ما طفق بعض المتمادين في عنتهم ومكابرتهم، سائرين في غي إرعاب الناس من (الفيدرالية)، وتقديمها لهم بصفتها (وصفة شريرة)، و (كفر بواح)، و (مشروع تفكيك وتدمير)، وذلك من خلال سوق وترويج معلومات خاطئة ومغلوطة، وتقديم قراءات ضالة مضللة، لا ترتكز على الحقائق والوقائع بل تستند على تصورات وأوهام وأحكام مسبقة يبدو من خلالها هذا النظام الاتحادي، مكتنزاً لكل ما يؤدي إلى الفتن والشرور والمحن، ما ظهر منها وما بطن، ونقطة عبور إلى مهالك (الانفصال) و (التشرذم) .. مؤسف أن يصر البعض على إيصاد كل الأبواب في وجه الحلول الجذرية الآمنة للخروج بالوطن من مختلف أزماته، في لحظة وطنية مشحونة بنذر تفجر كارثي لن يبقى ولن يذر، ذلك أن إمعان هؤلاء وأولئك في نهج إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، وتكريس الاختلالات والمفاسد والأزمات والتشظيات، ورفض أي تحرك في مسارات تفعيل استحقاقات الإصلاح السياسي الوطني العميق والشامل، كل ذلك أنتج حالة متفاقمة من اليأس و (الكفر) بإمكانية تجسيد تلك الاستحقاقات تحت ( سقف الوحدة )، وهو ما بعث ويبعث الكثير من النزعات الجهوية والطائفية والمناطقية، على نحو مهدد للبلاد واستقرارها واستمرار وحدتها ، وهو أيضا ما سيفتح الأبواب لسعير الفتن والمحن والتمزقات وحمامات الدم، إذا لم يغتنم أولو الأمر فرصة ما زالت سانحة، لتحقيق الإنقاذ الوطني، من خلال الانطلاق الجاد والفاعل والعاجل لتفعيل إصلاحات وطنية جذرية شاملة ومحققة للمواطنة السوية المرتكزة على العدالة في توزيع السلطة والثروة، والديمقراطية المجسدة للتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته ، والتنمية الحقيقية الشاملة والمستدامة. لم تعد المستويات الخطيرة والمفزعة التي بلغتها الحالة الوطنية المأزومة اليوم، تسمح إلا بتسمية الأشياء بمسمياتها، لذلك فأن الفيدرالية بصفتها نظام اتحادي اندماجي، ثبت انه الأرقى في بناء وحدات قابلة للاستمرار، لا يداخلها ما يولد الغبن والاستئثار والتمييز والاستلاب والأحقاد، بل ما يفعل الشراكة الحقيقية والتوازن الشامل وتبادلية المصالح والمنافع، وثراء الإدارة الخلاقة والمتمكنة للتنوع، إنها أي الفيدرالية غدت المخرج الأسلم والأمثل للوطن من أزماته وللوحدة من مخاطر التمزق والتفتت، أما الإصرار على رفض ذلك، والإمعان في تكريس ما ثبت وباله وضرره، فلا نراه إلا إصراراً على الذهاب باليمن إلى التمزق والعنف وسفك الدماء. ولله الأمر من قبل ومن بعد ،،