لا يبدي معظم الفاعلين في المنظومة السياسية اليمنية، أي فعل يرتقي إلى مستوى التحديات والأخطار التي تواجهها البلاد وعلى نحو واضح وجلي هذه الأيام، وينتج على الأرض حلولاً ومعالجات ومبادرات وطنية فعَّالة، تؤسس لعبور امن وكامل من شفير هاوية مُدمِّرة، ما طفقت تتهدد اليمن وأبناءها ووحدتها، فكل الوقائع والتفاعلات على الساحة الوطنية اليوم تظهر معظم الفعالين السياسيين في منظومة الحكم وفي منظومة المعارضة، وهم منساقون إلى تعميق الانقسامات وتأجيج الأزمات، فالحاكمون مازالت تأخذهم العزة بالإثم، على نحو يجعلهم مصرين على عدم التحرك خطوة واحدة باتجاه تجسيد استحقاقات الإصلاح والتغيير، رغم يقينهم بالعواقب الوخيمة لذلك الإصرار على الوطن وأبنائه، أما المعارضون – إلا من رحم ربي –، فيصرون في استغلال ما يتفاقم من سخط شعبي، وينهمكون في مخاطبة رغبات البسطاء الممحوقين وعواطفهم، وركوب موجات حراكهم لتصفية الحسابات ولانتزاع مكاسب حزبية أو منافع شخصية ضيقة. لقد مضت زهاء الأربعة أسابيع على إعلان مبادرة حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، لحل الأزمات الوطنية المستحكمة، وهي المبادرة التي حملت مخارج علمية وعملية، من شأن تحقيقها إنقاذ البلاد والعباد والوحدة من مجاهل التفجر والتشظي والعنف، وكان خليقاً بكافة الأطياف السياسية والاجتماعية في البلاد، المسارعة في التقاطها وإثرائها وتفعيلها، اغتناماً لفرصة سانحة لن تدوم طويلاً، لكن الجميع – للأسف الشديد – ما فتيئوا يدرسون مضامينها، بينما الاحتدامات والاشتعالات والتفجرات، تتعاظم وتتسع وتتمدد على الأرض، والبلاد تساق إلى الهاوية بقوة دفع ما يحتدم، وكأني بكل هؤلاء يرومون المضي في عنتهم إلى حيث تتجسد الكارثة في سفوح الوطن دماء ومحارق وتناحراً وأشلاءً. إن معالم دروب النجاة والاستقرار والنماء والنهوض، محددة وجلية في طيات المبادرة الوطنية الإنقاذية الرابطية، التي رسمت وعلى نحو علمي اتسم بالنضوج والواقعية، (خارطة طريق) فعالة وصائبة، تقود إلى الخروج باليمن من ربقة الأزمات، وتوفر لها مقومات الانطلاق والوئام والاندماج، وتخلصها من كل منابع النزعات الانفصالية الجهوية والمناطقية والطائفية، ومن كافة بذور التطرف والإرهاب والعنف، بل وتمكنها من امتلاك الاقتدار على أداء أدوارها المحورية الهامة إقليمياً ودولياً، في إطار وحدتها القابلة للاستمرار والديمومة .. ولله الأمر من قبل ومن بعد