويلة وإلى الجنوب الشرقي لآسيا وشرق وغرب أفريقيا، حيث تجلت المفاهيم الوسطية لسماحة الإسلام في الدعاة الذين استطاعوا من خلال سلوكهم ،السمح المعتدل، أن يقدموا أبهى مظهر من مظاهر التعايش بين الثقافات والشعوب؛ مما جعل اليمن في أعلى السلم الحضاري في التعامل مع الشعوب باختلاف حضاراتها وتنوع ثقافاتها؛ مؤكداً لقاعدة حوار الحضارات وحقيقتها ونافيا لمقولة حتمية صدامها.. ولا يزال لشعبنا اليمني بصماته في هذا المضمار إلى يومنا هذا في العديد من أقطار آسيا ؛ وأفريقيا؛ وغيرها من دول العالم.
واستحضارا للدور التراكمي المتميز ،الذي تولد من استمرار الريادة في الدعوة السمحة وفي التجارة، والثقافة، والحضارة ،لوطننا العربي عموماً ولليمن بصفة خاصة، والموقع الوسطي المتميز الذي حباه الله سبحانه وتعالى بأن يكون مهبط الرسالات السماوية الثلاثة {اليهودية.. والمسيحية.. والإسلامية} ومصدراً أساسياً للطاقة البترولية والتي تمثل عصب الحياة في عالم اليوم.. استخلص حزب الرابطة (رأي) من جديد من تاريخ وجغرافيا وطننا صياغة رؤيته هذه ليعيد لهذا الوطن مكانته التي يستحقها ؛ وللمواطن شرعيته.
من هنا فإن حزب الرابطة (رأي) يقدم رؤيته هذه من موقع المسؤولية الوطنية والواجب الأخلاقي والإنساني الذي تحمله منذ ما يقرب من ستة عقود عَمِل ولا يزال يعمل _ وسيستمر بإذن الله _ على تجنيب وطننا ومحيطنا الإقليمي الصراع الديني الذي بدأ يطل برأسه في المنطقة وفي أكثر من بلد. وحزب الرابطة (رأي) إذ يطرح هذه الرؤية ليؤكد على صواب ماسبق وأن قدمه من أطروحات وبدائل وآليات ومشاريع كحلول ناجعة ليس لمشاكل مجتمعنا فحسب بل ومجتمعات محيطنا الإقليمي وعلاقاته بالآخر.
إننا نعتقد كرابطة أننا وجميع الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع وحدة قابلة للاستمرار تبني وتعمر وتصلح، تعز أبناءها وتجمع وتوحد وتساوي. مع وحدة تقيم صرحاً للعدل، تنشر الامن، تعمم الرخاء والعلم، تسعى بمجتمعها الى الغنى والنماء، وحدة مبنية على التوازن. مع وحدة في ظل دولة لا مركزية، دولة النظام والقانون تحترم إرادة الناس وعقولهم، تقتنع بالديمقراطية والشورى، مؤمنة بالتداول السلمي للسلطة، تحافظ على الكليات الخمس أو المقاصد الشرعية الخمسة- (الدين، والنفس إلا بحق، والعرض، والمال إلا بتعويض مرض وعادل، والعقل).
فالوحدة ليست صنماً من تمرٍ يعبد ويأكله عابدوه، بل هي هدف سام يتحول إلى وسيلة لتحقيق كرامة الإنسان وحريته، ونمائه وازدهار الوطن. تلك الوحدة التي طالبنا بها وتلك الوحدة التي أردناها. ولاخير فينا إن جعلناها تأتي بغير ذلك ولا خير فينا ولا في جيلنا إن قبلنا بغير ذلك.
الجزء الأول
المنطلق الفكري للرؤية (استراتيجية الحزب)
إن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) يستشرف آفاق المستقبل و يستلهم دلالتها انطلاقاً من تاريخ يمتد في الأرض اليمنية منذ منتصف القرن الماضي صانعاً جذوراً متشعبة ومتشابكة في عمق التراب اليمني بكل جهاته.. الأمر الذي يحتم على حزب الرابطة (رأي) أن تكون رؤيته وحركته أيضاً متسقة مع هذا التراب .. ومع الجذور الممتدة في أحشائه.. وغني عن البيان ان ثمار أي زرع لا يتوقف فقط على خصائص التربة ولكنه أيضا يستمد نموه وثماره من خلال ملاءمة المناخ لهذا النمو. ولا شك أن مناخ العمل السياسي والدوائر المؤثرة على صناعة قراراته، ونقصد بها الدوائر العالمية والإقليمية والمحيط العربي والظروف المحلية..كل تلك العوامل تتفاعل وتتشابك.. ولا تنفصم عن بعضها البعض.
ونحن كحزب سياسي نستهدف النمو والإثمار يجب أن نراعي خصائص التربة بما تحتويه من جذور ومكونات وملاءمة المناخ بما يحمله من صراعات وصدامات وأحيانآ تفاعلات وتوافقات وشراكات. وحزب الرابطة (رأي) ،اتساقآ مع ما سبق ومع ما بدأه منذ مايقرب من ستة عقود، كان دائمآ يستلهم السلم والسلام والأمن والأمان كسبيل ونهج عمل.. ومع مستجدات العصر وعبر أكثر من قرن ظهرت مفاهيم حديثة وأيديولوجيات متعددة وأحيانآ متضاربة إلا انها جميعآ كانت تسعى الى ما يسمى إحداث التنمية.. ولا شك أن سائر أحزاب العالم بما تحمله من اختلاف في الوان الطيف السياسي تسعى جميعآ الى تحقيق معدلات من التنمية لصالح الفرد ولصالح المجتمع. وحزب رابطة أبناء اليمن -رأي- يرى أن هناك مثلثاً من العوامل تشكل أضلاعه اطارا لرؤيته:
وأضلاع هذا المثلث هو ما سنطلق عليها:-
عدالة في توزيع الثروة وسنختصره تحت مسمى- العدالة
والضلع الآخر للمثلث سيكون بمسمى التوازن في السلطة وسنطلق عليه: الديمقراطية (المحققة للتوازن).
والضلع الثالث الذي يكمل المثلث هو: التنمية المجتمعية- أي أن التنمية التي تكون لصالح الفرد ولصالح المجتمع كدولة دون تجني أيهما على حساب الأخرى.. وسنطلق عليه: التنمية.
أي أن شعارنا سيكون هو هذه الثلاثية:-عدالة - ديمقراطية – تنمية.
وباستقراء هذا المثلث والتَّمعن في معانيه نستكشف ويستكشف كل قارئ للفكر السياسي عبر القرون المنقضية ومنذ ظهور الأديان السماوية أن جميع الأديان كانت تسعى وتستهدف عدالة بين الأفراد وعلاقة بين الحاكم والمحكوم على ان يؤدي التفاعل بين العدالة والسلطة الى إحداث تنمية.. أي أن حزب الرابطة (رأي) يرى أن مفهوم الدولة المدنية الحديثة والمطروح من الحضارة الغربية عبر تجاربها المتصلة والتي تربو على أكثر من خمسة قرون قد توصلت إلى أن صيغة الدولة المدنية الحديثة هي أنسب الصيغ لمفهوم الديمقراطية والمشاركة في السلطة وبما يؤدي إلى توازن في السلطة لمكوِّنات وعناصر المجتمع ،إلا انه في كثير من فترات الانحطاط الفكري والسياسي كانت تبرز مفاهيم تدعو الى العداء والتقاطع والتضاد بين مفهوم الدولة المدنية الحديثة ومفهوم الدين السمح المعتدل.. ولكننا بتحليل فكري وسياسي متسق نرى:-
1 -إن الأركان الثلاثة في نظام الدولة المدنية الحديثة وهي:- العدالة والتنمية والديمقراطية (المشاركة في السلطة) جاءت متوافقة مع التوجه الإسلامي المعتدل.
2- إن الإشكالية ليست في الأخذ بالتشريعات والتعاليم الصافية السمحة، وإنما الإشكالية في فهمنا لطبيعة المرحلة والظروف والآليات التي أدت إلى الخلل باسم الدين ومزاولة السلطة بمفاهيم خاطئة باسم الديانة والدين براء من ذلك. إذاً يتضح أن الإشكال هو في إن توحدت سلطة الإفتاء والتشريع والقرار والتنفيذ في رجال الدين (علماء الدين).. وليست الإشكالية في الأخذ بالتشريع ذاته إذا ثبتت صحته.. وبالتالي فإن الغضب من تصرفات استغلال الدين قد يغدو كما حدث على مسار التاريخ غضباً من الدين ذاته.
3- وبالتالي يرى حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) أن الفصل يكون بين سلطات الدولة ورجال الدين/علماء الدين. فرجال الدين/علماء الدين مكانتهم كبيرة وقدرهم عظيم وبالتالي فإن انخراطهم في العمل السياسي ومنافستهم الآخرين على مناصب أيٍ من سلطات الدولة باسم الدين ومكانتهم الدينية هو القبول بجعل الدين، وهو دين الله، في موقع التنافس وتعريض الدين بذاته للانتقاص..على أنه من حق رجل الدين/عالم الدين أن يزاول حقه في إبداء الرأي وفي اختيار ممثليه في السلطات المختلفة وفي قبول المناصب المتعلقة بتخصصه العلمي.. بل وحقه في ممارسة السياسة والانخراط في النشاط السياسي ولكن ليس باسم الدين ولا ممثلاً لفئة رجال الدين .. وهذا هو الفصل بين سلطات الدولة وبين استغلال الدين .. وليس بينها وبين الدين ذاته.
4- وإننا إذ نقدم للتراث الإنساني والفكر البشري السياسي رؤيتنا في محاولة طرح جديد لنزاوج بين مفاهيم الدولة المدنية الحديثة بمجتمعاتها المدنية وبأصول التعدد لمنظماتها من جهة وبين استلهام الإطار العام للتعاليم الدينية نجد أن ليس هناك تزاوجاً فقط بل إنه اتساقاً كاملاً بين المعنيين.. وهنا نأمل أن تشكل رؤية حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) بداية النهاية للصراع لا نقول الوهمي بين مفهوم الدين السمح المعتدل والدولة المدنية الحديثة بل الناتج عن فهم مغاير لحقيقة الصورة. وبالتالي فان القبول بالدولة المدنية الحديثة في إطار السماحة وقبول الآخر والاعتراف بحقوقه والاعتراف بحرية العقيدة وحماية الأقليات وحماية الأجانب بأرواحهم وأموالهم إنما نطبق مفاهيم الإسلام السمح.. وتلك المفاهيم هي أيضا ما ترتكز عليه مفاهيم الدولة المدنية الحديثة.. وعلى ذلك فإن رؤيتنا ستشكل الريادة في إطار طرح مفاهيم هي ليست جديدة كما أنها ليست مغمورة ولكننا فقط نجتهد سياسياً وكحزب سياسي له تجربة سياسية عميقة عبر أجيال متواصلة.. وقد توصلنا من خلال دراسات وتجارب قيادات في حزبنا إلى تكوين وتشكيل تلك الرؤية.. فهل يغيب عن الذهن أن الطرح العالمي وهذا المدد غير المسبوق في تاريخ البشرية لتطبيق الأشكال المختلفة عن الديمقراطية ؟ وهل تكون المشاركة في القرارات والتوازن في السلطات إلا التطبيق العصري لمفاهيم نظام الشورى في الإسلام الذي ،كما هو معروف، كانت له آليات وأشكال تختلف باختلاف الأزمنة.. وقد رأينا أن تلك المفاهيم بطرحها الجديد والمستحدث إنما تشكل امتداداً طبيعياً لتاريخ حزب الرابطة (رأي) السياسي عبر العقود الستة المنقضية إلا أننا بالانصهار في التجارب الماضية وبتحليلها قد توصلنا إلى تلك الصياغة.. ونعتقد أيضا وبإذن الله أن هذه الصياغة ستشكل رافدا جديدا في الفكر السياسي و تحديدا في إعادة النظر لمفهوم الدولة المدنية الحديثة ولكن من المنظور الإسلامي الذي يرتكز على القواعد الثلاثة التالية:
العدالة: في توزيع الثروة بين أفراد المجتمع.
الديمقراطية: المشاركة في صناعة القرارات بشكل فعال وملموس (ومحقق للتوازن).
التنمية: إحداث تنمية حقيقية ترفع مستويات معيشة المواطن ودخله وتخلق فرصاً للعمل.
ونعتقد أيضاً ،وبإذن الله، أن تطبيق هذا المفهوم بأضلاعه الثلاثة وعن طريق إيجاد آليات لتفعيل أداء كل ضلع على حدة يصنع في النهاية منظومة متناغمة لأداء راق يضع اليمن في الوضع الملائم لها حضاريآ وإنسانيآ وبما يتلاءم مع عراقة هذا الشعب الممتدة جذوره عبر التاريخ البشري بأسره، ولتعيد مرة أخرى مجد الإنسان اليمني الذي كان دائمآ بناءآ وصانعآ للحضارة، ولم يكن ابدآ غازيآ او معتديآ وكان دائمآ مراعيآ لجيرانه محافظآ على الأخوة ومتجاوزآ الاختلاف في الأعراق أوالمذاهب أو الأبعاد القبلية.. وهل في ذلك إلا تطبيق سمح للمفاهيم الاسلامية التي قال نبينا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى– والقائل :-كلكم لآدم وآدم من تراب - وهل من تقوى لله أعظم في حالاتها من السعي نحو إسعاد البشرية ونبذ الحروب بينها وخلق فرص معيشية أفضل؟؟ إن ذلك هو معيار التفاخر .. ونعتقد جازمين بهذا وبإذن الله أننا بتلك الرؤية قد وصلنا إلى صيغة مناسبة للتعامل مع بوادر الصراع الممتد بين فئات المجتمع في اليمن سواءً الجماعات المغالية في تشددها أو المتطرفة في فكرها - باسم دينٍ أو توجه سياسي أو فكري - أو المتعصبة لجذورها القبلية أو المناطقية.. ونعتقد أيضآ أن تلك الرؤية تشكل أرضيةً يجتمع كل الفرقاء وكل أصحاب الآراء المختلفة عليها حيث أن هذه الأرضية تسمح مساحتها بالالتقاء بين تلك التيارات نحو هدف واحدهو "رفاهية آمنة ومواطنة سوية" ذو أبعاد ثلاثة هي:
العدالة-الديمقراطية-التنمية
ونعتقد أيضآ أن اليمن بهذه الرؤية يمكن أن تعطي المنطقة بأسرها النموذج الأصلح والأنسب للتعامل السياسي مع متطلبات العصر وبما يسمح للآخر من المجتمع الدولي بالتفاعل الايجابي معنا وبما يسمح بالتفاعل أيضآ بين حضاراتنا في المنطقة العربية والشرق أوسطية مع حضارات أخرى في أقصى الغرب وأقصى الشرق وبما يجعل من اليمن نقطة التقاء للأفكار.. ونقطة حوار بين الفرقاء.. ونقطة تجتمع عندها الإرادة العربية.. وتجتمع عندها دول المنطقة في نبذ الحروب والصراعات . ويمكن التعبير بشكل مختصر عن الأبعاد الثلاثة لشعار (رأي) في مفهوم حزب الرابطة (رأي) بأن آليات تطبيق مفهوم "المواطنة" حيث المواطن اليمني متساوٍ مع أخيه في الحقوق والواجبات .. والعدالة في فرص العمل.. والعدالة في الحصول على العلاج المناسب والمشاركة الفعالة في صناعة قرارات الوطن دون تمييز وفقآ للعرق أو المذهب أو القبيلة.
وحزب الرابطة (رأي) بذلك يقدم أيضاً للفكر الإنساني آلية لتطبيق مفهوم المواطنة وذلك بإيجاد الآليات المختلفة لتفعيل الأضلاع الثلاثة السابقة الإشارة إليها: عدالة - ديمقراطية - تنمية.
إننا في حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) نعتقد أن ظروف اليمن الحالية وفي السنوات الخمس القادمة بإستشراف المستقبل أحوج ما تكون إلى تفعيل تلك الرؤية، لذلك يدعو كافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني اليمني ومؤسسات الدولة إلى التناول الجاد لتلك الرؤية عبر الحوار البناء.. كما نعتقد أن مبادرات الحزب ومشاركاته في الأنشطة الخاصة بمبادرات مشاريع التعديلات الدستورية وقانون الحكم المحلي وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات...الخ إنما كانت تستهدف إيجاد آليات فعالة لتطبيق تلك المفاهيم.
إن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) إذ يطرح رؤيته فإنه على استعداد للتحاور مع كافة ألوان الطيف السياسي استنادا إلى هذه المفاهيم وانطلاقآ نحو تحقيقها وتفعيلها ويتناول في إطار تلك الرؤية السياسات والبرامج التي يعتقد أنها تناسب ما طرحناه من رؤى سواء السياسات الخارجية أو الداخلية ،السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية .. وستكون محلآ للتحاور مع إخواننا في التيارات السياسية الأخرى محاولين أن نصطف معاً وأن نعمل معاً تحت مظلة السماحة والاعتدال وبين أحضان العباءة التي يمكن لها أن تستوعب التعامل والتعايش مع الآخر ،من جنسنا أو ديننا، المختلف معنا أو الآخر من غيرالمسلمين.. ولنثبت للعالم أن ديننا بتعاليمه السمحة الصافية لاتطرف فيه ولا عنف وأنه بهذه المفاهيم قادر على المساهمة الإيجابية في تقديم الحلول لمشاكل البشرية. إننا نعتقد أن هذه الرؤية التي نطرح يمكن أن تصنع اصطفافاً يجمع في هذا الوطن الإخوة والزملاء على اختلاف ميولهم ومشاربهم ومناطقهم ومصالحهم ومعاناتهم نحو هدف أسمى ناهيك أن هذه المفاهيم الحضارية والمستندة إلى تعاليم ديننا بسماحته ونقائه هي في حد ذاتها تخلق مناخآ جاذبآ لرؤوس الأموال الخارجية واليمنية المهاجرة للاستثمار على أرض اليمن حيث أن رؤوس الأموال المتحركة بين دول العالم تسعى دائمآ إلى الاستيطان في المناطق الآمنة والمسالمة وذات الحكم الديمقراطي.. وهل رؤيتنا إلا ذلك.. كما أن رؤيتنا تساعد المنطقة العربية بأسرها على الاندماج الإيجابي والفعال مع المحيط الإقليمي والدولي نبذآ لعوامل العنف ومحاربة للإرهاب وخلقاً للظروف المناسبة لنمو الاقتصاد اليمني وزيادة دخل أفراد شعبنا.
أي أن رؤيتنا تحكمها المعادلة التالية:
المواطنة اليمنية السوية= العدالة + الديمقراطية + التنمية.
لا شك أنه بالأساليب الرياضية يتساوى طرفا أي معادلة. وبالنظر إلى المعادلة السابقة والذي يحتوي شقها الأيمن على المواطنة باعتبار هذا المفهوم هو الأعلى والذي تندرج تحته كافة مقومات الاختلاف والتنوع من مذاهب وقبائل ومناطق ونفوذ الى آخر خصائص الشعب اليمني الحالية.
وهذه المظلة المعبر عنها بالمواطنة يتطلب تحقيقها تفاعل أمور ثلاثة مع بعضها البعض وهي: العدالة في توزيع الثروات على أبناء الشعب الواحد. والديمقراطية أي المشاركة الفعالة المتوازنة في الحكم لهذا الشعب وإتخاذ قراراته في ظل برامج التنمية الشاملة والمستدامة والحقيقية والتي في مقدمتها التنمية البشرية و التي تؤدي الى إرتفاع ملحوظ في مستويات الكفاءة والتأهيل والقدرات والمهارات والمعيشة وزيادة ملحوظة في الدخل والإرتقاء بالمستوى الصحي والارتفاع بمستويات التعليم وجودته بحيث يستظل به كافة أبناء الشعب اليمني أي ان حزب الرابطة (رأي) يسعى إلى تطبيق تلك المعادلة .. وإن شعار حزب الرابطة (رأي) والذي يدعو كافة الأحزاب السياسية إلى الأخذ به يتكون من المعادلة التالية.. مرة أُخرى:-
مواطنة = عدالة + ديمقراطية + تنمية
الجزء الثاني
سياسات الحزب الداخلية
الرؤية في شقها الداخلي:
أولا: لقد أعلن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) قبل أكثر من عامين مشروعا متكاملا للإصلاحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ... إلخ كما قدم بدائل عدة .. فيها مشروعا كاملا للتعديلات الدستورية التي تستوعب كامل عملية الإصلاحات الشاملة .. كما أعد مشروعا لقانون الحكم المحلي كامل الصلاحيات ومشاريع تعديلات لقوانين أخرى مثل قانون الأحزاب وقانون الإنتخابات .. ويجري إعداد مشاريع تعديلات القوانين التي يتوجب تعديلها لتتوافق مع التعديلات الدستورية.
ثانيا: لقد أجرينا حوارا إيجابيا إستمر أكثر من عام مع القيادة السياسية لمنظومة الحكم والمؤتمر الشعبي العام.. وتم فيها:
1. اتفاقا مبدئيا على بعض الأسس الهامة للإصلاح السياسي.
2. إحالة الجزء المتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من مشروعنا للإصلاحات الشاملة إلى الحكومة..
3. استجبنا لدعوة فخامة الأخ الرئيس للحوار الذي دشنه فخامته بمبادرته للتعديلات الدستورية لتستوعب:
‌أ- الإصلاح في نظام الحكم بتحويله إلى نظام رئاسي كامل.
‌ب- الإصلاح في نظام الدولة باعتماد نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات.
‌ج- الإصلاح في منظومة السلطة التشريعية باعتماد نظام المجلسين.
ولم تستوعب المبادرة بعد الإصلاح في نظام الإنتخابات بإعتماد نظام القائمة النسبية الذي سبق وأن إتفقنا حوله .. ونأمل أن يتم استيعاب ذلك.
4. وجدنا أن الحوار يدور حول قضايا بالنسبة لنا قد تجاوزناها و أنهينا الحوار حولها، وهو ما لفتنا النظر إليه في الجلسة الأخيرة للحوار.
تلك مقدمة كان لابد منها وتجيب على تساؤلات كثيرة حول حواراتنا.
وسنورد فيما يلي أهم منطلقات رؤيتنا في الشأن الداخلي:
1- الحراك الحالي: إن ما يجري من حراك كان قد بدأ لقضايا حقوقية مطلبيه؛ ثم تحول إلى حراك سياسي واحتقان حاد له أسبابه التي لو تمت المبادرة بعلاجها لما تحولت المطالب إلى احتقانات.. بل لما احتاج أحد للمطالبة بحقوقه.
لقد أكدنا مرارا أن بلادنا بحاجة ماسة وعاجلة وجادة إلى إصلاحات شاملة وعميقة سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية..إلخ وإن مفتاح كل عملية الإصلاحات الشاملة هي الإصلاحات السياسية.
لذلك فإن رؤيتنا حول الأوضاع الداخلية تنقسم إلى شقين:
الأول: المعالجات الحقوقية:
أ) علاج سريع لما تبقى من مطالب حقوقية.
ب) إعادة النظر في آليات تنفيذ المعالجات السابقة والمرجوة حيث أن بطء التنفيذ وأساليب التنفيذ قد تضيف أحيانا احتقانات جديدة أسوأ.
الثاني: سنسعى إلى التوجه الجاد والسريع للانتهاء من صياغة وإقرار التشريعات الدستورية والقانونية كحزمة واحدة ومصفوفة كاملة لكامل عملية الإصلاحات الشاملة.. من نظام حكم رئاسي كامل {السلطة التنفيذية المركزية} ونظام دولة { حكم محلي كامل الصلاحيات} ونظام المجلسين للسلطة التشريعية ونظام إنتخابات القائمة النسبية وسلطة قضائية وإستقلال للإعلام والخدمة المدنية عن السلطة التنفيذية.. إلخ.
2- رؤية حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) لأهم الصلاحيات للحكم المحلي والتقسيم الإداري:
لقد أعلنا مشروعنا لقانون الحكم المحلي منذ ما يزيد عن عشر سنوات (1997) وتم إعلانه ضمن مشروعنا للإصلاحات الشاملة في نوفمبر 2005 ثم قمنا بتحديثه مؤخرا وتم إعلانه مع مشروعنا للتعديلات الدستورية في بداية الربع الأخير من العام الماضي 2007.. ونعلن الآن الخطوط الرئيسية لصلاحيات الحكم المحلي ونعلن مشروعنا للتقسيم الإداري الذي نرى أنه يتواكب مع الحكم المحلي حتى يكون لكل وحدة حكم محلي رئيسية مقوماتها الإقتصادية و السكانية و الجغرافية التي تؤهلها لممارسة الحكم المحلي كامل الصلاحيات..
وبالتالي نرى أن تقسم الجمهورية إلى وحدات حكم محلي رئيسية تسمى مخاليف أومناطق أو مقاطعات أو أي إسم آخر.. و كل منها يقسم إلى محافظات ثم مديريات.. واستخدمنا إسم مخلاف لوحدة الحكم المحلي الرئيسية.. و نقبل بأي تسمية أخرى يتم الإتفاق حولها.
أ- أهم الصلاحيات التي نرى أن تتمتع بها وحدات الحكم المحلي في اليمن ، على مستوى المخاليف: {تم إعداده في 14/5/1418ه الموافق 15/9/1997م. تم تحديثه في 22 اكتوبر 2007 بإضافة المحافظات المستحدثة}
1. إنتخاب مجالس الحكم المحلي .
2. إنتخاب حكام المخاليف والوحدات الأدنى.
3. صلاحيات تشريعية لإصدار الأنظمة المحلية التي تتعلق بالحكم المحلي للمخلاف (عدا تلك المتعلقة بالدفاع والخارجية والسلطة القضائية المركزية والجنسية والسياسة المالية والنقدية للدولة والجمارك والإستخبارات والأحزاب وانتخاب مجلسي النواب والشورى ونظام الحكم في الجمهورية) .
4. تتولى مجالس الحكم المحلي وضع وإقرار برامج التنمية المحلية عدا تلك التي تعتبر ضمن الإستراتيجية التنموية العامة للدولة والخاصة بكل الجمهورية .
5. حكام المخاليف مسئولين أمام مجالس الحكم المحلي.. ويتولى محاسبتهم واستجوابهم .
6. تتولى الإدارة التنفيذية للمخلاف ، برئاسة حاكم المخلاف ، إدارة كافة شئون الحكم المحلي وتنفيذ كافة مشاريع التنمية الخاصة بالمخلاف والتي أقرها المجلس المحلي للمخلاف وذلك من خلال المناقصات والمزايدات وطبقاً للأنظمة والإجراءات السارية في المخلاف .
7. الثروات الطبيعية (النفط والغاز والمعادن) تحدد نسبة 40% منها للتنمية في إطار المخلاف الذي تستخرج من أراضيه والباقي يذهب إلى البنك المركزي لحساب السلطة التنفيذية المركزية التي تتولى تغطية الاحتياجات السيادية والعجز في احتياجات وحدات الحكم المحلي.
8. للمجلس المحلي للمخلاف حق فرض رسوم أو ضرائب محلية على الشركات والأعمال أو الدخل أو خلاف ذلك في إطار المخلاف بما لا يتعارض مع تلك التي تفرضها الحكومة المركزية كذلك فإن الحكم المحلي في المخلاف هو الذي يحدد ويتولى جمع الواجبات ويتولى صرفها في مصارفها الشرعية كما يتولى تنظيم الأوقاف وفقاً للشريعة.
9. لكل مخلاف ميزانيته المحلية.. وتشرف السلطة المحلية وتتابع المشاريع المركزية في إطار المخلاف .
10. تخضع فروع الوزارات في كل مخلاف للسلطة المحلية للمخلاف بما لا يتعارض مع الإستراتيجية العامة للدولة وبما لا يضر بإدارة الحكم في المخلاف .
11. تتمتع السلطة المحلية في الأمانتين بنفس الصلاحيات للمخاليف .
12. باختصار يمنح للوحدات المحلية صلاحيات كاملة عدا الأمور السيادية التي تظل من اختصاص المركز مثل ..القوات المسلحة – الأمن القومي – السياسة الخارجية – الأمور الإستراتيجية لكل الدولة وليست لوحدة محلية بعينها.
تلك الصلاحيات الأساسية التي نعتقد بضرورة منحها للمخاليف (وحدات الحكم المحلي الرئيسية وبدورها تعطي صلاحيات واسعة للوحدات الفرعية) والتي ستساعد على إزالة المعاناة عن الناس والناتجة عن النظام المركزي.. كما ستساهم في ترسيخ الوحدة وإزالة أي حساسيات أو غبن أو تذمّر.. كما ستدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ب- التقسيم الإداري الذي يلبي احتياجات اليمن (سياسياً - اقتصادياً - اجتماعياً):
إن تمزيق اليمن إلى وحدات إدارية صغيرة وتركيز السلطات في العاصمة من أهم عوامل المعاناة للناس ومن أهم أسباب التذمر؛ لذلك فإن حكم محلي كامل الصلاحيات في إطار وحدات حكم كبيرة تنقسم إلى وحدات أصغر سيحقق رفع المعاناة عن الناس وسيزيل ما يترسخ في الأذهان، ويسبب التذمر والرفض، لذلك فإن التقسيم الإداري التالي هو الأنسب جغرافياً واجتماعيا واقتصادياً وسياسياً :
تشكل المحافظات بمسمياتها الحالية المخاليف (أقاليم - أو مقاطعات) التالية :
المخلاف الشرقي: المهرة + حضرموت + شبوه + مأرب.
1- المخلاف الجنوبي: أبين + لحج +البيضاء +الضالع
2- المخلاف الشمالي: الجوف + صعده + عمران+ صنعاء +حجة
3- المخلاف الغربي: ذمار + المحويت +ريمة + الحديده.
4- المخلاف الأوسط: إب+ تعز.
6 و7- الأمانتين: أمانة العاصمة صنعاء وأمانة العاصمة الشتوية والإقتصادية عدن .
إن هذا التقسيم سيحقق عدة أهداف :
1- كل مخلاف سيكون له منفذ بحري .
2- شملت بعض المخاليف محافظات من شطري الجنوب والشمال سابقاً .
3- يحقق كل مخلاف شيئاً من التوازن الاقتصادي فحيث لا توجد ثروة طبيعية توجد ثروة زراعية أو سمكية، أو ميناء هام أو ثروة بشرية، وهي الأهم .
4- يستحيل تحقيق توازن في عدد السكان إلا بهجرة جماعية من منطقة إلى أخرى .. وهذا لن يكون مجدياً بل سيخلق خللاً وصراعاً اجتماعياً بدلاً من أن يحقق اندماجاً اجتماعياً.. بل سيقود إلى رفض وحساسيات لا مبرر لها.. وهو أمر سيشكل خطورة على الوحدة ذاتها خاصة في هذه المرحلة وقبل أن يترسخ حكم محلي كامل الصلاحيات وقبل أن تترسخ الوحدة ومؤسساتها.
3- الانتخابات:
إن العملية الانتخابية برمتها هي إحدى الآليات للعملية الديمقراطية و بالتالي فإن اللجنة العليا للانتخابات واللجان المتفرعة عنها من إشرافية ورئيسية و أصلية و فرعية، ما هي إلا أدوات لإحدى آليات الديمقراطية؛ ورغم أهميتها إلا أن أي إصلاحات تتم للأدوات لا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا بإصلاح الآلية ذاتها.. وأي إصلاحات للآلية لا يمكن أن تجني ثمارها دون إصلاح المنظومة السياسية..
لذلك فقد طرحنا من البدء أهمية أن تكون الإصلاحات شاملة و عميقة.. ثم وضعنا رؤيتنا في النظام الانتخابي ص 54-56 في مشروعنا (المشروع الوطني للإصلاحات الشاملة في اليمن 2005) و ص 18-32 في مرفقات المشروع، لذلك فإن التركيز حول الأدوات قبل الآليات و الآليات قبل الأسس هو مضيعة للجهد والوقت .. وقد تمت عدة انتخابات منها نيابية و محلية و رئاسية.. و كل الحديث حول اللجان –أي الأدوات- وبالتالي لا ثمار.. إلا تقاسم اللجان.. وأصبح الأمر كنقاش الإطارات وكمياتها وتقاسمها قبل معرفة نوع المركبة التي ستسير على تلك الإطارات.. لذلك فإن الأولوية في هذا الخصوص بعد الاتفاق على النظام السياسي ونظام الدولة؛ هي في الاتفاق على نظام الانتخابات وفي رؤيتنا هو نظام القائمة النسبية ومن ثم الاتفاق على لجان الانتخابات وليس العكس.
4- التطرف:
بقدر سماحة واعتدال المفاهيم والأحكام الصحيحة للدين واستيعابها للعلوم التجريبية والكونية وللفكر الإنساني والقيم الأخلاقية فإن عمر الحضارة يكون الأطول وتفوقها وانتشارها واستيعابها للآخر وتفاعلها مع الحضارات السابقة يكون أسرع وأعمق وقدرتها على التجدُّد أكبر كلما استطاعت أن تستلهم موروثها وتتفاعل مع الآخر.
وهذه القراءة نجدها مضطردة ومتكررة في كل الحضارات التي عرفها الإنسان.
إن أهم أسباب تولد ونمو التطرف باسم الدين الإسلامي:
قراءة مبتسرة وفهم مغلوط لحقائق الدين وأحكامه والأخذ بالتشدد والغلو، في حين أن المفاهيم الصحيحة لأصول الدين قائمة أساساً على المحبة والتراحم والسماحة والاعتدال وصيانة الكليات الخمس (الدين والنفس والعرض والمال إلا بحقه والعقل).. وتقدير وتشجيع وعناية بالعلوم والعلماء ،في كل مجالات المعرفة.
وفي بلادنا-مثلاً- فإن التطرف باسم الدين هو وافد وطارئ وليست له أي جذور عميقة في تاريخنا.. بل إن الاعتدال في المفاهيم والسماحة والمودة والقدرة على التعامل والتعايش مع الغير هي السمات الأبرز التي تحلى بها علماؤنا عبر التاريخ وهي السمات لطبيعة شعبنا.. وبها، مع علم وورع وتواضع، فتح أبناء آسيا، وبالذات جنوب شرقها، وسيرلانكا ومناطق في الهند وشرق أفريقيا قلوبهم وعقولهم لهذا النهج السمح الصافي.
لماذا يأتي تركيزنا حول التطرف عامة والتطرف باسم الدين خاصة عند طرح رؤيتنا هذه وعند الحديث عن الإصلاحات الشاملة؟
إننا لم نستعرض هذا لأمر إلا لتسليط الضوء وبقوة على:
1- المخاطر التي تواجهنا.
2- الأهمية الكبيرة للإصلاحات الشاملة وأولوياتها.
3- مخاطر التطرف تحت أي مسمى كان.
4- أهمية التأنِّي في الحكم على أي طرح نقرأ أو نسمع.
5- ضرورة نبذ الأحكام المسبقة، وأهمية الدراسة الواعية والعميقة والموضوعية المتجرِّدة لما يُطرح من رؤى، أيَّاً كان مصدرها وحول أي قضية كانت ،فالقضايا الإنسانية لا مسلَّمات مطلقة ونهائية فيها ،في نظرنا، إلا الثوابت المطلقة والمتعلقة بأصول المعتقدات.
ولنستخلص من ذلك كله مايلي:-
أولاً: إن التطرف، من أي منهج وفي أي اتجاه وفي أي قضية ومن أي جهة، أمر خطير ومدمر ويتصادم مع الفطرة الإنسانية السليمة ومع الإنسان السوي ومكوناته، الجسدية والنفسية والعقلية والروحية، سواء كان التطرف سِلْمِيَّاً نهجاًً وفكراً وتوجهاً وتعاملاً.. أو "عُنْفِيَّاً"، باللسان أو اليد أو السلاح، فإنه ولو كان سلميا إلا أن منهجه القائم على الشطط أو الغلو أو الأوحدية يصل بالإنسان إلى ادعاء التفرد بامتلاك كل الحق والحقيقة والصواب ووصم الآخر، أي آخر، بكل الباطل والزيف والخطأ.. وينتهي بالعمل على تهميش ثم إقصاء الآخر ثم استئصاله فكراً ووجوداً..أو إلى اندفاعٍ نحو استخدام العنف من أيٍّ من الطرفين أو كلاهما.
ثانياً: إن أي محاولة لخلق أو تنمية التعصب المذهبي ،من أي طرف، هي محاولة مذمومة وتقود إلى التطرف.. فالمذاهب في الإسلام جاءت نتيجة للبحث العلمي الواسع وأنتجت موروثاً فقهياً ومعرفياً عظيماً لم يكن ممكناً إلا بهذا التنوع في الفهم للنصوص والدقة في استقصاء الصحيح وغير الصحيح منها.. كما كانت مؤشراً راقياُ على السعة في المفاهيم وإفساح المجال للمؤهلين المتخصصين علميا لأن يستنبطوا مفاهيم لمواجهة ما يستجد من شئون الحياة.. بل حتى ليصححوا ويحدِّثوا المفاهيم للمتغير من الشئون في إطار من الضوابط والقواعد ، التي أصلاً لا تشكّل إعاقة لبحث واستخلاص من يملك الآليات والأدوات والتأهيل العلمي بمعاييره العلمية المعروفة بل تدفع للتوسع والتعمق في المعرفة.
وهذا النهج في المذاهب هو المانع للتعصب والقائم على الاحترام العلمي بين الجميع مع وجود الاختلاف في المسائل الفرعية بل في فروع العقيدة.. بل إن الآراء والمفاهيم الشاذة ،والتي أجمع الجمهور على خطئها وشذوذها، فإن ذلك لم يمنع من إيرادها وذكرها في كتب التراث ،كإثبات حق لصاحبها أو أصحابها في عدم طمس ما توصلوا إليه وإثباته في هذا الموروث الذي لا وجود لمثيل له في أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات السابقة..
وأن اعتزازنا بهذا التراث العظيم هو اعتزاز بوجودنا وبإسهامنا الحضاري ؛ وأي إساءة أو تجريح لهذه الثروة الفكرية والثقافية فلا يمكن أن تأتي إلا من غير متعمق في الاطلاع على التراث أو من مُطَّلِعٍ عليه بعيون ومعايير الرفض المسبق. فنحن الأمة الوحيدة في التاريخ والحاضر التي تفخر بأنها أمة "سند متصل وموثَّق".. وكل ذلك لا يعني بأي حال أن لا نراجع ونحدّث المفاهيم ،المتعلِّقة بالمتغيِّرات، في موروثنا ونضيف إليها، بل وننقد ما شذَّ فيها ؛ وتلك مهمة المتخصصين الدارسين والمؤهلين علمياً المستوعبين للعصر.
ثالثاً: إن أي استخدام للتطرف باسم الدين أو للتعصب المذهبي في الخلافات والصراعات السياسية أمر غاية في الخطورة على الوطن عامة وعلى من يمارس هذا الاستخدام خاصة.. والتاريخ البعيد والقريب والمعاصر مليء بما يؤكد ذلك.
رابعاً: إن من الحقائق التي لا تقبل جدالاً أو مراءً أن أي تطرف، في أي مجال وفي أي شأن، لا بد أن ينشأ عنه، كرد فعل، تطرف مضاد قد يكون أكثر حدة.. ويستوي في ذلك التطرف باسم الدين، باتجاهاته المختلفة، أو ضد الدين.. أو في القضايا السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعيةوالأمنية.. تلك سنة كونية نشاهدها ونلمسها في كل مكونات الحياة وحركتها.
لذلك.. }}فإن علينا أن ندرك ونستوعب بتجرد وواقعية أن :-
- التأخر في الأخذ بنظام الدولة الموحدة المركبة والإصرار على نظام الدولة الموحدة البسيطة في ظل موروث لتاريخ انقسامي طويل مرت به بلادنا وصراعات حادة ومتكررة وفي ظل أوضاع كأوضاع بلادنا هو شكل من أشكال التطرف .. سيؤدي ،حتماً، إلى تعاظم تنامي التطرف المضاد الانقسامي .. ومهما تراءى لنا ضعفه الآن فإنه كالنار تحت الرماد .. وإن العوامل الضاغطة ،تاريخياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ونفسياً ومظالم وممارسات، وفي إطار نظام الدولة البسيطة ستعمل على تخليق وتعاظم قوة متنامية لهذا التيار الانقسامي المضاد وستمكنه عوامل كثيرة، قد تنشأ عن ظروف غير مرئية الآن، من النمو المتعاظم والفعل الفارض لانقسام مدمر أو على الأقل لتحقيق نظام دولة موحدة مركبة بِضَعْفٍ وبكُلْفة عالية وحاملة لمزيد من عوامل التشظي والإنشطارات .. وتجارب غيرنا خير دليل .
- أن بعض المظاهر السطحية الخادعة أو العواطف أو المصالح أحياناً أو محاولة البعض لتهوين وتبسيط ما يجري أو سيطرة مفاهيم خاطئة عن مفهوم الدولة المركبة(اللامركزية) يجب أن لا تلهينا عن ،أو نتخذ منها عوائق تحول دون، النظرة العلمية العميقة لما يحقق مصلحة الوطن ويعمّق جذور وحدة قابلة للإستمرار والترسخ وعصية على الانقسامات والفرقة والتمزق.فحركة الزمان لا تتوقف.
- وأن الركون على عامل القوة ،العسكرية أو الأمنية أو المالية أو الدعائية أو العاطفية، لترسيخ وتجذير أي ثابت من الثوابت ،المطلقة أو النسبية، هو مخاطرة ومغامرة ومقامرة لايمكن إلا أن تقود إلى الخسارة الكلية على كل المستويات .. فعوامل القوة هي عوامل متغيِّرة لا يمكن الركون إليها أوالإعتماد عليها لحماية دوام استمرار ما يُراد ثباته ودوامه، حتى وإن كانت قد تنجح لتحقيق هذا الثابت، في لحظة تاريخية معينة، فهي ذاتها - أي عوامل القوة - أكثر العوامل تسريعا لتدمير ووأد ما تُحَقِّقُه.
- وبالقياس على ذلك، في كافة المجالات، يمكن تبيّن الحاجة الملحة والعاجلة للإصلاحات الجذرية الشاملة والكاملة .. وبأيدينا ،وانطلاقاً من حاجات بلادنا وشعبنا، و"بأمواسنا الخاصة خير لنا من موس أو أمواس عامة قد تجرحنا وتدمينا}} ص117 من المشروع الوطني للاصلاح الشامل – تم إعلانه في 7نوفمبر 2005م .
5- الإصلاحات الاقتصادية: طرح حزبنا رؤيته الاقتصادية التي تقوم على حرية السوق مع مراعاة العدالة الاجتماعية وذلك في مشروعنا ص 64- 78 وفي ملحقات المشروع ص 188-240
6- إصلاح القضاء: الذي بدون استقلاليته التامة لن يستقيم أمر أي سلطة أو مرفق آخر وقد طرحنا رؤيتنا للإصلاح القضائي في مشروعنا للإصلاحات الشاملة في ص 59-64
7- المياه والبيئة: إن أزمة المياه تشكل أهم الأزمات المستقبلية (أوضاع المياه في اليمن ص 241 في مرفقات المشروع) كما إن العبث الجاري في الطبقات الحاملة للمياه في محافظة حضرموت والذي تزاوله بعض شركات التنقيب عن النفط يجب أن يتم وضع حد عاجل له.. فالدراسات العلمية تؤكد أن تدميرا بالتلويث لطبقات المياه الجوفية يجري وأن إعادة حقن المياه الملوثة لايتم كما كان مفترضا في الطبقة التي جاء منها بل يتم حقنه في الطبقات الحاملة للماء النقي..بالإضافة إلى التلوث البيئي الذي سبب ويسبب كثير من الأمراض للإنسان والحيوان والنبات.
8- التعليم: إن إستراتجية وطنية للتعليم هي الأساس و المرتكز لكل تنمية بشرية أو إجتماعية أو إقتصادية أو سياسية.. لذلك فإنه يجب إعادة النظر في مدخلات التعليم و مخرجاته.. ونؤكد على رؤيتنا في ص97-99 في مشروعنا للإصلاحات الشاملة و الصفحات 274-280 من مرفقات المشروع. ونؤكد في هذا الخصوص على أهمية إعطاء الأولوية للتعليم الفني و المهني بما يلبي إحتياجات السوق المحلية وبما يحقق لنا نصيبا في سوق العمالة الإقليمي.
9- الإصلاحات الإجتماعية {كتنمية قدرات المرأة و مهاراتها القيادية وتمكينها من دورها الهام.. وقد نفذنا ذلك في إطار حزبنا بالنص على أن يكون للمرأة 20% كحد أدنى في جميع الأطر و المناصب القيادية.. كذلك تنمية المناطق الريفية و وضع و تنفيذ حل شامل لكل الثارات القبلية..] وفي مشروعنا للإصلاحات الشاملة وصفنا المعالجات لتلك الإختلالات الإجتماعية ومنها مشكلة الفقر والبطالة والجريمة والهجرة من الريف إلى المدينة وتدني الخدمات الصحية والبيئية و تفشي الأمراض الخطيرة والنقص في الكهرباء ومياه الشرب والرعاية لذوي الإحتياجات الخاصة.. وحقوق الأطفال.. إلخ ص 79-97 في مشروعنا للإصلاحات الشاملة و ص 264-273 من مرفقات المشروع.
10- آثار الصراعات السياسية و الإجتماعية السابقة: إن قضية الوئام الوطني لابد أن تتم بالتوازي مع عملية الإصلاحات الشاملة لمعالجة آثار الصراعات السابقة ووضع المعالجات والضوابط التي تمنع تكرار الصراعات وأننا نعتبر ما يجري من تفعيل للوئام على أي مستوى كان هي خطوة للوئام الوطني بمعناه الشامل.. ولحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) رؤية متكاملة حول تحقيق الوئام الوطني من خلال المصالحة الوطنية ص 245-263 من مرفقات مشروع الإصلاحات.
11- السلطة الرابعة: إن إصلاح السلطة الرابعة (قطاع الإعلام) بكل وسائله و آلياته و أدواته.. يشكل أمرا حيويا في مرحلة الإنتقال من خلال الإصلاحات الشاملة إلى المرحلة المرجوة من الأمن و الإستقرار المؤسس للعدالة في توزيع الثروة و الديمقراطية لتحقيق التوازن و التنمية لتحقيق الرفاه و الوفرة.. و ما يستوجب من حماية لحقوق الإنسان المادية و المعنوية.. وقد أوضحنا رؤيتنا حول إصلاح "السلطة الرابعة" في مشروعنا للإصلاحات الشاملة ص 103-108.
12- أهمية الإصلاح السياسي الشامل والعميق، كبوابة وحيدة لأي إصلاحات في المجالات الأخرى: ""إن مما لا شك فيه أن تحقيق الأمور سابقة الذكر يتطلب جهداً كبيراً ومتواصلاً من قبل الجميع. فهو يتعلق بشتى مجالات الحياة ومن خلال ذلك بشتى أفراد المجتمع ومؤسساته. ولا يمكن لمثل هذه الجهود أن توتي ولو جزءاً من ثمارها ما لم يتوفر لها الإطار العام المناسب والمحفز.
وعليه، فإن أساس هذه الجهود ومحورها الأساسي يتمثل في إصلاح الإطار العام الذي تعمل من خلاله. ذلك أن هذه الإصلاحات لا يمكن القيام بها بصورة انتقائية، كما أشرنا سابقاً. كما انه لا يمكن تنفيذها بصورة آلية دون وجود نظرة عامة وإستراتيجية تحدد أولوياتها وطبيعتها المرحلية حسب مقتضيات كل مرحلة والإمكانات المحلية والدولية المتوفرة. كذلك، فإنه لا يمكن تنفيذها بفعالية ما لم تتوفر الشروط البيئية اللازمة لها.
وفي الواقع، فإن هذه الإصلاحات لا تتطلب مجرد تعديل في السياسات أو اتخاذ إجراءات جديدة في القطاعات المختلفة للاقتصاد مثلاًٍ، بل تتطلب، كما أوضحنا سابقاً، إدخال تغيير جوهري في التوجه والفكر وأسلوب الإدارة ليمكن معه التكيف مع متطلبات البيئة الدولية الجديدة والاستفادة منها في معالجة الصعوبات الاقتصادية الكبيرة والمتعددة التي يجابهها اليمن حالياً.
وبناء عليه، فإنه لا يمكن القول بأن الإصلاحات الهيكلية في صورها الضيقة المعمول بها حالياً، أو في أي صور أخرى، ستقود إلى التنمية الحقيقية في اليمن، وخاصة في ضوء أوضاعه الحالية. فمن ناحية، فإن الإصلاحات المطلوبة هي تلك الإصلاحات الهيكلية الشاملة والمترابطة التي تعالج جميع جوانب الاقتصاد بصورة متسقة. ومن ناحية أخرى، فإنه ومن أجل تنفيذ هذه الإصلاحات بالصورة اللازمة والمطلوبة، يتعين القيام بداية وقبل كل شيء بالإصلاح السياسي الذي يعتبر شرطاً مسبقاً لنجاح هذه الإصلاحات الهيكلية.
ذلك، أن نجاح هذه الإصلاحيات الهيكلية اللازمة يستدعي إيجاد الإطار العام الذي يتصف بالاستقرار السياسي وهو الأمر الذي يعد، كما أشرنا، من أهم المتطلبات في الدول النامية من أجل ضمان تكاتف جميع أفراد المجتمع ومؤسساته وإيجاد المشاركة الجماعية اللازمة لتحقيق التنمية والاستفادة من فرص النمو الذي يتيحه الانفتاح في إطار البيئة الدولية الجديدة. كذلك، فإن الإصلاح السياسي هو الوسيلة الوحيدة لتأسيس البيئة اللازمة المتصفة بالمصداقية والشفافية الكاملة والتي تربط بين جميع الأبعاد سابقة الذكر على أرضية سليمة ومتينة في ظل نظام إداري كفؤ وخال من الفساد ونظام قضائي نزيه وفعال يوفر العدالة والحماية للجميع، وأسلوب إدارة يسمح بالمشاركة الواسعة في صنع القرار.
ونشير في هذا الصدد إلى ما ورد في إحدى دراسات البنك الدولي من أن "من شأن السماح لجميع أفراد المجتمع بالمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم أن يؤدي إلى زيادة في الشفافية وإلى حسن تصميم السياسات وتوفير الحماية والموانع ضد الفساد وسوء الإدارة". وفي الواقع، فإن سعي منظومة الحكم إلى إيجاد التعاون والمشاركة بين أفراد المجتمع، من جانب، والقائمين على الإصلاحات في الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية والقطاع الخاص، من جانب آخر، في إطار من الشفافية العالية، يمثل الفارق بين المجتمع النشط الساعي إلى تحقيق التنمية والمجتمع الراكد المتصف بالتخلف والفقر.
مراحل تحقيق الإصلاحات الشاملة:
لخطورة الأوضاع.. ولحاجة بلادنا الملحة للأمن والاستقرار والتنمية– ولضيق الوقت إن أردنا اللحاق بالتطورات وإن أردنا التوقف عن إضاعة المزيد من الوقت الذي أهدرنا منه عقوداً في الخلافات والصراعات والسياسات الخاطئة فيما العالم من حولنا يبني ويتطور ويحقق النماء والرخاء لكثير من شعوبه– فإن التذرع بعدم حرق المراحل أو عدم القفز على الواقع، مع التجمُّد في مرحلة متخلفة وواقع مزري، أصبح طرحاً مألوفاً ،أهلك واستهلك منّا عقوداً، دون أي حراك "لمرحلة" أو تطور.. وما هو مطلوب منّا اليوم هو حرق مرحلة الانتظار والقفز على واقع وقوعنا في دوِّامة استمرار حجز بلادنا وإعاقتها عن الانطلاق في طريق الإصلاحات الشاملة.
ولذلك نقول انه لا بد لنا من البدء دون تردد أو تأخر في مسيرة الإصلاح الشامل.. بِطَي مراحل السير لا إحراقها وبالتعامل مع الواقع بهدف تغييره لا بالوقوع فيه وتجذيره.
ونقترح الخطوات التالية:
أولاً: وضع مشاريع التعديلات للدستور والقوانين والأنظمة لتستوعب هذه الإصلاحات.. وقد قمنا ببعض ذلك.. وما قمنا به يمكن مراجعته [مشروع للتعديلات الدستورية قبل خمس سنوات وغيره مما سبق ذكره].
ثانياً: البدء في خطوات الإصلاح السياسي الشامل في نظام الدولة ونظام الحكم وفي المنظومة السياسية (منظومة الحكم والمعارضة).. وما يتعلق بها.. من سلطات وهياكل وآليات بما فيها السلطة الرابعة.
ثالثاً : يتم بالتزامن مع ذلك إجراء الإصلاح القضائي.
رابعاً: يتم الشروع في وضع تفاصيل الإصلاح الاجتماعي ومن ثَمَّ البدء فيه.
خامساً: بالتوازي يتم وضع التفاصيل الدقيقة لإصلاح المسار الاقتصادي- الإداري-المالي والنقدي.
سادساً: يتم تشكيل الآليات والهياكل اللازمة لوضع تفاصيل الإصلاح التعليمي.
إن التقدير الزمني الأوَّلي أن يتم خلال 3-4 أشهر الانتهاء من وضع الأسس والتفاصيل والتعديلات الدستورية والقانونية وإقرارها.
أن يتم تنفيذ إقامة المؤسسات ووضع الآليات والهياكل والأدوات خلال سنة.. وإن وجدت الجدية والإرادة الحقيقية دون تسويف فإن تنفيذ إقامة بعض المؤسسات والآليات والهياكل الأساسية والأدوات يمكن أن يبدأ خلال الستة الأشهر الأولى من بدء وضع الأسس والتفاصيل والتعديلات الدستورية والقانونية وبالتالي الإمكان الانتهاء من تنفيذ إقامة مؤسسات وهياكل وآليات عملية الإصلاحات الشاملة خلال 18 شهرا.
إن أي مزيد من التأخير لن يلغي الحاجة لعملية الإصلاحات الشاملة بل سيجعلها أكثر إلحاحا وأعلى كلفة وسيصبح هذا التأخير أخطر على الوطن ،أرضاً وإنساناً.
الجزء الثالث
السياسة الخارجية
أ- اتجاهات سياستنا إزاء قضايا الصراع:
يموج العالم الآن بصراعات وإختلافات تؤثر على مسيرة السلام العالمي.. ولا شك أن استقرار العالم وتحقيق السلام هو مبتغى الجنس البشري بشكل عام كما أنه مبتغى تسعى إلى تحقيقه كافة المنظمات والهيئات الدولية.. ناهيك أن السياسات العليا لأية دولة تسعى أيضآ إلى تحقيق سلام يؤدي إلى خلق مناخات تساعد على برامج للتنمية تؤدي في النهاية الى انتعاش الإنسان ورفع مستوى دخله وارتقاء بمستويات تعليمه ورعاية أفضل لحالته الصحية.
وانطلاقا أيضاً من أن السياسة تصنعها الجغرافيا متفاعلة مع التاريخ حيث أن اليمن جغرافياً وتا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.