(زي الزفت)، فاليمن تتصدر شريط الأخبار في القنوات الفضائية ومانشيتات الصحف العربية والعالمية، والجميع يتحدثون عن الدولة الفاشلة المعرضة للانهيار. وقبل ذلك كانت وسائل الإعلام الحكومية تكذب التقارير والدراسات التي تصدرها مراكز الأبحاث العالمية وتصفها بالمغرضة. وليس بيننا وبين مراكز الأبحاث الأوروبية والعالمية أي ثأر حتى يكنون لنا الحقد ويشوهون سمعة بلادنا، بل إن واقع الحال في هذه البلاد التي تمضي إلى الوراء هو المؤشر الوحيد الذي يستند إليه الآخرون في تحليلاتهم. فهل يعي المعنيون هذا الأمر، أم أنهم سيظلون يدسون رؤوسهم في الرمال إلى أن تتفتت البلاد وتتحول إلى بؤرة مناسبة للعنف الذي تزداد قرونه الخبيثة طولاً يوماً بعد آخر. لفت انتباهي خبر نشرته وكالة سبأ للأنباء أشار إلى تشكيل "لجنة من الوزارات المعنية واللجنة الفنية للأولويات لدراسة المقترحات المتعلقة بتنفيذ حملة إعلامية وطنية وعالمية لتحسين صورة اليمن داخلياً وخارجياً وإزالة السلبيات التي ارتبطت بها في السنوات الأخيرة, وضمها في مصفوفة واحدة تشمل رؤية متكاملة بأهداف واقعية محددة قابلة للتطبيق والتنفيذ لهذه الأولوية في إطار زمني معين" . الخبر نشر أواخر ديسمبر الماضي، ويحمل في مضمونه إشارة صريحة إلى أن ما تحتاجه اليمن هو تحسين صورتها في الخارج، إذ "شدد المجتمعون على ضرورة تمكين الإعلام اليمني من لعب دور أكثر فعالية لإعطاء اليمن ما تستحقه من صورة حقيقية لدى العالم الخارجي وتصحيح الصورة المغلوطة والمشوهة والمضللة التي دأبت على ترويجها بعض وسائل الإعلام". وللإنصاف فإن المجتمعين "أشاروا إلى أهمية العمل للحد من الظواهر السلبية التي تتسبب في تشويه صورة اليمن على المستوى الدولي وبحث السبل الكفيلة بوضع الصورة في حجمها الطبيعي. وأكدوا أن تحسين صورة اليمن في الخارج يرتبط بالعمل داخلياً على أرض الواقع لتصحيح الجوانب السلبية التي يركز عليها الإعلام الخارجي ويعمل على تضخيمها، وكذا العمل على إظهار الجوانب الإيجابية وإصلاح الصورة الخارجية والترويج للنجاحات المحققة بالشكل الصحيح". ويحمل الخبر في مضمونه مزاوجة عجيبة بين العناد والإنكار وبين الاعتراف الضمني بالسلبيات التي لا يمكن لعاقل أن يتجاهلها. وختاماً نقول لهذه اللجنة التي لا أحد يعرف ما إذا كانت ستمارس مهامها بالفعل: إن تحسين صورة اليمن في الخارج لن يتم عبر تكرار الحديث عن الصور المغلوطة واتهام الإعلام الخارجي بالتهويل. كما أن الخلل يكمن أيضاً في تحييد دور الملحقيات الثقافية التابعة للسفارات اليمنية، ولا أود أن يفهم من هذا أن الملحقيات الثقافية من دون صلاحيات، بل إنها في الواقع تبدو وكأنها محميات خاصة والجميع يعرف أنها لا تقوم بدورها؛ لأن أغلبية القائمين عليها لا علاقة لهم بالثقافة ولا يهمهم سوى البقاء في وظائفهم.